عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 8377 - 2025 / 6 / 18 - 04:54
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ب. فلسفة الحياة اليومية
تتجذر الفلسفة في النشاط الحياتي اليومي، بشكلٍ أو بآخر. وقد استُلهم هذا التوجه الفلسفي من فلاسفة فرنسيين مثل جيل دولوز وميشيل سير. ومع ذلك، فإن النقطة الأساسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار في أي فلسفة هي الطريقة التي نتعامل بها مع الحياة. فالفلسفة تمثل رؤية للحياة، ومن ثم فإن الوعي ضروري لصياغة فلسفتنا الخاصة. بل ويمكننا القول إننا قد نسعى نحو نمط فلسفي من الحياة [11].
الفلسفة في الحياة اليومية هي فلسفة عملية تهدف إلى تغيير صور أفكارنا. بمعنى آخر، هي محاولة لصنع الفكر انطلاقًا من الحياة.
في هذا النوع من الفلسفة، هناك محاولة لتجاوز بعض الجوانب المرتبطة بالحقيقة، بما في ذلك المعتقدات التي ترى أن الحقيقة مطلقة، وثابتة، وعالمية [11-19].
ج. الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP)
في هذا القسم، أود أن أطرح رؤيتي التمهيدية لمفهوم TDLP.
انطلاقًا من اعتبار أن الفلسفة هي رؤية للحياة، فإن TDLP تمثل حالة من الوعي بالتجربة الحياتية.
وفي هذا السياق، فإن التواصل مع الكون من خلال وسائل متعددة، ومنها اللغة، يُثري فضاءنا العقلي الذي تبدأ فيه عملية فهم الظواهر الخاضعة للملاحظة.
تتضمن TDLP رؤية واسعة للحياة نتفاعل من خلالها مع التجربة المستجدة من زوايا متعددة. لا توجد حقيقة ثابتة من جهة واحدة، بل نسعى لبناء نموذج للحقيقة.
الحقيقة ليست خطية؛ بل من الأفضل تصورها على هيئة منحنٍ.
أود أن أقدّم مثالًا توضيحيًا:
"المرض هو شكل من أشكال الشر."
تبدو هذه العبارة خطية: السبب الوحيد للمرض هو الشر .
باستخدام فلسفة TDLP، يتم توسيع الرؤية الحياتية، ونفترض وجود احتمالات متعددة لشرح حدوث الأمراض.
الطب الحديث بجميع أشكاله يمثل هذه الرؤية الموسعة للحياة.
كما هو موضح في الشكل 2، توجد أسباب عديدة للأمراض، منها الأضرار الفيزيائية، الأضرار الكيميائية، الكائنات الدقيقة، بالإضافة إلى مجالات إضافية لاحتمالات مستقبلية.
نلاحظ هنا تدخل فروع علمية متعددة لشرح ظاهرة المرض. ولا نجد في هذا النموذج ذكراً للشر، لأن توسيع الرؤية الحياتية يجعل الظواهر أكثر قابلية للفهم، مع احتمالية أكبر للوصول إلى حلول.
يمكن اكتشاف أبعاد متعددة للحقيقة. كما ذكرنا سابقًا، الحقيقة ليست ثابتة وليست خطية، أي أنها لا تسير في اتجاه واحد.
بل هناك وجوه متعددة للحقيقة، وعلينا أن نستكشف هذه الوجوه من خلال بناء رؤية وعقلية TDLP.
الخلاصة:
قد تمثل TDLP فلسفة جديدة تساعدنا على التفاعل مع تجارب الحياة، خاصة تلك المستجدة منها.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال توسيع رؤيتنا للحياة بتحويل الصور الذهنية إلى أفكار.
نحن بحاجة إلى تطوير عقلية فلسفية كهذه من أجل مواكبة التغيرات المستمرة في ظروف حياتنا اليومية.
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟