رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 8353 - 2025 / 5 / 25 - 00:15
المحور:
المجتمع المدني
في كل جهاز أمني تبدو الخارطة أشبه بلوحة مرسومة بعناية للحدود، مفاصل، مسارات، ونقاط تماس ، غير أن ما يفسد هذا التناسق أحيانًا هي "الدبابيس الحادة" التي تُزرع عشوائيًا في مفاصل هذه الخارطة فتشوّه الشكل وتشوّش الوظيفة ،الدبابيس ليست عدوًا خارجيًا دائمً بل قد تكون من ضمن بيئة العمل ويمكن ان نختصرها بالاتي
- مسؤول أمني غير كفء يُفرض بغطاء سياسي ويحتل المكان احتلالا وليس اشغالا، ويسبب فوضى بالعمل ويربك الجهاز.
- جهة مسلحة تعمل بغطاء رسمي ولكن خارج منظومة الأوامر المركزية وتتمتع بنفوذ تخرق كل القوانيين وتستحوذ على الثروات .
- أجهزة تتقاطع في الصلاحيات دون تنسيق مما يربك الأداء الأمني ويخلق فراغات يُحسن استغلالها وتتزاحم على ساحات العمل الحقيقية.
خارطة الأمن ليست مجرد توزيع نقاط تفتيش او مسلحين مدججين بسلاح الخط الاول ونشرهم بالشوارع او كاميرات مراقبة، بل هي بنية فكرية ونسق قانوني وعلاقة ثقة بين الدولة والمجتمع ، عندما تُزرع "الدبابيس الحادة" في جسدها تُصاب الخارطة بالخلل ، يفقد المواطن ثقته بالقانون ، ترتبك الأجهزة الأمنية في تقييم التهديدات، ويعلو الصوت غير الرسمي على صوت الدولة.
أمثلة عراقية عديدة تؤكد ذلك:-
- الصراع والنزاع بين القيادات الأمنية حول الأولويات الميدانية وساحات العمل المتداخلة .
- انتشار السلاح خارج الدولة بذريعة المقاومة أو العرف العشائري.
- أو تدخلات سياسية تُفرغ المحتوى القانوني والعدالة من مضمونها بحجة حماية مريديها .
إن الحل لا يكون بسحب هذه "الدبابيس" دفع واحده فبعضها أصبح جزءًا من الجلد، ولكن عبر خطوات إصلاحية متدرجة:
حصر السلاح بيد الدولة، تعزيز المهنية داخل الأجهزة الأمنية ،إعادة رسم صلاحيات الأجهزة المختلفة وضبط العلاقة بينها بقوانين واضحة لا تتقاطع، والأهم ترسيخ مبدأ المحاسبة دون استثناء أو حماية.
الخلاصة
وفي خضم التحديات الأمنية المتراكبة لا يمكننا أن نطلب من خارطة الأمن أن تكون مثالية أو معقمة من الثغرات فهذا وهم يتعارض مع الواقع، لكن يجب علينا أن نؤسس لمنظومة تعرف كيف تتعامل مع مواطن الضعف قبل أن تتحول إلى شقوق قاتلة، فالاجهزه الأمنية القوية ليست تلك التي تنكر وجود الخلل بل تلك التي تمتلك من الشجاعة والمرونة ما يكفي لتفكيك ألغامها الداخلية، وإعادة ترتيب أولوياتها، وتقليم النفوذ غير المشروع أينما وُجد .
إن خارطة الأمن الناجحة ليست تلك التي تخلو من التهديدات بل التي تملك القدرة على احتوائها، والتعامل مع "دبابيسها الحادة" بوعي واستباق دون أن تُخترق أو تنفجر من الداخل.
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟