أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عامر موسى الشيخ - هل كلّ أديب مثقف؟














المزيد.....

هل كلّ أديب مثقف؟


عامر موسى الشيخ
شاعر وكاتب

(Amer Mousa Alsheik)


الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 20:49
المحور: قضايا ثقافية
    


يضع المفكّر الإيطالي أنطونيو غرامشي تعريفاً للمثقّف بأنّه " الشخص الذي لا يكتفي بالتفكير، بل يرتبط عضوياً بقضايا مجتمعه وطبقته، ويسهم في توجيه الوعي، لترسيخ السّلطة أو لمقاومتها " هذا التعريف يشكّل مرتكزاً أساسياً لفهم وظيفة المثقف في المجتمعات الحديثة، غير أنّه ينقلب رأساً على عقب حين نُلصقه بواقع المشهد الثقافي العربي، والعراقي على نحوٍ أخصّ ، فالرأي الشائع يرى أنّ المثقّف هو مجرّد قارئٍ نَهِم وكاتبٍ مُجيد في مجال الأدب؛ ولذلك يُطلَق اللقب بسهولة على كلّ شاعرٍ موهوبٍ أو قاص بارعٍ أو مؤلّف مكثر ، إلا أنّ الواقع واستناداً إلى غرامشي، تقول إنّ الموهبة الأدبيّة وحدها تضع صاحبها في خانة لعاملين بالأدوات الثقافية لا في خانة المثقّفين بالضرورة.
يذهب غرامشي أبعد من ذلك حين يؤكّد "أنّ جميع الناس مثقفون " لأنّ لكلّ منهم رؤيته الخاصة للعالم، لكنّ قليل من الناس يمارسون وظيفة المثقّف؛ أي أن يقوم بدور اجتماعيٍّ يتجاوز الفرديّ إلى فضاء أوسع، فتُسهم في تشكيل الوعي الجمعي وتوجيهه. وعليه، فإنّ لكلّ فرد رصيدا ثقافيا ما، يتيح له أن يقدّم نفسه للعالم بوصفه كيان يمتلك خطابَه ولغته ووعيه ، بهذا المعنى تسقط الأسطورة التي تحصر لقب المثقّف في الأدباء وحَمَلة الشهادات العليا، وتمنحهم، ضمنا، حصانةً معنوية ودورا يفوق حجمهم الطبيعي.
إنّ وظيفة الأديب الأولى هي صناعةُ الجَمال وإنتاج الخيال الذي يُعيد صياغةَ العالم ويثير أسئلةً حول طبيعة المجتمعات ومشكلاتها. أما وظيفة المثقف، كما يرى غرامشي، فهي أعمق وأثقل ، فهي عنده الانخراطُ الواعي في هموم الناس، وممارسةُ فعلٍ نقدي يُحرّك الساكن ويَهزّ الثابت ، قد يجتمع الوصفان في شخصٍ واحد، وقد يفترقان؛ لكنّ الخلط بينهما يُفضي إلى تقزيم دور المثقّف الحقيقي من جهة، وتضخيم دور الأديب على حساب رسالته الجمالية من جهةٍ أخرى.
يبقى السؤال مطروحاً: كيف نُعيد رسم الحدود بين الأدبي والثقافي من دون أن نَسجن الأول في برجٍ عاجيّ، أو نُلقي بالثاني في أتون السياسة اليوميّة؟
ربما تكمن الإجابة في استعادة تعريف غرامشي، بوصفه دعوة مفتوحةً لكل مُشتغلٍ بالكلمة في أن يسأل نفسه: هل أكتب لأُبهِر وأُطرب، أم لأُغيّر وأُنير؟ وفيما ينتظر الواقع العراقي – بمحنه وتحوّلاته – انحيازا واعيا من كتّابه وشعرائه، ينفتح الباب واسعاً أمام ولادة مثقّفٍ عضويّ جديد، يُتقن فنّ الجمال ويجيد في الوقت نفسه فنّ الانتماء.



#عامر_موسى_الشيخ (هاشتاغ)       Amer_Mousa_Alsheik#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد هزم العرب إسرا..ئيل!!
- حماسة التعليقات... حين تتحول الكلمات إلى معارك!
- -ما بعد الإنسان- حقل جديد يحفره علي جميل في مدينة السماوة
- قطيعة الأجيال !!
- الذاكرة المجتمعية وفعل المواجهة
- كرنفال الشتائم الوطني!!
- من أدب السيرة الذاتية - ق.م سيرة سجين سياسي - للؤي عمران مثا ...
- بين يوسف الرفاعي وعبد الحميد السماوي
- قراءة في أدب مدينة السماوة التسعيني ... ديوان - مآرب أخرى - ...
- لذة اللبان الوطني المرّ
- في الذكرى الثانية على رحيله ... حامد فاضل الراسخ المجرّب
- أتذكر الدرويش ( إلى محمود درويش وهو يتذكر السياب )
- المغسلة الانتخابية
- سيرة الوطن والمواطن ... قراءة في مذكرات الدكتور غازي الخطيب
- التاريخي والأدبي .. في -صورة أخرى لجمشيد - لنعيم شريف
- كلام بطران مُعاد !!
- الطفولة المعدمة في سماء من خشب لزين العزيز
- واثق الحسناوي يبحث في - الموسيقى عبر التحليل الاشهاري -
- محو الحياة في مراثي الفراشات للشاعر نجم عذوف
- مقطع عرضي لنا


المزيد.....




- إدارة ترامب تعيد 5 مهاجرين مدانين بجرائم إلى بلدانهم الأصلية ...
- -قوارب الموت- تستمر في حصد الأرواح في المتوسط بعد التحول نحو ...
- الفوضى والنيران العشوائية تمنع وصول المساعدات في غزة
- تايمز: خطة لتسريع معالجة طلبات اللجوء في بريطانيا
- إسرائيل تأمر بهدم مساكن 140 مقدسيا لغضبها من الشيخ عكرمة صبر ...
- كبار السن في غزة يعانون أوضاعا قاسية بسبب سياسة التجويع الإس ...
- عاجل | مصادر للجزيرة: 5 قتلى من قوات الأمن العام في هجوم لمج ...
- حماس تساوم على السلاح... وواشنطن تصطدم بشرط الدولة
- وزير العدل اللبناني: إذا -انتحر- حزب الله فلن يجر معه لبنان ...
- بعد الجدل.. محمد صلاح يعلق على -زيارة المعبد البوذي-


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عامر موسى الشيخ - هل كلّ أديب مثقف؟