عادل السياغي
الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 22:42
المحور:
كتابات ساخرة
" القات السياسي "
منذ أن بدأت الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، لم يكن ينقص المشهد إلا دخول الحوثيين على الخط بـ"أسطولهم الصاروخي الرهيب" الذي يعلنون عنه يوميًا وكأنهم يستعدون لغزو المجرة، لا فقط تل أبيب! ومع كل بيان عسكري صادر من صنعاء، يصاحب الخبر صوت انفجار داخلي… داخل وسائل التواصل فقط، لا داخل إسرائيل.
فلننظر إلى الأثر: إيران، بما تملك من ترسانة صاروخية حقيقية ومدى تكنولوجي متقدم، استطاعت أن تصيب أهدافًا حساسة داخل العمق الإسرائيلي، أربكت، أرهبت، وخلقت معادلة ردع حقيقية. أما "صواريخ أنصار الله"، فغالبًا ما تتساقط في البحر الأحمر – أو حتى قبل ذلك! – وربما تصيب عرضًا سفينة شحن تايلاندية لا علاقة لها بالصراع، لتصدر بعدها "أنصار الله" بيانًا منتصرًا على الإمبريالية العالمية!
لا أحد ينكر أن دخول الحوثيين في خط المواجهة الإعلامية يضفي على الصراع نكهة يمنية بطابع "القات السياسي"، حيث يصبح كل إطلاق صاروخ مناسبة قومية تستحق الزامل والزوامل! ولكن حين تقارن هذه الضربات بما تقوم به طهران، تظهر الفوارق بين من يمتلك التكنولوجيا وبين من يمتلك الشعارات.
والداخل الإسرائيلي؟ لم يسمع بعد بوجود صواريخ حوثية. فالصافرات التي تدوي في تل أبيب لا تنسب الفضل لصنعاء. وحتى الإعلام الإسرائيلي – المهووس بالمبالغة عادة – لم يمنح الحوثيين أكثر من سطر هامشي بين أخبار الطقس وحالة الطرق.
ربما المشكلة ليست في الصواريخ بقدر ما هي في الجغرافيا؛ فاليمن بعيدة، وحدود إسرائيل ليست على تخوم صعدة. وربما – والحق يُقال – الحوثيون يعرفون أن الدور الذي يلعبونه رمزي، أكثر مما هو فعلي. هم يقدمون دعمًا "صوتيًا" للمقاومة، بصواريخ تشبه رسائل التهنئة: تصل متأخرة، وقد لا تُقرأ أبدًا.
في النهاية، يبدو أن الفرق بين صواريخ إيران وصواريخ الحوثيين، كالفارق بين مطرقة حديدية ومطرقة بلاستيكية: كلاهما يحدث صوتًا… لكن واحدة فقط تُحطم.
#عادل_السياغي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟