حسن خليل غريب
الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 01:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ملخص للمحاضرة التي ألقاها في شهر آذار من العام 2025، في ندوة نظمها مكتب الدراسات في حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
محتويات المحاضرة
-أولاً: الظاهرة الدينية:
-ثانياً: الظاهرة الدينية في الأديان السماوية تتحول إلى أداة سياسية.
-ثالثاً: الظاهرة الدينية السياسية في المجتمع العربي الراهن إسلامية بامتياز.
-رابعاً: تمهيد في نشأة حركات الإسلام السياسي.
-خامساً: الحركات الإسلامية استفادت من التراجعات التي واجهت المشروع القومي.
-سادساً: تياران مركزيان لحركة الإسلام السياسي يتصدران المشهد الراهن.
1-التيار الأول: حركة الإخوان المسلمين.
2-التيار الثاني: إعادة إحياء نظام الخلافة الإسلامية على نهج نائب الإمام المنتظر: (تيار ولاية الفقيه).
أ-كيف تأسس الخط الحزبي السياسي عند الشيعة؟
بـ-«ولاية الفقيه» نظرية سياسية أممية ذات أبعاد شيعية.
جـ-الشرائط اللازم توفرها في الفقيه الحاكم
د-تناقضات بين التيارات الشيعية حول نظرية ولاية الفقيه
-سابعاً: تحالف تياري الإخوان وولاية الفقيه مرحلي، والخطورة تتمثل في أهدافهما الاستراتيجية المتناقضة والمتكافرة
1-حديث الفرقة الناجية من النار.
2-اختلاف الفرق الإسلامية حول هُوِّيَة النظام السياسي للدولة الإسلامية وتضاربها.
3-إشكالية مقاربـة النص الإسلامي مع انتشار العولمـة/ الأنسنـة.
ثامناً: الأدوار الخطيرة لحركات الإسلام السياسي في مشروع الشرق الأوسط الجديد:
1-دور النظام التركي: بدايات ومآلات.
2-المشروع الإيراني، ينتقل من عصره الذهبي إلى حالة من التقهقر السريع.
تاسعاً: العوامل التي وضعت مشروع النظام الإيراني على حافة الانهيار.
عاشراً: النظام العربي الرسمي: المزيد من حصار حركات الإسلام السياسي
حادي عشر: أفكار في التأسيس لموقف حزب البعث من حركات الإسلام السياسي
ثاني عشر: في النتائج.
موضوع المحاضرة يُعدّ دراسة فكرية تحليلية حول تطور الظاهرة الدينية وتحولها إلى أداة سياسية، لا سيما في العالم العربي الإسلامي. فيما يلي تلخيص لأبرز النقاط التي وردت فيها:
1- تعريف الظاهرة الدينية:
-الدين ظاهرة بشرية نشأت من الخوف من القوى الطبيعية أو المجهولة، وتطورت من عبادة أصنام إلى أديان توحيدية. وعلى الرغم من أن الأديان السماوية جاءت لتوحيد فكرة الإله لكنها وقعت في فخ الانقسامات والتأويلات المتعددة. وتحولت الظاهرة الدينية إلى أداة سياسية بعد أن استفحلت الخلافات المذهبية والطائفية، وأدت إلى إنشاء طوائف دينية ذات مشاريع سياسية. تديرها مؤسسات دينية تحالفت مع السلطة أو دخلت في صراعات معها، مما شوّه الجوهر الروحي للدين. وبمثل ذلك التحول أصبح الدين وسيلة للسيطرة السياسية والاقتصادية، وزعمت تلك المؤسسات أنها ستحكم باسم الله.
2-وينتقل المحاضر إلى وضع توصيف للواقع الديني السياسي العربي: فيخلص إلى ما يلي: باستثناء التجربة التلمودية في (إسرائيل)، تحولت المجتمعات العربية والإسلامية إلى ساحة نشطة لحركات الإسلام السياسي. يحصل ذلك في الوقت الذي فصل فيه الغرب الدين عن السياسة، لكنه لم يلغِ الدين كممارسة شخصية وحق فردي.
3-وأما عن حركات الإسلام السياسي، فيعيد المحاضر جذور نشأتها إلى بدء الصراع السياسي داخل الإسلام منذ وفاة النبي محمد، وتراكم عبر التاريخ الإسلامي (منذ الخلافة الراشدة، مروراً بالعصرين الأموي والعباسي والمملوكي وصولاً إلى الدولة العثمانية... وبعد سقوط الخلافة العثمانية، نشأت الحركات الإسلامية الحديثة، بين تيارات متشددة وأخرى معتدلة. وقد استفادت الحركات الإسلامية من فشل المشروع القومي العربي، خاصة بعد نكسة 1967 التي كانت لحظة فارقة، استغلتها الحركات الإسلامية للتمدد على حساب المشروع القومي العربي. ومن المريب في أمرها أنها عقدت تحالفات مع الأنظمة الرجعية، وأحياناً مع الغرب (مثلاً: القاعدة في أفغانستان لمحاربة السوفييت ثم انقلبوا عليه (مثل بن لادن والقاعدة). وكذلك القاعدة، الحزب الإسلامي العراقي، وغيرها، استغلوا الفراغ السياسي أو التحولات الإقليمية لترسيخ نفوذهم. في العراق
4-وعن تأسيس الحركات الإسلامية الحديثة: يرى المحاضر أن جماعة الإخوان المسلمين ظهرت كأول تنظيم حديث يحمل مشروع "إعادة الخلافة" بصيغة معاصرة. وانقسمت الحركة لاحقاً إلى تيارات متشددة ترى في الجهاد والعنف وسيلة للتغيير. وتيارات معتدلة تركّز على التربية والتغيير الاجتماعي التدريجي.
ونتيجة لذلك، وبعد سقوط الخلافة، نشب خلاف فكري بين بين الفكر القومي العربي والفكر الإسلامي السياسي، وقد اتهم بعض الإسلاميين القوميين بالردة أو الكفر، مما غذى الانقسامات السياسية والأيديولوجية بين التيارات الفكرية العربية. وقد ناصر أنور السادات تلك الحركات ووضعها في مواجهة مع التيارات القومية بعد نكسة 1967، واستخدمهم لمحاربة اليساريين والقوميين.
5-واعتبر المحاضر أن المرحلة الحديثة والمعاصرة شهدت بروز تيارين مركزيين في الإسلام السياسي، وهما:
الأول: تيار الإخوان المسلمين الذي تأسس في العام 1928، ونشأ التيار عبر مرحلتين: الأولى دعوية، والثانية جهادية. ومن أهم معتقداته أنه تبنى العداء للقومية العربية والعلمانية، معتبراً الأنظمة الوطنية "أنظمة كفر". ولكنه شهد انشقاقات أدت إلى ظهور جماعات متطرفة مثل: تنظيم الفنية العسكرية (1973) ، وجماعة الجهاد (1979) ، وجماعة التكفير والهجرة (1977) ، وكان فكر سيد قطب جوهرياً، خصوصاً في طرحه لمفهوم "الجاهلية الحديثة". ويُتهم الإخوان بأنهم يملكون قدرة على الهدم لا على البناء.
والثاني: تيار ولاية الفقيه (الشيعي): ويقوم على أربعة مصادر معرفية، آخرها ولاية الفقيه. والفقيه في غياب الإمام المعصوم يملك سلطة مطلقة، وهو "نائب الإمام المنتظر".
تطور الفكر الشيعي السياسي بدأ مع حزب الدعوة في العراق (1959)، وتبلور لاحقاً في حزب الله في لبنان (1985).
ونظرية ولاية الفقيه تُعد نظرية ثيوقراطية أممية، قائمة على استبدال حكومة الإمام المهدي المنتظر، الذي طال انتظاره كما يقول الخميني، بحكم الفقيه كنائب له ويملك صلاحياته المطلقة في قيادة الحكومة الإسلامية. وهناك معارضة شيعية داخلية لها، وترى أن الفقيه قد يخطئ في الحكم، ما يُحرّم طاعته.
6-وعلى الرغم من اختلافهما جذريا بالمعتقدات شهدت المرحلة المعاصرة تحالفاً مرحلياً بين الإخوان وولاية الفقيه، يحسب المحاضر أن سببه إسقاط الأنظمة العلمانية أولاً. وأما الاختلافات بينهما فتعود إلى تأويل النص الديني من جهة، والهوية السياسية للدولة الإسلامية، بحيث يعمل الإخوان على إحياء الخلافة الراشدة، بينما تيار ولاية الفقيه يعمل على إعادة الخلافة لآل بيت الرسول من أبناء الإمام علي بن أبي طالب. وكانت من أبرز تحالفاتهما هو الذي حصل في العراق بعد احتلاله من قبل أميركا في العام 2003.
7-لعب الإسلام السياسي دوراً كبيراً في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، بحيث كان مكملاً للدور الأميركي، وكانت من أهم مظاهره:
أ- الدور التركي: تركيا سعت إلى قيادة "هلال سني" عبر: تونس (النهضة)، مصر (الإخوان)، ليبيا وسورية (عبر ميليشيات). تم إحباط هذا المشروع عبر التحالف السعودي-المصري.
ب- المشروع الإيراني: تحالف مع أمريكا لاحتلال العراق. وحاز على جوائز سياسية (نفوذ شيعي في العراق، سوريا، لبنان، اليمن، غزة). وخلق "الهلال الشيعي" وراهن على دور طائفي إمبراطوري.
8-لم يمر المشروع الأميركي -بتحالف مع قطبي الإسلام السياسي- من دون مواجهات كبيرة، قاد بعضها أنظمة عربية رسمية (السعودية ومصر) من جهة، ومنذ 2019، بدأ الوعي الشعبي العراقي بالتحول، وثورة تشرين كانت بداية نهاية هذا النفوذ. وفي 2024–2025: تلقى المشروع ضربة قاصمة عبر: هجوم أطلسي-إسرائيلي على حزب الله. وسقوط النظام السوري. وملاحقة الميليشيات الموالية لطهران في العراق.
وبمثل هذه الخلاصات يربط المحاضر بين التحولات الفكرية والتحالفات الجيوسياسية في منطقة مضطربة. يتميز بوضوح الرؤية، وجرأة النقد، وقدرته على تفكيك المشروعين الإسلاميين السني والشيعي في ضوء التطورات الحديثة.
9-وأخيراً يحدد المحاضر عوامل تهافت مشروعي الإسلام السياسي بالتالي:
أ-عوامل وضعت النظام الإيراني على حافة الانهيار، وهي:
-الموقف الخليجي الجديد: سعي دول الخليج، منذ 2015، لتقويض نفوذ إيران في العراق وتفكيك الميليشيات التابعة لها وتجفيف مصادر تمويلها.
-ثورة الشباب في جنوب العراق: حراك شعبي سلمي بدأ بتآكل الحاضنة الاجتماعية للمشروع الإيراني.
-انتهاء وظيفة إيران في "مشروع الشرق الأوسط الجديد": بعد استخدامها في مشروع برنارد لويس لتفتيت المنطقة، بدأت واشنطن ترى فيها عبئًا استراتيجيًا.
-الضغوط المركبة: النظام يواجه تراجعًا داخليًا وخارجيًا، عربياً ودولياً، ما يُنذر بانهيار وشيك حتى داخل إيران نفسها.
10-حصار النظام العربي الرسمي لحركات الإسلام السياسي: وشهدت المرحلة تحولات سيادية بعد 2015 لدى بعض الأنظمة العربية مثل السعودية، مصر، والإمارات، باتجاه قرار سياسي أكثر استقلالاً. ومن أمثلة على هذه التحولات: رفض سياسة أوباما تجاه إيران. ومقاومة الضغوط الأمريكية لزيادة إنتاج النفط. ومواقف صارمة تجاه مشاريع تصفية القضية الفلسطينية. وإسقاط أنظمة الإسلام السياسي في مصر، ليبيا، السودان، وتونس.
11-ويختتم المحاضر الندوة بدعوته إلى تأسيس موقف حزب البعث من حركات الإسلام السياسي، بالعناوين التالية:
أ-رفض البعث للدولة الدينية: يعتبرها لا توفر العدالة ولا المساواة.
ب-استحالة الجمع بين الدولة المدنية والدينية: كل طرف يُقصي الآخر، مما يفسر الصراع الدائم بين القوميين والإسلاميين.
ج-أمثلة على الصراع: مصر (ثورة يوليو مقابل الإخوان). والعراق (حزب الدعوة وتحالفه مع إيران). وسوريا (الاقتتال بين الإخوان والنظام ثم الإسلاميين المتشددين).
د-الاستفادة من رجال دين وطنيين: دعم الشخصيات الدينية المؤمنة بالدولة المدنية، دون الركون إلى تحالف مؤسسي مع الحركات الإسلامية.
12-وفي النتائج العامة يرى المحاضر أن هناك دلائل تشير إلى ما يلي:
-فشل المشروعين السياسيين الدينيين الإيراني والتركي: دخلا في انسداد تاريخي، ويواجهان ضغوطًا متعددة.
-مقترحات للمرحلة القادمة: بناء نظام أمني إقليمي عربي على قاعدة "حسن الجوار". ومواجهة مشتركة للمخاطر الاستعمارية والصهيونية.
#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟