أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - إياد هديش - حين تُختطف الحرية: المرأة ما بين التمكين والتحريض














المزيد.....

حين تُختطف الحرية: المرأة ما بين التمكين والتحريض


إياد هديش

الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 03:46
المحور: قضايا ثقافية
    


في المجتمعات التي تسعى لبناء دولة مدنية تقوم على الحقوق والمساواة، تمثل الحرية أحد أعمدة المشروع الحداثي، لا باعتبارها شعارًا تجميليًا، بل كحق فردي غير قابل للتأويل التعسفي. ومع اتساع الحراك النسوي في العقود الأخيرة، برزت الحاجة إلى فهم دقيق للحرية كفعل مدني مرتبط بالقانون، لا كحالة انفعالية أو ردة فعل على القمع.

حرية المرأة، في السياق العلماني، ليست مسألة رأي شخصي أو ثقافة محلية، بل حق مدني أصيل تُقرّه دساتير الدول الحديثة وتكفله المواثيق الدولية. هي تعني امتلاك المرأة للقدرة على اتخاذ القرار بحرية، دون تدخل أو وصاية، وممارسة أدوارها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على قدم المساواة مع الرجل.

ومع ذلك، فإن التحولات الاجتماعية المتسارعة أفرزت ظواهر جديدة، من بينها محاولات توظيف خطاب الحرية لتبرير سلوكيات عنيفة أو لا مسؤولة. بعض النساء – على نحو فردي – لجأن إلى استخدام مفردات التحرر للدفاع عن أفعال تنتهك حياة الآخرين أو تُهدد سلامتهم، متصورات أن أي فعل شخصي، بما فيه التحريض أو التهديد، يمكن إدراجه ضمن "الحرية الفردية".

في هذا السياق، تتواجد حالات خطيرة لبعض النسوة اللاتي يحرضن على الكراهية والعنف ضد فئات أو أفراد، مستغلّات خطاب الحرية لتبرير خطاب يزرع الانقسام ويقوّض التعايش السلمي. هذه الممارسات، التي تؤدي إلى تأجيج العنف الاجتماعي، لا تمت بصلة للحرية، بل تمثل خرقًا واضحًا لقواعد الدولة المدنية، وتستدعي تدخل القانون للحد منها ومحاسبة مرتكبيها.

هذا الطرح يناقض جوهر الدولة المدنية، التي لا تتيح لأي فرد – بغض النظر عن جنسه أو دوافعه – أن يتجاوز حدود القانون. في النظام الديمقراطي الحديث، الحرية تقف عند حدود الحق العام، ولا يمكن اعتبار العنف أو التحريض امتدادًا مشروعًا لأي شكل من أشكال التمكين.

الخلط بين التمكين والتحريض، أو بين التحرر والفوضى، هو نتيجة غياب الوعي بمفهوم المواطنة الحديثة، حيث تُفهم الحرية أحيانًا بوصفها انفلاتًا من كل القوانين، في حين أنها في جوهرها علاقة تعاقدية مع الدولة والمجتمع، تقوم على احترام الحقوق والواجبات.

من المهم التأكيد أن السلوكيات الفردية الخارجة عن القانون لا تُعبّر عن الحركات النسوية ولا عن المطالب العادلة للنساء، بل تسيء لها وتُستخدم كمادة مضادة لتشويهها. كل محاولة لتحويل الحرية إلى أداة تهديد أو عنف أو تحريض هي في الواقع انقلاب على مشروع المساواة والعدالة.

لا يمكن بناء مجتمع مدني حديث دون تكريس الفصل بين الحق الشخصي والتعدي على الآخرين. والحرية، في هذا السياق، ليست صراعًا ضد أحد، بل صيغة حضارية لضمان العيش المشترك تحت مظلة القانون وحده، دون وساطة الدين أو العرف أو الأهواء الشخصية.

إن تحرير المرأة لا يعني تبرير الفوضى، بل إرساء العدالة على أساس المواطنة الكاملة، والالتزام الصارم بالمنظومة القانونية. هذا هو الفهم العقلاني، المدني، للحرية: حق مقترن بالمسؤولية، لا سلاحًا بيد من يرغب في تصفية حساباته أو فرض إرادته بالعنف.



#إياد_هديش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة ما بين الحرية وهشاشة الهوية الذاتية
- ادعاء التحرر والعودة إلى السجون القديمة: بين الصخب الظاهري و ...
- حين تُقمع المشاعر تتهاوى المواقف
- المرأة واختيار شريك عمرها: بين قسوة التحريم وفطرة الحب
- الحجاب والتمييز الطبقي: كشف العلاقة بين الستر والعبودية في ا ...
- قراءة في كتاب النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي لهش ...
- هل يعود اليمن سعيداً؟
- الأيام السبعة ورمزية الرقم (7)


المزيد.....




- فيديو ما قاله محمد بن سلمان عن -إيران العام 2025- بتصريح يعو ...
- السعودية.. توجيه ملكي بعد عرض محمد بن سلمان عن حجاج إيران بع ...
- مراسل CNN يتفاجىء بسقوط صاروخ بالقرب منه في إسرائيل.. شاهد ر ...
- الأردن يعلن فتح أجوائه أمام حركة الطيران المدني
- وكالة الطاقة الذرية الإيرانية: الأضرار في منشأة نطنز سطحية ...
- ضربات إسرائيل على إيران تُربك مؤتمر -حل الدولتين-
- في اتصالات عاجلة.. ولي العهد السعودي يحاور قادة أوروبا بشأن ...
- الأردن.. سقوط أجسام جوية في عدد من مناطق المملكة (فيديوهات) ...
- مادورو يدعو شعب إسرائيل إلى وقف العدوان على إيران وفلسطين
- الأردن يعلن فتح أجوائه أمام حركة الطيران المدني


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - إياد هديش - حين تُختطف الحرية: المرأة ما بين التمكين والتحريض