أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن خليل غريب - لملاقاة الاستحقاقات القادمة لبنان من دويلات الطوائف إلى الدولة الوطنية الموحَّدة















المزيد.....

لملاقاة الاستحقاقات القادمة لبنان من دويلات الطوائف إلى الدولة الوطنية الموحَّدة


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 7869 - 2024 / 1 / 27 - 00:57
المحور: المجتمع المدني
    


لم يفلح اللبنانيون -منذ نظام المتصرفية في العام 1864- بتحديث النظام السياسي أو عصرنته؛ لا بل أصروا على تعميق الفجوات فيه إلى أن تبيَّن بعد قرن ونصف القرن، أنهم زادوا الفجوات إلى المستوى الذي غابت معالم الدولة فيه واضمحلَّت، وقسَّمته الطوائف حصصاً، وتحولَّت الدولة التي كانت إسماً بالشكل، إلى دويلات طائفية تستقوي الواحدة منها على الأخرى بالسلاح والمال الذي وظَّفته القوى الخارجية للتدخل عبر لبنان في شؤون الوطن العربي قاطبة، وذلك على طريق ضمَّ ما تستطيع الاستيلاء عليه لضمَّهه قطعةً قطعة بما يتناسب مع مصالحها الاستراتيجية، كملحقات سياسية، أو اقتصادية، أو تغييراً ديموغرافياً، وصياغتها بشكل دويلات منفلتة لا ترضخ لقوانين دولية أو إنسانية أو وطنية.
إن ما يثير الانتباه والاهتمام بمصير لبنان، وغيره من القضايا العربية الساخنة، هو ما حصل أو سيحصل من متغيرات فرضتها عملية (طوفان الأقصى) التي أرغمت العالم كله، بشرقه وغربه، بعربه وإقليمه الجغرافي، على الدخول هذه المرة إلى معالجة أسباب انفجار التوترات الدامية من فترة إلى أخرى، ولن تعرف الهدوء إذا لم تطفئ الحريق لا بل أن تنزع فتائل التفجير قبل أي شيء آخر. وإذا كانت القضية الفلسطينة هي القضية الأم التي ستعطيها المفاوضات القادمة الأولوية في رسم الحلول المناسبة، فإن القضية اللبنانية تليها أهمية.
ولهذا، سنقوم بإلقاء الضوء على ما نراه قادماً في أفق الحل للقضية اللبنانية، لكي يتدارك المعنيون، وخاصة القوى الحاكمة في هذه المرحلة، ناهيك عما يمكن أن تقوم به القوى الوطنية الرافضة بشكل كلي للنظام السياسي الطائفي القائم حالياً، على كافة الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسيادية.
نلفت النظر، في سياق مقالنا هذا إلى أنه لا يمكن وضع حلول للواقع المتفجر في لبنان، إذا تم تفصيله على مقاييس القوى الطائفية أو مكاييلها، وإذا لم يتم القضاء على أسباب العوامل المحركة لزعزعة السلم الأهلي الوطني في لبنان، ونزع الألغام الطائفية التي تشكل السبب الرئيسي في زعزعة الاستقرار كلما اعتقدت طائفة من الطوائف أن ضرراً ما يلحق بمصالحها. أي بمعنى أن تلك الطوائف تحصر الضرر بمصالحها من دون اكتراث بمصلحة لبنان مجتمعاً.
هذا المشهد الذي نراه اليوم، لبنان المنقسم إلى طوائف دينية، لن يسمح للبنان أن يحتل موقعاً على طاولة رسم الخرائط للمنطقة العربية بحيث يكون له دور في رسم خارطة لبنان المستقبل. ولهذا ستكون نتائج المفاوضات التي تجري اليوم في أروقة الدول الكبرى، والدول الإقليمية، والأنظمة العربية الرسمية -التي يظهر من سياقات الواقع الراهن- أنها شقَّت طريقاً للعبور إلى تلك الطاولات. وكي لا يتعثَّر الدور الرسمي العربي الحالي في رسم مسارات لبنان، لا يمكن أن تسهم تلك الأنظمة في وضع مسار سليم للقضية اللبنانية من دون أن يكون لبنان الرسمي موحداً ومتماسكاً، وأن تكون المؤسسات السياسية فيه ذات فعل وإرادة مستقلة بعيداً عن مصالح الطوائف الفئوية، خاصة أن كل طائفة منها، تصب في خدمة النخب من تلك الطائفة من دون أن تأخذ مصالح الأكثرية الشعبية بعين الاعتبار، لأن تلك النخب تعتبر أن الجماهير الشعبية هم كالأجراء عند الأمراء.
تحت الضغط الدولي والإقليمي والعربي، الذي يصر على وضع حلول للقضايا العربية الساخنة، ربما لن ينتظر أحد من هؤلاء وأولئك ترف الوقت عند قوى الأمر الواقع المهيمنة على لبنان، وقد تكون نتائج ما سوف يرسو عليه مستقبل لبنان بغير ما تشتهي سفنه.
المتغيرات التاريخية الراهنة تنسخ كل من يعول على استيلاد حلول من تراث عمره عشرات القرون:
ولأن الأديان والمذاهب تستند في رؤاها لصياغة مستقبل لبنان إلى نظريات أصبحت عقيمة بفعل المتغيرات على الصعيد الدولي، خاصة أنها ولو نظرياً تتجه باتجاه عولمة التشريعات وتوحيدها، التي تحضى بموافقة الأكثرية الساحقة من دول العالم وشعوبها.
ولأن النظريات والفتاوى التي تستند إليها طوائف النظام الطائفي السياسي في لبنان، أصبحت من الماضي الذي يتناقض كلياً مع توحيد التشريعات الأممية، فسوف يستفيق من أغمض عينيه عما يتم تحديثه، ليجد أن عملته لن تجد من يصرفها بفلس واحد، كما حصل مع أهل الكهف الذين استفاقوا بعد ثلاثماية سنة، عندما ذهب أحدهم ليشتري طعاماً لأصحابه فعاد خائباً لأنه لم يجد من يبيعه طعاماً بالفلوس التي اكتنزوها قبل أن يناموا في سبات عميق.
ولهذا لن يستطيع المسؤولون عن الأديان والمذاهب أن يحلوا المشكلة اللبنانية بالحوارات والمؤتمرات التي يعقدونها من وقت إلى آخر، لأن البعض يعتقد أن حل النزاعات الطائفة يمكن لمؤتمر حواري بين رؤوساء المؤسسات الطائفية قد يفي بالغرض. ومن هنا تبدأ المشكلة الحقيقية، لأن تلك الطوائف والمذاهب والأديان جرَّبت أن تحل مشاكلها بعقد هكذا مؤتمرات، تعقدها تحت مسميات منها: تارة باسم (مؤتمر التقارب بين الأديان)، وتارة أخرى (مؤتمر التقارب بين المذاهب)، ويتبادل المؤتمرون فيها خطابات المجاملات، والتزلف، وبعد انتهائها نجد أن النزعات الطائفية -الدينية والمذهبية- تعود إلى سابق عهدها من التعبئة والتحريض في كواليسهم الخاصة أو حتى في خطبهم المعلنة، قبل أن يجف حبر خطبائهم في المؤتمرات.
ولأن الطائفية السياسية تتنافى مع روح العصر، بحيث تجاوزتها الأكثرية العظمى من شعوب العالم في دساتيرها من جهة، ولأنها في لبنان خاصة -والوطن العربي بشكل عام- لا تزال تشكل العامل الرئيسي في تفجير السلم الأهلي حيثما حلَّت، يصبح المطلوب من الطوائفيين السياسيين في لبنان أن يعيدوا النظر في وسائلهم التحريضية والتفتيتية، وكذلك في مشاريعهم السياسية، لكي يلتقوا في وسط الطريق مع المتغيرات الدولية والعربية القاضية باحتواء عوامل التفجير في الوطن العربي عامة، وفي لبنان خاصة، من أجل إعادة الهدوء إلى المنطقة العربية ولبنان منها، لإفساح الساحة أمام قطار التنمية الاقتصادية التي وحدها يمكنها الاهتمام بمصالح أكثر الشرائح الاجتماعية للعيش بحياة كريمة بعيداً عن ويلات الصراعات بين الأديان والمذاهب، وبؤر التوتر في المنطقة العربية.
وفي النتيجة،
علماً باعترافنا بحق الإنسان في أن يعتقد بالأيديولوجيا الدينية التي يختار من جهة، وحق المواطنين جميعاً باختيار النظام السياسي الذي يحفظ حقوق الجميع من جهة أخرى.
وعلماً أن الدولة الوطنية بتشريعاتها التي تتوافق مع عولمة وأنسنة تلك التشريعات، هي الوحيدة التي تضمن حقوق جميع مواطنيها، وتجعلهم متساوين في الواجبات على شتى الصعد الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية....

وللخروج من المحنة التي تحيط بلبنان منذ أكثر من قرن، أن يتأكدوا بأنها لن تُحلَّ بالمؤتمرات التوفيقية (التلفيقية)، التي أشرنا إليها في فقرة سابقة من هذا المقال، لن تقدم أو تؤخر شيئاَ في الواقع الأليم من جهة، ومن جهة أخرى، ولأن الحلول لا يمكنها أن تستند إلى توافقات بين القوى الطائفية في لبنان، لا بل هي السبب الرئيسي في إثارة العديد من المشاكل، ولهذا كله نعتقد أن الحل الجذري للقضية اللبنانية، المكبَّلة بقيود الخارج وتعقيداته، هو الدخول إلى حلها عبر إحلال منهج (الدولة الوطنية، بديلاً لدويلات الطوائف). وهذا يمكن أن تكون بدايته في أن ترفض كل طائفة من الطوائف اللبنانية (صاحبها الخارجي) والاحتكام إلى الأسس الديموقراطية التي تنتهجها كل الدول الحديثة في العالم.
وأخيراً،
استناداً إلى ما يتم تداوله من توافق دول العالم قاطبة، بعد عملية (طوفان الأقصى)، حول انتزاع فتائل التفجير في المنطقة العربية، وليس إطفاء الحريق فحسب، لن ينتظر العالم طويلاً ترف الوقت عند القوى الطائفية السياسية، بل سيجرفهم فيما سيجرف من عوامل التفجير في المنطقة ولبنان جزء أساسي منها.
فهل سيسمع من له أذنان بأن فرصة خلاص لبنان متاحة أمامهم، ليثبت هؤلاء وأولئك بأنهم إلى جانب لبنان معافى من لوثة الطائفية المرض التاريخي والأيديولوجي الذي كان يعيد تفجير الساحة اللبنانية من فترة إلى أخرى؟



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطبيع مع نظام ولاية الفقيه وجه من وجوه المخاطر الوجودية عل ...
- في مواجهة سيول المشاريع الدولية والإقليمية على العرب أن يحذر ...
- في وسائل المواجهة مع العدو الصهيوني تبقى المقاومة الشعبية ال ...
- مع الظاهرة وضدها في آنِ واحد (رؤية في مستقبل المنطقة العربية ...
- إستعادة الوحدة الوطنية مدخل إلزامي للوحدة العربية
- عرض كتاب (القومية العربية من التكوين إلى الثورة) الحلقة الأخ ...
- عرض كتاب (القومية العربية من التكوين إلى الثورة) الحلقة الثا ...
- عرض كتاب القومية العربية من التكوين إلى الثورة (الحلقة الثان ...
- من أجل ثقافة روحية عالمية خالية من حروب التكفير
- مراجعة كتاب القومية العربية من التكوين إلى الثورة المؤلف حسن ...
- بعد أن سرقوا الكحل من عيوننا زمرة أحزاب السلطة تسرق النفط في ...
- رئيس بمواصفات الحراك الفرنسي لن يحظى بشرعية شعبية لبنانية
- في ظل أنظمة الطائفية السياسية عامة الشعب أجراءٌ عند الأمراء
- متمماً واجباته الدينية، مات مسلوباً من حقوقه الدنيوية
- أعطوا ما لله لله وما للإنسان للإنسان
- ويمكر ماكرون لضمان مصالح فرنسا،
- إعادة التأسيس لمفهوم الدولة الحديثة في لبنان
- محنة الأيديولوجيا في التاريخ العربي المعاصر عرض ونقد ودعوة ل ...
- مقابلة صحفية حول كتاب الماركسية مع مجلة الوطن العربي
- إسقاط حكم الميليشيات هدف قومي عربي ودولي شامل


المزيد.....




- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...
- قرابة 1000 لاجئ سوداني يفرون من مخيم للأمم المتحدة في إثيوبي ...
- جامعة كولومبيا تكشف تفاصيل حول المحتجين المعتقلين بعد اقتحام ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن خليل غريب - لملاقاة الاستحقاقات القادمة لبنان من دويلات الطوائف إلى الدولة الوطنية الموحَّدة