أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عادل السياغي - اليمن بين مطرقة الشمال وسندان الجنوب: معاناة شعب منسيّ في زحمة الصراعات















المزيد.....

اليمن بين مطرقة الشمال وسندان الجنوب: معاناة شعب منسيّ في زحمة الصراعات


عادل السياغي

الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 14:29
المحور: المجتمع المدني
    


منذ اندلاع الحرب في اليمن مطلع عام 2015، يعيش الشعب اليمني واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، وفق توصيف الأمم المتحدة. لقد تحوّلت حياة ملايين اليمنيين إلى دوامة من القهر والاستبداد والمعاناة اليومية، ليس فقط بفعل القصف والمجاعة والانهيار الاقتصادي، بل بسبب استبداد وتسلّط أطراف الصراع المختلفة، شمالًا وجنوبًا، الذين تقاسموا البلاد وقهروا المواطن، كلٌّ بطريقته.

اليمن اليوم ليس فقط ساحة صراع عسكري إقليمي، بل ساحة قمع داخلي متعدد الأوجه، حيث تفرض كل سلطة أمر واقع نفسها على الأرض بالقوة، وتُخضع الناس لولاءاتها السياسية والفكرية، وتحرمهم من أبسط حقوقهم في الحياة الكريمة والكرامة الإنسانية.


---

الحوثيون في الشمال: سلطة دينية شمولية بقناع المقاومة

في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي (أنصار الله)، فرضت الجماعة منذ 2015 نظامًا أيديولوجيًا دينيًا متشدّدًا لا يعترف بالتعدد ولا بحرية الرأي، بل يفرض الولاء المطلق لـ"السيد" ولما تسميه "الولاية"، ويقمع بشدة كل من يخالفها أو حتى يلتزم الحياد.

الاعتقالات والتعذيب أصبحت سمة يومية في مناطق الحوثيين. منذ سيطرتهم على العاصمة، اختُطف آلاف الناشطين السياسيين والحقوقيين والإعلاميين. في عام 2020، حكمت محكمة حوثية بالإعدام على أربعة صحفيين بتهم ملفقة تتعلق بـ"الخيانة والتجسس"، قبل أن يُفرج عنهم في صفقة تبادل في 2023، بعد تعرضهم لتعذيب مروّع لسنوات.

التجنيد الإجباري للأطفال والطلاب أصبح سياسة ممنهجة؛ حيث يتم دفع مئات الآلاف إلى جبهات القتال، بل ويتم الضغط على المدارس وأسر الضحايا لإرسال مزيد من "الشهداء" باسم "الجهاد". وقد وثّقت منظمات كـ"هيومن رايتس ووتش" و"اليونيسف" تجنيد آلاف الأطفال من عمر 12 عامًا، وهو ما يعد جريمة حرب واضحة.

السطو على الاقتصاد والمعونات تم بطريقة مؤسسية. نهب الحوثيون مليارات الريالات من عائدات مؤسسات الدولة وصندوق الرعاية الاجتماعية، واستحوذوا على نصف المساعدات الإنسانية التي تصل عبر برنامج الغذاء العالمي، بل قاموا ببيع بعضها في السوق السوداء.

وفي 2022، فرضت الجماعة قيودًا جديدة على حرية اللباس، والفنون، بل حتى على أسماء المحلات، تحت ذريعة "مخالفة الهوية الإيمانية"، في خطوة توضح النزعة الثيوقراطية المتشددة التي تتبناها الجماعة.


---

جنوب اليمن: تعدد الولاءات وسلطة الأمن المسلح

على الطرف الآخر، لا يبدو الجنوب اليمني، الذي تسيطر عليه تشكيلات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، نموذجًا للديمقراطية أو حقوق الإنسان، رغم خطاباته الإعلامية.

منذ سيطرة المجلس الانتقالي على عدن في أغسطس 2019، تحولت المدينة من عاصمة مؤقتة للحكومة المعترف بها دوليًا إلى ساحة لفوضى أمنية وعمليات قمع ممنهج بحق المعارضين. تقارير لمنظمة "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" أكدت وجود سجون سرية تديرها قوات مدعومة إماراتيًا، يتعرض فيها المعتقلون للتعذيب، بل أحيانًا للاختفاء القسري.

الاغتيالات السياسية طالت عشرات الشخصيات الدينية والمدنية في الجنوب، بينهم أئمة مساجد وناشطون حقوقيون. ووفقًا لتقارير محلية، قُتل أكثر من 120 شخصية بارزة بين 2016 و2022، دون الكشف عن الفاعلين، وسط اتهامات للأجهزة الأمنية بالتواطؤ أو التنفيذ.

نهب الموارد والموانئ بات أمرًا شائعًا. يُتّهم المجلس الانتقالي بنقل جزء كبير من إيرادات موانئ عدن والمكلا إلى حسابات خاصة، بينما تغرق المدن الجنوبية في أزمة كهرباء ومياه وخدمات منهارة. بل إن الحكومة نفسها، في بيانات رسمية، اتهمت جهات محلية بـ"نهب الموانئ دون توريد الإيرادات إلى البنك المركزي".


---

حكومة "الشرعية": غائبة جسديًا، حاضرة في الصرفيات

رغم أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا تمثل الأمل المفترض للشعب، إلا أنها أصبحت في نظر معظم اليمنيين سلطة فاسدة وغائبة، تعيش في فنادق الرياض والقاهرة، ولا تمارس أي سلطة فعلية على الأرض.

الفساد الحكومي بلغ ذروته مع كشف تقارير رقابية محلية عن صرف مليارات الريالات كرواتب لمسؤولين لا يمارسون أي مهام. تقرير للجهاز المركزي للرقابة في 2022 كشف وجود أكثر من 13 ألف موظف وهمي في أجهزة الدولة خارج اليمن.

غياب الخدمات والصمت تجاه الانتهاكات في المناطق الخاضعة لها، خاصة في حضرموت ومأرب، جعلها تفقد شرعيتها الشعبية. حتى ملف الرواتب المتوقفة منذ سنوات لموظفي الدولة في مناطق الحوثيين، لم تتعامل معه الحكومة إلا ببيانات شكلية، دون حلول حقيقية.


---

المأساة الإنسانية: أرقام لا تكذب

أكثر من 21 مليون يمني (ثلثا السكان) بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وفق الأمم المتحدة (2024).


أكثر من 4.5 مليون نازح داخلي منذ بداية الحرب.


نحو 19 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي.


50% من المرافق الصحية خارج الخدمة، وارتفاع وفيات الأمهات والأطفال بمعدلات كارثية.


توقف صرف الرواتب منذ 2016 في مناطق واسعة، مع غياب أي برامج دعم حكومي فعّال.




---

الشعب بين الأمل الموءود والصمت الدولي

رغم المعاناة، لم يرفع الشعب اليمني راية الاستسلام. فقد شهدت مناطق مختلفة احتجاجات شعبية ضد الحوثيين وضد الفساد الحكومي، وأخرى في عدن والمكلا رفضًا لارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء. لكن الرد كان غالبًا بالقمع والرصاص والاعتقالات.

المجتمع الدولي، من جهته، اكتفى بإدانات ناعمة ومساعدات إنسانية محدودة، دون أي ضغط حقيقي لإجبار الأطراف المتصارعة على احترام حقوق الإنسان أو الدخول في عملية سلام عادلة تضع الشعب في مركز الحل.


---

خاتمة: أين الخلاص؟

اليمن لم يعد بحاجة فقط إلى وقف إطلاق النار أو عملية سياسية تقاسم للسلطة، بل إلى مشروع وطني شامل يُنهي هيمنة السلاح، ويستعيد الدولة والمؤسسات، ويمنح الشعب حقه في تقرير مصيره بعيدًا عن الأوصياء المحليين والخارجيين.

الشعب اليمني لا يبحث عن انتصار طرف على طرف، بل يبحث عن حقه في الحياة، في الكرامة، في الكهرباء والماء والراتب والتعليم، في وطن لا يُحكم بفتاوى أو بنادق، بل بدستور ومواطنة متساوية.

فهل آن الأوان أن يُسمع صوت الشعب بعد سنوات من الصمت المفروض بالقهر، شمالًا وجنوبًا؟



#عادل_السياغي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتل الشيخ صالح حنتوس في ريمة: اغتيال لرمز ديني يُشعل الرأي ...
- الواقع والتحديات المستقبلية في اليمن .. - مفهوم الولاية -
- أصالة و كاريكا في اليمن !!
- الإمام الجديد/ علي إبن أبي صالح !!!!
- الجد في حد الصبر
- الجوع كافر.. !!
- مش أي أي ولا زي زي
- بالجوع بالفقر نفديك يا وطن !
- بدون عنوان
- ممنوع ومسموح


المزيد.....




- عائلات الأسرى الإسرائيليين تتخوف من العمليات العسكرية وسط غز ...
- الإغاثة الطبية بغزة: الاحتلال يستهدف المنظومة الصحية في القط ...
- برنامج الأغذية العالمي يفضح مذبحة إسرائيلية بحق مجوّعي غزة
- برنامج الأغذية العالمي يفضح مذبحة إسرائيلية بحق مجوّعي غزة
- رئيس أركان إسرائيلي سابق يقر: ما يجري في غزة جرائم حرب
- منظمات حقوقية: إساءات بالغة ومعاملة مهينة لمهاجرين في مراكز ...
- حماس: اعتقال مدير المستشفيات الميدانية بغزة أثناء عمله إمعان ...
- بينهم أطفال ونساء.. الشبكة السورية لحقوق الإنسان: هذا عدد قت ...
- برقية أميركية تكشف: الإمارات بدأت إعادة بعض اللاجئين الأفغان ...
- شبكة حقوقية: 558 قتيلا بالسويداء في أسبوع


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عادل السياغي - اليمن بين مطرقة الشمال وسندان الجنوب: معاناة شعب منسيّ في زحمة الصراعات