أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - ناصر البدري - قانون الإيجار القديم بين النفاذ وحق الاعتراض الرئاسي في ظل انتهاء ولاية أعضاء البرلمان رؤية دستورية















المزيد.....

قانون الإيجار القديم بين النفاذ وحق الاعتراض الرئاسي في ظل انتهاء ولاية أعضاء البرلمان رؤية دستورية


ناصر البدري
(Nasser Albadry)


الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 10:22
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تثور في الآونة الأخيرة، مع مناقشات "قانون الإيجار القديم"، أسئلة دستورية جوهرية تتجاوز مضمون القانون ذاته، لتطال صميم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. ومن هذه الأسئلة:
هل يجوز لرئيس الجمهورية ممارسة حقه الدستوري في الاعتراض على قانون صادر من مجلس النواب، إذا كان هذا المجلس قد انتهت مدة ولايته؟
هذا التساؤل - في رأيي - يمس فهم الموازنة الدستورية بين السلطات، وهدف الدستور في تحقيق الرقابة المتبادلة بينها للحفاظ على حقوق المواطنين وصيانة المصلحة العامة، التي من أهم عناصرها السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي.
ويضعنا أمام ضرورة فهم دقيق لنصوص الدستور، لا بشكل جزئي، وإنما من منظور تكاملي يراعي وحدة البناء الدستوري.
وبهذا الشكل، نتناول موضوع "قانون الإيجار القديم" من حيث وجوب نفاذه حال عدم تصديق رئيس الجمهورية عليه، وحق رئيس الجمهورية في الاعتراض ورد القانون إلى مجلس النواب حتى في حالة انتهاء ولاية أعضائه، وهو الرأي الذي نراه صحيحًا.

حق الرئيس في الاعتراض حق دستوري ثابت:
فالمادة (123) من دستور 2014 تنص على:
«لرئيس الجمهورية حق رد القوانين التي أقرها مجلس النواب إلى المجلس، خلال ثلاثين يومًا من إبلاغه إياها. فإذا ردها، لا يجوز للمجلس أن يقرها إلا بأغلبية ثلثي الأعضاء. وإذا لم يُردها في هذا الأجل، اعتُبرت قانونًا وصدر.»
فالنص الدستوري واضح، لكنه يتطلب فهمًا دقيقًا ومتوازنًا.

فبمقتضى هذا النص، فإن لرئيس الجمهورية حقًا أصيلًا ومباشرًا في الاعتراض على القوانين خلال مهلة زمنية صارمة (30 يومًا). هذا الحق ليس من قبيل المجاملة السياسية، بل هو أحد آليات التوازن الدستوري، الذي يهدف إلى حماية المصلحة العامة إذا شاب القانون ما قد يمس أمن المجتمع أو يهدد استقراره وسلامته.
ولا يوجد في نص المادة 123 أو غيرها ما يربط صحة الرد بانعقاد المجلس فعليًا أو إمكانية مناقشته في ذات الولاية.

بهذا نكون أمام احتمالات ثلاثة:
الأول: تصديق رئيس الجمهورية على القانون، وبذلك يتم إصداره ونفاذه.
الاحتمال الثاني: أن لا يصدق الرئيس على القانون ولم يعترض عليه، فيكون هذا الصمت بمثابة موافقة ضمنية، يصبح على أثرها القانون نافذًا بحكم المادة الدستورية.
أما الاحتمال الثالث: فهو اعتراض رئيس الجمهورية على القانون وردّه للمجلس، وهنا يبرز الرأي القائل بعدم إمكانية ذلك في ضوء غياب المجلس، حيث لا يوجد مجلس يتم رد القانون إليه.

وهنا، ليسمح لي أساتذتي أن يكون لي رأي مخالف، حيث أرى أن انقضاء مدة ولاية أعضاء المجلس لا يعني غياب المجلس، لأن المجلس كمؤسسة دستورية لا ينقضي بانقضاء مدة ولاية أعضائه، والمقصود من النص هو مخاطبة "مجلس النواب" باعتباره مؤسسة دستورية دائمة، وليست هيئة مرتبطة بأشخاص معينين خلال فترة معينة.
فوجود فاصل زمني بين نهاية ولاية الأعضاء وانتخاب أعضاء جدد لولاية جديدة لا يعني غياب المجلس - إذا حدث فعلاً هذا الفاصل الزمني وبالتالي الفراغ التشريعي - وهو ما ليس بحادث كما سنوضح لاحقًا.

الاعتراض والرد الرئاسي إجراء مستقل لا يتوقف على انعقاد المجلس:
فالرد الرئاسي يُعتبر فعلًا قانونيًا قائمًا بذاته، فإذا تم خلال المهلة الدستورية، وتم توجيهه للمجلس بوصفه هيئة دستورية، فإنه يُعد قد تم وفقًا للدستور، ويجب احترامه وتأجيل مناقشته لحين انعقاد المجلس الجديد.
وإذا كان البعض يحتج بأن "نفاذ القانون يتم بقوة الدستور بعد 30 يومًا"، فنرد بأن ذلك مشروط بعدم ممارسة الرئيس للاعتراض. أما إذا مارس حقه خلال المهلة، فإن القانون لا ينفذ تلقائيًا، بل يُعلّق لحين نظر الرد عند انعقاد البرلمان.

إهدار هذا الحق يُعد انتهاكًا دستوريًا:
إذا قيل إن عدم وجود مجلس نواب "قائم" يُسقط إمكانية اعتراض الرئيس، فنكون بصدد مصادرة نص دستوري صريح، وإهدار وظيفة رقابية محورية للسلطة التنفيذية.
وهو تأويل يهدم التوازن بين السلطات، ويجعل من البرلمان سلطة مطلقة، وهو ما يهدد سلامة المجتمع حال صدور تشريع يحمل في طياته هذا الخطر.
وكما لا يجوز تعطيل نفاذ القوانين تعسفًا، لا يجوز أيضًا تجاوز حق رئيس الجمهورية في الاعتراض، وإفراغه من مضمونه بمجرد غياب المجلس.
فالدستور منح هذا الحق للرئيس كضمانة، وليس استثناء، وحرمانه منه في ظرف مؤقت هو انتهاك خطير للتوازن الدستوري وتقويض لوظائف الدولة.

المجلس ما زال قائمًا:
وإن كان كل ما ذكرناه فيما سبق مهمًا، فنحن الآن بصدد الحديث عن "قانون الإيجار القديم" وما يثيره في ظل ما يراه البعض غيابًا للمجلس يحول دون رد القانون إليه حال اعتراض الرئيس عليه، فالمفاجأة تكمن في أن الدستور نص على إجراء انتخابات البرلمان خلال الـ 60 يومًا السابقة على انتهاء ولاية أعضائه.
وهذا يعني أن "مجلس النواب ليس بغائب، بل موجود، وما زال في مدة ولايته"، ومن حقه مباشرة عمله، حيث بدأ المجلس الحالي عمله في يناير 2021، ويستمر عمله حتى انتخاب الأعضاء الجدد وبدء عملهم في يناير 2026.

وقد خلط البعض بين مدة الولاية ودور الانعقاد، حيث إن الذي انتهى في يوليو 2025 هو دور الانعقاد، وليس مدة الولاية. وبناءً عليه، يجوز لرئيس الجمهورية دعوة المجلس للاجتماع الطارئ عند وجود ضرورة لذلك أو بناء على طلب موقع من عشر عدد الأعضاء (المادة 116 من الدستور).

إن حماية النصوص الدستورية لا تكون بقراءتها مجتزأة، أو بإغفال بعضها وتأويل البعض الآخر تأويلات تخدم مصالح معينة أو تدعم رؤية بعينها، بل بفهمها في ضوء أهدافها ووحدة بنيانها.

فما الموقف الآن؟
الكرة الآن في ملعب الرئيس.
فإن شاء، قام بالتصديق على القانون خلال اليومين المتبقيين من المهلة، وبذلك يصدر القانون وينفذ.
أو يدعه يمر بعدم التصديق أو الاعتراض، فيصبح نافذًا بحكم الدستور.
أو أن يرى أن المصلحة العامة تستدعي عدم العمل بالقانون بنصه الحالي، فله كامل الحق في الاعتراض عليه خلال اليومين المتبقيين، بصرف النظر عما إذا اعتبرنا المجلس قائمًا (وهذه هي حقيقة الوضع) أو اعتبرناه غير قائم.

ففي الحالة الأولى، يمكن للرئيس دعوة المجلس للاجتماع الطارئ للنظر في القانون مرة أخرى.
أما الثانية - لو افترضناها - فله أن يودع الرد لدى الجهة المختصة (الأمانة العامة للمجلس)، ليدرج فور تشكيل المجلس الجديد، ولا يُعتبر القانون نافذًا إلا بعد مناقشة الرد ورفضه بأغلبية الثلثين.

وفي النهاية:
أريد التنويه إلى أن هذه الرؤية لا تتعلق بموقف معين من القانون في مضمونه - وإن كان هناك موقف يتم طرحه في سياق آخر - بل هي دفاع عن المنهج الدستوري في إدارة التوازن بين السلطات، وحرص على ألا يُستخدم التأويل النصي لإهدار الحقوق الدستورية لأي سلطة من سلطات الدولة.



#ناصر_البدري (هاشتاغ)       Nasser_Albadry#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوشيال ميديا.. الواقع في ثوب رقمي -خطأ الافتراضية وواقعية ...
- الإسكان الاجتماعي هل هو حقا اجتماعي ؟
- الأخوان وحماس وتسميم العقول
- جرح صغير مباغت (قصة قصيرة من مجموعة خطف الروح الصادرة من سلس ...
- مصريين .. لا عرب ولا مستعربين
- (Gnga)
- أرجوك لا تفعلها ثانيةً
- بالفعل كانت محبطة
- يوم للحب والحلم والغضب
- بارا فيزياء
- عن الحدائق و غنا المجاذيب ( قراءة في رواية - غنا المجاذيب - ...
- قدر المختلفة


المزيد.....




- ديمقراطيون يحذرون عناصر أمن مؤسسة غزة الإنسانية GHF من ارتكا ...
- 71 شهيدا بغزة منذ الفجر وسط تحذيرات أممية من تجاوز عتبة المج ...
- شهداء الجوع في غزة.. ارتفاع حصيلة ضحايا المجاعة وسوء التغذية ...
- الأونروا: 6 آلاف شاحنة مساعدات عالقة خارج غزة
- تفاعل واسع على مواقع التواصل مع الحكم بإعدام نجل الرئيس اليم ...
- استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتدهور الوضع الإنساني ...
- ارتفاع عدد وفيات المجاعة في غزة إلى 162 شهيدًا مع تسجيل ثلاث ...
- غزة : الأمم المتحدة تؤكد ضرورة إيصال المساعدات عبر الطرق الب ...
- هيومن رايتس ووتش: إسرائيل ترتكب -جرائم حرب- في نظامها لتوزيع ...
- الأمم المتحدة: استشهاد 1373 فلسطينيا أثناء انتظارهم المساعدا ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - ناصر البدري - قانون الإيجار القديم بين النفاذ وحق الاعتراض الرئاسي في ظل انتهاء ولاية أعضاء البرلمان رؤية دستورية