أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد وجدي - اختلاف المسلمين في القرآن: دراسة حالة حول المعوذتين.














المزيد.....

اختلاف المسلمين في القرآن: دراسة حالة حول المعوذتين.


محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ

(Mohamed Wagdy)


الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 15:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المقدمة: يُعدّ القرآن الكريم محور العقيدة الإسلامية، ويُعتقد بين المسلمين أنه وحي منزل من عند الله، نُقل للنبي محمد ﷺ عن طريق جبريل. غير أن تتبع المصادر الإسلامية القديمة يكشف عن وجود تباينات واختلافات بارزة بين الصحابة الأوائل حول ما يُعد قرآناً فعلاً. من أبرز الأمثلة على ذلك مسألة المعوذتين: سورة الفلق وسورة الناس، والتي لم تَحظَ بإجماع في بدايات تدوين النص القرآني.

في هذا البحث، نسلط الضوء على هذه القضية من خلال استعراض موقف الصحابي عبد الله بن مسعود، وتحليل روايات السلف، مع الرجوع إلى كتاب "المصاحف" لابن أبي داود، وأقوال العلماء، بالإضافة إلى شهادات المستشرقين الذين درسوا تطور النص القرآني وتاريخ جمعه.

أولاً: عبد الله بن مسعود والمعوذتين عبد الله بن مسعود، أحد أوائل من أسلموا، كان من أقرب الصحابة للنبي محمد ﷺ، وقد عُرف بدقته في الحفظ والتلاوة. ومع ذلك، فقد ورد عنه في مصادر معتبرة أنه لم يكن يثبت المعوذتين ضمن مصحفه، وكان يرى أنهما ليستا من القرآن.

قال السجستاني في "المصاحف":

> "في مصحف عبد الله: المعوذتان ليستا من كتاب الله، وكان لا يكتبهما."



وفي رواية أخرى، قال ابن مسعود:

> "لا تخلطوا في المصحف ما ليس منه."



هذه التصريحات تدل على موقف صريح يُشكك في قرآنية السورتين، وهو ما يعارض النص المعتمد في المصاحف الحالية. هذا الرأي لم يكن هامشيًا، بل صادرًا عن أحد أبرز القُرّاء الذين قال فيهم النبي: "من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أُنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد."

ثانيًا: إثبات المعوذتين في المصاحف العثمانية مقابل موقف ابن مسعود، اعتمد زيد بن ثابت وبقية لجنة جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان المعوذتين ضمن المصحف الرسمي. وقد تم فرض هذا المصحف لاحقًا على الأمة الإسلامية، وأُتلفت النسخ الأخرى التي خالفت النص المعتمد.

هذا لا يدل على إجماع فعلي، بل على سلطة سياسية ودينية فُرضت لتوحيد القراءة والمصحف، مما أدى إلى طمس بعض الاختلافات، مثل مصحف ابن مسعود.

ثالثًا: البنية اللغوية للمعوذتين من حيث الأسلوب، تتميز المعوذتان بنفس خصائص السور القصيرة المكية من حيث الإيقاع والموضوع، لكن هذا لا يحسم الجدل حول مصدرهما. فالتشابه لا يعني بالضرورة أنهما من نفس السياق التنزيلي، خاصة مع وجود صحابي بارز أنكر قرآنيتهما.

رابعًا: أقوال المستشرقين تناول العديد من المستشرقين هذه المسألة كدليل على أن النص القرآني لم يكن متماسكًا أو موحدًا منذ البداية.

كتب تيودور نولدكه:

> "اعتراض ابن مسعود على المعوذتين يُظهر أن القرآن لم يُجمع وفق وحيٍ فقط، بل بتدخل بشري واضح."



ويقول آرثر جيفري:

> "وجود نسخ متعددة من المصحف وتنوع القراءات يطعن في فرضية النص القرآني الواحد الذي لم يتغير."



خامسًا: موقف العلماء لاحقًا مع مرور الزمن، تم إسكات الرأي المخالف لمصحف عثمان، وجرى التعامل مع اختلاف ابن مسعود باعتباره شذوذًا أو سوء فهم. ولكن من الناحية التاريخية، لا يمكن تجاهل أن هذا الرأي كان موجودًا وقويًا بين الصحابة.

الخاتمة: تكشف قضية المعوذتين أن الاختلاف حول النص القرآني لم يكن أمرًا عابرًا، بل كان يعكس جدلًا حقيقيًا في المراحل الأولى من الإسلام. ورغم الجهود التي بُذلت لتوحيد المصحف، إلا أن المصادر القديمة والقراءات المختلفة تُظهر أن النص القرآني مرّ بمراحل من التكوين، وأنه لم يكن محل اتفاق شامل منذ البداية.

المراجع:

1. السجستاني، كتاب المصاحف، تحقيق آرثر جيفري، دار الكتب العلمية.


2. فتح الباري لابن حجر.


3. الإتقان في علوم القرآن للسيوطي.


4. تاريخ القرآن – تيودور نولدكه.


5. The Materials for the History of the Text of the Quran – Arthur Jeffery.


6. صحيح البخاري.


7. النووي، المجموع.



#محمد_وجدي (هاشتاغ)       Mohamed_Wagdy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الميول تبرّر الأفعال؟ تأملات فلسفية في مسألة المثلية والا ...
- -سرُّ الأربعاء-
- ما بين واحد والآخر
- ثوبكِ المزيان
- روحٌ منيرةٌ
- ماذا على ؟؟؟ - شعر
- إلى تونسية - شعر
- قيد
- في البدء
- بوست للفخر والشكر
- فلسفة الصلاة في حياة بولس الرسول : ج 1
- - أعطيني لأشرب -
- يا أيها المزمل - شعر
- المسيح ولعازر - هكذا تكلم يسوع
- المسيح واللصوص
- فراق
- الدلعدي فيكتور هوجو والتغيير
- الذبائح والقرابين، ومدلولها في العهد الجديد
- هل تكلم القرآن عن الانفجار العظيم ونشأة الكون ؟
- سيمبا - أبوك عايش جواك


المزيد.....




- دار الإفتاء المصرية توضح الفرق الجوهري بين صلاتي عيد الفطر و ...
- “أغاني طول اليوم هتسلي أطفالك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2 ...
- إدارة ترمب تتهم جامعة كولومبيا بممارسة التمييز ضد الطلاب الي ...
- آية الله خامنئي( دام ظله) يدعو الحكومات الإسلامية لمواجهة ال ...
- “بهذا التوقيت رسميا” دار الإفتاء تحدد مواعيد صلاة العيد 2025 ...
- الإخوان على رادار واشنطن.. هل اقترب تصنيفها -إرهابية-؟
- حققي طلباتهم .. قائمة تردد قنوات الأطفال 2025 عبر نايل سات م ...
- غني مع الأطفال طول اليوم في سعادة ومرح “تردد قناة طيور الجنة ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- الإسلام السياسي ينشط في أوروبا – فما العمل؟


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد وجدي - اختلاف المسلمين في القرآن: دراسة حالة حول المعوذتين.