أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - إنتصار التخلف الجماعى















المزيد.....

إنتصار التخلف الجماعى


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 8346 - 2025 / 5 / 18 - 14:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإيمان بأن الواقع الحاضر فى المجتمعات العربية هو حالة صحية طبيعية لا تسبب الشعور بسيادة الأنحطاط العقلى هو من أكبر ‏علامات إنتصار التخلف الجماعى، فى إلقاء نظرة متمعنة لأفراد المجتمع سنجد أن نسبة كبيرة منه تعيش فى الماضى العربى الغريب عن ‏طبيعتها الإنسانية، تخلف نتيجة تصديق دجل رجال الدين المضللين ونخبة المثقفين المتعصبين لدينهم والخائفين من الثمن الذى يمكن ‏أن يدفعونه لو كشفوا وأعترفوا بتزوير التاريخ الدينى والعربى عامة، النظام السياسى علمهم الخوف من التعذيب ودخول المعتقلات ‏والسجون فالجميع أعتاد على النفاق والتقية التى يزرعها فى عقولهم رجال الدين منذ الصغر.‏

خشية الله لا وجود لها فى‎ ‎أعمال وسلوكيات وأخلاق المؤمنين العرب وهذا ما جعلهم أكثر من المجرمين فساداً ودموية، كل مؤمن يؤدى ‏طقوسه العبادية الروتينية وهو مطمئن أن الله سيغفر له كل ما فعله وما سيفعله من الماضى والحاضر والمستقبل، فأصبحت عبارة خشية ‏الله يتم ترديدها بطريقة آلية أفقدها صدقها وصنعوا من الله تمثال وثنى لا يهتمون به كثيراً لكنهم أظهروا أهتماً كبيراً برسولهم وقدسوه ‏ليكون فى المقام الأول بعد الله، وهكذا يرتكب المؤمنون شتى المعاصى واثقين أن شفاعة رسولهم وليس الله ستغفر زلاتهم وذنوبهم!!‏

بنفس الأسلوب الجاهلى الذى توارثه المصريين من دعاة الوهابية والإخوانية السلفية أرتد غالبيتهم إلى همجية المشاعر العربية العنيفة ‏والقاسية، وفشلوا الآن فى أحترام أنفسهم أو أحترام الآخرين لأنهم تربوا على الكراهية والعداء للآخر والخداع والنفاق البدوى أصبحت كلها ‏سلوكيات يومية يمارسونها مع الناس، ولم ينجو الله من نفاقهم وأكاذيبهم التى يكررونها حتى يصدقوها وليعتقدوا بالفعل أنها حقيقية ‏يعيشون معها ويجبرون غيرهم على الإيمان بها، مثل الخوف من عقاب وعذاب الله لهم الذى جعلهم يخافون من شخصية محمد وكأنه هو ‏الطريق الذى سيدخلون به إلى الجنة أو النار!!‏

إن البطاقة الشخصية التى تصدرها مصلحة الأحوال المدنية فى مصر تعكس وتؤكد على تقسيمها الواقعى لأفراد المجتمع، تلك البطاقة ‏الشخصية تلغى الهوية الحقيقية لكل مصرى وتنفى وجود المواطنة التى يجب أن ترسم حدود الشخصية المصرية لأفراد المجتمع، وبدلاً ‏من تغيير قوانين الماضى الحية فى عصرنا يتمسك بها الكثيرين لمصلحتهم ومنفعتهم الشخصية والتى تقوم عليها سياسات النظام ‏والحكومة، وتلك المصالح التى تصب أولاً وأخيراً فى أعمال الجماعات والمؤسسات التى تعمل بحنكة لتفجير المجتمع على نار هادئة.‏
إن تراكمية القوانين الماضوية والعمل على إحيائها بدلاً من تغييرها يجعلها تترسخ أكثر فى سلوكيات المجتمع، مما يجعل عقول الماضى ‏حية لكن عقول الحاضر ميتة وعلى هذا الأساس الأستبدادى الظالم والمظلم يكون من الصعب القيام بإصلاح الحاضر الميت، ‏

ملذات الأحلام أو الله مقبولة لكنها مرفوضة من الناس رغم أنها أولاً وأخيراً فكرة ساذجة خارج المنطق العقلى لصورة الإله،
الأهتمام المبالغ فيه والذى لا معنى له بالدين بل التفكير بعقول الذين عاشوا فى عصور الغزوات والخلافة وما بعدها بأعتبار أنهم أفضل ‏منا وما قالوه لن يستطيع عربى قول أفضل منه، نبش الماضى هذا هو المنطلق البائس الذى ينطلق منه غالبية العرب لأنهم يعتبرون ‏أنفسهم أصحاب حضارة وخلافة وهى أوهام يعيشون عليها فى حاضرنا هذا لأنهم لا يملكون غير تكرار القصص وأساطير تاريخهم ‏الماضى المزور.‏

تذكر دائماً أن العربى مثله كمثل المجنون الذى يعتقد أنه العاقل الوحيد فى العالم لأنه يتعلق بوهم أنه الوحيد خير الناس وأفضلهم، كيف ‏ستقنع المجنون بأن لا يعمل ولا يبتكر شيئاً بل يستهلك ثمرات العلم والمعرفة وقوت الحياة من الذين يكفرهم؟‏

الفكر العربى أصبح عقيماً منذ أن أعتاد النظر إلى الوراء ليأخذ الآراء والأفكار والأحكام والفتاوى من الموتى فى قبورهم من مئات ‏السنين، والسبب أنهم أصبحوا مقدسون فى مجتمعه وبذلك يتلاشى التوقف للتفكير وتشغيل عقله حتى لا يصيبه التعب والإجهاد، حتى لا ‏يخطئ ويدخل فى دائرة العقاب الدينى الذى سجنوه فيه رجال الدين، بل أقنعوه بأن الضمير والأخلاق من نتاج الدين لكن الحقيقة هى لا ‏علاقة لهم بالأديان، العربى مصاب بأزمة إدراك للحقائق وعلاقتها بالحاضر وعدم الوعى بأنه حصر مجتمعاته فى مجلدات نصوصية من ‏الماضى يستقى منها علومه وترك حاضره الذى ينفجر من ثورة المعلومات الحقيقية التى تبنى حاضر ومستقبل البشرية!!!‏

الأنبهار بالنصوص الدينية كأنها نصوص سحرية ستغير مجتمعات العربى والمصريين خصوصاً هى من أكبر أسباب الإرهاب الأجتماعى ‏فى مصر، من المؤسف له أن الإنسان المصرى أصيب بفيروس يعتقد معه أن تاريخه يبدأ بتاريخ دخول العرب الغزاة لأنهم مرسلين من ‏الله، وعجبى على أن العقول المصرية تحجرت وتجمدت مع فكر الثقافة الدينية التى تنشرها المدارس بتصريحات وقرارات حكومية، بل ‏وأصبح إنسان تائه فى صحراء الماضى العتيق وظلماته ويعتقد بأن النور يأتى من صناديق الكتب العتيقة التى قدسوها ورفعوها فوق كل ‏عقل وعلم حديث أبتكره الإنسان العصرى، إن الماضى ورجالاته وموتى القبور لن يعودوا أبداً مهما رفعت دعواتك وصلواتك إلى كل آلهة ‏الكون فهل يتعقلون؟؟

إن الجهل هو وطن الأشقياء بكل وقاحة هيمنة أفكارهم وأعتقادهم بأنهم أسياد وليسوا عبيد جهلهم الذين يتعبدون له صباح ومساء، ‏
من الصعب على المصرى الذى يدرس طوال شبابه علوم وثقافات أنتهى عمرها الأفتراضى بمعنى انها ثقافات ماتت منذ مئات السنين، ‏بينما نحن نعيش فى ثقافة الذكاء الصناعى وعلوم الفضاء وإنسانية الإنسان وحريته وأحترامه تكتشف أنك درست منذ المدرسة الأبتدائية ‏وحفظت وتعلمت تاريخ أصابه العفن وغير صالح للأستعمال الآدمى الحالى؟ ماذا تفعل؟ إخوتى المصريين يصابون بالعواطف العدائية ‏للآخر ويفشلون فى مواجهة أنفسهم بأنهم يعيدون تدرس وتعليم تاريخ أصابه الخراب ولم يعد صالحاً إلا لزمانه الذى تواجد فيه!!‏

الإنسان كائن مغفل وعنيد لا يقتنع بالعلم بسهولة بل يعاند ويدخل فى صراع مع المثقفين والعلماء، ومن الصعب فى عالمنا العربى تغيير ‏قناعة الناس الذين أغلقوا عقولهم عن فهم الواقع والتاريخ، الخرافات تنتشر بسرعة لأن المجتمع كله نشأ وتربى عليها فى مراكز العبادة ‏ومؤسسات التعليم، فأصبح الإنسان ينتظر المعجزات ولا يحب التغيير بل يوظفون الخرافة والأسطورة لصالح أفكارهم الجاهلية التى ‏سمعوها، يقول مالك بنى نبى بوجود أفكار قاتلة وافكار ميتة ... الإنسان الخرافى لديه أطمئنان كبير بأن الله سينصره على أعداءه لذلك ‏تجده يقتل ويدمر الآخر وهو مستريح البال لأنه مجرد أداة لله ينفذ أوامره، فيلقى كل مشاعر اللوم .. على الله ولا يفكر فيها، من أجل ذلك ‏أنتشرت أمراض تعطيل التفكير الحقيقى والبحث عن أفكار وقصص خرافية تبيح لهم الثوابت والتأويلات والهروب من الواقع إلى الخيال ‏ومن الحقيقة إلى الوهم لأنهم يجدون راحة كبيرة حسب معتقداتهم فى الثبات الوجودى، والمشكلة الكبرى فى المجتمعات التى تربت على ‏أعتقادها فى قدرتها على تحقيق أطماعها والحصول على كل ما تحلم به وتتمناه حتى ولو كان الهيمنة والسيطرة على الآخر!!‏

مشكلة الإنسان المصرى أنه ترك حضارته وثقافته ومدنيته ويرفض بشدة مقارنة مجتمعه مع المجتمعات البدوية فى حينها أو مقارنة ‏المجتمعات الحديثة فى عصرنا، هنا تحاصره الخرافة ويتفق معها لأنها تنافق معتقداته وتجعله يرفض الوقائع المنطقية لأنها لا تتفق مع ‏مصالحه الغيبية، وتزداد حجم المأساة سوءاً عندما تصيبه الحيرة ولا يعرف إذا كان أختياره نعمة أم نقمة!!!‏
الإدعاء بأن هذا أو ذاك كلام الله ثم تجد آلاف الملجدات التى تشرحه بمعانى ظنية وتأويلات شخصية هذا معناه أنه إله فشل فى توصيل ‏كلامه للبشر مما يؤكد أن مصادره الحقيقية ليست الله!!‏



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأديان الأديان وماذا بعد؟
- الله أمام عبيده الضالين
- مثالية الله والإنسان
- الله وأحتلال البشر بأسمه
- عقاب الله لكاليفورنيا أو غزة؟
- الله: السلام عليكم يا عرب
- الله: فى عيون التخلف
- الله لكنى أشكر الإنسانية
- الله والصفر العربى
- الله يا فيروز التسعون ربيعاً
- الله ماركة مسجلة للأديان
- الله وهلوسات البشر
- الله يتحدث معى ومعكم؟
- الله وثدى الأنثى
- الله وتصور البشر له
- مصير الله مع البشر
- أيادى الله ودماء البشر ‏
- الله والآلهة الحقيقية
- الله منبع الكراهية
- الله وأطلال الإمبريالية


المزيد.....




- حدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات وطريقة ت ...
- “بأعلى جودة سلي أطفالك” ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد ...
- قداس التنصيب .. البابا الجديد ليو يدعو لوحدة الكنيسة
- بزشكيان: المسلمون ملزمون بمواجهة الظلم والجور والدفاع عن الم ...
- القبلية والطائفية في المجتمعات العربية بين الترابط والتفكك
- الاحتلال يسلم 9 اخطارات بوقف العمل والبناء شرق سلفيت
- البابا ليو يتعهد بجعل الكنيسة رمزا للسلام في العالم
- “حميــدو والــراعــي الكـذاب“ تردد قناة طيور الجنة 2025 على ...
- الفاتيكان يشهد تنصيب البابا ليو الرابع عشر بحضور قادة العالم ...
- صدمة.. مدربة الشخصي لا يعلم أن عميله أصبح بابا الفاتيكان.. و ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - إنتصار التخلف الجماعى