أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد علي سليفاني - مديح الهامش… ومراثي المعنى














المزيد.....

مديح الهامش… ومراثي المعنى


خالد علي سليفاني
شاعر وكاتب ومترجم

(Khaled Ali Silevani)


الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 08:12
المحور: الادب والفن
    


نحن فی زمنٍ يتسابق فيه الناس لجذب الأضواء، لا لصناعتها، تصبح الكتابة الصادقة فعلاً شاقًا، بل فعلاً شبه عبثي في نظر كثيرين. الكاتب الصادق ليس تاجرَ كلمات، بل صانع وعي، وناثر شظايا ذاته على الورق. يكتب لأنه لا يستطيع إلا أن يكتب، لا لأنه ينتظر تصفيقًا. وهنا يكمن العذاب، وهنا يتشكل المعنى.

الصدق في الكتابة ليس وصفًا أسلوبيًا، بل موقفٌ وجودي. حين تكتب ما يؤلمك، ما يعريك، ما يُخرجك من دائرة القبول الجماهيري إلى دائرة الصمت أو الرفض، فإنك تمارس أصعب أنواع الحرية: حرية أن تكون نفسك في عالم لا يريدك أن تكون كذلك.

هذا الصدق لا يكافَأ دائمًا. قد تكتب ما يهزّ الجدران، لكن لا يسمعه أحد. أو يسمعك من لا يملك أن يغيّر شيئًا. وقد ترى نصوصًا فارغة تُرفع كالأعلام وتشتهر كالنار في الهشيم، بينما تُهمَّش كلماتك في الظلال. وهنا تنشأ المرارة: لماذا نكتب إذًا؟ ما جدوى النقاء في زمن التلوّث الناعم؟

الشهرة ليست برهانًا على القيمة
يقع كثير من الكُتاب الحقيقيين في خطأ شائع: أن يقيسوا أثرهم بعدد القرّاء، أو المتابعين، أو المبيعات. لكن الأدب والفكر لم يكونا يومًا مجرد أرقام. الأثر الحقيقي لا يُقاس بانتشاره، بل بعمقه. ما فائدة أن تقرأك الملايين وتنسى اسمك بعد يوم؟ كما هو حال "الترندات" اليوم. بينما قارئٌ واحد، بعيد، قد تتغير حياته لأنك كتبت ذات مساء جملة صادقة، خرجت من شق في قلبك لا من حساب خوارزمي؟

أن تكون نقيًا… في زمن التشويه
أن تكتب دون تمثيل، وتعيش دون أن تتحول إلى ظل، هي بطولة داخلية. العالم قد لا يراك، لكنه لا يستطيع تشويهك. العالم يكافئ من يشبهه، لا من يُشاكسه. والكاتب الصادق بالضرورة "مشاكس"، لأنه لا يعيد إنتاج الواقع، بل يُسائله، يُمزقه، ويعيد ترتيبه على مهل، بوعيٍ وحُلم.

الظل لا يصنع نورًا
الكاتب الذي يكتب ليُرضي، يتحول تدريجيًا إلى مجرّد ظل: لا طعم له، لا لون، لا أثر. أما الذي يكتب من قلبه، بصدق موجِع، ولو دون ضوء، فهو يترك أثرًا شبيهًا بالبصمة: لا يُمحى، وإن لم يُرَ.

حارسُ النور في داخلك
ربما لن تفتح لك الكتابة الصادقة أبواب المال ولا الشهرة، لكنها تُبقيك متصالحًا مع نفسك، مع لغتك، مع حقيقتك. هذا ليس قليلًا، بل هو كثير في عالمٍ يدفعك كل يوم إلى أن تبيع شيئًا من روحك مقابل القبول.

اكتبْ، حتى وإن لم يصفق أحد.
اكتبْ، لأنك لا تحتمل الصمت.
اكتبْ، لأن الحقيقة - وإن لم تُكافأ - تبقى أسمى وأنظف من الكذب المريح.

ولأن الصدق لا يعلو في الأسواق، بل في ضمير الزمن؛ فالتاريخ سيشهد: من كتب من ذهب، ومن ذهب مع ما كتب.



#خالد_علي_سليفاني (هاشتاغ)       Khaled_Ali_Silevani#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من النوروز إلى الهوية
- الكتابة بوصفها شرارة وجود: تأملات في جدلية الإبداع والتجدد
- كسر المعروف
- فلسفة النوروز التاريخية وفق رؤية المؤرخ علي تتر نيروي
- عيد العمال: صيغة الجمع ومحنة الفرد
- وسائل التواصل الاجتماعي: مرآة القلق الجمعي وتجليات الذات الم ...
- الرواية الخالدة: حين يصبح الأدب فخًا نفسيًا وتجربة وجودية
- من أجل واقع أقل وحشية
- العراق وكوردستان: تجليات الدولة المأزومة في فضاء الجغرافيا ا ...
- تغريد الإبداع أمام تهريج الجهلة
- إنتاج الغباء
- حين يشكر الكاتبُ الناشرَ: أزمة التقدير في عالم الكتب – تفكيك ...
- فساد بالتقسيط... حتى إشعار آخر!
- الشخصية الكوردية بين إرث الصراعات وغياب الرؤية الاستراتيجية
- وهم المجد ومجد الوهم
- التكوين الفلسفي للهوية الكوردية في كتاب -كوردستان القديمة-
- بين -حانة- الحداثة و-مانة- التراث
- سلاسل من حرير
- التاريخ بين السرديات المتباينة وإشكالية التزييف
- جدلية الحقيقة: بين الإدراك والواقع


المزيد.....




- توبا بيوكوستن تتألق بالأسود من جورج حبيقة في إطلاق فيلم -الس ...
- رنا رئيس في مهرجان -الجونة السينمائي- بعد تجاوز أزمتها الصحي ...
- افتتاح معرض -قصائد عبر الحدود- في كتارا لتعزيز التفاهم الثقا ...
- مشاركة 1255 دار نشر من 49 دولة في الصالون الدولي للكتاب بالج ...
- بقي 3 أشهر على الإعلان عن القائمة النهائية.. من هم المرشحون ...
- فيديو.. مريضة تعزف الموسيقى أثناء خضوعها لجراحة في الدماغ
- بيت المدى يستذكر الشاعر القتيل محمود البريكان
- -سرقتُ منهم كل أسرارهم-.. كتاب يكشف خفايا 20 مخرجاً عالمياً ...
- الرئيس يستقبل رئيس مكتب الممثلية الكندية لدى فلسطين
- كتاب -عربية القرآن-: منهج جديد لتعليم اللغة العربية عبر النص ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد علي سليفاني - مديح الهامش… ومراثي المعنى