أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عقيل الفتلاوي - تبادل الزوجات: الوباء الخفي الذي ينخر في جسد المجتمع العراقي














المزيد.....

تبادل الزوجات: الوباء الخفي الذي ينخر في جسد المجتمع العراقي


عقيل الفتلاوي
صحفي وباحث

(Aqeel Al Fatlawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8341 - 2025 / 5 / 13 - 06:24
المحور: المجتمع المدني
    


في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق على مختلف الأصعدة، تبرز قضية خطيرة تمس صميم القيم الدينية والاجتماعية، وهي ظاهرة ( تبادل الزوجات)، التي بدأت تظهر كجرائم أخلاقية فردية قبل أن تتحول إلى ممارسات جماعية تهدد الأسرة العراقية، وهي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع. هذه الظاهرة ليست مجرد خروج عن الأعراف والتقاليد، بل هي اختراق صارخ للثوابت الدينية والأخلاقية، وتمهيد لانهيار كيان المجتمع إذا لم يتم مواجهتها بكل حزم.
الجريمة التي لا يُنطق باسمها .
ما يحدث اليوم في بعض الأوساط الاجتماعية يمثل انحرافاً خطيراً عن القيم التي تربى عليها المجتمع العراقي لقرون. ففكرة (تبادل الزوجات) ليست سوى صورة مشوهة للعلاقات الزوجية، تتناقض تماماً مع مفهوم الأسرة في الإسلام، الذي جعل الزواج رباطاً مقدساً قائماً على المودة والرحمة والاحترام المتبادل. هذه الممارسات لا تعكس سوى انحداراً أخلاقياً، وتُظهر مدى تأثير الأفكار الدخيلة التي تسعى لتقويض كيان المجتمع من داخله.
إن انتشار مثل هذه الظواهر في بعض المدن العراقية، وخصوصاً في الجنوب، يشير إلى وجود أزمة قيم حقيقية، حيث لم تعد المفاهيم الأخلاقية تحظى بالقداسة نفسها التي كانت عليها في السابق. وهذا التراجع ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة لتراكم عوامل عدة، منها غياب التوعية الدينية، وضعف الوازع الأخلاقي، وانتشار الأفكار الهدامة عبر وسائل التواصل الحديثة، التي تروج لنمط حياة منحل تحت شعارات الحرية الفردية.
غياب القانون.. فتح الباب أمام الفوضى
أحد الأسباب الرئيسية لتفشي هذه الظاهرة هو الفراغ التشريعي، حيث لا يوجد نص قانوني صريج يجرم (تبادل الزوجات) بشكل مباشر، مما يجعل الملاحقة القضائية صعبة، ويخلق حالة من التجرؤ على ارتكاب هذه الجرائم الأخلاقية. صحيح أن بعض المواد القانونية يمكن أن تُطبق على مثل هذه الحالات، مثل قوانين البغاء أو الفعل الفاضح، لكنها تبقى غير كافية لمواجهة الظاهرة بشكل جذري.
إن عدم وجود عقوبات رادعة يشجع المنحرفين على الاستمرار في هذه الممارسات، بل وقد يدفعهم إلى الترويج لها في دوائر أوسع. لذلك، فإن أول خطوة لمواجهة هذا الوباء الأخلاقي هي سن تشريعات صارمة تجرم كل أشكال الانحرافات الجنسية الجماعية، وتفرض عقوبات مشددة على المشاركين فيها، سواء كانوا أزواجاً أو وسطاء.
البصرة.. بوابة الاختراق الأخلاقي
تشير بعض التقارير إلى أن محافظة البصرة أصبحت واحدة من أكثر المناطق التي تشهد انتشاراً لهذه الممارسات المنحرفة، ليس فقط بين سكانها، بل أيضاً بين قادمين من محافظات أخرى. وهذا يدل على أن بعض المدن العراقية تتحول إلى مراكز لانتشار الرذيلة، في ظل غياب الرقابة الأمنية والاجتماعية الفاعلة.
إن اختيار البصرة أو غيرها من المدن لهذه الممارسات قد يكون بسبب ضعف الرقابة الأمنية، أو وجود شبكات منظمة تعمل في الخفاء، أو حتى بسبب حالة الانفتاح غير المنضبط الذي تشهده بعض المناطق، مما يجعلها بيئة خصبة لانتشار الانحرافات. وهذا يتطلب تعزيز الرقابة الأمنية، وتكثيف الحملات التفتيشية، وملاحقة كل من يساهم في نشر هذه الأفعال، سواء بالمشاركة أو بالترويج.
الأسرة العراقية على حافة الهاوية
الأسرة هي حصن المجتمع الأخير، فإذا انهارت، انهار كل شيء. وما نراه اليوم من محاولات لتقويض كيان الأسرة عبر (تبادل الزوجات) أو غيرها من الممارسات الشاذة، هو جزء من حرب خفية تُشن على الهوية العراقية الأصيلة. إن هذه الظاهرة ليست مجرد خيانة زوجية فردية، بل هي تدمير ممنهج لفكرة الزواج كرباط مقدس، واستبدالها بعلاقات غير أخلاقية تقوم على الاستهتار واللامبالاة.
إن انتشار مثل هذه الأفعال بين بعض الشرائح الاجتماعية يعني أن الأجيال القادمة قد تربى على مفاهيم مشوهة عن العلاقات الأسرية، مما يهدد بانهيار التماسك الاجتماعي برمته. فإذا لم تعد الأسرة مكاناً للأمان والطهارة، فكيف يمكن للمجتمع أن ينتج أفراداً أسوياء؟ وكيف يمكن للأبناء أن ينشأوا في بيئة مستقرة إذا كانوا يرون أن العلاقة بين الأب والأم مجرد سلعة قابلة للمقايضة؟
المواجهة.. بين التوعية والتشريع
لوقف هذا الانهيار الأخلاقي، لا بد من خطة شاملة تجمع بين الجانبين الوقائي والعلاجي. فأما الوقاية، فتكون عبر:
1. تعزيز التوعية الدينية، عبر خطب الجمعة والبرامج الإعلامية التي تشرح حرمة هذه الأفعال، وتذكر بعقوبتها في الدنيا والآخرة.
2. تفعيل دور المؤسسات التعليمية في غرس القيم الأخلاقية، وخصوصاً في المدارس والجامعات، حيث يكون الشباب أكثر عرضة لتلقي الأفكار المنحرفة.
3. مراقبة المحتوى الإعلامي الذي يروج لنمط حياة منحل، وفرض رقابة صارمة على المواد التي تدعو إلى الانحلال الأخلاقي.
أما العلاج، فيكون عبر:
1. سن قوانين صارمة تجرم كل أشكال (تبادل الزوجات ) وتفرض عقوبات مشددة على المشاركين فيها.
2. تكثيف الحملات الأمنية لملاحقة كل من يروج لهذه الممارسات أو يشارك فيها.
3. إشراك العشائر والمكونات الاجتماعية في محاربة هذه الظاهرة، لأنها تمثل خروجاً على التقاليد كما تمثل خروجاً عن الدين.
وخاتماً فهي معركة وجود وليس مجرد انحراف عابر
القضية ليست مجرد حوادث فردية يمكن التغاضي عنها، بل هي معركة وجودية تحدد مستقبل المجتمع العراقي. فإما أن يتم التصدي لهذه الظاهرة بكل حزم، وإما أن نسمح لها بأن تتحول إلى ثقافة فرعية تنتشر كالنار في الهشيم، فتأتي على كل القيم والمبادئ.
إن صمت المؤسسات الدينية والاجتماعية والأمنية اليوم سيكون بمثابة تشجيع ضمني لهذه الممارسات، وسيؤدي إلى كوارث أخلاقية لا يمكن إصلاحها. لذلك، فإن المواجهة يجب أن تكون الآن، قبل أن يصبح المنكر معروفاً، وقبل أن تتحول الفاحشة إلى (حرية شخصية) كما يروج البعض.
المجتمع العراقي قادر على حماية نفسه إذا توافرت الإرادة، لكن الوقت يمر، والخطر يزداد، والكارثة الأخلاقية أصبحت على الأبواب. فهل نتحرك قبل فوات الأوان؟



#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)       Aqeel_Al_Fatlawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصواريخ الصينية تقهر السماء.. انتصار باكستاني يهز أسواق الس ...
- اليوم العالمي لحرية الصحافة: صوت الحقيقة في عالم متغير
- من سجن الحلة إلى بقية السجون.. لماذا يفقد العراق سيطرته على ...
- هل تتحول الانتخابات العراقية المقبلة إلى معركة شرسة على المق ...
- جزى الله الشدائد كل خير.. عرفت بها عدوي من صديقي
- مقاطعة الصدر للانتخابات: احتجاج أم استراتيجية لتغيير اللعبة ...
- نظرية كيس الفئران: السرّ المظلم في حكم الشعوب عبر الفوضى!
- بين (بغدادة) و(متبغدد).. أسرار أناقة بغداد التاريخية في الله ...
- نيكولو مكيافيلي الرجل الذي فهم القوة أكثر من أي أحد ..
- شاي بالياسمين على الطريقة العمانية .. مفتاح التفاوض مع إيران ...
- الصلاة مع المرشد أتم.. والتجارة مع ترامب أدسم ..
- على من ترتل مازاميرك يا داود ؟
- إيران والغرب.. من الموت لأمريكا إلى رئيس السلام – هل تغيرت ا ...
- من علم الأجيال كيف يمسكون القلم قبل أن يمسكوا الحجر؟
- سوريا إلى ما قبل الصفر.. قرار أمريكي يطيح بالشرعية الدولية ل ...
- الشرق الأوسط في عهد ترامب الجديد .. استقرار أم فوضى ؟
- مطالب عادلة ونظام تعليمي على المحك.. معلمو العراق في إضراب ش ...
- من الريف إلى الحرم.. كيف أثّرت الهجرة العشوائية على هوية الن ...
- بين المطرقة والسندان.. كيف يريد الكونغرس الأمريكي تحرير العر ...
- هل تُشعل واشنطن المواجهة مع إيران؟.. حاملة طائرات نووية أمري ...


المزيد.....




- حصار منزل ومداهمات واعتقالات في الضفة الغربية
- أبو الغيط عن قرارات الأمم المتحدة على إسرائيل: وزعوها أو اشر ...
- هكذا أثرت المجاعة على مستقبل طلبة غزة
- رامافوزا يرد على ترامب: الأفريكانيون البيض الذين ينتقلون إلى ...
- رايتس ووتش تتهم شركات أميركية بانتهاك حقوق عمال -المنصات الر ...
- الأمم المتحدة: سكان غزة بالكامل يواجهون خطر المجاعة
- الأمم المتحدة: القوات الإسرائيلية تواصل اختراق الحدود اللبنا ...
- الأمم المتحدة تعرب عن قلقها البالغ إزاء تفاقم الوضع الأمني ف ...
- إدارة ترامب تستقبل 49 مواطنا أبيض من جنوب إفريقيا كلاجئين
- اعتقالات بالضفة ومستوطنون يقتحمون الأقصى


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عقيل الفتلاوي - تبادل الزوجات: الوباء الخفي الذي ينخر في جسد المجتمع العراقي