الإنترنت المظلم: عالم خفي يهدد الأمن ويغذي الجريمة والتطرف

هاني جرجس عياد

الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 10:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يُعدّ الإنترنت المظلم، أو ما يُعرف بـ "الدارك ويب" (Dark Web)، جزءًا خفيًّا من شبكة الإنترنت لا يمكن الوصول إليه عبر محركات البحث التقليدية. ويتطلب الدخول إلى هذا الفضاء المظلم استخدام أدوات وتقنيات متقدمة مثل متصفح "Tor"، الذي يعمل على إخفاء هوية المستخدم وموقعه الجغرافي، ما يجعل هذا الفضاء بيئة مثالية للأنشطة غير المشروعة.

ويُستخدم الإنترنت المظلم غالبًا لتنفيذ ممارسات خارجة عن القانون، حيث تُوفّر الخصوصية العالية وإخفاء الهوية بيئة آمنة لمرتكبي الجرائم بعيدًا عن أعين السلطات، الأمر الذي جعله ساحة خصبة لارتكاب العديد من الجرائم المنظمة والمعقدة.

أبرز الجرائم المنتشرة في الإنترنت المظلم

1) تجارة المخدرات والأسلحة: تُعدّ من أكثر الأنشطة الإجرامية انتشارًا على الإنترنت المظلم، إذ يُمكن للمستخدمين شراء أنواع متعددة من المخدرات والأسلحة باستخدام العملات الرقمية، مثل "بيتكوين"، دون كشف هويتهم.
2) الاعتداءات الجنسية: من أبشع الجرائم التي يُرتكب بعضها على الإنترنت المظلم، خاصة تلك التي تتعلق بالاعتداء الجنسي على الأطفال، حيث تُنشر صور وفيديوهات لهذه الجرائم لأغراض الاستغلال أو الابتزاز.
3) الاتجار بالأعضاء البشرية: يُستخدم الإنترنت المظلم كمنصة للربط بين من يرغبون في شراء أو بيع أعضاء بشرية، ويُخطط من خلاله أحيانًا لجرائم قتل بهدف توفير الأعضاء للإتجار بها.
4) نشر المواد الإباحية: يقوم بعض الأفراد بإنتاج ونشر محتوى إباحي على الإنترنت المظلم مقابل مبالغ مالية ضخمة.
5) تأجير أشخاص لتنفيذ جرائم: يمكن من خلال هذا الفضاء استئجار أشخاص للقيام بعمليات إجرامية، بل وإرهابية أيضًا.
6) الممارسات السادية: تنتشر مقاطع مصوّرة لبث مباشر لعمليات تعذيب أو قتل، حيث يُقام مزاد بين المشاهدين لاختيار طريقة قتل الضحية، مقابل مبالغ مالية كبيرة.
7) الابتزاز والاحتيال الإلكتروني: يستغل المجرمون الطبيعة السرية للإنترنت المظلم لسرقة البيانات والمعلومات الحساسة، وابتزاز الضحايا مقابل عدم نشرها.
8) غسل الأموال: يُعدّ الإنترنت المظلم وسيلة فعالة لغسل الأموال الناتجة عن أنشطة غير قانونية، مثل تجارة المخدرات والاتجار بالبشر.

استخدامات الإنترنت المظلم في خدمة الإرهاب والتطرف:

تلجأ التنظيمات المتطرفة إلى الإنترنت المظلم لتنفيذ أنشطتها السرية بعيدًا عن الرقابة، ومن أبرز تلك الاستخدامات:

1) نشر المحتوى المتطرف: تُستغل المنصات الخفية لنشر خطابات الكراهية والترويج للأفكار الإرهابية دون رقابة تُذكر.
2) تجنيد عناصر جديدة: يستخدم الإرهابيون هذا الفضاء لتجنيد الأفراد وتشكيل خلايا عنقودية ضمن شبكات سرية.
3) تداول الأسلحة والمتفجرات: يُستخدم الإنترنت المظلم كوسيلة لتسهيل شراء الأسلحة والمعدات التي تُستخدم لاحقًا في تنفيذ الهجمات الإرهابية.

مخاطر الإنترنت المظلم على الأمن المجتمعي:

يُشكل الإنترنت المظلم تحديات جسيمة للأمن والاستقرار الاجتماعي، ومن أبرز مخاطره:

1) تهديد الأمن القومي: تُستخدم منصاته للتخطيط لهجمات إرهابية ونشر أفكار متطرفة تهدد أمن الدول واستقرارها.
2) الإضرار بالأفراد والمجتمعات: تساهم الجرائم المرتكبة من خلاله في تفشي الإدمان، والانتهاكات الجنسية، والاضطرابات النفسية، فضلًا عن تآكل الثقة المجتمعية.
3) صعوبة الملاحقة القضائية: بفضل طبيعته السرية، يصعب تعقب مرتكبي الجرائم على الإنترنت المظلم أو الوصول لهوياتهم، ما يعيق العدالة ويعزز من انتشار الجرائم.

سبل التصدي للإنترنت المظلم:

في ظل التحديات التي يفرضها هذا الفضاء الخفي، يصبح من الضروري توحيد الجهود لمواجهته عبر ما يلي:

1) رفع مستوى الوعي المجتمعي لا سيما بين الشباب، حول مخاطر الإنترنت المظلم وجرائمه.
2) الاستثمار في البحث والتطوير في تقنيات تتبع ومكافحة الجرائم الإلكترونية المتقدمة.
3) تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات بين الدول لتطوير استراتيجيات فعالة لمجابهة الجرائم العابرة للحدود.
4) ترسيخ القيم الإيجابية من خلال التعليم لتشجيع استخدام التكنولوجيا في البناء والتنمية، لا في الفساد والتخريب.

إجمالًا، وبينما تُقدّم التكنولوجيا فرصًا هائلة للتقدم والازدهار، فإنها تفرض أيضًا تحديات معقدة تهدد الأمن المجتمعي. ويُمثل الإنترنت المظلم وجهًا مظلمًا لهذه الثورة الرقمية، ما يستوجب التعامل معه بحزم ووعي، من أجل بناء بيئة إلكترونية أكثر أمانًا وعدالة.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل