عقيل الفتلاوي
صحفي وباحث
(Aqeel Al Fatlawy)
الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 05:51
المحور:
كتابات ساخرة
في زاوية من ذاكرة السينما المصرية، لا يزال مشهد الضيافة الفاخرة لـ ( مرجان أحمد مرجان)، الشخصية الشهيرة التي أبدع في تجسيدها الفنان القدير عادل إمام، عالقًا في الأذهان، كان (الشاي بالياسمين) هناك أشبه بتعويذة، يُقدَّم للضيوف في مكتبه، فيشربونه بهدوء، ويوافقون على كل ما يُطلب منهم بلا مقاومة. الشاي إذن لم يكن مجرد مشروب، بل أداة دبلوماسية بطعم الزهور، تسكنها نوايا لا تُقال.
واليوم، في ردهات السياسة العُمانية الهادئة، تعود صورة مرجان إلى الواجهة، لكن في سياقٍ أشد تعقيدًا وسخونة: المحادثات الأمريكية الإيرانية تستعيد أنفاسها من جديد في مسقط، حيث لا شيء يُترك للصدفة، وكل تفصيل (حتى نكهة الشاي ) قد يحمل رسالة مشفّرة. فهل كانت الضيافة العُمانية تحمل ذات السحر؟ هل تذوّق المفاوض الإيراني شيئًا يُشبه ذلك الياسمين الذي يُخدّر الخصوم؟ أم أن فنجان القهوة هذه المرة كان مُرًّا كالعقوبات، أسود كلون النفط، ثقيلًا كاليورانيوم الذي يُطارد كل اتفاق؟
العُمانيون، بخبرتهم المتجذرة في فن التوسط والصبر الدبلوماسي، لا يرفعون أصواتهم، ولا يكشفون أوراقهم بسهولة. وربما أعادوا تمثيل مشهد مرجان أحمد مرجان، بطريقة أكثر عمقًا وذكاء. المفاوض الأمريكي، يحتسي الشاي بنصف ابتسامة، ويتساءل في داخله: (هل هذه رائحة ياسمين أم نفحة من صفقة نووية مؤجلة؟). أما المفاوض الإيراني، فيشرب ببطء، ينظر حوله نظرة مشبعة بالرسائل، وكأن طعمه ألذ من سنوات العقوبات كلها، لكن عينيه تقول: (لن نوقّع بسهولة).
هكذا، يتحول عادل إمام من دون أن يدري، إلى شاهد رمزي على لحظة تفاوضية بالغة الحساسية. ففي عالم السياسة، كما في السينما، لا شيء يحدث بالصدفة، وكل مشهد له ما وراءه. وفي عُمان، حيث تلتقي المتناقضات بهدوء، قد يكون الشاي بالياسمين أكثر تأثيرًا من أي خطاب سياسي، وأكثر قدرة على فتح الأبواب من كل الملفات النووية.
كلمة أخيرة نقولها : إذا فشلت الدبلوماسية، فلنلجأ إلى السينما.. فقد تنجح في صنع نهاية سعيدة! ..
#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)
Aqeel_Al_Fatlawy#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟