أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - إيران عند مفترق الطرق: دروس الماضي وخيارات المستقبل














المزيد.....

إيران عند مفترق الطرق: دروس الماضي وخيارات المستقبل


عقيل الفتلاوي
صحفي وباحث

(Aqeel Al Fatlawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 08:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقف إيران اليوم في موقع استراتيجي حاسم، تُمعن النظر في المشهد العالمي من حولها، فتجد نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تسير على خطى من تخلوا عن برامجهم النووية فدفعوا الثمن غالياً، أو تحتذي بنموذج الدول التي امتلكت السلاح النووي فحفظت كيانها وأمنت مستقبلها. هذا المشهد ليس مجرد صورة رمزية، بل هو واقع جيوسياسي تفرضه حقائق التاريخ وأحداث العقدين الماضيين، والتي تُلقي بظلالها على القرار الإيراني المقبل.
اليمين. دروس المذلة والانهيار
عندما تتجه أنظار طهران نحو العراق وليبيا وأوكرانيا، فإنها ترى ثلاث تجارب تُختزل في كلمة واحدة: الانهيار. فالعراق، الذي تخلى عن أسلحته النووية ومشاريعه العسكرية تحت ضغوط التفتيش الدولي، وجد نفسه عاجزاً أمام الغزو الأمريكي عام 2003، الذي أنهى نظام صدام حسين وحوّل البلد إلى ساحة للفوضى. أما ليبيا، التي تنازلت طوعاً عن برنامجها النووي عام 2003 مقابل رفع العقوبات، فقد شهدت مصيراً أكثر مأساوية بسقوط نظام القذافي عام 2011، وتفكك الدولة إلى كيانات متصارعة.
أما أوكرانيا، فتجربتها ربما تكون الأكثر إيلاماً لإيران. فبعد تنازلها عن ترسانتها النووية الموروثة من الاتحاد السوفيتي مقابل ضمانات أمنية من القوى الكبرى (مذكرة بودابست 1994)، تعرّضت للغزو الروسي عام 2022، وفُرضت عليها لاحقاً شروطٌ قاسية تُقيّد سيادتها وثرواتها. هذه النماذج الثلاثة تُرسل رسالة واضحة لإيران: التخلي عن السلاح النووي قد يُفضي إلى ضعفٍ استراتيجي، يجعل الدولة فريسة للقوى الكبرى أو لقوى إقليمية طامعة.
اليسار: قوة الردع والسيادة
في الجهة المقابلة، تبرز نماذج كوريا الشمالية وباكستان والهند، التي اختارت طريق التسلح النووي رغم كل الضغوط الدولية. فكوريا الشمالية، التي تواجه عقوبات قاسية منذ عقود، تمكّنت من فرض نفسها كقوة لا يُستهان بها، بل وأصبحت قادرة على ابتزاز المجتمع الدولي بين الحين والآخر. أما باكستان والهند، فقد نجحتا في تحويل موازين القوى في جنوب آسيا، حيث باتت كل منهما قادرة على حماية مصالحها وحسم صراعاتها عبر توازن الرعب النووي.
هذه الدول لم تكتفِ بالحفاظ على سيادتها، بل ضمنت أيضاً أن يكون لها صوتٌ مسموع في المحافل الدولية. فامتلاك السلاح النووي لم يُعزز أمنها فحسب، بل منحها نفوذاً تفاوضياً، وجعلها شريكاً إجبارياً في أي تسوية إقليمية أو عالمية.
إسرائيل: النموذج الذي يُقلق طهران
لكن النموذج الأكثر إثارة للقلق في طهران هو إسرائيل. فالدولة العبرية، التي طوّرت سلاحها النووي في الخفاء وبحماية غربية، نجحت في تحييد أي تهديد وجودي لها. لا أحد يُفكّر اليوم في مهاجمة إسرائيل، ليس لأنها دولة محبوبة، بل لأن لديها قدرة تدميرية لا يُمكن تحمل تبعاتها. هذا النموذج يُظهر أن امتلاك السلاح النووي لا يُؤمّن البقاء فحسب، بل يُحوّل الدولة إلى لاعبٍ فوق المحاسبة، يعيش في ظلّ ما يُعرف بـ(السلام النووي).
إيران والخيار الصعب
في ضوء هذه المشاهد، تُدرك القيادة الإيرانية أن قرارها النووي ليس تقنياً أو اقتصادياً فحسب، بل هو قرار وجودي. فالتجارب السابقة تُظهر أن الضمانات الدولية وُثِقَ بها فخُدعت، وأن القوى العظمى لا تحترم إلا لغة القوة. لكن في المقابل، يُثير التسلح النووي إيران مخاطرَ جديدة، منها تصعيد المواجهة مع الغرب، أو حتى مواجهة عسكرية مع إسرائيل أو دول الخليج، وهذا ما حدث مؤخراً.
اليوم، تقف إيران عند مفترق طرق: إما أن تصبح مثل كوريا الشمالية، تُعاني من العزلة لكنها صامدة، أو مثل العراق، الذي سقط بمجرد أن فقد أدوات ردعه. الخيار الأول يحمل ثمناً باهظاً، لكن الثاني قد يكون أكثر كلفة. وفي كل الأحوال، يبدو أن طهران قد اختطّت طريقها بالفعل: التمسك بالبرنامج النووي كضمانة للبقاء، رغم كل العقوبات والمخاطر. ففي نظرها، كما في نظر الكثيرين، السلاح النووي لم يعد رفاهية، بل هو (تذكرة عبور إلى نادي الأقوياء). والسؤال الآن: هل سيكتب التاريخ أن إيران كانت محقة في خيارها، أم أنها أغوتها أحلام القوة فدفعت الثمن؟



#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)       Aqeel_Al_Fatlawy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تبادل الزوجات: الوباء الخفي الذي ينخر في جسد المجتمع العراقي
- الصواريخ الصينية تقهر السماء.. انتصار باكستاني يهز أسواق الس ...
- اليوم العالمي لحرية الصحافة: صوت الحقيقة في عالم متغير
- من سجن الحلة إلى بقية السجون.. لماذا يفقد العراق سيطرته على ...
- هل تتحول الانتخابات العراقية المقبلة إلى معركة شرسة على المق ...
- جزى الله الشدائد كل خير.. عرفت بها عدوي من صديقي
- مقاطعة الصدر للانتخابات: احتجاج أم استراتيجية لتغيير اللعبة ...
- نظرية كيس الفئران: السرّ المظلم في حكم الشعوب عبر الفوضى!
- بين (بغدادة) و(متبغدد).. أسرار أناقة بغداد التاريخية في الله ...
- نيكولو مكيافيلي الرجل الذي فهم القوة أكثر من أي أحد ..
- شاي بالياسمين على الطريقة العمانية .. مفتاح التفاوض مع إيران ...
- الصلاة مع المرشد أتم.. والتجارة مع ترامب أدسم ..
- على من ترتل مازاميرك يا داود ؟
- إيران والغرب.. من الموت لأمريكا إلى رئيس السلام – هل تغيرت ا ...
- من علم الأجيال كيف يمسكون القلم قبل أن يمسكوا الحجر؟
- سوريا إلى ما قبل الصفر.. قرار أمريكي يطيح بالشرعية الدولية ل ...
- الشرق الأوسط في عهد ترامب الجديد .. استقرار أم فوضى ؟
- مطالب عادلة ونظام تعليمي على المحك.. معلمو العراق في إضراب ش ...
- من الريف إلى الحرم.. كيف أثّرت الهجرة العشوائية على هوية الن ...
- بين المطرقة والسندان.. كيف يريد الكونغرس الأمريكي تحرير العر ...


المزيد.....




- سوريا تنفي تقارير عن محاولة اغتيال أحمد الشرع في درعا
- جهاز يقدم مسحًا طبوغرافيًا لخلايا البشرة
- وزير الخارجية الألماني: -عند الشك، مكاننا في صفّ إسرائيل-
- ترامب يدافع عن نتانياهو وينتقد الادعاء العام الإسرائيلي
- صربيا: حشود كبرى في مظاهرة للمعارضة مطالبة بانتخابات مبكرة
- قتلى بينهم تسعة أطفال جراء غرات إسرائيلية على قطاع غزة
- السودان: بدء سريان عقوبات أمريكية بعد اتهام الجيش باستخدام أ ...
- مقتل 71 شخصا في الضربات الإسرائيلية على سجن إيفين بطهران
- شاهد.. نورمحمدوف يختبر مهاراته في ركوب الأمواج
- روسيا تمطر أوكرانيا بمئات المسيرات وعشرات الصواريخ


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - إيران عند مفترق الطرق: دروس الماضي وخيارات المستقبل