أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - جمالية الدارجة المغربية أدب، تربية، أخلاق وشفاء للمستمع














المزيد.....

جمالية الدارجة المغربية أدب، تربية، أخلاق وشفاء للمستمع


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 18:13
المحور: الادب والفن
    


جمالية الدارجة المغربية
أدب، تربية، أخلاق وشفاء للمستمع
نحاول ملامسة الجانب الدلالي التواصلي للدارجة المغربية وكيف لعبت الممارسة والتجربة اللغوية في نحت عبارات تنم على ذوق جمعي، وتأدب مجتمعي، ورقي لغوي، في تأكيد للنظرية القائلة بأن اللغة ليس مبنية على الفطرة فقط وإنما للعوامل الاجتماعية والثقافية دور أساس في تطورها، خاصة وأن اللغة الأم لا تدرس، ولا تتعلم بالقراءة والكتابة، وإنما بالانغماس اللغوي وسط المجتمع عبر مهارتي الاستماع والتحدث.
والمتمعن في الدارجة المغربية سيكتشف أنها مثل كل اللهجات العربية تشكل مفردات اللغة العربية هيكلها الأساس، وإن اقترضت من اللغات واللهجات التي تفاعلت معها عبر التاريخ كالأمازيغية والفرنسية والإسبانية... لكن ذلك المتمعن قد يتفاجأ باستعاضة المغاربة عن التعبير المباشر إلى توظيف عبارات ترفع من شأن المستمع، وتقدر المخاطب تقديرا خاصا قد لا يوجد له نظير في لغات ولهجات أخرى فترفع الحرج عن المعدم وتصون كرامة المحروم، وتكرّم المحتاج... بطريقة ربما يعز نظيرها لدى أمم كثيرة.
في فاس يشتغل بعض الناس مهنة "حمال" وهو الشخص الذي يشتغل في حمل أمتعة وأغراض الناس، ولأن البعض يرى في هذه الوظيفة مهنة وضيعة، فإن أهل فاس يلقبون "الحمال" ب (ولد سيدي) رفعا لمعنوياته وعملا بالقول المأثور (خادم الناس سيدهم). وعلى نفس القياس يطلق المغاربة على الشخص المعاق الكسيح وسم "المعذور" في إحالة على رفع كل تكليف وكل حرج عنه مصداقا لقوله تعالى (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) سورة النور آية 16، أما الطفل الطائش الذي لا يقدّر عواقب أفعاله، والذي قد يصدر منه سلوك مشين فلا يقال له أنت قبيح ولا قليل التربية، بل يختار المغاربة وصفا بليغا فيقولون (لهلا يوريه لامو) ليكون التعبير على شكل دعاء يتوسلون فيه لله ألا يكشف سلوكه لأمه، حتى يظل كل طفل في عين والدته رمزا للبراءة.
وأحيانا كثيرة يتعمد المغاربة توظيف التضاد بإطلاق معنى إيجابي على اللفظ الذي يوحي بدلالة سالبة، بهدف رفع معنويات المخاطب وتحفيزه، هكذا يطلق جميع المغاربة دون استثناء وفي جميع المناطق على فاقد البصر "البصير" بدل الأعمى، ويسمون النار ب "العافية" والمرحاض ب"بيت الراحة" وعند السؤال عن وقت دفن الميت لا يقول المغاربة متى تدفنوه ولا متى تقبرونه وإنما يقولون "إمتى غاد تكرموه" وحتى الكلب الذي يحمل عند العامة دلالة سالبة ويستعملون لفظه للسب والحط من قيمة من يوصف بالكلب، نجد المغاربة يكرمون الكلب على إخلاصه فلا يقال له كلب وإنما يقولون "القانع" في تعبير على قبوله السهر خارج البيت قانعا بأكل ما فضل عن البطون وما يقدم إليه.
وعندما يسأل المغاربة المرأة الحامل عن حالها مع الحمل وثقل حركتها، لا يقولون "كيف عاملة مع الثقل" ولكن يقولون "كيف دايرة مع الخف"، وعند لوم المتأخر لا يوجه له اللوم مباشرة، فلا يقال له تأخرتَ أو "تعطلت" وإنما يقال له على سبيل السخرية "جيت على سلامتك" وإن أرادوا مساءلته عن سبب تأخره يختارونا تعبيرا مجازيا فيقولون "مالك تتمشي على البيض"
وعند تقبيل رأس أي شخص تقديرا له يُرَدُّ التقديرُ مضاعفا بالدعاء للشخص الذي قبل الرأس فيدعون له بالحج وزيارة قبر النبي فيقال له (اطيح على قبر النبي)، ولأن الأدب والتأدب يفرض احترام أدب الحوار، فإن من شيم المغاربة فإذا حدث وقاطع شخص متكلما فإنه يقول معتذرا (قطعت كلامك بالسمن والعسل) وإن خالفه الرأي لا يقول له أنت خاطئ بل يقال له "كلامك هو الكبير"، ولا يتفاخر المغاربة بما يملكون، ولا يحتقرون المخاطب لقلة ماله أو قلة ذات يده، فلا يقول المغربي عندي الكثير ولا يقول ليس لدي شيء ولكن يقول(عند اللي قسّم الله) في الحالتين، فهم دائما متفائلون ويتحاشون السؤال المباشر فلا يكون سؤالهم (ماذا وقع "اش واقع" وإنما يقولون (ياك أودي لاباس)، ولا يحرجون الغافل بسؤال "ما بك" أو مالك غافل" وإنما يقولون للغافل (سبحان الله أشريف) والشريف ومولاي وسيدي، سي محمد... صفة لكل رجل غريب لا يعرفون اسمه.
وإذا قصدهم متسول وليس لديهم ما يقدمونه له لا يصارحونه بالحقيقة، ولا يردون عليه بالنفي (ليس لدنا ما نقدمه لك) ولا ينهرونه، بل يدعون له بالخير بطريقة يتساوى فيها المتكلم والمخاطب فيقول المغاربة للمتسول عند تعذر تلبية طلبه (الله يسهل علينا وعليك) وهو رد يذكرنا بأجود بيت قاله العرب
تراه متهللا إذا ما جئته كأنك تعكيه الذي أنت سائله
والملاحظ أن الدعاء حاضر في مختلف الوضعيات التواصلية في الخطاب المغربي إذ يكاد يكون مستحيلا أن تخلو أي وضعية تواصلية في بيع وشراء، أو بعد كل خدمة أو لقاء وإن كان عابرا... من دعاء مثل (الله يسخر، الله يستر عليك، الله يرحم، الله يخلف، الله يصلح، الله يزيّن، الله يطيح البركة، الله يعاون... حتى وإن كانوا لا يعرفون المخاطب.
في تقدير متبادل لا يقول الرجل المغربي زوجتي ولا امرأتي وإنما يقول "مولات الدار" والمرأة المغربية لا تقول زوجي وإنما تقول في زوجها "زماني" و"تاج راسي"
هذه مجرد نماذج قليلة من بعض الألفاظ والعبارات الأكثر تداولا بين المغاربة في والوضعيات التواصلية العامة، وقد تتنوع جمالية التعابير ورقي العبارات عندما تتلون بالسخرية أو الازدراء أو التحسين حسب المجالات العاطفية والسياسية أو الخدماتية، لتبقى الدارجة المغربية لهجة محلية لها جماليتها الخاصة اقترضت كلمات من لغات كثيرة فصاغ أهل المغرب تعابير أصيلة راقية تقدر المخاطب وتصون كرامة المتكلم في وسيلة تواصلية حية تفاعلية تعطي وتأخذ، تقرض وتقترض، تحافظ على الخصوصية الثقافية المحلية ومنفتحة على القومي والعالمي تزيح الكلمات عن معانيها لتهبها مسحة فنية وذلك ما يجعل بعض الأشقاء يجدون صعوبة في فهم معاني بعض الألفاظ الدارجة المغربية.
ننتظر تعليقاتكم وتعابير مماثلة على المقال أو على الرابط أسفله في قناتنا
https://www.youtube.com/watch?v=h8p6g7aSNtA



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان سينما المدارس يعد جمهوره ببرنامج غني ومتكامل
- في الأنموذج البيداغوجي لتدريس الأطفال في وضعية إعاقة إشكال ا ...
- رواية قهو بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط بين الكتابة السينم ...
- أول احتفال رسمي راس السنة الأمازيغية بالمغرب منذ 2957
- دورات تكوينية في السينما
- دكتوراه حول الخطاب الديني مرجعيات التلقي وآفاق التأويل
- مؤسسة القلم للفكر والثقافة والفن تفتتح موسهما الثقافي بلقاء ...
- زمزية القطط في رواية (قطط اسطنبول ( بين أنسنة القطط إلى قطقط ...
- احتفاء برواية رقصة الفلامنكو للروائي الكبير الداديسي
- انتصار القيم في رواية قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط
- تحليل نص شعري لقيس بن الملوح
- تكريم الأديبين الكبير الداديسي وصالح لبريني
- جماليات القبح في الرواية بأسفي. ج9 رواية -ما تبقى من ذاكرة ر ...
- سلسلة الرواية بأسفي الحلقة 1
- حفل توقيع رواية ما تبقى في ذاكرة الرماد
- جماليات القبح في الرواية / ج 8: أسفي في رواية -بهيجة وأخواته ...
- رقصة الفلامنكو رواية جديدة للكاتب الكبير الداديسي
- المعرض الجهوي للكتاب مراكش
- مهرجان سينما المدارس بأسفي
- تكريم حالم لشاعر


المزيد.....




- بعد أحداث السويداء.. ما حقيقة فيديو -سوق السبايا- ومن يقف خل ...
- -ما بعد الحقيقة-.. تشريح معمق لأزمات المعرفة والتضليل في عصر ...
- وداع مؤثر من فرقة Black Sabbath ونجوم الموسيقى لأسطورة الروك ...
- مهرجان -ثويزا- بطنجة ينطلق الخميس -نحو الغد الذي يسمى الإنسا ...
- راغب علامة يتلقى الدعم من نقابة -محترفي الموسيقى والغناء- في ...
- الشاعرة السعودية ميسون أبو بكر تُسحر الريفييرا الفرنسية بنبض ...
- صدوق نور الدين يقرأ عالم كيليطو في كتاب جديد.. تأملات من قلب ...
- أبوظبي تفتتح قريبًا أحد أكبر تجمعات التجارب الثقافية بالعالم ...
- إحالة وزيرة الثقافة الفرنسية وكارلوس غصن للمحاكمة بتهمة الفس ...
- الحسن الثاني وبن بلّة والغنوشي وآخرون.. حوارات صحفية بنكهة ت ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - جمالية الدارجة المغربية أدب، تربية، أخلاق وشفاء للمستمع