سهيل الزهاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 20:50
المحور:
الادب والفن
نثرُ الأوراقَ للريحِ
بحثًا عن همسةٍ من صوتك،
أجدُ كلمةً خطَّها دمُك،
تزهرُ بينَ السطورِ نداءً،
وتُشعلُ في القلبِ وهجَ الخلود.
وإذ بي أسمعُ صدى الحروفِ يجيبني:
أنا الفكرُ الحرُّ، لا ينحني،
أمضي كنورٍ يتحدّى الدجى.
تصفَّحوا التاريخَ، تجدونني
جذوةً تتقدُ في دربِ الحياة.
حُلمي حياةٌ تُعمِّرُ الأرض،
وصوتي نشيدُ التغييرِ العميق،
فما زلتُ أنبضُ في الكلماتِ حياةً،
وأبعثُ في الدروبِ ضياءً.
وإن غابَ صوتُ الجسدِ،
يظلُّ الفكرُ شعلةً لا تنطفئ.
في دربٍ معتمٍ، في الطرقاتِ الوعرة،
كنتُ أمشي...
أواجهُ العواصفَ الدامية،
براعمُ الربيعِ تلفحها ريحٌ مجهولة،
والنجومُ تائهةٌ في ليلٍ بلا صمامٍ ولا أمان.
لكنني أقسمتُ أن أقاوم،
وقفتُ صامدًا أمامَ موجِ البحرِ الهائج،
لم يرعبني سيوفُ الطغاةِ الجُدد،
ولا أزيزُ الرصاص،
يشقُّ الهواءَ كصرخةٍ مذعورةٍ
تترددُ في أعماقِ الزمن،
حملتُ قيثارتي وغنّيتُ نشيدَ الحرية،
ورسمتُ على راحتي أوراقي،
لتكونَ جسرًا بينَ الأجفانِ الساهرة.
أفرشُ الورودَ بينَ الأشواك،
أزرعُ شجرةً بعدَ شجرة،
ترقبُ بزوغَ فجرٍ ذهبي،
يشرقُ متلألئًا في الأفق.
علَّ العصافيرَ تجدُ الأمان،
ويحملُ الهواءُ العليلُ نَفَسَ الحقيقة،
لمن لا يزالُ يحلمُ بالضياءِ.
لكنني كنتُ أخشى الغدر،
من القريبِ... ومن البعيد،
فالرياحُ العاتيةُ تعصفُ كلَّ يوم،
تقتلعُ براعمَ الحقولِ دونَ رحمة،
ويُطوِّقُني الشكُّ كليلٍ طويل.
فجأةً... دخلتُ نفقًا معتمًا،
حُجِبَت الشمسُ عن عيني،
ولفَّني صمتُ الظلام،
لكنني أبصرتُ الأفقَ البعيد،
فما دامَ في الأرضِ إنسانٌ كريم،
سيولدُ الفجرُ رغمَ الجراح.
قلتُ في نفسي:
الموتُ أهونُ مِن حياةِ مذلّةٍ،
إن خُنتُ يومًا نجومَ المسيرِ.
أقسمتُ،
أن أُبقي صوتي حيًّا،
حتى ولو مزّقته الريحُ ومضى.
تكالبت سياطُ القهرِ على جسدي،
تتغلغلُ في أعماقي كنارٍ حارقة،
فاستجمعتُ صوتي كي يعلو على الألم،
فانقضَّ سوطُ العذابِ كمن يلتهمُ ظلي،
متوغّلًا في أعماقي.
فحينها، قطّعوا يدي... وثقبوا خاصرتي،
كأنهم أرادوا دفنَ حُلمي،
لكن الحلمَ لا يُدفن،
جذورهُ تمتدُّ في الأرض.
تكالبَ السوطُ على جسدي،
يتوغّلُ نحوَ أعماقي،
فاستجمعتُ إرادتي في صوتي،
وهتفتُ:
خذوا جسدي...
لكنني لن أُفشي السِّرَّ!
سأظلُّ أمضي، وفي يدي كلمتي،
وفي روحي عهدي،
وفي صدري حكايةُ وطنٍ لن يموت.
لكنكم لن تطفئوا صرختي!
لن أتركَ الحرفَ يذبلُ في رمادِ الصمت،
وهبتُ روحي... كي تزهرَ الحياة.
تم النشر في الطريق الثقافي لجريدة طريق الشعب بتاريخ 24 أيار 2025
#سهيل_الزهاوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟