أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إياد هديش - المرأة واختيار شريك عمرها: بين قسوة التحريم وفطرة الحب















المزيد.....

المرأة واختيار شريك عمرها: بين قسوة التحريم وفطرة الحب


إياد هديش

الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 04:49
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لطالما كان الحب والعلاقات الإنسانية محورًا أساسيًا لوجودنا، ولكن كيف تُقيَّم هذه التجربة في سياق يرى فيها الدين خطوطًا حمراء صارمة؟ يُشير الطرح إلى أن الثقافة الإسلامية تُصنّف الحب والعلاقات خارج إطار الزواج كـ "جريمة"، بل وتُوسّع مفهوم "الزنا" ليشمل النظرات المتبادلة بين الرجل والمرأة، مستندة إلى مقولة تعد قاعدة دينية لدى البعض "العين تزني وزناها النظر". ليس هذا فحسب، بل إن الغزل والشعر الذي يصف النساء يُعتبر "غواية"، مُستشهدًا بالآية الكريمة: "والشعراء يتبعهم الغاوون". هذا التصور يُختتم بادعاءات علمية أن هذه المحددات الدينية "تجافي الفطرة الطبيعية للإنسان" "فالفطرة الإنسانية" من منظور بيولوجي ونفسي واجتماعي. تُعد البشر ككائنات حية لديهم غرائز وميول طبيعية للتقارب، الانجذاب، وتكوين الروابط العاطفية والجنسية. وهذه الميول لا ترتبط بالضرورة بعقد زواج رسمي كشرط لشرعيتها. فمقولة "العين تزني وزناها النظر"، في جوهرها توصية أخلاقية أو روحية ضمن إطار ديني، وليست أساسًا لتجريم قانوني في دولة تحترم الحريات العامة. فالعواطف والميول البشرية، بما في ذلك الانجذاب، هي جزء طبيعي من الكينونة الإنسانية. بينما تجريم المشاعر أو النظرات لا يضع قيودًا على السلوك فحسب، بل يمس عمق الوعي الفردي، مُحاولاً السيطرة على الفكر ذاته، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا للحرية الفكرية. وبالانتقال إلى عالم الأدب، يُنظر إلى الغزل والشعر كـ "غواية" وفقًا للثقافات الإسلامية. والرؤية الحديثة للفن والأدب، بكافة أشكالهما، كمُتنفس ضروري للتعبير الإنساني والإبداع. الشعر، بما في ذلك الغزل، هما وسيلة لاستكشاف الجمال، الحب، الشوق، وحتى الرغبة، وهو جزء لا يتجزأ من التراث الإنساني المشترك عبر الثقافات والحضارات. وتقييد هذا التعبير بدوافع دينية يُعد رقابة على الفكر والفن، وتقييدًا لحرية التعبير. فالقيود الصارمة التي تُجرم مجرد النظرة أو الميل العاطفي قد تُؤدي إلى: الكبت النفسي وحرمان الأفراد من التعبير عن مشاعرهم الطبيعية بشكل صحي. والازدواجية والنفاق الذي يدفع العلاقات إلى السرية والخفاء، مما يُولد مجتمعًا يعاني من ازدواجية المعايير. والحد من التطور الشخصي الذي يؤدي إلى تقييد قدرة الأفراد على استكشاف هويتهم وعلاقاتهم قبل الالتزام بعلاقة طويلة الأمد. وتضييق مساحة الحرية وفرض وصاية غير مبررة على أعمق جوانب الحياة الشخصية، وهي جوهر الحرية الفردية في المجتمعات الطبيعية. بالمختصر، إن "الفطرة الإنسانية" لا تتجافى مع الحب والعلاقات خارج الزواج، بل إن هذه العلاقات هي تعبير طبيعي عن تلك الفطرة. ما يتجافى مع هذه الفطرة هو محاولة قمعها وتجريمها بناءً على تصورات دينية، لا يمكنها أن تتوافق مع الواقع اليوم الممتلئ بالأدب والشعر والفنون والمسرح والسينما الحديثة بدلًا من توجيهها بمسؤولية ضمن إطار من الحرية والرضا المتبادل.

بالنظر إلى التحديات التي أوردتها في كلامي حول الحب والعلاقات في الثقافة الإسلامية، يمكننا استنباط العديد من التحديات الجوهرية التي تواجه المرأة عند اختيار شريك حياتها في هذا السياق. هذه التحديات تنبع بشكل مباشر من القيود والتعريفات الصارمة التي تم ذكرها، وتؤثر على حريتها، نفسيتها، وفرصها في بناء علاقة مبنية على التفاهم الحقيقي.

غياب مرحلة التعارف الحقيقي والعاطفي قبل الزواج

"العين تزني وزناها النظر": هذا المفهوم يُقيد بشكل كبير أي تواصل بصري أو عاطفي أولي بين الرجل والمرأة. كيف يمكن للمرأة أن تتعرف على شخصية الرجل، مدى توافقها الفكري والعاطفي معه، ومدى انجذابها له ككل، إذا كانت مجرد النظرة تُعد "زنا"؟ هذا يدفع العلاقات إلى السرية، أو يجعلها سطحية ومبنية على معلومات غير كافية.

تجريم العلاقات خارج الزواج

بما أن أي شكل من أشكال "المواعدة" أو التعارف العميق قبل الزواج يُصنف كـ "جريمة" أو "زنا"، فإن المرأة تُحرم من فرصة استكشاف شخصية الرجل بعمق، فهم قيمه، طريقة تفكيره، ومدى انسجامهما العاطفي. هذا يقلل من قدرتها على اتخاذ قرار مستنير ومبني على أساس متين.

الخلوة الممنوعة

منع الخلوة يجعل من الصعب جدًا على الطرفين قضاء وقت خاص للحديث بعمق والتعرف على بعضهما البعض دون ضغط أو تدخل خارجي.

التركيز على المعايير الشكلية والاجتماعية بدلاً من الجوهر

عندما يُمنع التعارف العميق، يصبح الاختيار غالبًا مبنيًا على معايير سطحية مثل المظهر، الوضع الاجتماعي، النسب، أو توصيات الأهل. هذا قد يؤدي إلى زواج لا يراعي التوافق النفسي والعاطفي الحقيقي، مما يزيد من احتمالات الفشل أو التعاسة.

فالمرأة قد تجد نفسها مضطرة لقبول شريك لا تعرف عنه الكثير، لمجرد أنه "مناسب" من الناحية العائلية أو الدينية، دون أن تكون لديها فرصة لتقييم مدى توافقه مع فطرتها العاطفية وميولها الشخصية.

الضغط الاجتماعي والعائلي

في المجتمعات التي تتبنى هذه الثقافة بشكل صارم، تكون المرأة تحت ضغط هائل من العائلة والمجتمع لقبول شريك يُرضي المعايير الدينية والاجتماعية السائدة، حتى لو لم تشعر بالانجذاب أو التوافق. الخروج عن هذه المعايير قد يُعرضها للوصم أو النبذ.

يُمكن أن يُحرمها هذا الضغط من القدرة على رفض خاطب لم تشعر تجاهه بأي انجذاب عاطفي أو فكري، خوفاً من اتهامات "العصيان" أو "الرغبة في الفساد".

تأثير تجريم الغزل والأدب على فهمها للحب

عندما يُنظر إلى الغزل والأدب الرومانسي كـ "غواية" أو شيء سلبي، فإن ذلك قد يُشكل لدى المرأة فهمًا مشوهًا للحب الرومانسي. قد تظن أن التعبير عن العاطفة أو الرغبة هو شيء سيء أو مُحرم حتى في إطار الزواج، مما قد يؤثر على جودة علاقتها الحميمة والعاطفية لاحقًا.

فيُمكن أن تُحرم من "لغة الحب" التي تُعبر عنها الفنون والأدب، والتي تُثري فهم الإنسان للعلاقات العاطفية المعقدة.

الشعور بالذنب والقلق

قد تعيش المرأة في حالة دائمة من القلق والشعور بالذنب تجاه مشاعرها الطبيعية أو نظراتها غير المقصودة تجاه رجل، مما يؤثر على سلامتها النفسية ويُعيق قدرتها على بناء علاقات صحية.

فهذا الشعور قد يدفعها إلى كبت مشاعرها الحقيقية، مما يُعيق قدرتها على التواصل الصريح مع شريكها المستقبلي أو حتى مع نفسها.

صعوبة بناء علاقة على أساس المودة والتفاهم الحقيقي

عندما يُجبر الطرفان على الدخول في الزواج دون فترة كافية من التعارف العاطفي والفكري، فإن العلاقة قد تبدأ على أسس واهية. المودة والرحمة التي يُشدد عليها الإسلام في الزواج، تتطلب معرفة عميقة واحترامًا متبادلاً لا يمكن بناؤهما في غياب مساحة للتعارف الحر.

فالزواج قد يُصبح مجرد "عقد" لتشريع العلاقة الجنسية، بدلاً من كونه اتحادًا روحيًا وعاطفيًا عميقًا.

ما يعني أن القيود المفروضة على العلاقات قبل الزواج، والتي تُجرم حتى النظرات والمشاعر الطبيعية، تخلق بيئة تحد من قدرة المرأة على اختيار شريك حياتها بناءً على فهم حقيقي وتوافق عاطفي وفكري. هذا يُمكن أن يُفضي إلى علاقات غير مُرضية، ويُعيق تحقيق السكن والمودة التي يهدف إليها الزواج، مما يُشكل تحديًا كبيرًا أمام فطرتها الطبيعية ورغبتها في بناء علاقة سليمة ومُرضية.



#إياد_هديش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجاب والتمييز الطبقي: كشف العلاقة بين الستر والعبودية في ا ...
- قراءة في كتاب النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي لهش ...
- هل يعود اليمن سعيداً؟
- الأيام السبعة ورمزية الرقم (7)


المزيد.....




- الوكالة الوطنية للتشغيل..طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكث ...
- الفجوة الصحية بين الجنسين: حياة النساء في خطر؟
- ألمانيا.. امرأة تهاجم بسلاح أبيض رواد مهرجان عالمي للبيرة
- الشرع يشيد خلال استقباله وعقيلته وفدا نسائيا بدور المرأة خلا ...
- اعترافات امرأة غادرت أمريكا منذ 20 عامًا: -في المكسيك شعرت ب ...
- ” بادري بالتسجيل واحصلي على 800 دينار جزائري” خطوات التسجيل ...
- مصر.. فيديو مراقبة كشف ما فعله شخص بامرأة تسير بالشارع يثير ...
- على هامش الخلاف.. قصة امرأة عالقة وسط -عاصفة ترامب وماسك-
- اكتشاف السر وراء خسارة الرجال المعركة ضد السرطان أكثر من الن ...
- بطريقة لا تخطر على بال.. امرأة تكتشف خيانة زوجها عبر غرض يست ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إياد هديش - المرأة واختيار شريك عمرها: بين قسوة التحريم وفطرة الحب