أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن خليل غريب - حسن خليل غريب ومشروعه الفكري: مقارنة بين مشروع ميشيل عفلق ومشروع حسن خليل غريب (الحلقة الثانية) (2/2)















المزيد.....


حسن خليل غريب ومشروعه الفكري: مقارنة بين مشروع ميشيل عفلق ومشروع حسن خليل غريب (الحلقة الثانية) (2/2)


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 09:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقارنة بين مشروع ميشيل عفلق ومشروع حسن خليل غريب
(الحلقة الثانية) (2/2)
أحمد عبد الله المغربي

مقارنة بين مشروع مفكرين ينتسبان لمدرسة بعثية واحدة
ميشيل عفلق وحسن خليل غريب
نشأ حسن خليل غريب على مبادئ حزب البعث، منذ العام 1958 -تاريخ انتسابه للحزب- وظلَّ ملتزماً بمبادئه حتى العام 2025 ولا يزال، وقد أسس مشروعاً فكرياً نقدياً يتناول البعد الإيماني الديني بتحديد علاقة واضحة بين العروبة والإسلام. لهذه الأسباب وجدت من المفيد أن أجري مقارنة بين المشروعين لأن مشروع غريب لا ينفصل عن المشروع البعثي الأم الذي كان عفلق من أبرز مؤسسيه. ويأتي مشروع غريب في دائرة تجديد الرؤية لبعض الزوايا المحددة بالعلاقة بين الفكرين الديني والقومي.

مقارنة مركّزة بين مفهوم العقل القومي العربي عند حسن خليل غريب وبين ما طرحه ميشيل عفلق، مع إشارات إلى بعض المفكرين الآخرين الذين ذكرتهم سابقًا،
وسأبدأها بمقدمة تتناول مفهوم كل منهما لمعنى الروح في كل من المشروعين:

أ-مفهوم الروح عند ميشيل عفلق
-الروح القومية: يرى عفلق أن الروح هي جوهر القومية العربية، وهي ليست مجرد شعور بالانتماء، بل طاقة ثورية تنبع من التاريخ العربي، خصوصًا من تجربة الإسلام.
-الإسلام كروح للعروبة: يعتبر الإسلام تعبيرًا عن العبقرية العربية، ويصفه بأنه "حركة ثورية عربية" ذات بعد روحي خالد، لكنه يرفض تحويله إلى أيديولوجيا دينية مغلقة.
-البعد الإيماني: يربط الروح بالإيمان، لا بالمعنى الديني التقليدي، بل كقوة داخلية تحرك الإنسان نحو البطولة والتضحية من أجل الأمة.
-الروح والبطولة: يتأثر بفكر برغسون، حيث يرى أن البطولة لا تنبع من العقل وحده، بل من حالة روحية انفعالية تعيشها النخبة القومية وتلهم الجماهير.
بـ-مفهوم الروح عند حسن خليل غريب
-الروح كمنهج معرفي: يطرح الروح كجزء من المنهج الإيماني في مقابل المنهج العقلي، ويؤكد على ضرورة التوازن بينهما لفهم الإنسان ككائن مركب.
=نقد التوظيف الديني: ينتقد غريب تحويل الروح إلى أداة أيديولوجية دينية، ويدعو إلى فصل العروبة عن الإسلام دون إنكار العلاقة التاريخية بينهما.
-الروح والتحرر: يرى أن الروح الحقيقية هي التي تحرر العقل من الجمود، وتدفع نحو بناء مشروع قومي عقلاني علماني.
-الروح والردة: في كتابه "الردة في الإسلام"، يعيد تعريف الردة بأنها خروج عن سلطة التأويل الأحادي، لا عن الإيمان، مما يعكس فهمًا للروح كحرية فكرية.
مقارنة بين المفهومين

1-ميشيل عفلق: القومية كرسالة روحية
-يرى أن القومية العربية ليست نظرية بل هي "حب قبل كل شيء"، وهي حالة وجدانية تنبع من الإيمان بالعروبة كقدر ومصير. ويربط بين الرسالة الإسلامية والعروبة، ويعتبر أن الإسلام هو تعبير عن "العبقرية العربية"، لكنه لا يطرح علاقة عقلانية نقدية بينهما كما يفعل غريب. ويؤمن بأن القومية هي بعث روحي للأمة، وليست مجرد مشروع سياسي أو اقتصادي. ولا يستخدم مصطلح "العقل القومي"، بل يركّز على الوجدان القومي، ويعتبر أن العروبة تنبع من الذات لا من التنظير الخارجي. كما يميل إلى الرمزية والتأمل الفلسفي أكثر من التحليل النقدي أو التفكيك المعرفي

2-حسن خليل غريب: العقل القومي كمنهج نقدي تحرري
-يرى أن العقل القومي العربي يجب أن يكون أداة نقدية لفهم الواقع وتفكيك الخطابات الدينية والمذهبية التي تعيق الوحدة. ويربط بين العروبة والإسلام من منظور تكاملي، لا صدامي، ويعتبر أن الإسلام يحمل طاقة ثورية يمكن أن تُستأنف في مشروع قومي حديث. وينتقد الجمود الديني والمذهبي، ويعتبر أن العقل القومي يجب أن يتحرر من التقديس غير العقلاني للنصوص. ويطرح العقل القومي كـمنهج معرفي متجدد، وليس مجرد شعارات أو عواطف، ويؤمن بضرورة التأسيس الفكري العميق لمشروع النهضة. كما يرفض النقل الحرفي للنماذج الغربية أو الماركسية، ويؤمن بخصوصية التجربة العربية.

مقارنة مختصرة

مقتطفات ملهمة من كتابات ميشيل عفلق و حسن خليل غريب ، تعكس رؤيتهما للعقل القومي العربي والنهضة الفكرية:
1-من كتابات ميشيل عفلق
"القومية العربية ليست نظرية سياسية، بل هي حب قبل كل شيء، حب للأمة، حب للحرية، حب للإنسان."
"إذا كان محمد رسول العرب، فإن العروبة اليوم هي رسالة محمد الجديدة، رسالة التحرر والبعث والانبعاث."
"الوحدة العربية ليست حلمًا، بل هي قدر، وكل تأخير في تحقيقها هو تأخير في ولادة الإنسان العربي الجديد."

2-من كتابات حسن خليل غريب
"-العقل القومي ليس شعارًا، بل هو منهج نقدي لتحرير الإنسان العربي من أسر المذهبية والانغلاق، وهو السبيل الوحيد لبناء وحدة فكرية تؤسس لوحدة سياسية."
"=في سبيل علاقة سليمة بين العروبة والإسلام، لا بد من تجاوز التقديس الأعمى للنصوص، والانطلاق نحو فهم عقلاني يربط بين الروح الثورية للإسلام والمشروع القومي التحرري."
"-لا يمكن للعقل القومي أن يولد من رحم التقليد، بل من رحم الصراع مع الواقع، ومن نقد الذات قبل نقد الآخر."
هذه النصوص مأخوذة من كتبه مثل الردة في الإسلام وفي سبيل علاقة سليمة بين العروبة والإسلام وتهافت الأصوليات الإمبراطورية.

الخلفيات الثقافية لكل من ميشيل عفلق وحسن خليل غريب، توضح كيف تشكلت رؤيتهما الفكرية والسياسية:

1-ميشيل عفلق: ثقافة وجدانية قومية
-النشأة: وُلد عام 1910 في حي الميدان بدمشق لعائلة مسيحية أرثوذكسية من الطبقة المتوسطة.
-التعليم: درس في مدارس فرنسية، ثم حصل على شهادة في التاريخ والفلسفة من جامعة السوربون في باريس عام 1933.
-الانتماء السياسي: أسس مع صلاح الدين البيطار حركة البعث العربي عام 1940، ثم حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947.
• المنهج الفكري:
-تأثر بالفكر الإنساني المثالي، خاصة أعمال أندريه جيد ورومان رولان.
-مزج بين القومية والاشتراكية والإسلام، واعتبر الإسلام تعبيرًا عن "العبقرية العربية" رغم خلفيته المسيحية.
-ركز على الوجدان القومي أكثر من التحليل النقدي، واعتبر القومية "حب قبل كل شيء".
-كان من أبرز منظري الحرية كمنهج حياة، لكنه لم يطور منهجًا معرفيًا نقديًا كما فعل غريب.
2-حسن خليل غريب: ثقافة نقدية قومية
-النشأة: وُلد عام 1942 في بلدة دبين جنوب لبنان، في بيئة متأثرة بالنكبة الفلسطينية والنضال القومي.
-التعليم: درس في دار المعلمين ثم حصل على إجازة في الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس من جامعة بيروت العربية عام 1969، ثم دبلوم دراسات عليا في الدراسات الإسلامية عام 1983.
-الانتماء السياسي: انتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1958، وكان ناشطًا في المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
المنهج الفكري:
-تأثر بالمدارس الفلسفية والنقدية، واهتم بنقد الفكر الديني والمذهبي.
-مزج بين الفكر القومي والإسلامي بطريقة عقلانية، وكتب في العلاقة بين العروبة والإسلام.
-رفض النقل الحرفي للنماذج الغربية، وركز على خصوصية التجربة العربية.
-اعتُقل مرتين في سوريا، مما عزز لديه حسًا نقديًا تجاه السلطة والهيمنة الفكرية.
مقارنة مختصرة

تحليل لتطور أفكار ميشيل عفلق و حسن خليل غريب عبر الزمن، مع إبراز التحولات الفكرية التي طرأت على كل منهما:
1-ميشيل عفلق: من الوجدانية القومية إلى التأسيس الفكري
المرحلة الأولى: التأسيس الوجداني (1940–1950)
-كتب عن القومية كـ"حب قبل كل شيء"، واعتبرها رسالة روحية. وربط بين العروبة والإسلام من منظور وجداني، لا نقدي. وأسس حزب البعث على قاعدة الوحدة والحرية والاشتراكية، دون تفصيل نظري دقيق.

المرحلة الثانية: التنظير السياسي (1950–1966)
-بدأ يطوّر فكرًا سياسيًا للحزب، وكتب في سبيل البعث ومعركة المصير الواحد. وحاول التوفيق بين الاشتراكية والقومية، ورفض الماركسية المادية. كما اعتبر أن الوحدة العربية هي قدر تاريخي، وليست مجرد مشروع سياسي.

المرحلة الثالثة: الانكفاء والتأمل (1966–1980)
-بعد انقلاب 1966 في سوريا، خسر موقعه القيادي، وانتقل إلى التأمل الفكري. وكتب نقطة البداية، داعيًا إلى العودة إلى الأسس الروحية للقومية. وبدأ يركّز على الجيل العربي الجديد كأداة للنهضة.
المرحلة الأخيرة: التثبيت الرمزي (1980–1989)
-انتقل إلى العراق، وأصبح رمزًا فكريًا لحزب البعث العراقي. ولم يطوّر نظريات جديدة، بل ركّز على تثبيت المبادئ الأولى. كما ظهرت كتاباته الأخيرة كنوع من التوثيق والتأريخ، لا التنظير الجديد.

2-حسن خليل غريب: من النضال القومي إلى النقد المعرفي
المرحلة الأولى: النضال القومي والمقاومة (1958–1980)
-تأثر بفكر البعث العربي الاشتراكي، وشارك في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وركّز على الوحدة العربية واعتبرها شرطًا للتحرر من الاستعمار. كما كان كان خطابه سياسيًا تعبويًا، يربط بين القومية والتحرير.

المرحلة الثانية: نقد الفكر الديني والمذهبي (1980–2000)
-بدأ مشروعًا نقديًا لفهم الظاهرة الدينية، وكتب الردة في الإسلام وفي سبيل علاقة سليمة بين العروبة والإسلام. ودعا إلى عقل قومي تحرري يتجاوز الجمود الديني والمذهبي. وبدأ يفكك العلاقة بين السلطة الدينية والسياسية، واعتبر أن الطائفية أداة للهيمنة.

المرحلة الثالثة: نقد الفكر القومي ذاته (2000–2020)
-انتقل من الدفاع عن الفكر القومي إلى نقده من الداخل، وكتب عن تهافت الأصوليات القومية والدينية. ودعا إلى حوار بين المشروعين القومي والإسلامي، ورفض التمركز حول أي أيديولوجيا مغلقة. وبدأ يطرح نموذجًا معرفيًا عربيًا يتجاوز النقل عن الغرب أو التقليد الديني.

المرحلة الأخيرة: تفكيك الإسلام السياسي (2020–2025)
-ركّز على نقد الإسلام السياسي الشيعي والسني، خاصة مشروع ولاية الفقيه والإخوان المسلمين. واعتبر أن المشروعين الدينيين فشلا في بناء دولة مدنية، ودعا إلى عودة العقل القومي المدني. وطرح رؤية استراتيجية لحل أزمة الطائفية في لبنان، عبر تفكيك البنى المذهبية.

مقارنة تطورية

السياسة كانت المحرّك الخفي والمعلن في تطور أفكار كل من حسن خليل غريب وميشيل عفلق، لكنها أثّرت عليهما بطرق مختلفة تمامًا، بحسب موقعهما من السلطة، ونوع علاقتهم بها.

1-ميشيل عفلق: السياسة كحلم ثم كرمز
-منظّر السلطة: أسّس حزب البعث، لكنه لم يمارس السلطة فعليًا إلا لفترة قصيرة جدًا (وزير معارف عام 1949).
-الانقلاب عليه: بعد انقلاب 1966 في سوريا، خسر موقعه القيادي، مما دفعه إلى الانكفاء الفكري.
-اللجوء إلى العراق: في عهد صدام حسين، أصبح رمزًا فكريًا لحزب البعث العراقي، لكنه لم يكن صاحب قرار.
-السياسة كرمزية قومية: لم يخض في تفاصيل السياسات اليومية، بل بقي في مستوى الخطاب الوجداني، معتبرًا أن القومية هي "حب قبل كل شيء".
-تأثير محدود على السياسات الفعلية: رغم مكانته الرمزية، لم يكن له تأثير مباشر على السياسات البعثية في العراق أو سوريا.
1-ميشيل عفلق: السياسة كحلم ثم كرمز
-منظّر السلطة: أسّس حزب البعث، لكنه لم يمارس السلطة فعليًا إلا لفترة قصيرة جدًا (وزير معارف عام 1949).
-الانقلاب عليه: بعد انقلاب 1966 في سوريا، خسر موقعه القيادي، مما دفعه إلى الانكفاء الفكري.
-اللجوء إلى العراق: في عهد صدام حسين، أصبح رمزًا فكريًا لحزب البعث العراقي، لكنه لم يكن صاحب قرار.
-السياسة كرمزية قومية: لم يخض في تفاصيل السياسات اليومية، بل بقي في مستوى الخطاب الوجداني، معتبرًا أن القومية هي "حب قبل كل شيء".
-تأثير محدود على السياسات الفعلية: رغم مكانته الرمزية، لم يكن له تأثير مباشر على السياسات البعثية في العراق أو سوريا.
2-حسن خليل غريب: السياسة كأداة نقد ومواجهة
-مناضل لا سلطوي: لم يتولَّ منصبًا رسميًا، بل كان دائمًا في موقع المعارضة الفكرية، حتى داخل حزبه.
-تجربة المقاومة: مشاركته في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان جعلته يرى السياسة كـفعل تحرري شعبي، لا كأداة بيروقراطية.
-الاعتقال السياسي: سجنه مرتين في سوريا (1992 و1994) دفعه إلى نقد السلطة البعثية نفسها، رغم انتمائه الفكري إليها.
-ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق: تحوّل إلى ناقد شرس للإسلام السياسي، واعتبر أن المشروعين الإيراني والإخواني يخدمان أجندات استعمارية.
-السياسة كصراع معرفي: لم ير السياسة كفن الممكن، بل كـساحة صراع بين مشاريع فكرية، وكتب عن ضرورة تأسيس عقل قومي مدني لمواجهة الطائفية.

مقارنة تأثير السياسة

مقارنة دقيقة بين تعامل حسن خليل غريب وميشيل عفلق مع الإسلام السياسي، تكشف اختلافًا جوهريًا في المنهج والموقف:

1-ميشيل عفلق: الإسلام كرسالة قومية لا سياسية
-لم يتعامل مع الإسلام السياسي بشكل مباشر، بل ركّز على الإسلام كـرسالة روحية قومية تعبّر عن "العبقرية العربية". واعتبر أن الإسلام هو منبع النهضة القومية، لكنه لم يدعُ إلى إقامة دولة دينية أو استخدام الإسلام كأداة سياسية. ورفض الإلحاد تحت ستار العلمانية، لكنه لم يطرح مشروعًا سياسيًا إسلاميًا، بل دعا إلى فصل الدين عن الدولة مع احترام الإسلام كمكوّن حضاري. ورأى أن الإسلام هو روح العروبة، وليس أيديولوجيا سياسية، وقال: "كان محمد كل العرب، فليكن كل العرب محمدًا". لم يكتب عن الإخوان المسلمين أو ولاية الفقيه، ولم يخض في نقد الإسلام السياسي المعاصر، بل بقي في إطار الوجدانية القومية.

2-حسن خليل غريب: نقد جذري للإسلام السياسي
-يرى أن الإسلام السياسي بنسختيه الشيعية (ولاية الفقيه) والسنية (الإخوان المسلمين) يمثلان مشروعين غيبيين توسعيين يخدمان أجندات استعمارية. وكتب مقالات وكتب مثل وداعًا حركات الإسلام السياسي الغيبية وتهافت الأصوليات الإمبراطورية، حيث اعتبر أن هذه الحركات تسعى لتفتيت الأمة العربية عبر الطائفية. ويرى أن الإسلام السياسي يُسقط الدولة المدنية لصالح أنظمة دينية مغلقة، ويعتبره خطرًا على وحدة الهوية القومية. وانتقد بشدة دور إيران وتركيا في دعم الإسلام السياسي لتحقيق مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، الذي يهدف إلى تقسيم المنطقة. وأخيراً دعا إلى عقل قومي مدني يتجاوز الأدلجة الدينية، ويرى أن الإسلام يجب أن يُفهم كقوة روحية تحررية لا كأداة سلطوية.
مقارنة مختصرة


الإسلام السياسي بين النقد القومي والتحليل الوجداني:
دراسة مقارنة في فكر حسن خليل غريب وميشيل عفلق
المقدمة
مثّل الإسلام السياسي أحد أبرز التحديات الفكرية والسياسية في العالم العربي خلال العقود الماضية. وقد تناول المفكرون العرب هذه الظاهرة من زوايا مختلفة، تتراوح بين النقد الجذري والتحليل الروحي. هذا المقال يقارن بين رؤيتي حسن خليل غريب وميشيل عفلق تجاه الإسلام كظاهرة سياسية، من حيث المنهج، والخلفية الفكرية، والهدف النهضوي.

أولًا: ميشيل عفلق – الإسلام كرسالة وجدانية للعروبة
1-المنهج الرمزي: يتعامل عفلق مع الإسلام من منظور روحي قومي، وليس سياسي. يعتبره تعبيرًا عن "العبقرية العربية"، ويؤمن بأن العروبة والإسلام يشكلان وحدة وجدانية تؤسس لمشروع قومي.
2-مع الإسلام السياسي: لم يخُض عفلق في نقد الإسلام السياسي المعاصر. وتجاهل الحركات الإسلامية كظاهرة سياسية، واكتفى بتكريم الإسلام كجزء من الهوية الثقافية. ولكنه ركّز على الوحدة الروحية بين العرب، وليس على آليات السلطة الدينية.
3-الهدف الفكري: اعتنى بتأسيس قومية عربية تستعيد الروح التحررية للإسلام، دون التورط في أنظمة دينية أو خطابات سياسية دينية.

ثانياً: حسن خليل غريب – العقل القومي ضد الأدلجة الدينية
1-المنهج النقدي: ينطلق غريب من مفهوم "العقل القومي العربي" كأداة تفكيك للخطابات المذهبية والإسلامية السياسية التي يرى أنها تعيق الوحدة والنهضة. يتبنى منهجًا تحليليًا يُعلي من العقلانية والحرية الفكرية، ويعتبر أن المشروعين الشيعي (ولاية الفقيه) والسني (الإخوان المسلمين) يصادران حق الشعوب في تقرير مصيرها.
2-مع الإسلام السياسي: يعتبر غريب الإسلام السياسي أداة تفتيت قومي، ويصفه بـ"الغيبية الإمبراطورية". ويربط بين صعود الإسلام السياسي وتدخلات إقليمية ودولية تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة. ويطالب ببناء دولة مدنية قومية تتجاوز الولاءات الدينية والطائفية.
3-الهدف الفكري: يعمل على تحرير العقل العربي من "أسر المذهبية والانغلاق"، وتأسيس نهضة عربية لا تستنسخ النماذج الغربية ولا تتقوقع في التراث.

ثالثًا: المقارنة التركيبية

الخاتمة
يكشف هذا التحليل عن فرق جوهري بين المقاربة العقلانية النقدية لغريب والمقاربة الرمزية الوجدانية لعفلق. ففي حين يخوض غريب في تفكيك الإسلام السياسي كأداة هيمنة وتفتيت، يحتفي عفلق بالإسلام بوصفه تجليًا لروح العروبة دون أن يطال تفاصيله السياسية. وبين العقل النقدي والوجدان الرمزي، تتراوح الطروحات الفكرية العربية في زمن التحولات الكبرى.

قائمة المراجع
1. غريب، حسن خليل. وداعًا حركات الإسلام السياسي الغيبية. الحوار المتمدن، العدد 7281، 16 يونيو 2022. رابط المصدر
2. غريب، حسن خليل.تهافت الأصوليات الإمبراطورية (شروق العصر القومي). دار الطليعة، بيروت، 2009.
3. غريب، حسن خليل. في سبيل علاقة سليمة بين العروبة والإسلام. دار الطليعة، بيروت، الطبعة الثانية، 2000.
4. غريب، حسن خليل. نحو صياغة حدود واضحة بين الفكرين القومي والإسلام السياسي. موقع حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، 2023. رابط المصدر
5. عفلق، ميشيل. في سبيل البعث. بيروت، 1959. (خمسة أجزاء)
6. عفلق، ميشيل. الرسالة الخالدة. دار الطليعة، بيروت، 1972.
7. عفلق، ميشيل. نقطة البداية. دار الطليعة، بيروت، 1971.
8. القوطالي، عز الدين. العروبة والإسلام في فكر ميشيل عفلق. أرشيف الإنترنت، 2020. رابط المصدر
9. الدنداني، بوجمعة. ميشال عفلق والعروبة والإسلام السياسي. الحوار المتمدن، العدد 8186، 9 ديسمبر 2024. رابط المصدر
10. القططي، وليد. ميشيل عفلق.. الإسلام برؤية قومية. موقع الميادين، 26 فبراير 2021. رابط المصدر

ملاجظة ختامبة: سيتم نشر الدراسة كاملة بصيفة البي دي أفـ والتي فيها ستظهر بيانات ملحقة لم تظخر بنسخة الوورد. وسيتم نشر رابط الدراسة كاملة مع بياناتها.



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسن خليل غريب ومشروعه الفكري رؤية في العلاقة بين العقل العرب ...
- العَرَب والمَوْجَة الثَالِثة من الإسْترَاتِيجِيَّات الأميركِ ...
- الظاهرة الدينية والظاهرة الدينية السياسية (بدايات ومآلات)
- فِي وَرْشَةِ رَسْمِ خَرَائِطِ مَصَالِحِ الأُمَّة فِي الوَطَن ...
- نداء إلى حكومة العهد الجديد في لبنان إحذروا ملائكة أمراء الط ...
- إِشْكاليَّة الِاسْتِقْوَاء بِالْخَارِجِ وَمَخاطِرها عَلَى ال ...
- في إشكالية التجميد والتجديد في المناهج المعرفية العربية تبقى ...
- اليوم التالي لولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية
- دونالد ترامب ليس مجنوناً (الحلقة الثالثة) (3/ 3)
- دونالد ترامب ليس مجنوناً (الحلقة الثانية) (2/ 3)
- دونالد ترامب ليس مجنوناً (الحلقة الأولى 1/3)
- أفكار في رسم خريطة طريق لحل استراتيجي لإشكالية الطائفية في ل ...
- رؤية نقدية في راهنية المقاومة الإسلامية من مقاومة شعبية إلى ...
- بعد نفاذ الطبعات القديمة لمشروع الشرق الأوسط
- (هيفاء غزة) تفتش عن جثة أمها
- الولايات المتحدة الأميركية على مفترق طرق بين الوطنية والتورا ...
- الأقليات في العالم العربي جذور الأزمة وآفاق الحل *.
- ما بعد طوفان الأقصى المتغيرات الدولية وإلغاء وظائف المشاريع ...
- هل يلتقط العرب فرصة اللحظة التاريخية الراهنة؟ لماذا؟ ومتى؟ و ...
- لملاقاة الاستحقاقات القادمة لبنان من دويلات الطوائف إلى الدو ...


المزيد.....




- مقابل قبة الصخرة.. مستوطنون يؤدون طقوسا تلمودية بالمسجد الأق ...
- يائير جولان: اليهود يرتكبون مذابح بحق الفلسطينيين في الضفة
- لماذا لم يعد اليهود الأميركيون على قلب رجل واحد؟
- عودة -حسم-.. هل تتجدد تهديدات الإخوان للأمن المصري؟
- هل تختفي الدراسات العربية والإسلامية من جامعات أوروبا بسبب ا ...
- السلطات المصرية تعتقل خلية لحركة حسم والإخوان تنفي ارتباطها ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...
- أول اتصال هاتفي بين بابا الفاتيكان الجديد والرئيس الفلسطيني ...
- الرئيس الفلسطيني يطلب من بابا الفاتيكان مناشدة العالم وقف قت ...
- -سلوشنز- تجدد تسهيلات بنكية إسلامية قيمتها 1.5 مليار ريال


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن خليل غريب - حسن خليل غريب ومشروعه الفكري: مقارنة بين مشروع ميشيل عفلق ومشروع حسن خليل غريب (الحلقة الثانية) (2/2)