أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد حبيب السماوي - الاستخبارات المالية ... بين تمويل الإرهاب وتمويل العملاء!














المزيد.....

الاستخبارات المالية ... بين تمويل الإرهاب وتمويل العملاء!


احمد حبيب السماوي
باحث في الامن والاستخبارات

(Ahmed H. Alsamawe)


الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 17:05
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في عالم الاستخبارات، المال ليس مجرد وسيلة تجارية، بل يُعد العصب الحيوي والوقود المحرك للعمليات والأهداف الاستراتيجية، سواء لدى الدول، أو التنظيمات الإرهابية، أو الشبكات الإجرامية. وكما تحتفظ الشركات والمؤسسات بسجلات مالية تعكس هويتها ونشاطها، فإن هذه الجماعات أيضا تدير ملفات مالية تُفصح ولو عن غير قصد عن هياكلها، تحركاتها، وخططها المستقبلية. ومن هنا تنبثق أهمية الاستخبارات المالية، التي ترتكز على المبدأ الذهبي "اتبع المال"، فهذا المسار لا يقود فقط إلى الفهم العميق لكيفية عمل الكيانات المستهدفة، بل يكشف أيضا عن علاقاتها، وأدواتها، وحتى نواياها، وهو ما يجعل تتبع التدفقات المالية أحد أنجح أدوات التحليل الاستخباري في العصر الحديث.
غير أن هذا المسار ليس واضحاً أو ممهداً على الدوام، إذ تظهر أنظمة موازية، مثل نظام الحوالة المالي، الذي يعتمد في اليات نقل الأموال على الثقة والعلاقات الشخصية والمصالح، متجاوزاً الرقابة الرسمية للأنظمة المصرفية. هذا النظام يشكل تحدياً مركباً أمام الجهات الأمنية والاستخباراتية، حيث يُستخدم كقناة مثالية لنقل الأموال بشكل غير مرئي، سواء لأغراض مشروعة أو لتمويل الإرهاب وغسل الأموال.
في المقابل، تعتمد أجهزة الاستخبارات نفسها على تمويل سري لتسيير عملياتها ونقل الأموال إلى العملاء والجهات الميدانية دون تعريضهم أو فضح مصادر التمويل. هذا التداخل بين تتبع الأموال غير المشروعة، وبين الحفاظ على سرية التمويل العملياتي للاستخبارات، يفرض حالة من التوازن الحذر تتطلب إدارة استخبارية عالية الكفاءة، تجمع بين الرصد والتحليل، والحماية والتضليل، لضمان أمن العمليات الاستخبارية، وكذلك تحقيق الأهداف في تتبع المال المشبوه بأقصى فعالية ممكنة.
الدور المحوري للاستخبارات المالية.
تتمثل مهمة الاستخبارات المالية في تعزيز الأمن القومي عبر كشف وتحليل التدفقات المالية المشبوهة، وكشف تمويل الإرهاب والجرائم المنظمة، وحماية الأنظمة المالية الوطنية من الاستغلال، وتعزيز الشفافية المالية داخلياً وخارجياً. ومع ذلك، تواجه هذه المهمة تحديات كبيرة بسبب الطبيعة المعقدة للتمويل غير الرسمي، حيث تسعى الجماعات الإجرامية إلى إخفاء تعاملاتها المالية عبر معاملات تبدو شرعية أو عبر شبكات مالية معقدة يصعب تعقبها.
من أكبر التحديات التي تواجه الاستخبارات المالية هو نظام الحوالة (Hawala)، وهو نظام تحويل أموال غير رسمي قائم على الثقة والعلاقات القبلية أو الشخصية او المهنية، دون المرور عبر القنوات المصرفية الرسمية. نشأ هذا النظام في جنوب آسيا وانتشر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويعتمد على شبكة من الوسطاء يقومون بتحويل الأموال بناءً على تسوية غير رسمية للديون بينهم، ويتميز نظام الحوالة بعدم وجود إيصالات أو سجلات رسمية، ما يجعله سريعاً، رخيص التكلفة، وموثوقاً في المناطق التي تفتقر للبنية التحتية المصرفية أو في البيئات غير المستقرة، لكن غياب الرقابة والشفافية فيه يجعله عرضة للاستغلال في غسل الأموال، تمويل الإرهاب، والتهرب من العقوبات الدولية.
مواجهة التحديات: دور الاستخبارات المالية في تعقب الحوالة
بالرغم من صعوبة تعقب التحويلات عبر الحوالة، إلا أن الاستخبارات المالية تطور باستمرار أدواتها وتقنياتها، مثل تحليل الشبكات الاجتماعية والمالية، لفك رموز هذه الأنظمة والقبض على القائمين عليها، لذلك، لا تقتصر مهمة الاستخبارات المالية على مراقبة المعاملات الرسمية، بل تتوسع لتشمل نظم التمويل الموازية التي قد تستخدمها الجماعات الإجرامية والإرهابية.
في المقابل، تعتمد أجهزة الاستخبارات ذاتها على عمليات تمويل سرية تُرسل الأموال إلى عملائها دون المرور عبر النظام المالي الرسمي، هذه العمليات تشمل دعم العملاء والعمليات السرية، وتحريك الموارد المالية بطرق غير تقليدية، مثل تحويلات نقدية سرية، شبكات دفع غير رسمية، أو حتى العملات الرقمية غير المشروعة، هذه الأساليب تُستخدم للحفاظ على سرية هوية العملاء ومنع كشف مصادر التمويل.
وينشأ هنا تعارض وظيفي بين وحدات الاستخبارات المالية التي تهدف إلى كشف وتعطيل التمويل غير المشروع، ووحدات التمويل السرية التي تتطلب نقل الأموال بحرية تامة لضمان تنفيذ العمليات دون كشفها، هذا التعارض هو تعارض عملي وليس منهجي، حيث يتم التعامل معه داخل منظومة الاستخبارات عبر فصل داخلي دقيق للمهام، من خلال تفعيل ضوابط صارمة تضمن أن عمليات التمويل السرية تتم عبر قنوات مغلقة، محمية، وبموافقة صارمة، بحيث لا تضر هذه العمليات بجهود الاستخبارات المالية في كشف الأنشطة غير المشروعة، كما يتم تطوير تقنيات مبتكرة للتمويه والتحايل على أنظمة الكشف المالي، لتسهيل تمويل العملاء دون كشف.
الخلاصة
الواقع الاستخباراتي هو لعبة معقدة بين كشف التمويل غير المشروع وتمويل العمليات السرية، إدارة هذا التوازن الذكي هو الذي يحدد مدى فعالية الأجهزة الاستخباراتية في تحقيق أهدافها الأمنية، بدون الإضرار بالسرية والمرونة التي تحتاجها العمليات السرية، هذا التعارض ليس تهديدا، بل جزء طبيعي من الديناميكية الاستخبارية، يتطلب قيادة محترفة وخبرات متخصصة لضمان الأمن القومي في بيئة مالية متغيرة ومعقدة.


[email protected]



#احمد_حبيب_السماوي (هاشتاغ)       Ahmed_H._Alsamawe#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دليل لإدارة السلوك الثرثار في المؤسسات الحساسة
- انهيار الماكنة الإعلامية لداعش بدأ بتراجع الإصدارات المرئية
- تكتيك -الذئاب المنفردة- لدى الجماعات الارهابية ؟
- أين اختفى الظواهري ؟ وأين ستكون بيعته بعد وفاة الملا عمر؟
- هروب السجناء ومصلحة الحكومة العراقية !!
- حقائق واسرار لم يكشفها الاعلام عن نجل المقدسي !
- هجوم البنك المركزي العراقي .... تخريب لصالح من !
- سرقة المصارف والازمة المالية لتنظيم القاعدة!
- ايهما اكثر خطورة .... البعث ام القاعدة ؟
- الجزء الثاني من الفلم العراقي - أحذية الصحفيين -
- الرقابة على مؤسسات الأمن .... جهاز الأمن الدانماركي نموذجاً ...
- جبهة التوافق ... ومرض الطائفية المزمن !!!
- الانتخابات التمهيدية وإعادة ترميم البيت الصدري !
- من تداعيات الانتخابات ... حرب الدجاج !!
- جهاز مكافحة الارهاب
- مزايدات للسيطرة على مؤسسات الأمن !!!
- العربية والجزيرة ... من المستفيد ومن يدفع الثمن !!!


المزيد.....




- إسرائيل تعلن عن أول وفاة جراء الهجوم الإيراني
- إصابة نائب تركي باعتداءات على نشطاء -قافلة الصمود- في مصر
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات في طهران.. واشتعال ني ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنستهدف قواعد أي دولة ستدافع عن إسرائيل ...
- شاهد.. دمار واسع في تل أبيب خلفه الهجوم الإيراني
- -التايمز-: إسرائيل لم تبلغ بريطانيا بنيتها ضرب إيران لأنها ل ...
- خبير طاقة مصري يكشف أسوأ سيناريو بعد الضربة الإسرائيلية للمن ...
- الحرس الثوري الإيراني: الضربات الصاروخية استهدفت 150 موقعا إ ...
- خبير عسكري مصري يكشف سبب قوة تأثير صواريخ إيران فرط الصوتية ...
- وزير خارجية الإمارات يجري اتصالات موسعة مع عدة دول لتجنب الت ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد حبيب السماوي - الاستخبارات المالية ... بين تمويل الإرهاب وتمويل العملاء!