أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوان يوسف - الكرد و-النخب السورية -: الدهشة المتكررة














المزيد.....

الكرد و-النخب السورية -: الدهشة المتكررة


جوان يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 22:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل مرة يطرح حدث كردي على المشهد السوري ، يتفاجأ أغلب الكرد وخاصة بعض من "المثقفين" بمواقف "بعض" النخب السورية: رفض صريح أو ضمني بواقع الكرد كقومية، تمسّك بوحدة مركزية للدولة "وكأنه واقع الهي مقدس "وغالبا تكون الخلفية التنصل من المطالب الكردية ، أو حتى نبرة إنكارية وجودية صادمة تتراوح بين "ما في شي أسمو كرد" و"كلنا عرب سوريين"، أو اختزال الكرد في صفة لاجئين أو ضيوف أو تشبيههم بالجاليات العربية في أوربا ، هذه المواقف ليست محصورة بأوساط النظام بل تجدها متكررة في خطاب معارضين ونخب يتحدثون باسم التغيير والديمقراطية .

لقد تكررت هذه الصدمة في محطات عديدة: في وثائق إعلان دمشق 2005، وفي مداولات هيئات المعارضة بعد 2011، وفي نقاشات منصات الحوار الوطني، بل حتى في تعليقات النخب على وسائل التواصل الاجتماعي عند كل منعطف يتعلق بالكرد.
من الانتخابات المحلية في شمال شرق سوريا2024، إلى الهجمات التركية، إلى النقاشات حول الإعلان الدستوري الأخير ولم يغب هذا الموقف عن تفاهم 10 اذار 2025 بين الشرع ومظلوم عبدي.
لكن يبقى السؤال المتجدد: لماذا يتفاجأ الكرد في كل مرة؟ ألم يحن وقت التحرر من هذه الخيبة المتكررة؟ هل لا يزال الرهان قائماً على وعي " ديمقراطي يخرج من عباءة العروبة والإسلام " يرى في الكرد شريكاً متساوياً لا تابعاً أو طارئاً؟
ثمة ظاهرة تعرف ب الاسقاط العاطفي للرغبات والامنيات على الاخر، فتتخيله كما " تريده أن يكون " لا كما هو فعلا، وهذا يسري الحالات الفردية أو الجماعية، وهي تفسر الشعور التخيلي للكرد كجماعة مظلومة ومقموعة لعقود الى الاخر السوري على انه شريك مستعد لتحمل المسؤولية، بل أن تعلقهم بأي خطاب عام أو إشارات " تتحدث عن المواطنة أو المساواة" تؤخذ دليل على وعي مواطنة وتفهم مشترك لقضيتهم، هذا التعلق العاطفي يجعل الصدمة أكثر ايلاما وعسفا حينما ينكشف الموقف الحقيقي لهذا السياسي أو " المثقف "
وفي نظرية التنافر المعرفي كما يشير علم النفس السياسي الى أن الانسان حين يصدق شيئا يعارض واقعه يقع في صراع داخلي بين " ما يعرفه" و" ما يريد تصديقه " فيلجأ الى الانكار، او اختلاق الذرائع والمبررات. وهكذا يعجز الكثير من الكرد عن تفسير هذا الخذلان من النخب السورية الا عبر صدمات متكررة وهذا ما يفسر الى حد بعيد ردة الفعل القاسية من البعض الكرد تجاه هؤلاء.

لكن يجب فهم ومعرفة أن المثقف والسياسي السوري ليس ابن فراغ سياسي. بل هو – شئنا أم أبينا – نتاج خطاب الهوية العربية الإسلامية، الذي يرى في الإسلام والعروبة أساسا لوحدة الامة ولذلك ينظر للآخرين باعتبارهم أطرافا هامشية أو ملحقة ينبغي أن تندمج في هذا الإطار دون أي خصوصية قومية او لغوية او دينية، حتى حين يدّعي نقدها فالعديد من "المعارضين" أو "اليساريين" أو "المدنيين" ما زالوا ينظرون إلى سوريا كوطن عربي بالدرجة الأولى، والكرد مجرّد "مكون ثقافي" لا يرقى لمستوى "شعب له حقوق سياسية".
هذا ما يسميه المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد بـ "إرث الاستعمار الداخلي"، حيث تُعاد إنتاج البنية الاستبعادية داخل خطاب المعارضة، رغم ادعاء التحرر، وهذا ما يسمى في علم الاجتماع السياسي بالهوية المهيمنة التي تتمتع بالسلطة الرمزية وتفرض نفسها بوصفها الهوية الوطنية او الطبيعية ولا تقدمها باعتبارها خيارا بين الخيارات، بل كإطار شرعي للانتماء.

وقد حذر سعيد في كتاب «المثقف والسلطة"، من المثقف الذي يتبنى خطاب التنوير والتغيير لكنه يعجز عن خيانة مركزية الجماعة التي ينتمي إليها، فيبقى سجين "الهويات المتفوقة" رغم مظاهره الحداثوية.
ومن هنا يمكن تفسير لماذا يُطلب من الكرد " اثبات وطنيتهم "دائما، ويتم التعامل مع مناطقهم كمناطق أمنية أكثر من كونها مواطنين متساويين، لاحظ كيف يتم رفض وجود قوات سوريا الديمقراطية في الرقة ودير الزور ويعتبر ذلك احتلالا لكن العكس مباح!
ومن هنا يمكننا الذهاب بالقول إن الصراع الكردي – العربي في سوريا ليس صراعا سياسيا أو اثنيا فقط، بل هو صراع على تعريف من هو السوري!

الكثير من النخب السورية " العربية" «تتحدث بلغة ديمقراطية مع الغرب، لكن خطابهم الداخلي ازدواجي يشير إلى ما يسميه فرانز فانون بـ "الاستعمار المعرفي للذات"، حيث يتكلم النخبوي بلغتين: واحدة ناعمة لتسويق ذاته كديمقراطي، وأخرى سلطوية تحافظ على امتيازاته داخل النظام الثقافي السلطوي الذي هو بالمحصلة قومي ديني وللأمانة لا تخرج النخب الكردية عن هذا التعريف لكن بحوامل مختلفة.
العقل السياسي الكردي بين الطيبة والرغبة في الشراكة:
لا يمكن تجاهل الجانب الذاتي في الخيبة الكردية المتكررة. إذ أن الكرد – غالباً – يخلطون بين الشراكة السياسية والعلاقات الشخصية. فيخلط بين التعاطف الإنساني للمثقف "العربي" أو الصداقة الشخصية وبين الموقف السياسي. فالمواقف السياسية لا تُقاس بالعواطف، بل عند لحظة الصدع أو الانقسام الحاد، حين يُسأل: هل تؤيد الاعتراف بالكرد كقومية؟ هل تقبل بالفيدرالية؟ هل ترى في اللغة الكردية لغة رسمية؟ عندها تكون الصدمة.

الكرد ليسوا طيّبين أكثر من اللازم، لكنهم يبحثون عن أمل في الآخر، ويعيدون استثمار ثقتهم غالبا فيمن لا يستحقها. أما النخب السورية، فهي – غالباً – لم تتحرر بعد من الام انهيار الدولة العربية الإسلامية، حتى حينما تتحدّث باسم الثورة والتغيير فإنها ترتكز على المخزون الثقافي للدولة المركزية وهذا ربما يفسر احتفاء البعض بالدولة الاموية أو الرفض المطلق لحكم غير السنة والعرب.

ربما آن الأوان للكرد أن يقرأوا الآخر بعين نقدية تستند على حقائق ومعرفة وليست عواطف. فكما قال نيتشه: "ليس عليك أن تصدق من يتكلم بأجمل الكلمات، بل من يتحمل أبشع الحقائق."



#جوان_يوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة : العيون فقط تعرف الرصاص!
- هل يمكن إعادة النظر في مفهوم النضال الكردي؟
- السيناريو المفقود واطراف الحل في سوريا
- ألم الحياة يفوق متعتها بكثير
- قراءة في رواية ارادة الحب للكاتب لقمان سليمان
- قراءة في رواية (ارادة الحب ) للكاتب لقمان سليمان
- الانتخابات التركية.. فاز دميرتاش وخسر أردوغان!
- الكرد في الحل السوري وتغير المعطيات
- لا أرثيك ....فقط أتذكرك ... صديقي مشعل التمو ....
- أهمية منظمات حقوق الانسان
- المواطنة وحقوق الانسان
- من أوراق السجن 2
- /من اوراق السجن/نشيد الوداع
- رؤية كردية للتغيير في سوريا
- حوار حول القضية الكردية في سوريا تجاوبا مع هموم غسان المفلح
- هل يستطيع النظام السوري إستيعاب هذا الطوفان
- خيارات النظام السوري الصعبة


المزيد.....




- دليل شامل للبوتوكس.. من الفوائد إلى المخاطر
- قيادي حوثي يعلق على ضربة إسرائيل في إيران
- IAEA تبين وضع أبرز المنشآت النووية بإيران بعد الضربة الإسرائ ...
- أبرز ردود الفعل العربية والخليجية على الضربة الإسرائيلية بإي ...
- فيديو يرصد إنطلاق صافرات الإنذار في الأردن
- كيف أثرت هجمات إسرائيل على سير العمل بمطار القاهرة الدولي؟
- الخارجية الإسرائيلية تفتح غرفة عمليات طارئة وتعلن: أيام صعبة ...
- الجيش الإسرائيلي يعرض مشاهد -لتدمير منظومة الدفاع الجوي الإي ...
- -شاهد 129- و-شاهد 136-.. كيف تهدد المسيرات الإيرانية إسرائي ...
- من يمتلك قوة نيرانية أكبر إيران أم إسرائيل؟


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوان يوسف - الكرد و-النخب السورية -: الدهشة المتكررة