عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 8379 - 2025 / 6 / 20 - 11:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لنظرة الفلسفية لللانهاية: هل نقطة اللانهاية هي نقطة لا نهائية أم نقطة التقاء التناقضات؟
النظرة عبر التاريخ:
عند التأمل في استخدام مصطلح "اللانهاية" خلال الـ2500 سنة الماضية، تظهر ثلاث دلالات مميزة: اللانهاية الفعلية، واللانهاية الاحتمالية، واللانهاية المتعالية.
تشير فكرة اللانهاية الاحتمالية إلى اللانهاية كعملية غير محدودة تستمر في النمو بمرور الزمن. في المقابل، تُعَدّ اللانهاية الفعلية كيانًا مكتملًا وخارج حدود الزمن. أما اللانهاية المتعالية، فهي الأقل دقة بين الثلاثة، وتُستخدم غالبًا في الفلسفة الدينية أو خطاب التجاوز الروحي للدلالة على تفوق الفهم البشري أو قدراته [4–8].
على سبيل المثال، مجموعة الأعداد الكلية تعتبر لانهائية فعلًا، وكذلك عدد المواقع الجغرافية بين لندن وموسكو. ويُعتقد أن الطول الأقصى للجُمل اللغوية في اللغة الإنجليزية لانهائي احتماليًا، كما أن حجم الذاكرة في آلة تورنغ (الحاسوب المثالي) غير محدود. أما قدرة الكائن الأعلى، فهي لانهائية متعاليًا [9].
وفي سياق الرياضيات والعلوم، أثبتت اللانهاية الفعلية أنها الأكثر فائدة. واستنادًا إلى أفكار بولزانو، أعاد ريتشارد ديديكيند عام 1888 تعريف مصطلح "اللانهاية" ضمن نظرية المجموعات، بينما جعل جورج كانتور من اللانهاية كـ"مجموعة لا نهائية" موضوعًا للبحث الرياضي. قبل هذا التحول، كان الفكر الفلسفي، خاصة في فكر أرسطو، يرى أن اللانهاية الاحتمالية هي الأنسب للعلم والرياضيات [10].
ثانيًا: الإدراك اللغوي لللانهاية
يشير كُنتار في كتابه رحلة إلى اللانهاية إلى أن لكلمة "اللانهاية" سحرًا خاصًا؛ فهي توحي بالتحرر المطلق من كل ما هو محدود، مزعج، عابر، وجاذب للسفر إلى المجهول اللانهائي، المفعم بالإثارة والمفاجأة والأسرار التي لا تنضب. وقد تثير هذه الكلمة في النفس نزعة نحو التوحد مع وجود لانهائي، ذلك الوجود الذي افتقر إليه الإنسان في تفرده.
كما قد تدعو إلى الغوص في أعماق النفس مع ظواهر لا تنتهي ولا حلّ لها، حيث يبدأ السحر بعرض، ويقف الإنسان مذهولًا أمام أسئلة جوهرية، تسعى العلوم إلى استقصائها دون ادعاء الوصول إلى أجوبة نهائية:
هل للوجود نهاية؟
ماذا تعني الأبدية؟ هل هي إلى الأبد فعلًا؟
هل هما ضدّان: الوجود والنهاية؟
هل الزمن يتدفق بينهما دون توقف؟
ما هو الزمن أصلًا؟
كيف ندرك مفهوم المكان؟ وما هو الثابت فيه؟
هل المكان يمتد بلا حدود؟ أم أن هناك يدًا خفية تقول له: قف؟
هل هو منتهٍ أم لا نهائي؟
هل الكون محدب في الزمان والمكان، كما تشير نظرية النسبية؟
هذه الأسئلة وغيرها طرحتها البشرية منذ بداياتها الأولى، ومن هنا بدأ مفهوم اللانهاية في الظهور.
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟