أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - انتصار القيم في رواية قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط















المزيد.....

انتصار القيم في رواية قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 7836 - 2023 / 12 / 25 - 00:49
المحور: الادب والفن
    


التلميذة نهيلة لعبيدي من أكاديمية الرباط العضو في البرلمان المغربي للشباب والناشطة الثقافية التي تبشر يمثقفي المستقبل تكتب عن انتصار القيم في رواية قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط.... تذكروا هذا الاسم سيكون له شأن في المستقبل
الانتصار للقيم في رواية
قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط ( بقلم نهيلة لعبيدي)
رواية "قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط" للكاتب المغربي عبد الكبير الداديسي تعتبر عملاً أدبياً مبدعاً ومميزاً. تتميز الرواية بأسلوبها الشاعري البليغ واللغة الفصحى المتقنة، إضافةً إلى اثقانها العزف على شعرية اللغة وبلاغة المعنى بطريقة تجعل الرواية تشد الانتباه من خلال عنوانها ورسم غلافها الفني، لكن جمالها الحقيقي يكمن في عمق مضمونها والرسائل الجميلة التي تحملها، التي تحبل بها الرواية فتتناسل عبد تطور الأحداث ...
تتألق الرواية بسرد حكاية "مامادو"، الشاب الأسود الذي فر من جحيم الصراع في "الكوت ديفوار"، وحكاية الشابة البيضاء "ميادة" الهاربة هي الأخرى من مأساة سوريا وصراعاتها هي وصغيرتها لمياء، فتحكى الأحداث في معظمها على شكر إرجاعيات؛ فتعيد الرواية ببراعة الكاتب إلى أذهاننا مأساة ميادة وكيف انقلبت حياتها بسبب الربيع العربي، مع تحديات اللجوء ومرض ابنتها، في مأدبة صراع قيم إنسانية لا تعير للمرأة والطفل وزنا، تلتقي ميادة بمامادو، الشاب الأسمر الذي فقد والدته، في مأساة حفرت في جسده وذاكرته جروحا لا تندمل ولا تنسى،
يلتقي بطلا الرواية في أرض المغرب بعد معاناة طويلة صراعات مريرة مع الإنسان والطبيعة، لتكون أرض المغرب الحضن الدافئ لكل هارب، والبلسم السافي لكل جريح، تتغلب هذه الأرض الطيبة المباركة على معاناتهما وتجمعهما بعد محاولات عديدة للهجرة السرية، تنجح في تخفيف معاناتهما وادماجهما، فيعيش القارئ معاناة و محن البطلين ويعود ليعيش مع ميادة تعاستها بعد تعرضها للاغتصاب وقتل زوجها في سوريا واغتصابه هو الآخر أمام اعينها. لتقرر الهروب بجلها وإنقاد ابنتها من نار الانتقام التي اشتعلت في كل أرجاء سوريا، عبر لبنان فالجزائر تصل ميادة إلى المغرب حيث ستلتقي بمامادو الذي فقد هو الآخر أمه في صراعات سياسية كادت تحرق الكوت ديفوار... تتطور علاقتهما بالمغرب وتتحول الكراهية والحقد الدفين بين أضلاعهما بالتدريج إلى حب جارف ... ورغم كراهيتهما المتبادلة في مطلع الرواية، تأخذنا الرواية في جولة مؤثرة ترسم مأساة البطلين، وكيف استطاع الحب والتسامح من تقريب الأبيض من الأسود، وتنجح الرواية بشكل ملموس في العزف على وتر القيم، وركوب التحدي وقوة البقاء للوقوف في وجه الألم، عبر نسج ثنائيات قائمة على التناقض بين العربي / الإفريقي، الأبيض الأسود/ الحب/ الغدر ، الوفاء/ الخيانة ، الماضي / الحاضر ...حسدنها علاقة "مامادو" و"ميادة"... وطهرت قلبيهما من العنصرية والكراهية التي كانت تسكنهما.
تقدم الرواية شخصيات نامية تطورت مع الأحداث وغيرت مواقفها وتصوراتها عن الآخر، ويبرز هذا التطور أكثر في شخصية "ميادة"، التي تتخلى تدريجيًا عن عنصريتها وأنانيتها وقد علمتها الحياة قيمة الانفتاح فتستقبل الحب وتتغير قناعاتها ، فتتعلق بشاب أسمر وهي التي لم تكن ترى في ذوى البشرة السوداء سوى أنجاس مناكيد ... فتكون الرواية درسا في التسامح والتعايش وقبول...
وبما أن المصائب توحد المصابين، فقد قررا الهجرة إلى إسبانيا ويكون الفشل سببا في تقوية أواصل المحبة بينهما، ويعودان للعمل في مطعم "عمي بوعمامة". ليقرر الثنائي الزواج، مما يرمز إلى تلاقح الثقافات والألوان، ويُجسِّد بقهوة بالحليب، رمزاً لتوحيد الأفراد والتسامح. لتعكس الرواية برشاقة قوة الإرادة والتكيف مع الظروف الصعبة. فيندمج مامادو وميادة في حياة عمي بوعمامة ثنائيا ماسيا قادرا على مجابهة كل ما يعترض حياتهما، وتظهر روح التضحية عندما تتبرع ميادة بكليتها لإنقاذ حياة العم بوعمامة، قدّمت أعظم تضحية لانقاذ حياة عمي بوعمامة الأمر الذي يجسد أبعادًا عميقة للإنسانية والتكافل. وبعد ان توفيت ابنة ميادة لمياء انجبت ميادة من مامادو صغيرة اسمتها لمياء إبصارٌ جديد لفصل في حياتهما. ازدادت تلك الزهراء، لمياء، ثمنًا للحب الذي أسكن روحهما ورسم بسمة أمل على محياهما. كانت لمياء الثانية شفاءً لعمي بوعمامة، بلسمًا يخفف من ألم مرضه (الفشل الكلوي) الذي كاد يرسم نهاية حياته. تربعت لمياء على عرش قلوبهم وأصبحت نورًا يضيء دروب الوجدان. أنسجوا معًا حكاية جديدة في كتاب العائلة، ورسموا لوحة ينسجم فيها الحب والرعاية. عاشوا سويًا دهرًا، يمتزج فيه الوفاء والحنان، حتى حان وقت الفراق. ليرحل عمي بوعمامة إلى الرفيق الأعلى، ويترك وراءه وصية نبيلة تورث الحفيدة ملكية المطعم. وتمضي حياتهما في هناء، وسط ملكية المطعم التي ورثته لمياء، الحفيدة الغالية. تظل قصة حياتهم ملحمة شاعرية، تحكي عن قوة الروح والتحمل، وكيف يستمر الحب في البقاء رغم تقلبات الزمان
فتتسارع الأحداث كورقة شتاء متطايرة، حيث كشفت خيوط الغدر التي نسجها "كانو"، صديق مامادو. يدعي حقه في المطعم، غارقًا في غيظه وحقده، بعد أن أفلح صديقه وأخفق هو. يظهر "كانو" خاوي الوفاض ويمل الحقد قلبه وقد أحس بخيبته بعد رحيله الطويلة الشاقة مع صديقه مامدو،
تعكس الرواية دروساً عديدة في مفهوم الوطنية والتسامح والتضحية والتلاقح الثقافي والحضاري. كما تبرز دور المغرب في تعزيز هذا التلاقح بين إفريقيا والعالم العربي. يُنصح بشدة قراءة هذه الرواية لغناها الفكري والثقافي والأدبي، ولما تقدمه من تجربة جميلة للقراء.إنها رواية جديدة كأطياف الحلم تتلألأ، في بحر مغامرات الأرواح الجريئة ؛"قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط" تجمع بين الألوان المختلطة، في رحلة من الصراعات إلى أرض المغرب الطيبة تحكي عن فار من جحيم الحروب ،وعن الجميلة "ميادة" الهاربة من ويلات الصراع ، إنها قصة نجاح بعد ألم وجراح، في أرض تصهر الثقافات وتستقبل الغرباء الذين يخططون للعبور فيصبحون مقيمين، وقد وجدا في المغرب الطيب نور الأمل والفرح
تناوب الحكاية بين مآسيهما وأوجاعهما وتقلبات الزمن ، وعدم الثقة في الحياة التي تجعل الإنسان ورقة في مهب ريحها ، قد تفرش له الأرض زهزرا فيعيش في ترف وأمن وسلام ... وقد تعصف به من حيث لا يدري فتقلب حياته رأسًا على عقب فترمي به في أتون اغتصاب والتنكيل والبحث عن مهربٍ كما تجلى في تجربة ميادة سوريا. و"مامادو"، الشاب الأسمر القادم من الكوت ديفوار...
رواية "قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط" حكاية حب بلا حدود وتسامح وبلا قيود ،امام حقيقة الحب تنهزم العنصرية وتنتصر القيم الإنسانية. في عرض المغرب يختلط البياض (الحليب ) بالسواد (القهوة) ليقدم للقارئ نصا أدبيا متخنا بالقيم ، ورمزاً للتلاحم والمحبة ، تفاعل الغرباء فيه يصنع وطنًا جديدًا قيم الكرم والضيافة فيه متأصلة ، هكذا جسدت الرواية معاني الوطنية والتسامح ،وناقشت قضايا العنصرية والحروب بفصاحة ،وعاشت الشخصيات رحلة البحث عن الإنسانية ،في هذه الرواية الشاعرية البليغة والمليئة بالجمال.



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل نص شعري لقيس بن الملوح
- تكريم الأديبين الكبير الداديسي وصالح لبريني
- جماليات القبح في الرواية بأسفي. ج9 رواية -ما تبقى من ذاكرة ر ...
- سلسلة الرواية بأسفي الحلقة 1
- حفل توقيع رواية ما تبقى في ذاكرة الرماد
- جماليات القبح في الرواية / ج 8: أسفي في رواية -بهيجة وأخواته ...
- رقصة الفلامنكو رواية جديدة للكاتب الكبير الداديسي
- المعرض الجهوي للكتاب مراكش
- مهرجان سينما المدارس بأسفي
- تكريم حالم لشاعر
- أما زال العالم في حاجة للشعر والشعراء؟
- غرناطة والرمان من رواية (رقصة الفلامنكو) رواية قادمة
- مقطع من رواية قادمة ( رقصة الفلامنكو )
- صراع المواقف والقيم في مسرحية (مقال افتتاحي)
- صراعةالقيمةوالمواقف في مسرحية : مقال افتتاحي
- مقامة ساخرة حول نتائج العرب في الكرة
- المقامة الكروية والنتائج العربية
- اختتام المهرجان الوطني للمسرح وتتويج الفائزين+فيديو
- المعلم بين الأمس واليوم في منظومة القيم
- نقد سينمائي : شريط -ستة أشهر ويوم- فصاحة الصورة وبلاغة التقن ...


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - انتصار القيم في رواية قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط