إياد هديش
الحوار المتمدن-العدد: 8369 - 2025 / 6 / 10 - 09:49
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
المرأة التي لا تحترم الحب، ولا تؤمن به كحقٍ أصيل من حقوقها، غالبًا ما يختل توازنها في مواقفها تجاه القضايا الإنسانية والسياسية. فحين تتنازل عن حرية مشاعرها، وتُخضع قلبها لسلطة الإنكار أو التبلد، فإنها تكون قد فرّطت في الحق الأعمق: أن تُحب وتُحَب بحرية وكرامة. ومن يتخلى عن هذا الحق الجوهري، يصعب عليه أن يصون بقية الحقوق، لأنه فقد البوصلة التي توجهه نحو المعنى.
الحب ليس رفاهية شعورية، بل هو تعبير جوهري عن الوجود الإنساني، وعن الصلة العميقة التي تربط الإنسان بذاته وبالآخرين. والمرأة التي تجهل قيمة الحب أو تتعامل معه كضعف، كثيرًا ما تفتقر إلى البصيرة، وتغيب عنها القدرة على النفاذ إلى عمق العلاقات الإنسانية، أو فهم الدوافع التي تحرّك البشر في صراعاتهم ومعاناتهم وآمالهم.
فحرية المشاعر، تلك التي تُمكّن الإنسان من أن يشعر بلا خوف، ويُعبّر بلا خجل، هي الأساس الصامت الذي تُبنى عليه الحريات الأخرى. وإذا ما تم قمعها، يصبح التنازل عن الحقوق الخارجية أمرًا متوقعًا، إن لم يكن حتميًّا. من يُقيد قلبه، يقيّد صوته. ومن يُخرس وجدانه، يُخرس احتجاجه.
في القضايا الإنسانية، لا يكفي أن نتبنى المواقف الأخلاقية نظريًا؛ فالدفاع عن المظلومين، والوقوف إلى جانب المستضعفين، يتطلب قدرة حيّة على التعاطف، وهذه لا تنشأ إلا من قلب لا يزال يعرف كيف يحب. ومن فرّط في حقه في الإحساس، وتخلى عن مشاعره الأصيلة، يصعب عليه أن يشعر بألم الآخرين. يصبح نُصرته باردة، إن لم تكن غائبة. إذ كيف يدافع عن حرية غيره، من أنكر على نفسه حقه في الحرية الشعورية؟
أما في القضايا السياسية، فالشجاعة في التعبير، والقدرة على المعارضة، تتطلبان صوتًا داخليًا حرًّا ومتصالحًا مع نفسه. لكن من تعوّد كتم مشاعره، والتنازل عن حقه في التعبير عن ذاته، لن يقف طويلًا في وجه القمع أو الظلم. سيكون أكثر استعدادًا للخضوع، لا عن جبن فقط، بل لأن إيمانه العميق بحقه في المقاومة قد تآكل ببطء، منذ اللحظة التي ارتضى فيها أن يصمت داخله.
الحرية لا تولد من الهتاف، بل من الاعتراف الصادق بحق الإنسان في أن يشعر، ويحب، ويتألم، ويأمل. هذه البداية التي تبدو شخصية، هي في الحقيقة منشأ كل فعل إنساني نبيل. ومن يُفرّط فيها، سيجد نفسه، يومًا ما، عاجزًا عن خوض المعارك الأكبر.
#إياد_هديش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟