أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم تايه - ميثولوجيا عراقية














المزيد.....

ميثولوجيا عراقية


هاشم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


إحدى قريباتي أرغمها القصف المدفعي الذي روّع البصرة إبّان حرب الثمانينيات على مغادرة مدينتها، فاستقرّت هي وزوجها وأبناؤها في بغداد، وهناك وجدت الأسرة عملاً أعانها على الإقامة والعيش ومواصلة الحياة... هذه القريبة التي تبغددت على مضض عادت قبل أيّام إلى البصرة مرغمة هذه المرّة أيضاً تحت هول حربنا الجديدة، حرب الأضرحة، وقد روت لي هذه الحكاية حين زرتها مهنّئاً بالنجاة من قاطفي الرؤوس:
قالت قريبتي النّاجية:
" في السوق القريبة من الحيّ الذي نزلنا فيه كانت بائعة الخضار (أم ...) تجلس، كعادتها، وراء زنبيلها النديّ بين أقرانها وقريناتها من الباعة والبائعات... في الظهيرة وقف على رأسها رجل واشترى منها باقات الخضار المنحوسة التي أخفقت في بيعها، وكسدت في زنبيلها وكانت توشك على العودة بها مرغمة إلى دارها..."
أسرعتُ أقول لقريبتي مقاطعاً بنشوة من يسدّد رميةً طائشة فيصيب هدفاً:
" لا بُدّ أنّ بائعتكِ (أمّ.... ) اعتبرت تصرّف الرّجل الذي أفرغ زنبيلها من أثقاله، وأنقذها من ظهيرة السوق الكاسرة، فألاً حسناً نزل عليها في ساعة متأخرة... ".
فتابعت هي تقول:
" ليس هذا فحسب ! فقد عزّز نفس الرجل السّخيّ كرمه فمنح المرأة المرهقة ما رأت فيه هدية أخرى من السماء في يوم لم يكن مطلعه طيباً...
كيس بدين من النايلون وضعه بين يديْها وهو يقول إنّها ( باجة ) خروف ذبحه قرباناً، وخشي أن يخيس في ثلاجته العاطلة بسبب الكهرباء، وبإمكانها أن تطبخه لعشاء ليلتها... ".
أوشك فمي أن يطلق كلمة، لكنّ قريبتي سبقته فأطلقت هذه الكلمات:
" عادت بائعة الخضار إلى دارها، وأنزلت هدية الرجل في مكان عزيز، وأمرت ابنتها بأن تضع ماء في قدر على نار ريثما تُحرّر جسدها من عرق السوق بماء الحمّام، أخيراً وقد أراحها الماء أقبلت على هديتها فوضعتها بين فخذيْها وفكّت عقدة كيس النايلون الأسود فإذا بها تواجه كيساً آخر داخله، أسود مثل أخيه، تخلّصت من عقدته بعناء، ولمّا فتحته على وسعه سقطت عيناها على يديْن بشريّتيْن مقطوعتيْن تحيطان برأس شابٍّ دامٍ، ما كانت قادرة على أن لا ترى فيه غير رأس ابنها المخطوف قبل أيّام، ويديْه المذبوحتين..."..........
كلّما رأيت قريبتي اعترفتُ لها ببراعتها في نسج أسطورتنا هذه، فقد أخفت عنّي إلى النهاية حقيقة معاناة بائعة الخضار بسبب ابنها المخطوف لكي تحرمني من التكهّن بما حواه الكيس الملعون، ولكي تصدمني في الختام، كأنّني لستُ مصدوماً !



#هاشم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصالحة في الهواء الطلق
- ذُعْر لا يقوى على حمله الهاتف
- كلاسيك
- المربد ... الصوت والصدى
- ضيف الحجر
- أجراس
- من أجل أمّي
- مَنْ يحلب القيثارة السومريّة في لندن ؟
- كولاج الألم
- لا أذودُ الطّيرَ عن شَجَرٍ
- صنائع الصحفي
- ديمقراطية تبحث عن مكان
- التشكيلي محمد مهر الدين فعل الرسم بين التجريد والرغبة في الب ...
- طريقٌ أم طرق ؟
- الرؤية الكونكريتية
- التشكيلية السورية هالة الفيصل الأنثى بعين الجسد
- أسمال ليست طاعنة في السن
- بصوت هادئ حمّال الأسيّة !


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم تايه - ميثولوجيا عراقية