عمر قاسم أسعد
الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 18:13
المحور:
الادب والفن
منظر ساحة عامة ويلاحظ وجود نفايات على الأرض وبعض صناديق النفايات ، بعض الكراسي في مواجهة الجمهور ، يمر بعض المارة ، أحد المارة يسير ببطء ويأكل ( شبس ) ثم يرمى الكيس على الأرض ، أخر يخرج من جيبة منديل ويمسح يديه ووجهه ويرمي على الأرض ، شخص أخر يشرب عصير يرمي علبة العصير على الأرض ، يدخل عامل النظافة ( أبو أحمد ) ويبدو عليه التعب ويبدأ بالتنظيف باستعمال مكنسة وصندوق لجمع القمامة .
أبو أحمد : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يعني والله مش معقول هالناس ، بتكون الحاويات جنبهم وعم يرمو زبالتهم على الأرض ، ما في حد عنده احساس بالمسؤولية .
( يلتفت أبو أحمد للخلف على صوت بعض المارة ويشاهد بعضهم يرمي نفايات على الأرض )
أبو أحمد : يا أخ يا أخ ، الله يرضى عليك شكلك رميت النفايات من غير قصد وما انتبهت على الحاوية اللي جنبك .
خالد : ( ينظر لعامل النظافة نظرة دونية ) ها . وحضرتك يا بش مهندس شو بتشتغل هون .
أبو أحمد : الله يرضى عليك يا عمي أنا قد والدك ، ما بصير تحكي معي هيك ، انا عامل نظافة صح وبشرفني أكون هيك ، بس اذا سمحت في مكان خاص للنفايات .
خالد : والله حلو ، قرب عندي يا حجي احكيلك هالشغلة ، هسة مش الحكومة تعطيك راتب عشان انتا وظيفتك تنظف الشوارع والساحات وكل الأمكان اللي بتكون فيها ، يعني انتا اسمك عامل نظافة أو بلغة ثانية إنتا زبااااال .
أـبو أحمد : الله يسامحك يا عمي ، توكل على الله .
خالد : شوف شوف شوف ، وكمان مش عاجبك ، هسة يا حجي لو أنا وغيري من المواطنين ما رمينا الزباله هون كان المكان نظيف ، يعني كان انتا ما الك شغل يعني بالعربي كان انتا مش موظف وما الك راتب تعيش منه ، يعني إحمد الله اني وغيري نعمل هيك عشان انتا ضلك بوظيفتك تنظف وتوخذ راتب
أبو أحمد : ( بحسرة وألم ) الله يسامحك يا عمي روح توكل على الله ، كلامك صحيح إنتا وَسِخ وأنا بنظف
خالد : ( بتهكم وسخرية ) توكل على الله يا حجي ، يلا روح كمل شغلك .
( يستمر ابو خالد في تنظيف الساحة ويبتعد عنه خالد الذي ينظر لساعة يده ويبدو انه ينتظر شخص معين ، تدخل سمر وتحمل بعض الكتب )
خالد : سمر سمر
( تلتفت إليه سمر وتقترب منه )
سمر : أهلا خالد كيفك وكيف امورك .
خالد : اهلا سمر ، وأنا بالطريق تذكرت اتنك وصيتيني على السندوش .
( يخرج سندويشة من كيس بيده يعطي سمر السندويشة ثم يرمي الكيس على الأرض ، تنتبه سمر لتصرفه )
سمر : كم مرة حكيتلك يا خالد لا تعمل هيك ، يا خالد بجد انتا مش معقول وكل مرة نفس التصرفات ، يا خالد هاي سلة النفايات جنبك يعني كان بإمكانك تمشي خطوتين وترمي النفايات بمكانها الطبيعي
خالد : حيلك حيلك ، خفي علينا يا بنت الناس ، هو أنا مش خلصان من الزبال تاحضرتك تنقري مخي ، بتعرفي ، صرت أشك إنك من سلالته .
سمر : ومالو عامل النظافة يا خالد ، مش بني أدم وعندو أحاسيس ومشاعر مثلنا ، مش بشتغل بالحلال لحتى يطعمي اولاده بالحلال
خالد : اوف اوف اوف ، ارحمينا شوي ، هاي لهجة جديدة يا بنت .
سمر : لا يا خالد مش لهجة جديد ، هاي اللهجة الصح ، احنا عايشين هون ولازم نعيش بنظافة وتكون بيئتنا نظيفة لحتى نعرف نكمل حياتنا ، مش من حقك يا خالد ضلك تتمسخر على الناس وتحس حالك احسن منهم لأنك ابن صاحب شركة وغني .
خالد : طبعا بحقلي لأنو هالناس اللي تحكي عنهم بشتغلو عند أبوي وهو بعطيهم راتب ، بالمناسبة إنتي ابوكي شو بشتغل .
سمر : يا سيدي مدام مش عاجبتك هالناس ومش عاجبك عامل النظافة اعتبر انو والدي عامل نظافة ، منيح هيك !
خالد : وحدي الله يا بنت ، لا تعصبي علي هيك ، شو شكلك انجنيتي .
سمر : خلص يا خالد انا لازم اروح عالجامعة بلا ما أتاخر اكثر من هيك .
خالد : ماشي خلص حقك علي انا بوصلك بسيارتي .
( يغادر خالد وسمر ، يدخل طارق ومعه عدة أشخاص )
طارق : هاي هي الساحة اللي رح نعمل فيها عمل تطوعي من نظافة ودهان وتجميل .
حسن : لا تنسى يا طارق كمان في مقبرة قريبة من هون أخر الحارة لازم نعمل حملة نظافة وترميم
محمد : أنا جهزت تقريبا خمسين لوحة ارشادية مكتوب عليها عبارات تخص البيئة والمحافظه عليها
طارق : حلو كتير ، لأنه احنا عملنا التطوعي مش بس نظافة ونفايات ودهان وترميم ، احنا رح يكون عملنا التطوعي اي شي بختص بالبيئة والمحافظة عليها .
حسن : صح يا طارق ، البيئة هوا نضيف خالي من التلوث ، وماء صالح للشرب وأرض صالحة لسكن والعيش .
طارق : البيئة هي الإنسان الواعي المثقف اللي يقدر يحافظ عليها ويحولها لجنة على مد البصر .
محمد : البيئة هي انا وانتا وهو ، بيوتنا وأحيائنا ومدينتنا ووطنا .
( يدخل عامل النظافة ، يشاهده طارق ويلتفت إليه وينادي عليه )
طارق : يا عم لو سمحت ممكن تيجي هون إذا تكرمت علينا
ابو أحمد : ( يقترب من طارق ) خير يا عمي
طارق : أكيد خير يا عم ، الله يعطيك الف عافية صدقني لولاكم كان زماااان عيشتنا كلها أمراض .
ابو أحمد : الله يبعد عنكم الامراض يا عمي ، والله من كلامك مبين انك ابن حلال .
طارق : الله يرضى عليك يا عمي ، احنا كمان عم نستنى مجموعة الشباب والصبايا عشان نبد أ حملة نظافة لبيئتنا ، وكل اللي بدنا اياه منك انك تقعد على هالكرسي وتشرف علينا وتوجهنا .
ابو احمد : استغفر الله يا ابني ، أنا رح اشتغل معكم ايدي بيدكم .
( في هذه الاثناء يدخل خالد وبرفقته سمر يقتربان من مكان طارق وزملائه ويسمعون اخر كلماتهم ، تنظر سمر باتجاه ابو احمد ويبدو عليها انها تعرفه من قبل ، يلتفت اليها ابو أحمد ويبدو انها عرفها ويحاول اخفاء وجهه عنها ، تلاحظ سمر هذا الأمر وتقترب منه أكثر وتخاطبه )
سمر : لو سمحت يا عمي ، مش انتا ابو أحمد وعندك بنت تخرجت السنه من الجامعة مهندسة .
ابو احمد : صحيح يا بنتي ، انا ابو احمد وبنتي المهندسة خولة .
سمر : كمان ابنك خالد عندي بالجامعة وعم يدرس طب .
( ينظر الجميع بدهشة واستغرب لأبو أحمد )
خالد : شو اللي بسمعه يا سمر ، صحيح اللي تحكيه .
سمر : صحيح يا خالد هذا الرجال متل والدي وبنته من اعز صديقاتي وأولاده كلهم متعلمين جامعات ، هذا الرجال يا خالد ما عندو شركات ولا مصانع ، عندو مهنته اللي بتشَّرف كل انسان محترم ، هذا الانسان مكافح وربى اولاده من عرق جبينه بالحلال .
طارق : والله يا عم انتا فخر النا .
سمر : يا خالد اللي ما تعرفه انه هذا الرجال قدوة للحي كله والكل بحلف بحياته ، ( تخاطبه بتهكم )طبعا انتا ما بتعرف شو معنى كلمة قدوة ولا بتعرف شو معنى كلمة رجال أصلا لأنه عمرك ما تعبت ولا عمرك شقيت مثل هاي الناس ، انتا يا خالد انولدت بثمك معلقة من ذهب ولإنك إبن البابا ما بتعرف شو يعني الجوع والعطش والمرض والألم .
طارق : إنتا يا عم فعلا رجل حقيقي ، رجل بمعنى الكلمة .
سمر : شوف يا خالد ، شوفو يا ناس وجه عمي ابو احمد عشان يحافظ علينا ويخلي بيئتنا نظيفة ، شوفو إيديه كيف فيهم خشونة ومسطحين وراحة إيديه جروح من الاوساخ اللي احنا نرميها هون وهون ، شوفو اجريه كيف مش قادرين يحملوه من كثر المشي والركض لحتى يحافظ علينا . احنا لو نحس على حالنا شوي كان كل ما نشوفة نبوس راسه .
طارق : الله ما اجمل كلامك يا اخت ، انا فعلا بتشرف اني سمعتك ويا ريت تكوني معنا في مبادرتنا لحتى نحافظ على بيئتنا .
خالد : انا اول مرة بسمع كلام متل هيك يا سمر عنجد وجعتيلي قلبي وضمري .
سمر : مليح يلي حسيت انه عندك قلب وضمير .
خالد : له يا سمر ، انا انسان وعندي قلب عندي مشاعر واحاسيس بس عنجد كانت نايمة وانتي صحيتيها بكلامك لأني عمري ما سمعت مثل هيك كلام .
طارق: اهلا فيك يا اخ خالد ، نتشرف بوجودك معنا .
خالد : انا فعلا كنت غلطان ( يقترب من ابو أحمد ) واسمحلي يا عمي ابو احمد ابوس راسك واعتذرلك علي سلوكي معك .
ابو احمد : استغفر الله يا عمي ، انتي من جيل ابني وجيل اليوم معذور .
طارق : شو قصدك يا عم .
ابو احمد : جيل اليوم يا عمي جيل يمكن يكون قلبه طيب وابن عالم وناس بس انا بسميه جيل السرعة ، جيل مش ملحق على الأيام اللي تسرق عمره ، ما عنده وقت يقرأ او يتثقف أو يفهم دوره بالمجتمع وأهم دور اله انه يحافظ على بيئته .
سمر : فعلا يا عمي ابو احمد احنا جيل ناقصنا توعيه .
ابو أحمد : لا يا سمر ، القصة مش توعية ، القصة انو احنا من جواتنا حابين نعمل ونتطوع ونخدم بس مش لاقيين الانسان اللي يحركنا لأنه كل واحد بستنى بالثاني يبدأ .
خالد : اسمعو يا شباب ، من اليوم وطالع ، وانتا كمان يا عمي ابو أحمد رح تكون قائدنا ومحركنا وقدوتنا ، وخلينا من هسة نبلش .
ابو أحمد : بدي احكيلكم سر ، أنا لعلمكم معي شهادة جامعية بس سكرت بوجهي الأبواب وما لقيت وظيفة على تخصصي وهيني بشتغل عامل وطن والحمد لله راضي بشغلي وفخور بعملي لأني بخدم وطني وبلدي وأهلي ووين ما اروح بكون رافع راسي لاني انسان شريف بشتغل بشرف .
سمر : واحنا كمان فخورين فيك يا عم ابو احمد .
( يتجه ابو احمد نحو الجمهور )
ابو احمد : وانتو كمان يا ناس لازم تعرفوا إنه بلدنا ومدينتنا وحارتنا هي بيتنا ، هاي بيئتنا اللي رح نضل عايشين فيها وهي عنوان النا وين ما رحنا .
سمر : اذا كانت بيئتنا نضيفة بنكون احنا كمان نضاف .
خالد : واذا كانت بيئتنا وسخة .... ما بدي اكمل لأنه احنا نضاف ورح نضل نضاف من خلال بيئتنا .
طارق : عشان احنا نضاف لازم نجب بلدنا ونخليها دايما نضيفة وحلوة وجميلة متل قلوبنا
سمر : هاي رسالتنا وين ما رحنا خلينا من جواتنا نتحرك ما نستحي ولا نخجل لما نشيل النفايات ونكنس حارتنا ونضف شوارعنا .
خالد : وين ما كنا في الشارع في المواصلات في المولات في المدارس في الجامعات خلينا نوعي الناس ونحكيلهم عن بيئتنا .
ابو خالد : يمكن الناس رح تضحك علينا وتستهزيء فينا وبكلامنا ، يمكن يتكبرو ا علينا ، بس اكيد رح نتحمل ونحاول مرة ومرتين وعشرة لأنه بالأخر رح يعرف الناس انه هاي بيئتنا وهي حياتنا .
(( يردد الجميع الأغنية ))
هذه الدنيا دنيتنا
نزرع فيها محبتنا
نفرح نضحك نستنى
كل الخير بلمتنا
***
هذي سمانا عم تحمينا
فيها الشمس دفينا
فيها غيوم تمطرنا
تحيي الروح وتعطينا
***
هذي الأرض أرض أجدادي
بكرة يكبر عليها أولادي
بالمحبة قلب بقلب
نسمع لحن الطير الشادي
***
إحنا نعيش بالهوا
منه نتنفس سوا
جسم سليم عقل سليم
ما عاد نحتاج الدوا
***
وبالليل القمر طالع
يضوي هالكون الواسع
مرة هلال ومرة بدر
نردد سبحان الصانع
***
هاي بيئتنا بيئة حب
فيها نعيش قلب بقلب
بالإرادة دوم نحميها
ونردد يحميها الرب
تأليف / عمر قاسم أسعد
#عمر_قاسم_أسعد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟