أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاني صالح الخضر - موت الوطن - إلى الذين لا يعرفون بعدُ لماذا هم هنا...














المزيد.....

موت الوطن - إلى الذين لا يعرفون بعدُ لماذا هم هنا...


هاني صالح الخضر

الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 20:46
المحور: الادب والفن
    


كان الوطن
مثل دفترٍ في جيب الجندي،
صفحاتُه مبتلّةٌ،
والحبرُ يسيلُ
كما تسيلُ الذاكرةُ في الشتاء.
لم يمت بقذيفةٍ
ولا بانفجار الحافلة،
ولا في تقريرٍ أُمميٍّ منسيّ،
مات كما تموتُ النباتاتُ المنزلية
حين يسافرُ أصحابُها
دون أن يوصوا بها أحدًا.
________________________________________

الذين أحبّوه،
لم يعلّقوا صورَه على الحائط،
بل دسّوه في جيوبهم الصغيرة،
مع الملح،
ومفاتيح البيوت المغلقة،
وأغنيةٍ
لا يُعرف مطلعُها.
________________________________________

أما الآخرون...
فقد أقاموا له حفلَ تأبينٍ
في فندقٍ ناعم،
وزّعوا على الضيوف كتيّبًا
عن فضائل الغياب،
ثم شربوا النبيذ
وذهبوا ليناموا مبكرًا.
________________________________________

رأيتُ الوطن
يُباعُ على الأرصفة،
في جوازاتٍ بلا صلاحية،
ومُعلّبًا في تصريحاتٍ مُنمّقة
تُكتبُ ليلًا
في غرفةٍ ذات ستائر سميكة.
________________________________________

سمعتُ مَن قال: "أنا المعارضة!"
كان يلمّعُ حذاءَه الجديد،
ويقرأ عن أطفال الخيمة
من جهازٍ مضيء، لا يصلُ صوته إلى الموقد.
أما الأم،التي نسوا اسمها…
فقد كانت تقشّرُ البصلَ بيدٍ واحدة،
وتنفضُ الرماد عن وجهِ الرضيع.
________________________________________

مات الوطن
حين ارتدى شيخُ الحيّ بزّةً سوداء،
وصار يتحدّثُ عن الله
كما يتحدّثُ سمسارٌ في سوقٍ راكدة.
وحينَ سُئل:
من قتلَ أخاك؟
قال: اسأل الريحَ
والظلَّ في الزاوية.
________________________________________

في الشارع
كان المارّةُ
يُسألون عن جهاتهم
قبل أن يُسمَح لهم بالمضيّ.
وفي المقهى، يكتب الجميع قصائد عن "الأرض"،
لكن المقعدَ محجوزٌ للسائح، والجارُ
ينتظرُ على السطح.
________________________________________

الخرائط
لم تعُد تشير إلى نهرٍ أو جسر،
بل إلى عدد الشهداء،
ونِسبَةِ التصويت
في منطقةٍ لا تصلها الكهرباء.
________________________________________

هل مات الوطن؟
ربما…
لكنه لم يُدفن بعد،
فالذين باعوه
ما زالوا يرفعون صوته كرايةٍ
في قاعةٍ مكيّفة،
يحتسون القهوة
ويخطّطون لإعادة الحياة
على أوراقٍ بلا تراب.
________________________________________

أما أنا،
فما زلت أفتّش عنه
في أعين الغرباء،
في لهجةِ الحلاق،
في دفءِ غريبٍ يقدّم الشاي،
وفي رغيفِ الخبزِ
حين يفوحُ منه
اليانسون.



#هاني_صالح_الخضر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو بديل حضاري... الكتلة الحرجة الواعية
- المتثاقفون والمتأسلمون: بيادق الهيمنة الناعمة
- العروبة والإسلام: توحيد لا تصادم
- الإسلام السياسي: مصطلح مفخّخ لشيطنة المشروع الحضاري
- تحليل بنيوي للشرذمة النفسية
- -الأسد يبني ليراقبك-: كيف تحوّلت العمارة في سوريا إلى أداة ق ...
- العلمانية... من مشروع تحرر إلى أداة استعمار ناعم


المزيد.....




- نجم مسلسل -ذا واير- الممثل جيمس رانسون ينتحر عن عمر يناهز 46 ...
- انتحار الممثل جيمس رانسون في ظروف غامضة
- فيلم -القصص- يحصد التانيت الذهبي في ختام أيام قرطاج السينمائ ...
- مدينة أهواز الإيرانية تحتضن مؤتمر اللغة العربية الـ5 + فيديو ...
- تكريمات عربية وحضور فلسطيني لافت في جوائز -أيام قرطاج السينم ...
- -الست- يوقظ الذاكرة ويشعل الجدل.. هل أنصف الفيلم أم كلثوم أم ...
- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاني صالح الخضر - موت الوطن - إلى الذين لا يعرفون بعدُ لماذا هم هنا...