الولايات المتحدة تقود الشرق الأوسط نحو الكارثة

عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 1814 - 2007 / 2 / 2 - 11:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مرة أخرى تدفقت الدماء في العراق بمقتل ما لا يقل عن 56 عراقياً في يوم واحد بمدينة كربلاء في سياق حشد ضخم لإحياء ذكرى مقتل الحسين- عاشوراء. وقبل يوم واحد هوجمت مدرسة للبنات بمدافع الهاون وقُتلت خمس طالبات وجُرحت 20 طالبة (علاوة على الهجوم التفجيري في الجامعة المستنصرية ومقتل وجرح العشرات).
وكما وصِفتْ هذه الأوضاع من قبل العديد من الخبراء فإن النزاع الأهلي civil strife يشكل تحدياً نشأ بفعل الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت يهدد جنودها لقلع ما يسمونه جذور المتمردين.
من جهة أخرى، زاد التوتر بحدة بين الولايات المتحدة وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد أن حذّر الرئيس الأمريكي إيران بأن أمريكا سوف ترد بـ "عنف" firmly إذا ما رفضت طهران إيقاف ما يدعيه (بوش) بتأييد المتمردين في العراق أو تصعيد تأييدها - التهمة التي رفضتها إيران باستمرار.
صدر العام الماضي تقرير بعنوان "الاتجاهات العالمية للإرهاب: علاقات ضمنية للولايات المتحدة" Trends in Global Terrorism: implications for the United States أعدّ التقرير 16 من وكلاء المخابرات الأمريكية- التقييم الأول للإرهاب العالمي من قبل وكالات المخابرات الأمريكية منذ بدء الحرب على العراق. وجد التقرير أن الإرهاب العالمي: بدلاَ من أن يتراجع، نبث على نحو واسع (كمثل انتشار السرطان في جسم المريض) metastasized وصار يشمل العالم كله. ذكر التقرير أن "حرب العراق جعلت مشكلة الإرهاب تتجه نحو الأسوأ في كل جوانبها."
وفي دراسة لمعهد بروكنغز Brookings Institute- واشنطن- اعتمدت، جزئياً، على فرضية: إن خطة زيادة قوات بوش ستفشل لوضع نهاية للعنف المتطاير spiraling في العراق- علاوة على حقيقة أن القوات الأمريكية لن تستطيع المغادرة والهرب بعيداً عن الكارثة المتصاعدة التي أطلقها الرئيس الأمريكي بغزو/ احتلال العراق.
حذّرت الدراسة من أن على الولايات المتحدة، بالدرجة الأولى، وضع خطط للتعامل مع الحرب الأهلية الدموية في العراق التي أدت إلى قتل آلاف العراقيين وهجرة الملايين منهم، وتنتشر لابتلاع كامل الشرق الأوسط، ولتقود إلى كارثة أكبر، وتُمزق إمدادات النفط، وتؤسس لمواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وبين إيران.
وحسب اقتباس Independent عن كينيث بولاك- أحد المساهمين في الدراسة- قوله: حتى عند توسيع وجود الجيش الأمريكي في البلد الذي مزّقته الحرب "فإن هذه الحالة ستدفع العراقيين نحو مصير مرعب. بل وحتى لو نجحنا في إيقاف هذا الصراع نكون قد فشلنا في بناء مستقبل أفضل للعراقيين كما وعدناهم."
على أي حال، تجسّدت التوصية المركزية لدراسة معهد بروكنغز- مركز متخصص في دراسة المشاكل المجتمعية الصعبة وإيجاد الحلول لها think tank center- أن على القوات الأمريكية البدء بالانسحاب من المدن العراقية.
وبعد أن أشارت الدراسة إلى الحروب الأهلية في : لبنان، يوغسلافيا (سابقاً)، كونغو وأفغانستان، ذكرت أن الانسحاب من العراق هو" الطريق المنطقي rational الوحيد للفعل، رغم ما فيه من رعب،" لكن إدارة بوش أعادت تركيز جهودها بدلاً من منع حرب أهلية إلى احتواء آثارها.
وكما في تقرير وكالات المخابرات الأمريكية بشأن الإرهاب، حذّرت كذلك دراسة بروكنغز من التطرف/ الراديكالية radicalism واحتمالات اتجاهها نحو دول الجوار في سياق تدفق غير مسبوق للإرهاب، والتدخل من طرف إيران، تركيا والسعودية.
ومن أجل احتواء هذه الحرب الأهلية، أوضحت الدراسة أن هذه المهمة تتطلب 450 ألف من القوات الأمريكية، أي ثلاثة أضعاف عدد القوات الأمريكية المتواجدة حالياً حتى بعد إضافة ألـ 21.500 جندي، وفق قرار بوش مؤخراً إرسالهم إلى العراق.
اقترحت الدراسة أيضاً إنشاء مجموعة إقليمية للعمل باتجاه احتواء الحرب الأهلية. كما وأوصت برسم "خطوط حمراء" إذا ما تخطتها إيران، يمكن أن تقود إلى مواجهة عسكرية بين الجمهورية الإسلامية وبين الولايات المتحدة.
تشير كل الدلالات، ليس فقط الشرق الأوسط، بل كذلك الولايات المتحدة، تتجه نحو الكارثة.
تُشكل الدراسة (جزئياً) صدى لتحذير ملك الأردن ( لـ ABC “This Week”, Nov.,2006) من أن الشرق الأوسط تواجه احتمالات انفجار ثلاث حروب أهلية متزامنة (2007) في: فلسطين، لبنان والعراق.

#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل