أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل السياغي - الواقع والتحديات المستقبلية في اليمن .. - مفهوم الولاية -














المزيد.....

الواقع والتحديات المستقبلية في اليمن .. - مفهوم الولاية -


عادل السياغي

الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 18:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمهيد :

منذ اندلاع الصراع في اليمن وسيطرة جماعة الحوثي (أنصار الله) على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من شمال البلاد، برز إلى الواجهة مفهوم "الولاية"، والذي تتبناه الجماعة كمبدأ ديني-سياسي مستلهم من الفكر الشيعي الاثني عشري، رغم الطابع الزيدي التقليدي لليمن. هذا المفهوم يُعدّ من أكثر القضايا إثارة للجدل داخل المجتمع اليمني، نظرًا لتداخل الديني بالسياسي، وتعارضه مع المفاهيم الجمهورية، والهوية الوطنية الجامعة.

---

أولًا: تعريف مفهوم الولاية في فكر الحوثيين

تُعرّف جماعة الحوثي "الولاية" بأنها مبدأ ديني يستوجب أن يتولى شؤون المسلمين شخص من "آل البيت"، أي من نسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتحديدًا من فئة معينة تعتبرها الجماعة مخوّلة دينيًا بالقيادة. وتستند في ذلك إلى تفسيرها الخاص للآية القرآنية: "إنما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا..."، إضافة إلى أدبيات من التراث الشيعي مثل "حديث الغدير".

الجماعة تصف هذه الولاية بأنها "إلهية المصدر"، وترى في زعيمها (عبد الملك الحوثي) امتدادًا لهذا الخط. وهو ما يجعل الولاية، في نظرهم، شرطًا أساسياً لشرعية الحكم، ويتجاوز الإرادة الشعبية أو أسس الديمقراطية.

---

ثانيًا: تطبيقات الولاية في مناطق سيطرة الحوثيين

منذ 2015، مارست الجماعة هذا المفهوم على أرض الواقع في عدة صور:

التحكم بالمؤسسات: تعيين القيادات العليا في الدولة، الأمن، التعليم، القضاء، والجيش وفق الولاء العقائدي، لا على أساس الكفاءة أو الانتخاب.

فرض المناهج التعليمية: إدراج أفكار عن الولاية في المناهج، وتمجيد "آل البيت"، والتشكيك في رموز التاريخ الإسلامي غير المنسجمين مع رؤيتهم.

التعبئة المجتمعية: تنظيم فعاليات دينية وثقافية مثل "ذكرى يوم الولاية" (عيد الغدير)، في محاولة لإعادة تشكيل الوعي الجمعي.

إقصاء الخصوم: تصنيف من لا يؤمن بالولاية بأنه في خانة "المنافقين" أو "أتباع الطاغوت"، ما يؤدي إلى تهميشهم أو اعتقالهم.

---

ثالثًا: ردة فعل الشارع اليمني

ردود فعل اليمنيين تجاه هذا المفهوم تتباين، لكنها تميل في الغالب إلى الرفض، وذلك للأسباب التالية:

1. الرفض العقائدي

الزيديون التقليديون: وهم الأغلبية في مناطق الشمال، يرون أن الحوثيين غيّروا معالم الزيدية المعتدلة، بإدخال مفاهيم دخيلة من التشيع الاثني عشري.

الشافعيون: يمثلون الأغلبية في تعز وعدن وحضرموت والجنوب عامة، ويعتبرون مبدأ "الولاية" طائفياً ويهدد السلم الأهلي.

2. الرفض الشعبي والسياسي

رفض واسع لفكرة أن "القيادة حكر على سلالة معينة"، ويرى اليمنيون في ذلك عودة إلى نظام الإمامة الذي قامت ضده ثورة 1962.

قوى سياسية ومدنية تعتبر الولاية نسفاً لمبدأ الجمهورية والديمقراطية، وخطراً على التعددية والتعايش.

3. الخوف من التمدد

رغم تمكّن الجماعة من فرض المفهوم في مناطقها، إلا أن أغلب اليمنيين في بقية المحافظات، وخصوصاً الجنوبية، ينظرون إليه كأداة للسيطرة الدينية لا السياسية فقط، ويخشون من محاولة فرضه على نطاق أوسع في حال تمدد الجماعة.

---

رابعًا: التحديات التي تفرضها الولاية على مستقبل اليمن

1. تهديد مبدأ المواطنة المتساوية: لأن الولاية تفرّق بين المواطنين على أساس النسب والسلالة.

2. تعزيز الطائفية: عبر ربط الحكم بفئة محددة دينيًا، مما يؤدي إلى خلق انقسامات مذهبية أعمق.

3. إلغاء شرعية الدولة: بجعلها قائمة على نصوص دينية وتأويلات مذهبية، لا على دستور وقانون مدني.

4. عزلة اليمن إقليميًا ودوليًا: قد يُنظر للدولة اليمنية (حال تبنّيها رسمياً لمبدأ الولاية) كنسخة مشابهة للنظام الإيراني، ما يعزز العزلة ويضر بالاقتصاد والعلاقات الدولية.

---

خامسًا: التوصيات لمواجهة فكر الولاية

1. تعزيز الخطاب الوطني

دعم خطاب جامع يركّز على الهوية الوطنية اليمنية، القائمة على التنوع والانتماء للوطن، لا السلالة أو المذهب.

التأكيد على الجمهورية والمساواة كمبادئ لا رجعة فيها.

2. إصلاح التعليم

تنقية المناهج من المفاهيم الأحادية والطائفية.

إعادة تدريس قيم المواطنة، حقوق الإنسان، واحترام التعدد.

3. دور العلماء والمثقفين

يجب على علماء الدين الزيديين والشافعيين أن يوضحوا انحراف الحوثيين عن الموروث الديني اليمني المعتدل.

المثقفون مطالبون بكشف الأبعاد السياسية لمفهوم الولاية، وعدم الاكتفاء بالنقد الديني.

4. الإعلام البديل

دعم الإعلام الحر، لفضح ممارسات الجماعة المرتبطة بالولاية، وتوعية الناس بحقوقهم الدستورية.

إنتاج محتوى شبابي مقاوم للتأطير العقائدي المغلق.

5. دعم الحوكمة المدنية

بناء مؤسسات قوية تعتمد على الكفاءة والشفافية، لتكون بديلًا عن أنظمة الحكم الديني.

تعزيز ثقافة الانتخابات، والمشاركة المجتمعية، ونبذ التوريث في الحكم.

---

خاتمة

مفهوم "الولاية" كما تطرحه جماعة الحوثي لا يمثّل مجرد رؤية دينية بل مشروعًا سياسيًا سلطويًا، يسعى لإعادة إنتاج حكم السلالة على أنقاض الجمهورية. في المقابل، تظهر الغالبية الساحقة من اليمنيين مقاومة لهذا الفكر، سواء بالصوت أو بالموقف، أو بالتمسك بالهوية الوطنية. إن مواجهة هذا المشروع لا تتطلب فقط جهودًا عسكرية أو سياسية، بل إصلاحًا عميقًا في بنية الفكر والتعليم والمجتمع، للحفاظ على وحدة اليمن وطموح أبنائه في دولة مدنية عادلة.

* كاتب وباحثي سياسي وعسكري
يمني



#عادل_السياغي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصالة و كاريكا في اليمن !!
- الإمام الجديد/ علي إبن أبي صالح !!!!
- الجد في حد الصبر
- الجوع كافر.. !!
- مش أي أي ولا زي زي
- بالجوع بالفقر نفديك يا وطن !
- بدون عنوان
- ممنوع ومسموح


المزيد.....




- -تبتسم- و-تغمز-.. صور مرحة توثق جانبًا غير متوقّع لطيور البو ...
- المؤثّرة الافتراضية ميا زيلو -تخطف- الأضواء في لندن وتُربك ا ...
- شاهد.. عملية إنقاذ لشخصين من قارب صيد تندلع فيه النيران بالك ...
- تجدد الاشتباكات والقصف الإسرائيلي في السويداء، والعشائر السو ...
- بعدما وصفها بـ -القمامة-.. ترامب: كوكا كولا وافقت على استخدا ...
- ردًا على التهديد بفرض عقوبات جديدة.. إيران: الأوروبيون لا يم ...
- دمشق تتهم مقاتلين دروز بخرق الهدنة في السويداء وأنباء عن اشت ...
- إسرائيل تأسف لقصف كنيسة في غزة بـ-الخطأ- وباريس تندد
- مائة عام على كتاب هتلر -كفاحي- - أفكاره لا تزال تتردد
- ضخ إعلامي كبير بتجدد الاشتباكات الدامية في السويداء.. ما حقي ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل السياغي - الواقع والتحديات المستقبلية في اليمن .. - مفهوم الولاية -