أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - سذاجة النخبة المثقفة‏















المزيد.....

سذاجة النخبة المثقفة‏


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 14:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المثقف فى جانب والعامة من الشعب فى جانب اخر نحن لدينا أشباه المثقفين لأن العرب كما قال عبدالله البليهى:[ دعاة دين وليسوا ‏دعاة حضارة]، لديهم طابع الفوقية على بقية البشر والمجتمعات ويرون أنفسهم معلمين وليسوا متعلمين لأعتقادهم انهم يملكون كل ‏وسائل العلم والحضارة فى الدين وكتابه، والنتيجة أن جميع النخب الثقافية تتماهى مع صفاتها الدينية بحيث ترى الكثير من الجرائم ‏والمشاكل التى ينتج عنها الظلم ونقص العدالة فى المجتمع ولا يوجد من بينهم من لديه الشجاعة للتنديد بالظلم وبالشر، لأن يعرفون ‏جيداً إلى أى درجة وصل مرضى الأديان والتطرف والإرهاب والعلاقات السياسية الدينية العلنية، ورغم ذلك كما يقول المثل المصرى أبعد ‏عن الشر وغنيله!! الكل يخاف من أنتقاد هؤلاء المسيطرين على عقول المجتمع بأسم الدين ويفضل المفكر والمثقف تناول موضوعات ‏فى الفلسفة والتيارات السياسية والحزبية ليكون فى أمان من أجهزة الدول الأمنية وأجهزة الإرهاب الدينية التى تكفر وتذبح من تريد ‏ودكتور فرج فودة فى مصر خير دليل على تجذر سلطة الكراهية التكفيرية لرجال الدين وأن الدين جعلته الأنظمة أفيوناً بالقوة لتخريب ‏المجتمع المصرى ونجحوا فى ذلك، ومجتمع تسوده الكراهية هو مجتمع غير إنسانى أمنيته الوحيدة هى القضاء على الآخر الذى لا يؤمن ‏بديانته التى تشجع عليها الدولة والمؤسسات الدينية والناس أنفسهم.‏

الكل صامت وأولهم رجل الدين الذى جعله وظيفة يتكسب منها ويقوم بالسمع والطاعة لولى الامر ويتجاهل أنتشار الظلم فى المجتمع ‏الذى أعتاد عليه المواطن حتى تشربت سلوكياته وأفكاره بظلم الآخرين، لكن أولاد مصر الذين يتصفون بالشجاعة يخرجون وقت الحاجة ‏لسد الفجوة النقدية التنويرية وخير مثال هو تحدى المفكر الحقيقى الدكتور سيد القمنى الذى وقف فى وجوه الجميع وحاربهم بقوة الكلمة ‏وصدقها وحبه الكبير لوطنه العظيم مصر، وكشف الكثير من التعاليم التى ينادى بها الكثير من الدعاة على أنها من الدين لكنها فى ‏الحقيقة لا علاقة لها بالدين الصحيح.‏

أبتكر المثقفين لغة جديدة بدلاً من النقد للدين والحديث عن التغيير والنهضة والتنوير وترك الماضى والنظر إلى الحاضر، أختصروا كل ‏ذلك وغيره بكلمة: التبرير، نعم أشباه المثقفين يكررون الكلام باطلاً بمعنى أنهم يعتقدون بفكرة أو أيديولوجية معينة دينية أو سياسية ‏ويوهمون القارئ أنهم يتحدثون عن التنوير فى الوقت الذى يبررون فيه أفعال الفساد الأخلاقية والجريمة بأسماء أخرى ويتجاهلون ‏المنابع الأصلية التى يخرج منها دمار عقول المواطنين وأستمرار أستخدام العقائد التى ترفض العلم لإحياء الماضى والسير على نهج ‏الجماعات والمؤسسات الدينية التى يتم تمويلها بالملايين لجذب اكبر عدد ممكن من المثقفين القادرين على خداع الناس مثلهم، وبذلك ‏أبعدوا كل من له علاقة بالتنوير وأخرجوهم من المؤسسات وأجلسوا مكانهم القيم الدينية التى يفترضون أنها أعلى وأسمى القيم والعلوم ‏على الأطلاق لأنها من الله.‏

إن المثقف ينتهك قيمه ومبادئه بأيديه ويصارع فى إسكات صوت ضميره الإنسانى ليقوم بإخضاع أفكاره وفقاً لمقياس أنحطاط القطيع، ‏ولكى يخرجوا من فخ التنوير صاغوا الكثير من الشعارات الوهمية التى يخدعون بها العامة ويتملصون من الحقيقة قاموا بالأدعاء بأن ‏العرب لهم وضع خاص بين الشعوب حسب ثقافاته وأديانه وحضارته وبذلك ليس له الحق فى أستخدام مصطلحات التنوير والعلمانية التى ‏لا تصلح لبلاد العرب الذين يملكون من علوم أكثر من بقية العالمين.‏

إن تخلى المثقفين والمفكرين عن ثقافة وحضارة مصر الأصيلة وأستبدالها بالنصوص الدينية هو أكبر خيانة يقوم بها مثقفى عصرنا ‏الحالى، لأن نتائجها ستشمل جميع العرب، فالخضوع والأستسلام لأفكار المتخلفين الذين يعيشون فى عوالم أسطورية أخرى لا علاقة لها ‏بالواقع الإنسانى، تتزايد معه أجيال جديدة من المتخلفين الذين تم تصنيعهم بأجهزة الذكاء الصناعى، وبذلك يا لها من سعادة يشعر بها ‏العربى الذى يرفع يديه يومياً إلى آلهته ليشكره على نعمته التى أبتكرها له الكفار وخير علمائهم.‏
إن قصور المثقفين عن إدراك الجريمة التى يرتكبونها يومياً بتجاهل هموم شعوبهم والإهتمام بما يحلو لهم من موضوعات يعتقدون أنها ‏هى التى ستنقذ مجتمع جاهلى، فالفلسفة الأوربية أستطاعت فعل الكثير للتنوير ونهضة العقلية العلمية فى العصور الوسطى رغم هيمنة ‏الكنيسة ورجالها، لكن فى مجتمعاتنا فالعربى يرفض الفلسفة منذ ابن رشد والفارابى والرازى وابن الهيثم وغيرهم وتم تكفيرهم، لذلك ‏مجتمعنا وشخصية العربى اليوم هى شخصية متخلفة بالمعنى الحقيقى للكلمة لأنه يعيش على قشور معارف دينية يقنعهم كهنة الدين ‏بأنها أصل المعارف والعلوم ويرفضون كل ما عداها من علوم وأبتكرات إنسانية ويتهمون أصحابها الغربيين بالكفر، إن النرجسية العربية ‏سواء بين العامة أو النخبة تتساوى عند الحديث عن الأنبياء والرسل وترفض أى اقتراب من تلك الحدود الحمراء التى صنعها الجميع ‏بأفكارهم الغيبية الساذجة التى صدقوها ويموتون من أجل الدفاع عنها، وكأن الله هو إلههم الوحيد وبقية البشر كفرة اى نفس الفكرة ‏الهزيلة لليهود شعبه المختار!!‏

إن مرضى الأحتقار الدينى للآخر الذى لا يعتقد نفس عقائده تكشفها مشاعر الكراهية والعنصرية البغيضة وتكشفها مشاعر نقص الحب ‏والرفض الكامل بقسوة وكيف يداس على مشاعر الآخر ومعتقداته من الذى يملك السلطة وله الأغلبية الحاكمة فى السياسة والمجتمع ‏والدين، لذلك أنتشرت عدوى مرض الأحتقار وثقافة القطيع إلى النخبة فى المجتمع مما أدى إلى أنتشار القيود والضغوط والممارسات ‏القمعية التى لا تحترم حرية المثقف وآراءه، إنها مجتمعات تخلت عنها الإنسانية لتعيش مع ميراثها الماضى تحت حماية الإله الغائب ‏الحاضر والمقدس دائماً.‏

النخبة الدينية والثقافية الفلسفية المتفلسفة بالرأسمالية والماركسية واليسارية واليمينية والشيوعية وغيرهم كثُر يقومون يومياً بتخريب ‏عقول العرب وتجهيلهم بتعليمهم تاريخهم الدموى المزور منذ الخلافة ومروراً بالخلافة الأموية والعباسية وأتباعهم حتى الآن، بل يقدم ‏هؤلاء النخبويين دعم كامل للدينيين بتأكيد ما يزرعونه فى مناهج التربية الدينية وغير من قصص البطولات وقصص عن أشخاص ‏وهميين تم إدخالهم عن طريق الأسرائيليات وأصبحوا مشاهير، ومن النخبة من يتجاهل حاجة المجتمع إلى التغيير ونقد السلبيات ‏والأمراض المجتمعية وأصبحت الغالبية تعيش فى الظل تعانى الأنعزالية وأنتهازية الطبقة المثقفة التى تعيش فى عالمها الحالم الجميل. ‏

إن المثقفين والمفكرين يعتقدون أنهم عندما يتباهون بتراث أجدادهم الماضى يقدمون خدمات لا تحصى لمستقبل أجيالهم، لكنهم يخطئون ‏فى ذلك لأن تجميل الماضى وتزويره بصور الأبطال الدينيين وحشو عقول الأطفال والتلاميذ فى المدارس بتلك المناهج الساذجة لن ‏يجنون من وراءه مكاناً فى عالم مستقبل الحداثة، لأن التأخر الثقافى ما زال مستمراً والجميع يعتقد فى الإعجاز الإلهى الذى ينقذ ويخلص ‏العرب وبقية دولهم المتخلفة، لكنهم يخطئون كثيراً بتجاهلهم أن الأفكار الدينية هى مفتاح التخلف وهى أيضاً مفتاح الحل وعليهم أن ‏يختاروا أى طريق يقودهم إلى مسقبل وسط بقية دول العالم المتحضر.‏



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهيار الأديان
- إنتصار التخلف الجماعى
- الأديان الأديان وماذا بعد؟
- الله أمام عبيده الضالين
- مثالية الله والإنسان
- الله وأحتلال البشر بأسمه
- عقاب الله لكاليفورنيا أو غزة؟
- الله: السلام عليكم يا عرب
- الله: فى عيون التخلف
- الله لكنى أشكر الإنسانية
- الله والصفر العربى
- الله يا فيروز التسعون ربيعاً
- الله ماركة مسجلة للأديان
- الله وهلوسات البشر
- الله يتحدث معى ومعكم؟
- الله وثدى الأنثى
- الله وتصور البشر له
- مصير الله مع البشر
- أيادى الله ودماء البشر ‏
- الله والآلهة الحقيقية


المزيد.....




- -في تهديد مباشر-.. ترامب: المرشد الأعلى الإيراني -هدف سهل- و ...
- ماما جابت بيبي.. استقبال تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- ترامب: المرشد الأعلى هدف سهل.. نعلم أين يتواجد
- باسم يوسف يثير جدلا بمنشور عن الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ف ...
- الرئيس الأمريكي: نعرف تماما أين يختبئ المرشد الأعلى ولكن لن ...
- الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: نعرف تماما أين يختبئ المرشد ال ...
- ثبت الأن تردد قناة طيور الجنة الحديث على النايل سات وعرب سات ...
- مقتل العشرات من منتظري المساعدات جنوب قطاع غزة، وإغلاق المسج ...
- العراق.. السوداني يدعو الدول العربية والإسلامية للتعاون في ...
- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - سذاجة النخبة المثقفة‏