أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي حياصات - أوسلو... من سلام مُعلَن إلى مشروع تصفية معلَن














المزيد.....

أوسلو... من سلام مُعلَن إلى مشروع تصفية معلَن


علي حياصات

الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 15:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات والحكومة الإسرائيلية آنذاك برئاسة إسحاق رابين، تولّد لديّ يقين مبكر بأن هذه الاتفاقية لن تقود إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، ولن تمنح الفلسطينيين حق تقرير مصيرهم على أرضهم. لم يكن هذا الشعور وليد العاطفة، بل نابع من قراءة واقعية لميزان القوى، ولعقيدة الاحتلال القائمة على الاستيطان والضم، لا المساومة والتسويات.
بعد اغتيال رابين، عاد اليمين الإسرائيلي ليهيمن على المشهد، بينما بقيت السلطة الفلسطينية المولودة من رحم أوسلو تفتقر لأدوات الفعل، وتحوّلت تدريجياً إلى كيان إداري هش، يتماهى مع متطلبات "التنسيق الأمني"، أكثر مما يمثل مشروع تحرر وطني. وبموازاة ذلك، استمر قضم الأرض وتوسيع المستوطنات تحت نظر العالم، فيما انشغل العرب بأنظمتهم أو بأزماتهم، وتراجع الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية أمام انسداد الأفق وانهيار الثقة.
في عام 2010، وخلال زيارة أكاديمية إلى الضفة الغربية لمقارنة الإرث العمراني والاجتماعي بين مدينتي نابلس والسلط، أجريت استطلاعًا عفويًا مع عدد من الفلسطينيين في بعض مدن الضفة الغربية حول رؤيتهم لمستقبلهم في ظل انسداد الأفق السياسي وتدهور الأوضاع المعيشية. طرحت عليهم ثلاثة خيارات افتراضية: البقاء تحت إدارة السلطة الفلسطينية، أو الهجرة إلى الأردن، أو العيش ضمن دولة إسرائيل. جاءت الإجابات صادمة: الغالبية فضّلت الاندماج ضمن إسرائيل، بحثًا عن الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي والخدمات، في مؤشر واضح على تآكل الثقة بالسلطة وتعبٍ حقيقي من واقع الانقسام والبطالة. نسبة أقل اختارت الهجرة إلى الأردن، بينما عبّر عدد قليل فقط عن تمسكه بالبقاء على أرضه مهما كانت الظروف، لكن كلماتهم ظلّت الأكثر رسوخًا في الذاكرة بالنسبة لي.
ثم جاءت كارثة 7 أكتوبر 2023 لتكشف هشاشة كل ما تبقى من معادلات "السلام". العملية المسلحة التي نفذتها حماس فجّرت ردًّا إسرائيليًا غير مسبوق دمّر غزة وأعاد إنتاج خطاب "الأمن الإسرائيلي المطلق"، وأقصى أي حديث عن الحقوق الفلسطينية. المجتمع الدولي تواطأ بالصمت أو التبرير، والعالم العربي غارق في عجزه. أما إسرائيل، فوجدت في اللحظة فرصة ذهبية لتكريس رؤيتها: لا دولة فلسطينية، ولا عودة، ولا شريك.
في ظل هذا السياق، أصبحت الضفة الغربية في طريقها إلى الضم الرسمي، لا كاحتمال مستقبلي، بل كخطة تنفيذية مدعومة من حكومة إسرائيلية متطرفة ، ترى في السلطة الفلسطينية عبئًا منتهي الصلاحية. الشرعية تتآكل، والحالة الوطنية الفلسطينية مفككة، والأفق مسدود، في حين تُطرح مشاريع التهجير والحلول البديلة علنًا، بما يضع الأردن أمام تهديد وجودي مباشر، سياسيًا وديمغرافيًا وأمنيًا.
الضم الزاحف للضفة اليوم هو إعلان دفن رسمي لاتفاق أوسلو، وربما نعي مبكر لمعاهدة وادي عربة الموقعة بين الأردن وإسرائيل عام 1994، والتي فقدت مضمونها تدريجيًا أمام سياسات فرض الأمر الواقع من جانب واحد.
ليست هذه النظرة تعبيرًا عن تشاؤم أو استسلام، بل محاولة لقراءة لحظة تاريخية فارقة بوعي وواقعية. فما نحتاجه اليوم ليس العودة إلى أوهام "العملية السلمية" التي أثبتت عجزها، بل الإقرار الصريح بفشل نموذج أوسلو بكل ما حمله من وعود مؤجلة ومسارات مغلقة. المطلوب الآن هو الانتقال إلى رؤية جديدة تنطلق من تثبيت الوجود الفلسطيني على أرضه كحق لا يقبل المساومة، لا مجرد إدارة يومية لحياته تحت الاحتلال. رؤية تدعم صموده الحقيقي بدل الاكتفاء باحتوائه أو التكيف مع معاناته، وتتصدى بوضوح لمشروع التصفية المتدرج، بدلاً من التعامل معه كأمر واقع لا يمكن تغييره
فالسلام لا يصنعه الاستسلام، ولا ينهض على أنقاض العدالة. وكل استقرار زائف فوق الظلم، لا يدوم.



#علي_حياصات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تُدار السياسة بعقلية الجماعة
- بين الصلاة والسلوك: هل تحوّل الدين إلى عادة؟
- هل نُشاهد التاريخ أم نُصدّق السردية؟
- سبعون عامًا من الصراخ... وها نحن نصفّق!!!


المزيد.....




- صحفي يسأل ترامب عن رسالة -بذيئة- زُعم أنه بعثها لجيفري إبستي ...
- وثائق جديدة تنشرها نيويورك تايمز.. هكذا بارك ترامب لإبستين ب ...
- 30 قتيلاً بينهم نساء وأطفال.. اتهامات لقوات الدعم السريع بتن ...
- محكمة التمييز الفرنسية تلغي مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد
- -لا ثقل له-.. ترامب ينتقد إعلان ماكرون عن نيّته الاعتراف بدو ...
- محادثات الدوحة تصل إلى طريق مسدود.. إسرائيل تتهم حماس والحرك ...
- زيلينسكي يعلن تأمين مبلغ لشراء ثلاثة أنظمة دفاع باتريوت ويتر ...
- -أخبار كاذبة-.. السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي الأنباء عن ...
- فلسطين... التسلسل الزمني لمسار شعب ودولة في انتظار الاعتراف ...
- شبكة الجزيرة تحذر من استهداف صحفييها في غزة بسبب حملة تحريضي ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي حياصات - أوسلو... من سلام مُعلَن إلى مشروع تصفية معلَن