أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي سيريني - أين نقف في الصراع الغربي الإيراني والحرب الدائرة بينهما















المزيد.....

أين نقف في الصراع الغربي الإيراني والحرب الدائرة بينهما


علي سيريني

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 08:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد نختلف مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية قليلا أو كثيرا، وننقد سياساتها في المنطقة، ولا نتفق مع الكثير من تصوراتها و ممارساتها، ولكن هل يجوز لنا أن نقف ضدها في هذا المنعطف التأريخي الحاسم؟ وهل يبرر إختلافنا معها أن نقف ضدها وهي تتعرض اليوم إلى عدوان خارجي واضح تشارك فيه القوى الغربية كما شاهدنا في أمس قريب ضد العراق، ليبيا، أفغانستان وسوريا؟
منذ عام 2006، كتبت باللغتين الكُردية والعربية مقالات كثيرة في نقد إيران وسياساتها في منطقتنا. ولكن بالمقابل حذرت أن التشفي بإيران خلال إصطفاف رخيص مع القوى الخارجية، يشكل كارثة كبرى لن نجني منها سوى الخيبة والخسران. قبل كل شئ، لا نحتاج إلى دليل أننا كشعوب هذه المنطقة، نعيش أسوأ واقع من بين جميع أمم الأرض، حيث حط الخراب والتشرذم والإحتلال والدمار والنهب والمصائب رحالهن، في سماواتنا وأراضينا. من المسلمات غير القابلة للتشكيك هو أن إي إحتلال خارجي لأي بلد، لا يحمل أي خير، ولا أي قصد شريف. ولدينا في منطقتنا تجارب كثيرة، على أقل تقدير منذ سقوط الدولة العثمانية، إذْ تعاقبت قوى الإحتلال الخارجي على السيطرة على منطقتنا، فما وجدنا منها غير الخراب والنهب وإشعال الفتن بين شعوبنا. أي إن الإحتلال الخارجي لا يحمل خيرا البتة، وتجارب التأريخ تغنينا عن التحليلات والشروح. فبساطة الوضوح في هذا لا تحمل غموضا.
إن هدف امريكا وإسرائيل والغرب عموما هو إسقاط النظام في طهران، ولكنه ليس الهدف النهائي. فإستراتيجية هذه القوى تكمن في تدمير إيران وتفكيك مقدراتها، وتحويلها إلى عراق آخر من التشرذم والإنقسام والفساد والخراب. والهدف الأكبر وراء ذلك، هو تعميم الإنقسام والضعف والإنكسار على جميع مكونات المنطقة، وبالتالي قتلُ أي همّة في نفوس أبنائها نحو مستقبل واعد ومزدهر. إن إيران تملك رصيدا ضخما من الحضارة والتأريخ والعطاء على جميع الأصعدة. فهي بلاد جميلة وغنية بالعطاء الذي مد البشرية بالكثير، منذ الدولة الميدية ومن ثم الإخمينية والساسانية ووصولا إلى العصر الحديث، مرورا بالدولة الصفوية. ففي هذا البلد، إلى جانب الغنى الحضاري والتأريخي، هناك مخزون ثقافي كبير، وإنتاج وفير في جميع المجالات والإحتياجات البشرية.
في أمس قريب، حين وعد الأمريكان بعراق ديموقراطي مزدهر ومسالم، فانقضوا عليه كالوحوش وأسقطوا نظامه، وجدنا العكس هو الصحيح. فأمريكا دمرت العراق وبنيته التحتية، ونهبت ثروات البلاد، بل وحتى المتاحف والمقتنيات التأريخية الثمينة لم تسلم من براثين شرهم. وتركت أمريكا البلد والناس لمجموعة مرتزقة قامت تنهب الثروات، وتحولها إلى بنوك الغرب في عمليات سرقة لا تستحي من كونها مكشوفة. كما اغتالت أمريكا وحلفاؤها المئات من علماء العراق، وأجبرت الألاف على الهجرة القسرية في ظل الظروف التي خلقتها في العراق. بينما ملايين العراقيين أصبحوا جوعى ومشردين، يشحذون الخبز في بلاد العالم. لذلك ففي راهن أيامنا، نجد الشعب العراقي يبكي دماً، حسرةً على هذا البلد وخيراته، حيث هو مهد الحضارة البشرية على الإطلاق. شاهدت بعيني تدمير طائرات أمريكا للبنى التحتية في العراق، ومن ضمنه منطقة كُردستان في عام 1991، ومن بعد ذلك في عام 2003.
إن جميع خلافاتنا ومؤاخذاتنا على النظام في إيران، لا يسمح لأي واحد منا أن يصطف إلى جانب العدوان ضد هذا البلد الذي هو جزء من تأريخنا ومنطقتنا وثقافتنا. وعلى الجميع أن يتعظ بما حدث في العراق وليبيا والبلدان الأخرى، ويعيد حساباته وفق مصالح منطقتنا الأساسية والتأريخية، والأسس الحضارية المشتركة بين أبناء منطقتنا، وليس وفق ردات فعل عدوانية ناتجة عن الإنقسامات والحروب الطارئة في منطقتنا، والتي تضبب رؤيتنا الصحيحة ووعينا التأريخي تجاه مخاطر القوى الخارجية.
إنها جريمة كبرى أن يفرح أي واحد بما يحدث لإيران. والأجرم من ذلك هو المشاركة في هذا العدوان ضد هذا البلد، لأن الهدف الإستراتيجي والأساس لهذا العدوان هو تدمير الإنسان في هذه المنطقة، وتفريغ بلادنا من الخير والإمتداد الحضاري الذي يمد أجيالنا بالطاقة والقوة، لبناء مستقبل جميل يعكس الرسالة السماوية والحضارية التي تحثنا على السلام والعدل وتقديمهما للبشرية جمعاء. إن الصراعات الداخلية وأخطاء الأنظمة في بلادنا، ومنها النظام في إيران، دفعت للأسف مجاميع شعوبنا نحو اليأس والسبات إزاء مخاطر القوى الخارجية. لكن المخزون العميق لمشتركاتنا الدينية والحضارية والثقافية والتأريخية، فضلا عن التجارب التي مررنا بها في الأعوام التي مضت، والعقلانية في فهم الأمور، ستمدنا بلا شك بمؤشر الصواب نحو الموقف الصحيح الذي يقول لنا إن بداية الأبجدية في ذلك تكمن قبل كل شئ في تعريف الإحتلال الخارجي كشر مطلق، ورده كواجب غير خاضع للجدل، وإقامة السلام بين مكونات المنطقة واجبا لا مفر منه، وحل القضايا العالقة من الأولويات الملحة التي لا تقبل أي مناورة أو مماطلة.
إن المسؤولية التأريخية تستدعي أن يتكاتف الجميع من شعوبنا ومكونات المنطقة، في رد العدوان، وعدم السماح بتكرار تجربة العراق في إيران. وعليه، ومن المسؤولية نفسها يتحتم على الجمهورية الإسلامية إقامة مراجعة شاملة لسياساتها الداخلية والخارجية، نحو بناء جسور التواصل والحوار مع شعوب إيران، وبناء نظام جديد يقر بحقوقهم، فضلا عن تصحيح العلاقة مع شعوب المنطقة. وهذا سيبني سداً منيعاً أمام خبث القوى الخارجية التي تتخذ من حقوق الإنسان والشعوب، ذريعة للتشهير بدولنا التي فقدت الكثير من قوتها وطاقاتها، في عبث مؤسف، وإنتحار بطئ بدى للأقوى زهوا بنصرٍ آني وللأضعف بنقمة على الذات والمحيط، في أحقاد تراكمت في صراعات داخلية نعيش حصادها المر في أيامنا. إذا نجحت الحملة على إيران في إسقاط النظام، ستكون تركيا الهدف القادم لبث الخراب فيها. لهذا، فإن الحكمة البليغة التي تحتاجها إيران وتركيا، هي الإسراع في إقرار صيغة الحكم الذاتي أو الفيدرالية لمنطقة كُردستان في كلا البلدين، للحيلولة دون إعطاء قوة كامنة للدول الخارجية فتستحوذ عليها ضد منطقتنا، بسبب إقصاء وتهميش الشعب الكُردي لعقود متعاقبة منذ إنقلاب أتاتورك الكارثي.
لا مفر من بذل أقصى جهدنا لبناء المستقبل لأبنائنا، ولا يكون هذا إلا بالتعاون والتكاتف والسلام والإعتراف المتبادل بين شعوبنا ومكوناتنا، وإعادة بناء العلاقة بينها وفق قواعد متينة ومشتركة تمتد لعشرات القرون.



#علي_سيريني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برقية سرية إلى سمو أمير قطر
- إنتهاء إزدواجية السياسة التركية منذ مائة عام والفوضى على الأ ...
- كسوريا، التقسيم والفوضى يطرقان بوابة تركيا
- حلب بداية تأريخ جديد في المنطقة وشرارة حروب وتخوم تستعر بجحي ...
- السلام بين الكُرد والترك بوابة لتأريخ عظيم في المنطقة وتشالد ...
- لماذا تركز إيران والمحور الشيعي على معاداة إسرائيل
- حماس والإسلام والصراع مع إسرائيل
- بسمة النجاة
- لماذا لم ينهض العرب و المسلمون وتقهقروا
- نهاية عصر الديموقراطية الليبرالية الغربية
- تركيا أمام أمام تغيير كبير وحاسم في 2023 على مفترق طريقين تش ...
- في مسألة الشواذ الجنسي والقوانين المزمع ترسيخها وفرضها على ا ...
- الدولة التركية والإخراج السيئ لسيناريو تفجير إسطمبول
- الهجوم على محمد حبش ظلم وعدوان
- المخرج و الحل الأمثل لأزمة العراق
- المؤسف من العلاقات الكُردية التركية في ظل المرحلة الأردوغاني ...
- ماذا نفهم من دنو الرئيس أردوغان من إسرائيل: علم إسرائيل مرفر ...
- حرب أوكرانيا طريق نحو الدولة العالمية: روسيا ليست جزءا من أو ...
- مخاطر إستمرار الحرب الروسية الأوكرانية على العالم
- محنة الكُرد ومحنة بارزاني الصراع على رئاسة الجمهورية مع برهم ...


المزيد.....




- شاهد.. العائلة المالكة البريطانية ترتدي شارات سوداء تكريمًا ...
- نتنياهو من موقع سقوط صاروخ إيراني: -تخيلوا ما كان سيحدث لو ا ...
- عضو بالبرلمان الإيراني: حان وقت الهجوم على مفاعل -ديمونا- ال ...
- ترامب يتحدث عن سد النهضة وصراع مصر وإثيوبيا.. ماذا قال؟
- ترامب يبدي انفتاحا لفكرة وساطة بوتين في حل الأزمة بين إيران ...
- لافروف وفيدان يبحثان الوضع في الشرق الأوسط ويؤكدان على ضرورة ...
- ما هي حقوق المسافرين مع تعطل الرحلات أو إلغائها؟
- كيف تتصدى إسرائيل للصواريخ الإيرانية؟
- كيف تصور إيران أكبر مفاجأة عسكرية تعرضت لها على أنها -انتصار ...
- كيف استقبل الرأي العام العربي المواجهة بين إيران وإسرائيل؟ ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي سيريني - أين نقف في الصراع الغربي الإيراني والحرب الدائرة بينهما