أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيل الزهاوي - الوند العظيم














المزيد.....

الوند العظيم


سهيل الزهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7596 - 2023 / 4 / 29 - 15:20
المحور: الادب والفن
    


في ليلةٍ ليلاءَ
وفي أعماقِ النومِ أحلم:
في ضواحي المدينةِ أسير.
ها أنا ذا اتأملُ البدايات
في وحدتي الموحشة.
كنتُ أسْرَحُ بِأفْكَارِي بَعِيداً
فجأةً داهمَني لَهيبُ الذكريات
أيقظَ أجراسي الراقدةَ خيالاً
اقتحمَني محمولاً على أمَوْاج الريح.
منْ بعيد،
صوتٌ ساحرٌ يتناهى الى سمعي،
أسمعُ صدى خريرِ الماء
آخذاً بيدي نحوَ نهرِ الوند
على حافةِ النهرِ الحزينِ أترجّلُ،
أتطلعُ الى مجرى النهر،
والصمتُ مخيِّمٌ على الوند،
على إيقاع شجى الأوجاع
أرى الوندَ العظيمَ مقطوعَ النَّفَس
حزيناً كالوداعِ، وجانباه قاحلانِ،
صوتُ النهرِ الحزين تفجَّر،
فهل منْ مُجيب؟
-----------
يا نهرَ الوندِ لا تشكُ،
ما جدوى شكواك المتنهِّدِ مِنْ ماردٍ.
لسْتَ الوحيدَ،
في وطني يلفُّ الحزنُ أنهارَنا
وسواقينا وسهولَنا وجبالَنا.
يا نهري، يا طاويَ أحزانِ شبابي،
ليتَ قلبكَ الهابطَ يُدركُ ما يَحُوكُ لك
الأشرارُ، والشرقُ!
أجمعَ الجيرانُ على أنْ يخنقونا.
كم مِنْ مرةٍ وضعوا السيفَ على رقابنا،
حاولوا قطعَ أعناقنا.
يا نهرَ الوند،
اليومَ عادوا، وأحيوا مآسينا.
أيُّها النهرُ،
هيهاتَ، هيهاتَ أن يُعودَ ماؤك،
نَبْعُك النَاضِبُ أقفلوا عليهِ الأبواب،
غَيَّروا اتِّجَاهَهُ الى روابٍ وسدود،
ليجفّفوا الزرعَ والضرعَ،
وتموتَ الأزهارُ على ضفتيك،
وعلى جانبيك بقايا عظامِ الأسماك.
--------
لمَنْ تغنّي الطيورُ المرفرفةُ؟
الأعشابُ جفّتْ وفقدت رونقَها،
بالأمس كانتْ رياضاً ترفلُ بالخُضرةِ والأزهار.
أين رائحتُك العطرةُ، وريحُكَ الطَّيِّبةُ!
اليومَ
حتى الحَجَرُ لمْ يسلمْ من الخراب،
نهبَ اللصوصُ قيثارتَك الجميلةَ،
كانتِ الطيورُ على أنغامها ترقصُ،
تملأُ الأفقَ ترانيمَ منْ دَفقاتِ الشُّعور.
في الماضي القريب
كانَ في نهري العذبِ صدىً يأسرُ القلوب.
لم يعدْ أحبابُكَ يسمعون هديرَكَ المدوِّي
منْ بعيد.
.........
على شاطئ النهرِ الحزينِ أسيرُ
صعوداً وهبوطاَ
وفي عَيْنيَّ أسىً عميق.
كانَ الحجرُ يبكي معي،
دموعُنا انهمرتْ في النهر
ظنَّها مطراً يهطلُ من السماء.
طوالَ الشتاءِ
لم تتوقفْ عن المَدِّ.
ها هو الوندُ ينحسرُ
وانفاسُه تلهثُ!!
-------
بالأمسِ كنتَ تجري متحدّياً العوائق
وموجاتُك تتلاطمُ مع الصخور.
وفي الصيف تزهو كالربيع.
تتدفَّق نميراً صافياً،
كنتَ سرَّ مدينتنا
كنتَ الكوثرَ على الأرض
أسقيتنا وأسقيتَ مزارعنا،
في لهبِ الصيفِ كنتَ مأوانا.
بالأمس كنتَ تناجي شوقَنا
باسطًا لنا ذراعَيك،
تأخذُنا في أحضانك،
نجلسُ، نتجادلُ، نتسامرُ.
كنتَ لنا منهلَ الأفكار.
-------
أيُّها النهرُ،
في صبايَ كنتُ أعشقُ خريرَكَ،
وأنينَ موجاتك.
وإنْ ارتحلْنا بعيداً
فإِنَّ حنينَنا وشوقَنا يشدُّنا إِلَيك
مُقيماً في قلوبنا حتى مماتنا،
نسمعُ في يقظتِنا وفي منامِنا
لحنَك الجميل،
تحتَ ظِلِّك الوارفِ التقينا.
كنتَ لنا النورَ الذي يضيئنا
في ليالينا،
أنا ورفاقي ولفيفاً من الشباب
على ضفافِك نسرحُ ونمرحُ.
مللْنا أيُّها النهرُ الحبيب،
كيف لنا أنْ نرويَ ظمأنا
في هَجِير النَّهَار.
أيُّها النهرُ، لا تيَأْسْ،
إنَّ اليأسَ يخنقُنا.
دعْني أجوبُ بينَ فلواتك.
سيبقى جسرُك صامداً رغمَ الجفاف.
سيحكي قصصَ آماسي الربيعِ للأجيال،
وعن قمرِ الصيف مضيئاً وجهَكَ.
وفيضانُ الشتاء ينسابُ في أزقةِ المدينة.
كم مرة حلمْتُ بكَ شوقاً ملتهباً.
مهما استبدَّ بنا الألمُ،
واشتدّتْ جراحُنا،
يا نهري العذب،
يبقى صَـداكَ يرنُّ في أُذني.
أجوبُ بينَ شاطئيك الحزينين،
أجمعُ بقايا صوتِكَ في الصخور،
سيظلُّ صوتُكَ يرافقُني
في كلِّ صباحٍ ومساء



#سهيل_الزهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفجعتها المصيبةُ
- المثقفون (النشاط الفكري والسياسي في العهد العثماني )
- النظام التعليمي في العراق ونشوء المثقفين 1900 - 1934
- رحلة إلى قلب المخاطر
- يجب عليك أن لا تنام
- حزني
- نشوء وتطور الرأسمالية في العراق
- تركت صَمْتها هذا أعمق الأثر في نفسه
- المناضلة الجسورة جیران شیخ محمود
- الشهيد البطل حامد الخطيب المكنى ابو ماجد
- ثورة أكتوبر الاشتراكية وحركة التحرر الوطني في العراق
- نشوء الاقطاع ونضال الفلاحين في العراق*
- في ذكرى إعدام الشهيد ماهر الزهاوي
- الشاعر سيجبيورن اوبستفلدر (1866- 1900) رائد الحداثة في النرو ...
- أقصوصة قصيرة ستكتب شيئاً مدهشاً
- قراءة في رواية الآن .. هنا، أو شرق المتوسط مرة أخرى
- في اربعينية المناضل والصحفي والاديب دانا جلال
- صفحات من نضال الشيوعيين في السليمانية معركة ازمر الدفاعية في ...
- قصيدة من الادب العالمي للشاعر النرويجي سيكبيورن اوبستفالد (1 ...
- صفحات من نضال الشيوعيين في السليمانية بعد مرور سبعة وعشرين ع ...


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيل الزهاوي - الوند العظيم