أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمان النوضة - في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك















المزيد.....



في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك


عبد الرحمان النوضة
(Rahman Nouda)


الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 16:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فَــــهْــــرَس هــــذا الـــمــــقـــــال

1 ■ المُتـكلّم .................................................. 2
2 ■ حَوْل اليَقِينِيّات والشُّـكوك .............................. 2
3 ■ في مَناهج التّـفـكير ..................................... 3
4 ■ أَهَمِّيَة أَسْبَـقِيَة المُجتمع على الفَرد .................... 7
5 ■ صُعوبة فَهم المُجتمع، وَصُعوبة مُعَالجة مَشاكله ..... 9
6 ■ بَعض الدِّيناميّات الجارية في العالم ................... 10
7 ■ بعض المَظاهر السَّلْبِيَة في العالم النّاطق بالعربية .... 25
8 ■ بَعض الشُكُوك أو المَظاهر السَلبية في العالم ......... 31
9 ■ اختلالات في تَوَازُنَات البِيئَة العالمية ................. 36
10 ■ وَسائل التواصل الرّقمية ............................ 37
11 ■ هَل مِن آمَـال ؟ ...................................... 39

مُلاحظة : أَسْتَـعمل رُمُوزًا، لِتَرْتِيب النُّـقَط الواردة في هذا المقال، بِشَكل تَنَازُلِي، حَسَب أَهَمِّية كل نُقطة، بالتَّرْتِيب التّالِي: ■ • ٭ ◊


1 ■ المُتـكلّم
• ماذا أعرف عن المُجتمع ؟ أعتـرف أنّ مَا أعرفه، أو مَا أفهمه، حول المُجتمع، هو ضَئِيل، بالمُقارنة مع ما يَلزم أنْ أعرفه. يُمكنني أنْ أقـول أنني «مُثَـقَّـف جاهل»، أو «جاهل مُـثـقّـف».

2 ■ حَوْل اليَقِينِيّات والشُّـكوك
• سأعرض بِشَكل سَريع، بعض مظاهر فَوْضَى العالم. وسأقدِّم بعض "اليَـقِينِيّات"، وبعض "الشُّـكُوك"، كما نُلاحظها، على مُستويات مُجتمعنا الصّغير (المَغرب)، ومُجتمعنا المُتوسِّط (العالم العَربي)، ومُجتمعنا الكبير (العالم).
• وَيُمـكن أنْ نَنظر إلى أيّة قَضيّة مُحدّدة، مِن زَاوِيَة مُـعَيَّنَة، وَقَد نَراها كَـ «يَـقِين». كما يُمكن أن أنْ نَنظر إلي هذه الـقضية مِن زَاوِية مُخالـفة، وَقَد نَراها كَـ «شَـكّ». وَنَـقِيض «اليَـقِين» هو «الشَـكّ». وَنَـقِيض «الشَـكّ» هو «اليَـقِين». وَتُوجد علاقة جَدلية بين «اليَـقـين» و«الشَّـك». حيث يُمكن لِـ «يَـقِين» مُحدّد، أن يَتَحوّل إلى «شَـكّ». كما يُمكن لِـ «شَـكّ» مُعيّن، أن يَتحوّل إلى «يَـقين». ومثلما أنّ «الشَـكَّ» مُؤقّت، فإنّ «اليَـقِين» هو أيضًا مُؤقّت.
• وَالْتِـقَاط مُعطيات الواقع الحَيّ الـقائم، وَجَمعها، وتحليلها، واسْتِيعَابها، وَنَـقْدُها، بِأَدَوات العَـقْل، أو المَنْطق، أو العُلوم، هو الذي يَسوقنا إلى اعتبار الـقضية المَـعنية المَدروسة «يَـقِينًا»، أو «شَـكًّا».

3 ■ في مَناهج التّـفـكير
• مِن بين أخطر العُيُوب المَوجودة فينا، كَأفراد، وَكَمُواطنين، وكشعوب عربية (أو ناطقة بالعربية)، نَجد ضُعف «الوَعي السيّاسي».
◊ [ والمَقصود هُنا بِـ «الوَعي السيّاسي»، هو مَعرفة، وَفَهم، واسْتِيعَاب، والـقُدرة على نَـقْد، الأوضاع السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والثـقافية، الـقَائِمَة في مُجتمعنا الصغير (الوَطن)، وفي مُجتمعنا الكبير (العالم)، ويَشْمَل «الوَعي السيّاسي» مَعرفة التـناقضات الجارية في هذه المُجتمعات، والـقَواعد التي تَتحـكّم في دِينَامِيّات تَطوّر هذه المُجتمعات ].
• وحينما يَكون «وَعْيُنا السياسي» ضَعيـفًا، أو مَـفْـقُودًا، فإننا لَا نَشعر بِأَيّ نُـقْصَان في «وَعْيِنَا السيّاسي». فَنَستمرّ في الاعتـقاد أنّنا نَعرف كلّ ما يَجب أنْ نَعرفه. بَيْنَما نَحن نَجهل مُعظم مَا يُمكننا أنْ نَدركه.
◊ وَحينما يَـفْـتَـقِـدُ شخص، أو جَماعة، الحَدَّ الأدنى مِن «الوَعي السياسي» الضَّروري، يُصبح مثل خَروف في الحَقل، يَنشغل فـقط بما يُمكنه أنْ يَأكله. وَلَا يَـكْتَرِثُ لِأوضاعه العامّة، وَلَا لِأَوْضاع جَماعته، أو مُجتمعه، وَلَا يَستوعب العَوامل المُتـعدِّدة التي تُحدِّد مَصيره. وَلَا يَتوفّر مُعظم مُواطنينا على «وعي سيّاسي» كَافٍ، أو مُرضٍ. وَلَا يَـعرفون كَيـف تَتَلَاعَب بِشُعوبنا الدّول الإمبريالية، وإسرائيل، والأنظمة السياسية العربية الاستبدادية.
◊ وَيُنْتِج حَتمًا ضُعف «الوعي السياسي» رَدِيـفَة الذي هُو ضُعف «الوعي الاقتصادي».
◊ بدون اِكْتِساب «وعي سياسي» مُتـقدِّم، لا يُمكن فَهم التناقضات والصراعات الجارية، سواءً في مُجتمعنا الصّغير (المغرب)، أم في مُجتمعنا الكبير (العالم).
◊ وبدون اِكْتِساب «الوعي السياسي»، نَجهل مَصالحنا الأساسية، وَقَد نَتـعامل مع «أصدقاءنا» كَـ «أعداء»، وقد نَـتـعامل مع «أعداءنا» كَـ «أصدقاء». (مثال : المَملكة المَغربية تَتـعامل مع العَدُوّ الإسرائيلي كَـحَليـف، وَكَصَديق).
◊ الرَّكِيزَة الأساسية في حَيَوِيَة الشُّعوب، هي الثَّـقَافَة، والـفِـكر النَّـقْدِي، والوَعْي السيّاسي الثَّوْرِي، والمَنطق، والعَـقْل، والعُلوم الدّقيقة.

■ لَدَى المُواطنين، في ميادين الـفِكر، والثّـقافة، والسياسة، تُوجد ظاهرة تَضَاءُل اليَـقِـينِيَّات، وَتَـكَاثُر الشُـكُوك.
• كثير مِن المَواقف، أو المَراجع، أو اليَـقِينِيّات، أو القِيَم، الـقديمة، التي كانـت مَوْثُوقَة، أصبحت تَتَهَاوَى، وتَظهر مَشْكُوكًا فيها، أو مُتَجاوَزَة، (مثل الصِّدق، النَزَاهَة، الدّولة، العَدالة، الـقَانون الدُّولي، الأخلاق، الدِّين، الدِّيموقراطية، الاشتراكية، التَضامن المُجتمعي، الخ).
■ أمام هذه الـفَوضى المُتصاعدة في العالم، نُؤَكِّد على أنّ المَرْجِـع (référence) الوَحيد المَوْثُوق به، هو العَقْل، والمَنْطِق، والعُلوم الدّقـيـقة، والـفَلسفة النّاقدة. (وليس الدِّين، وليس الثـقافة الرّسمية، وليس التَقاليد، وَلَا المُـعتـقدات الشّائعة، وَلَا آراء الأغلبية). وَالعَقل هو نَـفسه يَعود إلى التَّجربة، وإلى التَّجْرِيب، في الواقع المَلموس، والحَيّ.
◊ مَا هي العُلوم الدّقـيـقة ؟ هي خُصوصًا : الريّاضيّات، الـفيزياء، الكيميّاء، وفُروعها المُتَـعَدِّدة وَالمُتخصِّصة، الخ.
• لكن لَا تَنْخَدِعُوا، بعض «العُلوم» الرَّأْسَمَالِيَة ليست «عُلومًا دَقِيـقَة» ! منها مثلًا : «علم النّفس» (psychology)، و«العُلُوم الاجتماعية» (sociology)، و«الأنـتـروبولوجية» (علم الإنسان)، و«التاريخ»، و«علم الاقتصاد» (الرّسمي، كما يُدرّس حاليًّا في الجامعات الرَّأْسَمَالِيَة)، الخ. وَإِنْ لَم تَـكن هذه العُلوم الرّأسمالية «عُلومًا دَقـيـقة»، فَمَاذَا تَـكون ؟ إنّ هذه التَخَصُّصات (المذكورة سابقًا) هي نَوع مِن الآداب، أو الـفُنُون، وليست جُزءًا مِن العُلوم الدَّقيقة.
◊ لماذا هذه العُلوم الرّأسمالية ليست عُلومًا دَقيقة ؟ لِعِدّة اِعتبارات. 1) لأن المُجتمع ليس مَادّة جَامدة. 2) لأنّ البَشَر لَا يَعرف، أو لَا يَـقدر على، دراسة المُجتمع بِمَنْهَج عِلمي دقيق. 3) لأنّ كلّ «العلوم الاجتماعية» المَوجودة حَاليًّا، مبـنية على أساس افتـراضات سيّاسية، (وليس على أساس حقائق علمية مُحايِدَة)؛ وتَخدم رُؤى الطَّبقات السّائدة في المُجتمع. ولا تـقدر على احتـرام الدِّقة العلمية.
◊ مثلًا في مَيدان «العُلوم الاجتماعية»، لا يُوجد «عِلم اجتماع» واحد مُوحّد. وإنما يَتَسَاوَى عدد العُلوم الاجتماعية مع عَدد عُلَمَاء المُجتمع. ولماذا ؟ لأنّ كل عَالِم في «العُلوم الاجتماعية» له «عِلم اجتماعي» خاص به. ويُخالـفه في بعض الآراء باقـي العُلماء في «العُلوم الاجتماعية».
◊ لا يُمكن أن نَـقـوم بِتَجارب على المُجتمع، في مُختبرات، وَلَا أنْ نُـكَرِّر هذه التَجارب، للتّأكّد من صحّة الْاِفْتِرَاضات، أو الأطروحات، في مَجال «العلوم الاجتماعية».
◊ وَلِكَيْ تَـغْلِب هذه «العُلوم» الرّأسمالية النَّظَرِية المَاركسية، تَسْتَـقْـوِي هذه «العلوم الاجتماعية» الرّأسمالية بالسُّلطة السياسية القائمة، وليس بِسُلطة العَقل، أو العِلم الدّقيق.
◊ مثال "الدراسات الإسلامية"، هي كذلك نوعًا مِن الآداب، أو من الدِّعاية الدِّينية، وليست عُلومًا دقيقة.

4 ■ أَهَمِّيَة أَسْبَـقِيَة المُجتمع على الفَرد
• في داخل المُجتمعات، تَنـتشر أو تَتَكاثر سُلُوكِيّات غير عَادلة، وغير عقلانية (منها مثلًا مَظاهر الأنانية، والفردانية، والانـتهازية، والاستبداد، والتَحَايُل، والغِشّ، والـفَساد، الخ). وهذا دَليل على عَدم اِسْتِيعاب المُواطنين لِأَسْبَـقِـيَـة المُجتمع على أيّ شيء آخر.
■ في الجِدَالَات الجَارية، نَرفض أن يكون الموضوع الأساسي هو الـفَرد، أو الشّخص، أو الـقَائد، أو الزّعيم، أو المَجموعات، أو الفِئَات، أو الجماعات الخُصوصية، أو الطَبَـقَات المُجتمعية، أو الهيئات، أو المؤسّـسات، مهما كانـت هذه الجَماعات اِستثنائية. بَل الموضوع الأساسي، أو الوحيد، هو المُجتمع، وهو الإنسانية.
• تَـعريـف : المُجتمع (الصّغير) هو الكيّان الذي يَجمع كل الأفراد، والجماعات، والمُؤسّـسات، الذين يَتـفاعلون فيما بينهم، بشكل مُباشر أو غَير مُباشر، داخل حُدود تُراب وَطَنِي مُـعيّن. وَيُوجد المُجتمع على شكل ثَلاثة مُستويات؛ وهي : مُجتمع مَحَلِّي (مثلًا المَغرب)، وَمُجتمع مُتوسّط (مثلًا العالم النّاطق باللّغة العربية)، وَمُجتمع كَبير (هو العالم، أو كوكب الأرض).
• في كل تَـفكيرنا، وفي كل هُمومنا، المُنْطَلَـق هو المُجتمع، والهَدف هو المُجتمع.
والمُجتمع درجات، حيثُ نُمَيِّز بين المُجتمع الصغير (هو مثلًا المغرب)، والمُجتمع المُتوسط (هو العالم العربي)، والمُجتمع الكبير (هو كَوكب الأرض).
٭ وأهم المَشاكل، هي مشاكل المُجتمع، ومشاكل البَشَرية، أو الإنسانية، وليس مَشاكل الأفراد، أو المَجموعات الخاصّة.
• إذا سُئلتُ : ما هو أهم شيء في العالم، أو في السياسة ؟ سأجيب : إنه المُجتمع، أو البَشر، أو مَجموع الإنسانية. وإذا وضعنا جانبًا، ومُؤقّتًا، النَّبَات، والحًيوان، والجُيولوجيا، ماذا يَبـقـى ؟ يَبـقـى البَشر. والبشر يُوجد على شكل مُجتمع (وليس على شكل أفراد، أو جَماعات مُستـقلّة عن بَعضها البَعض). ولا يُمكن أن يُوجد الفرد كـفرد بِمُـفْرَدِه؛ كما لَا يُمكن أن تُوجد المَجموعات بِمُـفْرَدِهَا، وإنما يُوجد فـقط المُجتمع (مع ما يَحْتَوِي عليه مِن أفراد ومجموعات).
• ولماذا المُجتمع البشري هو صَعْب على الـفَهم، وعلى الإصلاح ؟ لأن البَشر هم كُلّهم أنانيون (égoïstes)، بِدَرجة مُعيّنة أو بأخرى. ولماذا البَشَر أَنانِيّون ؟ لأنه يُوجد في كل إنسان شيء مُضْمَر اِسمه «الأنا» (the self). وكلّ البَشَر هُم مُتَمَرْكِزُون حول ذَوَاتِهم (égocentriques). وكل البَشَر يُـعطون الأسبقية لأنـفسهم، وَلَوْ على حساب المُكوّنات الأخرى لِلمُجتمع. لكن في الواقع، كل شيء هو مُهم وَمُتَرابط. بما فيه مثلًا الْأَتْرِبَة الجيولوجية، والنبات، والحيوان، والبشر، والمُواطنون الآخرون الذين يَختلـفون معنا. كل الأشياء مهمّة، ومُترابطة، ومتكاملة. ولَا يُوجد «الاستقلال». بَل «الاستقلال» هو مُجرد مفهوم نَظري، وليس واقعًا قائمًا.

5 ■ صُعوبة فَهم المُجتمع، وَصُعوبة مُعَالجة مَشاكله
• مِن أين تأتي صُعوبة فَهم المُجتمع ؟ تأتي مِن أننا لا نَستطيع فَهم أي مُشكل مُجتمعي مُحدّد، إلّا إذا فَهِمنا مُجمل مَشاكل المُجتمع.
• وصُعوبة مُعالجة أي مُشكل مُجتمعي، تأتي مِن أننا لا نـقدر على مُعالجة أيّ مُشكل مجتمعي جُزئي، أو مُحَدّد، إلّا إذا كنّا نَـعمل، في نَـفس الوقت، على مُعالجة مُجمل مشاكل المُجتمع.
■ البَشر كثيرون. ومَشاكل البَشر كثيرة، ومُؤلمة. ولماذا يَجد البَشر صُعوبة كَبيرة في مُعالجة مشاكل الشَّخصية، أو الجَماعية ؟ بِبَساطة، لأن مَشاكل البشر هي مشاكل مُجتمعية. بينما البشر يَميلون دائمًا إلى التَـفكير، وإلى التَصرّف، بِمَناهج فَردانية، أو أنانية. أو مُتَمَرْكِزَة حول الذّات، أو مُتَمَركزة حَول فِـئَة مُجتمعية مُحدّدة، أو حول طَبَـقَة مُجتمعية مُعيّنة. بَيْنَمَا في الواقع الحَيّ، لَا يُمكن مُعالجة مشاكل مُجتمعية، بمناهج فردانية، أو أنانية، أو طَائـفية، أو فئوية، أو طبـقية. وإنما تُعالج مشاكل المُجتمع بِمناهج مُجتمعية، أي بِمَناهج اشتراكية.
◊ وَتَتَنَاقَض الرأسمالية مع المُجتمع. والرَّأْسَمَالِيَة هي مَنظومة مُجتمعية مَبـنية على أساس الـفَرد، الذي هو الرأسمالي المالك لِلرّأسمال. ومبـنية على أساس المِلكية الخاصّة لِوَسائل الإنتاج المُجتمعية. وليست الرّأسمالية مَبنية على أساس الجَماعة، أو المُجتمع، أو المِلكية المُجتمعية لِوَسَائِل الْاِنْتَـاج. وبالتّالي، يَستحيل أنْ تَدوم الرأسمالية إلى الأبد. ولماذا ؟ لأنها تَعجز على مُعالجة مُجمل مَشاكل المُجتمع.

6 ■ بَعض الدِّيناميّات الجارية في العالم
■ لَا يَتَطَوّر العَالم فَحَسب، وإنما يَتطوّر بِوَثيرة مُتَسَارِعَة (accélération)، وبشكل جَذري. ونحن العَرب، أو المُسلمون، نَتَخَلَّف، أو نَبـقـى في حالة اِنحطاط مُجتمعي.
◊ كثير مِن التـناقضات السياسية (في العالم) تَحْتَدّ، وكثير مِن الصِّراعات السياسية تَشْتَد. ومشاكل الشّعوب تَتـفاقم.
• المُؤَكَّد هو أنّ كل شَيء يَتطوّر. لَا شيء يَبقى قَارًّا. حتّى الأنظمة السياسية (التي تَمنـع الشُّعوبَ مِن أنْ تُـغَيِّر هذه الأنظمة) تَتطوّر، دُون أنْ تَـعِيَ ذلك. وحتّى الدِّين، وطُرُق التَديّن، وحتى النشاط الاقتصادي، والـقِيَم الأخلاقـية، كلّهم يَتطوّرون باستمرار.
■ يظهر العالم في حالة غَلَيَان. ولماذا ؟ لأننا نَنْـتَـقِل من مَرحلة تاريخية إلى أخرى مُخالفة. نَخرج من مَرحلة «هَيْمَنَة قُطْب إمبريالي واحد» على العالم (هو أمريكا)، ونـتطوّر نحو «تَعدّد الأقطاب» الـقَوِيَّة في العالم. كما نَتطوّر نحو عالم يَتَـعَمَّم فيه اِستعمال التِـكْنُولُوجِيَّات الرَّقْمِيَة.
■ الكثير مِن المُعطيات تَدُلّ على أنّ مُجمل الدُوَل الإمبرياليّة الغَربية، (التي كانـت مُهَيْمِنَة على العالم)، أصبحت في حالة اِنْحِدَار (décline) نِسْبِي، أي في حالة تَـقَهْـقُر بَطِيء، أو تَضَعْضُع تَدريجي، أو تَـفَـكُّـك شُمُولي، (في المجالات الاقتصادية، والصناعية، والعسكرية، والثَّـقافية، والحضارية، الخ).
إِمْبْرَاطُورية حِلْف شَمال الأطلسي (NATO) أصبحت في حالة اِنْحِدَار. (إنها ما زالت قَوِيَّة. لكنها دَخلت في حالة اِنحدار).
◊ وَيَشْمَل هذا الانْحِدَار البَطِيء أمريكا (USA)، وإسرائيل، وَدُوَّل أوروبّا الغَربية، وَحِلْـف شَمال الأطلسي (NATO)، ومجموعة G20، ومجموعة G7. واليابان.
• لِنَستـعرض الآن بعض البَوادِر التي تَدُلّ على ذلك الانحدار العَام :
- أزمات اقتصادية، وَمَالِيَة، مُزمنة، وَصَعبة، وَعَمِيـقة (منها مثلًا أزمة سنة 2008، وأزمات أخريات تَلَتْها)؛ وَيُوجد في الدّوَل الإمبريالية؛ تَضَخّم، وبطالة، وغلاء المعيشة، وَتَـفكيك أشكال التَضامن المُجتمعي، واستبداد سيّاسي، وإعلامي، الخ.
- تَخَلِّي مَكْشُوف عن الـقَانُون الدُّوَلي، وعن الأخلاق (تَذكّر إبادة شعب فلسطين)، وعن العَدل المُجتمعي (رَأسمالية مُفتـرسة، وَقَاحَة، الخ)؛
- بِقَدْر مَا تُساعد الدّول الإمبريالية الغربية إسرائيل، بِـقدر ما تُسَرِّع اِنهيّارها الحضاري، دُون أن تَـقدر على فَهم ذلك.
- تَـفَاقُم التَنَاقُضات البَيْنِيَة فيما بَين الدُّول الغَربية (مثلًا بين أمريكا وأوروبا، وداخل أوروبا).
- أعداء الدُّول الإمبريالية يَتَـقَـوَّوْن؛ وهم : رُوسيا، والصِّين، وإيران، وَفِنِزْوِيلَا، والبَرازيل، وأندونيسيا، وماليزيا، الخ.
- فَشل نِسْبِي سَابق لِلإمبرياليات الغَربية في أفغانستان، والعراق، واليَمن، وليبيا، والصّومال، الخ.
- تُرْكْيَا (وهي عُضو في NATO) تُعَوِّض أمريكا في سُوريا، وَتَتَصَرَّف كَإِمْبِريالية في سُوريا، وفي لِيبيا، الخ.
- فَشل أمريكا، والغرب الإمبريالي، في حربهم وخططهم ضدّ رُوسيا، (في أوكرانيا)، وضدّ الصِّين، الخ.
• ظَاهرة اِنْحِدَار الدُّوَل الإمبريالية الغَربية، هي في نـفس الوقت، تَعْبِير عن ظَاهرة تَـأَزُّم الرَّأسمالية الكَلَاسِيكِيَة المُفتـرسة في كل العالم.
• وَمِن بَين بَوَادِر اِنحدار الدُّول الغَربية (في أمريكا، وأوروبّا)، في مَجالات الثَـقافة، والدِّيموقراطية، والحضارة، نَجد ما يَلي :
1) اِستـعمال الأجهزة الـقَـمعية لِلدّولة لِمَنـع حُرِّيات التَّـعبير في مَجال نَـقد سياسات إسرائيل؛
2) هَيمنة الرأسمال الخاص على وسائل الإعلام؛ وميزة وسائل الإعلام الغَربية (العُمومية، والخُصوصية) هي : الانحيّاز، السَّطحية، والتَضْلِيل؛
3) هَجمة الرّئِيس الأمريكي "دُونالد تْرَامب" ضِدَّ استـقلال الجَامعات الأمريكية، وَضِدّ حُرّية التَـعبير فيها؛ وَضِدّ الحُرِّيَات العَامّة؛
4) في الجَامعات الأمريكية، مُحاولة مَنـع التَضامن مع فَلسطين بالـقُوّة، وليس بِالْإقْنَاع العَـقْلَانِـي؛
5) اِشْتِرَاط تَلَقِّي الجامعات لِلدَّعْم المَالي العُمُومِي، بِشَرْط المُشاركة في مُحاربة التِيَارات الفِـكرية التَـقدّمية، أو النَّاقِدَة؛
6) فَرْض إخبار الأجهزة الأمنية بِأسماء الطّلبة والأساتـذة التَـقدّميِّين؛
7) إِلْغَاء سيّاسة التَنَوُّع الثَّـقافي في الجامعات؛
8) الـقَبُول بِتَـكْيِيـف أَدْمِـغَة الطَّلبة (mind formatting)؛ الخ.
◊ مَتَى سَيَـكْتَمِل اِنْهِيّار الإمبرياليات الغَربية ؟ لَا أحد يَعلم.
■ نَشهد اِنْحِدَارًا في هَيْمَنَة الدُّولار الأمريكي على التِجارة العَالَمية؛ وَنُلاحظ نُـقْصَانًا في أَدْوَارِه. وَسَتَزُول أُحَادِيَة الدُّولار الأمريكي مِن المُبادلات التجارية العالمية. وسينـتشر التَعامل بعُملات وَطنية مُتعدّدة.
◊ (اِنهيّار هَيْمَنَة الدُّولار الأمريكي) + (تَضَخّم دُيون دُوَل عَديدة) ← يُنْتِج خَطر احتمال حُدوث اِنهيّار جُزئي في مَنظومة الأبناك. وَسَيكون تَأثِير انهيّار بعض الأبـناك مثل مَـفْعُول الـقُنـبلة الذُرِّيَة.
■ بَعد قُرابة عَامَيْن مِن الصِّدَام العسكري، فَشِلَت حَرب "حِلف شَمال الأطلسي" (NATO)، في أُوكْرَانْيَا، ضدّ رُوسيا.
◊ لأوّل مرّة (منذ نهاية "الحرب العالمية الثانية") اِحْتَدَّت التناقضات بين أمريكا ودوّل أوروبّا (حول مَواضيع أُوكْرَانْيَا، وَرُوسيا، والتَسَلُّح، والحَرب، الخ).
◊ أصبحت الإمبرياليات الغَربية غَير قادرة على خَوض حُروب كبيرة. (ولماذا ؟ لأن المُعِدَّات والذَّخائر الحَربية المُخَزَّنة لَديها، لَا تَـكفي لِتَـغطية احتياجات شَهر واحد مِن الحَرب المُـكَثَّـفَة. ولَا تَسمح الأزمات الاقتصادية لِلإمبرياليّات الغَربية بِتَحمُّل تَـكَاليـف حَرب كَبيرة. وتحتاج الإمبرياليات الغَربية إلى إعادة إقامة اِقتصاد حَربي "war economy". الشيء الذي قَد يَتطلّب أكثر مِن 5 سنوات مِن التَهْيِيئ).
◊ لَمْ تَـعُد الإمبرياليات الغَربية (وَلَا حِلْف NATO) قَادرة على خَوض حَرب كبيرة، لَا ضدّ رُوسيا، ولَا ضد الصِّين، وَلَا ضدّ إيران. (وَلَوْ كانـت قادرة على خَوض هذه الحُروب، لَفَـعَلَتْها، لأنه تُوجد لديها دَوَافع قويّة).
• شَـكٌّ : شَـكُّ في أنْ تَـقدر أمريكا وإسرائيل على خَوض حَرب ضدّ إيران. ولماذا ؟ لأنّ إيران هَيَّأَت نَـفسها لاحتمال التَعَرُّض لهجمات مِن طرف إسرائيل، أو أمريكا، أو هما معًا. وَلأنّ إسرائيل تـعتمد كُلِّيًا على مُساعدات أمريكا. ولأنّ أمريكا لَا تَتَحَمَّل أَنْ تَجُرَّها إسرائيل إلى حَرب مُكَلِّفَة مع إيران. حيث ستـكون هذه الحَرب ضدّ إيران، مُـفِيدة لإسرائيل، وَمُضِرَّة بأمريكا. وَلِأَنّ أمريكا لَا تَتَوفّر حاليًّا على العَتاد الحربي الكافي. وَلأنّ أمريكا لَا تَـقدر حاليًّا على تَحَمُّل تَكاليـف حَرب ضَخمة.
■ يَـقِـيـن : في قُرابة سنة 2030، سَتُصبح الصِّين هي أكبر قُوّة في العالم (اقتصاديا، وَعِلْمِيًّا، وَتِـكنولوجيا، وعسكريًّا، الخ). وفي سنة 2060، ستُصبح الهِند هي الـقُوّة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الصِّين (وليس أمريكا).
• اِنْحِدار الدُوَل الإمبريالية الغَربية يَتَرافـق مع اِحْتِضَانِ هذه الدُوَل لِصُعود قِوَى سياسية يَمِينِيَة مُتَطَرِّفَة، أو تِيَّارَات فَاشِيَة. وبعض هذه الأحزاب الـفاشية تَنجح في بعض الانـتخابات العامّة (المحلّية أو البرلمانية).
• بِـقَدر مَا تُحِسُّ الإمبرياليات الغَربية بِانْحِدارها النِسْبِي، بِـقَدر مَا تُصبح قَاسِيَة، أو عُدْوَانِيَة، أو شَرسة، أو عَنِيفَة، أو مُفْتَرِسَة، أو مُنْتَهِكَة لِلْقَانون الدُّوَلِي، أو لِلأخلاق العامّة.
◊ تَتَشَدَّد الدُوَل الإمبريالية الغَربية في قَمْـعِهَا، وفي هُجُوماتها، ضِدَّ الشُّعُوب. بِمَا فيه في مَيادين مَيادين الزِراعة، والتَّغْدِيَة، والماء، والتّعليم، والصِحَّة، والطِبّ، والصيدلة، والإعلام، والتَـقاعُد، الخ.
◊ وحتّى في مَجال الهاتـف المَحْمُول، تُوجد فيه «تَطبيـقات التَواصُل الاجتماعي»، وَتَظهر هذه التَطبيـقات مُفيدة، وَسَخِيَة، أو شِبْه مَجّانية؛ لكن المُواطنين يُحِسُّون بِدِكْتَاتُورِيَة الرَّأْسَمَالية، حيث تُجبرهم هذه التَطبيقات على الـقِيّام بِمَا لَا يُرضيهم.
■ ظَاهرة صُعود دُوّل مَجموعة «البْرِيكْسْ» (BRICS)، المُتَمَحْوِرَة حول دُوّل رُوسيا، والصّين، والهند. وَتَتـقَوَّى هذه الدُّول اقتصاديًا، وَتِـكْنُولُوجِيًّا، وعسكريا. ولماذا هذه الظّاهرة مُهِمّة ؟ لأنّ مَجموعة دُوَل «البْرِيكْسْ» تُريد تَـغيير نَمَط العلاقات الدُّوَلية الـقائمة فيما بين الدٌّول القويّة، ودُول "العالم الثالث".
• تَـعمل دُوّل مَجموعة "البريكس" على تَعويض بَعض المُؤَسَّـسات العالمية (التي كانـت تَسْتَـغِلُّها الإمبرياليات كَأَدَوَات لِتَنْـفِيذ سِيّاساتها الإمبريالية) مِثل : مَنظومة «صُندوق النّقد الدّولي» FMI، و«البَنك الدّولي» BM، و«المُنظمة العالمية للتجارة» WTO، وَتُريد تَعويضها بِمُؤسّـسات عالمية، وَبَدِيلة، وَمُوازية، وَمُخالـفة، وأكثر عَدلًا.

■ بَعض مِيزات الوضع العالمي :
• تَتجاهل الإمبرياليات الأمريكية والأوروبية القانون الدولي، وتُـعَطِّل، أو تَتجاوز، عِدّة مُؤسّـسات عالمية مُشتركة (مثل «الأمم المُتّحدة» UN، وَ«مَجلس الأمن الدُّوَلي» SC، و«المُنظّمة العالمية للتّجارة» WTO، ومَحكمة العدل الدُّولية (International Court of Justice)، والمَحكمة الجِنائية الدولية (International Criminal Court)، الخ).
• أعلن رئيس أمريكا (USA) أنه يُريد تَمَلُّك أنْ تَتمَلَّك أمريكا : بَانَامَا، وكَانَادَا، واجْرُوِنْلَانْد. وَيُريد تَوْسِيع مِساحة إسرائيل. وذلك ضدّ القانون الدُّولي.
◊ وقالت شبكة تَلفزات العالم: «هذا أُسلوب خاص في التَـفاوض»، بدلًا من أنْ تَـقول: «هذا مشروع استعماري، وانتهاك للقانون الدولي» !
◊ يُلاحظ كل العالم، مُنذ 20 شَهرًا، أنّ الدّول الإمبريالية الغَربية، تُساند بشكل مُطلـق إسرائيل في كلَّ ما تَـقـوم به مِن اِستـعمار، واحتلال، وقتل، وتخريب، وَتَهْجِير، وَإبادة جماعية لِلْفَلسطينيِّين.
◊ إِسْتِنْتَاج مُؤَكَّد : هذه الملاحظة تُؤكِّد أنّه مِن الوَهْم الاعتـقاد بِإمكانية إِلْتِزَام الدّول الغَربية الإمبريالية بِـ «الـقَانُون الدُّولي»، أو بِـ «حُقُوق الإنسان».
• حينما تُحِسُّ الدُّوَل الإمبريالية الغَربية وإسرائيل بِإمكانية اِنْهيّارها، تَـتَـشَدَّدُ في عُدوانيّتها، وَتَرتـكب جَرائم حَرب في أُوكرانيا، وَتَـقْتَرِفُ إبادة جماعية، وَمُتواصلة، ضدّ الفلسطينيين، وَتُخرّب بُلدان الشرق الأوسط (جَمهوريّات لُبـنان، العراق، سُوريا، لِيبْيَا، اليَمَن، الصُّومال، السّودان، الخ)، ولا تَحتج دُّول العالم، ولا المُؤسّـسات الدولية، الخ.
◊ لكن الدُول الإمبريالية الغَربية (التي كان يُفتـرض فيها أنها تحمي الـقانون الدّولي، وَحُقـوق الإنسان) لا تُبالي، بل هي التي تُموّل، وتُسلّح، إسرائيل، وتُدعّم كل أفعال وجرائم إسرائيل وهي التي قَامت بالدّور الأكبر في تَخريب الجُمهوريات العربية.
■ ظاهرة عالمية جديدة في الرَّأْسَمالية : بَعض الرَّأْسَمَالِيِّين المُقاولين (Patrons, Employeurs)، الأكثر غِنًا، وَفَسادًا، وشراسةً، يقتحمون الانتخابات العامّة، وميدان السيّاسة، والحُكومة، والدّولة، ويَـحتلّون مراكز القرار في الدولة، ويَجمعون بين الثَّرْوَة والسّلطة، ويَستعملون الدولة كأداة لخدمة مصالحهم الشخصية، ولخدمة مصالح طَبقتهم البرجوازية المُفترسة. وكمثال على هذه الظّاهرة الجديدة، نَجد في دَولة أمريكا الرّأسماليِّين دُونَالد اتْرَامْب (Donald Trump)، وَإِلُونْ مُوسْك (Elon Musk)، ونجد في فرنسا البـنكي إِمّانْوِيل مَاكْرثون (Emmanuel Macron)، ونجد مثلًا في المغرب المِلْيَارْدِير (عبد العزيز أَخَنُّوش)، الخ.
• بَدلًا مِن أنْ تَلْتَزِم الرّأسمالية بِمَبدأ الفَصل بين السياسة والاقتصاد، يُريد الرأسماليون المقاولون المِلْيَارْدِيرَات تَسيير المجتمع، مثلما يديرون مُقاولاتهم أو شَركاتهم.
• يَظُنّ هؤلاء المُقاولون المِلْيَارْدِيرات أنّ خِِبْرَتَهُم في تَدْبِير شَركاتهم الخُصوصية، تُعطيهم حَقّ، أو مَشروعية، تَدْبِير المُجتمع. لكنّ المُجتمع يَختلـف جَذريًّا عن الشركات الرأسمالية ! فَيَرتـكبون أخطاء، وَكَوارث، وَجَرائم ضدّ الشُّعوب !
• عند حُلُول أزمات اقتصادية، يَتَـكَرَّر لُجُوء الدّول الرأسمالية والإمبريالية إلى التَسَلّح، وإلى اِفْتِـعَال الحَرب، لِتَخْفِيـف أزماتها. وَتَجد الشركات الرأسمالية الكبيرة في الحَرب فُرصًا ثَمينة لجَني أرباحًا هائلة. وفي نـفس الوقت، تَكون الحُروب دائمًا كَارثة على الإنسانية. لأن نـتائج الحَرب هي دائمًا الـقَتل، والتَخريب. وضَحَايا الحُروب هم دائمًا مِن جَماهير الشُّعوب المَسُودة.
■ ظَاهرة جَديدة : التَحسينات المُتوالية، المُدْخَلَة على المُسَيَّرات (drones)، وعلى الصَّواريخ (rockets) المُوَجَّهَة، والرُّوبُوتَات (robots)، والذّكاء الاصطناعي (AI)ـ غَيّرت قَواعد الحَرب في العالم، وفتحت آفاقًا جديدة أمام حَركات المُقاومة الشّعبية، وحركات التَحرّر الوطني (أُنظر تَجارب "حزب الله" في لبـنان، و"حَمَاس" في غَزَّة، و"أنصار الله" في اليَمَن، الخ). وأعطت "المُسَيَّرات"، والصَّوَارِيخ"، قُدْرَة على الْإِيذَاء إلى حَركات المُقاومة.
◊ مِن قَبل، كان السِّلاح الحَاسِم لَدَى الاستعمار، وَلَدَى الإمبرياليات الغَربية، هو التَـفَـوّق في مَجال الـقَنْبَلَة بالطَّائرات الحربية، والتَـفَوُّق في الدَبَّابات، وفي المُخابرات. وكانـت الطّائرات الحَربية بِمثابة فَجْوَة تِكنولوجية يَسْتَحِيل سَدُّهَا. لكنّ هذا التَـفَوُّق أصبح اليوم غَير كاف لِلْاِنْتِصَار. والدَّليل على ذلك يَكْمُن في تَجارب إيران، و"حزب الله" في لبنان، وحركة "الحُوثِيِّين" في اليَمَن، والمُقاومة الـفَلسطينية في غَزَّة. وَتَمَـكَّنَت حركات التَحرّر الوَطني عبر العَالم، مِن خلال اِستـعمال المُسَيَّرات، والصَّواريخ، مِن إِلْحَاق أَذَى لَا يُطاق إلى الـقِوَى الإمبريالية. فَانْفَتَحَت آفَاق كَيْفِيَة جَديدة، في مَجال الصِّراع بين حَركات التَحرّر الوطني والإمبرياليّات العالمية.
٭ يُمكن قراءة تَطوّرات العالم بعدّة طُرق مُمكنة. كل قراءة لها مُنطلـقاتها، أو انشغالاتها. مثلًا :
سَنَوَات : ---1945---1990---2024---
٭ سنة 1945 : نهاية الحرب العالمية الثانية، ظهر بعدها قُطبان عالميّان مُهَيْمِنَان (أمريكا والاتحاد السُّوفياتي).
٭ سنة 1990 : انهيّار الاتحاد السوفياتي. نَتيجة تَناقضات دَاخلية. انهيّار قُطب (الاتحاد السُّوفياتي)، ثمّ هَيمنة الـقُطب البَاقِي (أمريكا).
إشكالية : تَأويل هذا الانهيّار : ما الذي اِنهار في "الاتحاد السُّوفياتي" USSR ؟ هل انهيار الاتحاد السُّوفياتي يُبَرِّر الشَكِّ في الاشتـراكية، أو في الماركسية ؟ ما الذي كان قائمًا في الاتحاد السُّوفياتي، هل الاشتـراكية، أم رَأْسَمَالية الدَّولة ؟ (أنظر كتابي : هل ما زالت الماركسية صالحة بعد انهيّار الاتحاد السُوفياتي).
◊ مُلاحظة مُعبّرة : كل المُثَـقَّـفِين الماركسيِّين الـقُدامي الذين تخلّوا عن الماركسية، أصبحوا رَأسماليِّين، وَعَاجزين على تَحليل المُجتمع، أو إصلاحه. وَانْحَرَفُوا نَحو اليَمين.
٭ سنة 2024 : ظهور وصُعود دُول مَجموعة "البْرِيكْسْ" BRICS، وبداية انحدار الدُوّل الغَربية الإمبريالية. بداية تَعدد الأقطاب.
ملاحظة هامّة : الدُّوَل الطَّلِيعية في "البريكس" هي رُوسيا والصِّين. وَقُوّة رُوسيا والصِّين تَأْتِي مِن إِرْث الاشتـراكية فيهما، وَلَا تَأْتِي مِن مُخلّفات الرأسمالية !
• أكبر حِلـف عَسكري في العالم (NATO)، اِعْتَبَر أنّ رُوسيا ضَعيفة. وَأَراد تَـفكيك رُوسيا، عبر إشعال حَرب في أُوكرانيا. لكن بعد عامين مِن الحَرب، اِتَّضَحَ عَجْز الغَرب الإمبريالي عن هَزم رُوسيا في حرب أوكرانيا. وقد أَتَتْ قُوّة روسيا من مُخلّفات الاشتـراكية في "الاتحاد السّوفياتي" (وليس مِن رُجوعها إلى الرَّاْسَمَالِيَة).
• مُنذ قُرابة 70 عامًا، تَخُوض الإمبرياليات الغَربية حُروبًا مُتَوَالِيَة في الشرق الأوسط. هَدفها هو التَخريب، وَزَرْع الانحطاط في الشعوب الناطقة بالعربية. تَدمير مُمَنْهَج للجُمهوريات العربية، منذ قرن ونصف. [أنظر كتابي: حرب سرِّية بين المَلَكِيات والجُمهوريات العَربية]. تظهر هذه الحُروب كأنها استمرار للحروب الصّليبية. ولماذا ؟ لأن الغَرب الإمبريالي يَـعتبر سِرًّا أنّ العربَ والمُسلمين هُم أعداء اِسْتراتيجيِّين.
• تَزعم الدّول الإمبريالية الغَربية أنّ عَدوّها الرئيسي، هو الصِّين. لكن هذا التَصْنِيـف يَحدث فـقط على مُستوى الخِطاب السياسي. لكن في الواقع الملموس، يَرى العالم كلّه، من خلال الحُروب التي تَخوضها الإمبرياليات الغَربية، وَ وَكِيلَتُها المَحلّية إسرائيل، في الشّرق الأوسط، أنّ الأَعْدَاء الرّئيسيِّين لِلْإِمْبِرياليّات الغَربية هُم العَرب، وهم المُسلمون، وليس رُوسيا، وَلَا الصِّين ! ولماذا ؟ لأنّ الإمبرياليات الغَربية تُريد الاستمرار في نَهْب ثَرَوَات العالم العَربي النّـفْطِيَة والمعدنية.
• وما السّبب في مُعاداة الإمبرياليات الغَربية لِلصِّين ؟ السّبب هو أنّ الصِّين أصبحت قادرة على مُنافسة الدُول الغَربية، في مَجال الاقتصاد، والعلوم، والتـكنولوجية، والعتاد الحَربي. وَمِن أين أَتَتْ قُوَّة الصين ؟ أَتَت مِن عَمل الصِّين بالاشتـراكية (خلال قُرابة 70 عامًا)، وليس مِن عَملها بالرأسمالية.
◊ بَعد وُصوله إلى رِئاسة "الوِلَايَات المُتّحدة الأمريكية"، في سنة 2025، أقدم دُونَالْد اتْـرَامْب على خَوض حَرب اقتصادية. وَرَفع نِسَب التَـعْرِيفات الجُمركية ضدّ وَارِدَات قرابة 140 دولة. فَـتَزَايُد الْـلَّا يَـقِـين (incertitude) في العالم. وَيُؤَكِّد هذا الْلُّجُوء إلى سلاح الزِّيَادة في الضَّرائب الجُمركية أنّ أمريكا في حالة ضُعف، أو اِنْحِدَار. وَفَشِلَت أمريكا في إِجْبَار الشَّركات على الرُّجُوع الـفَوري إلى أمريكا. وَتَسارعت في العالم حاجة عدد مِن الدّول إلى مشروع تـعويض الدولار الأمريكي بِعُمُلَات أخرى. وَتَصاعد قَبول عُملة "اليُوَان" الصِّيني. وَتَـقَوَّى نِظام بَنْـكِـي swift بَدِيل. وانْـقَلَبَت العُقـوبات الاقتصادية التي فَرضتها أمريكا إلى شبه فَخّ مَنْصُوب ضدّ أمريكا هي نَـفسها.
وكانـت "مُبادلات حرّة" قائمة بين المغرب والولايات المُتّحدة الأمريكية، تَقريبًا بدون ضَرَائب جُمركية. وَيُوجد بُنْد في قانون "المنظمة العالمية للتجارة" (wto)، يَنُصُّ على "مَنْع التَراجُع عن التَخفيضات الجُمركية" (irreversibility of customs rate reductions). وقد خَرَق "اترامب" هذا القانون. وَتَمّ إلغاء "التبادل الحر" القديم.
◊ معناه : على عكس دِعايات الرّأسماليِّة وَالْلِّيبِيرَالِيِّة، التي تَـقـول أن «المُنافسة الحُرّة» هي مِن بين أُسـس الرّأسمالية، يَتَّضِح في الواقع، أنّ الدُولُ الرّأسمالية والإمبريالية لَا تَـقْبَل المُنافسةَ الحُرّة، إلَّا حينما يَكونوا هُم الْأَقْوَى. وحينما تَـكون قُدرتُهم على المُنافسة ضَعيفة، يَرفضون «المُنافسة الحُرّة». وهذا دَرس يَتَكَرّر منذ عُقـود مُتَوَالِيَة !
[ وهذه المُخادعة حَول «المُنافسة الحُرّة»، وَقعت في «اِتِّفاقـيّات المُبادلات الحُرّة» بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وبين المغرب والولايات المُتّحدة الأمريكية ] !
• تَعجز الدّول الإمبريالية الغربية على خَوض حَرب ضد الصِّين. ولماذا ؟ لأنّ الصِّين تَمتلك الأسلحة النَوَوِيَّة. ولأن الصِّين غَدت قَوِيّة (اقتصاديا، وعسكريا)، وأصبحت الصِّين قادرة على هَزم الدُّول الغَربية الإمبريالية مُجتمعةً، إذا هي هَاجمت الصِّين فَوق تُرابها الوَطني. [ بينما تَخوض الإمبرياليات الغَربية الحُروب بِلَا حَرج ضدّ الشّعوب العَربية، لأن هذه الشُّعوب العربية ظلّت مُشَتَّتَة، وَضَعيـفة، وَمُتَخَلِّفَة ].
◊ في إطار الرّأسمالية الغَربية، ظهرت شَركات رَأسمالية شِبْه سِرِّيَة، تَبِيع خَدَمات عَسكرية، وحربية، وَتُوَفِّر «جُيُوشًا خُصوصية»، لِلْحُلَفَاء (ومنها مثلًا : شركات "المِيّاه السّوداء" (BlackWater) الأمريكية؛ وَ "فَاجْنَرْ" (Wagner) الرُّوسية (أُلْغِيَة في سنة 2024)؛ و "بَاتْرْيُوت" (Patriot)، و "صَايْمَر" (SAIMR) الجَنُوب إفريقية؛ وشركة (Executive Outcomes)؛ الخ). مَعنى ذلك : في إطار الرَّأْسَمالية، تُصْبِح الأنشطة الحربية هي أيضًا سِلْعَة رأسمالية قَابلة لِلبيع والشِّراء. وهذا مثال على الانحرافات المُمكنة في الرَّأْسَمَالِيَة.
◊ وهذه الشركات (التي تَبيع خَدمات عسكرية) تَكون عادةً خَاضعة لِوِزارة الدِّفاع لِدُوّل إمبريالية قَوِيّة (مثل أمريكا، أو روسيا، أو فرنسا، أو جنوب إفريقيا سابقًا، أو غيرها). وَلَا تَبيع هذه الشّركات خَدمات سِوى لِحُلفاء، أو أَصدقاء، الدّول المُحْتَـضِنَة لهذه الشّركات.

7 ■ بعض المَظاهر السَّلْبِيَة في العالم النّاطق بالعربية
• منذ عُقـود، تُوجد حَرب سِرّية بَين المَلَكِيّات العَربية، والجُمهوريات العربية. وقد جَرت مثلا في جُمهوريات : العراق، سُوريا، ليبيا، اليَمَن، الصّومال، السّودان، الخ. (أنظر كتابي: حرب سرِّية بين المَلَكِيّات والجُمهوريات).
◊ مَن يُدعّم، أو يَخُوض، هذه الحَرب ؟ حِلْف سِرِّي مُكوّن مِن المَلَكِيّات والإمارات العربية، والمِيلِشْيَات الإسلامية، وإسرائيل، والإمبرياليات الغَربية.
◊ وَمن يُنَـفِّذ هذه الحرب السرِّيَة ؟ تُنَـفِّذها في غالبية الحالات المِيلِشْيَات الإسلامية. وهي مُكوّنة مِن مُرتـزقة، وليس مِن مُناضلين مُتطوِّعين.
◊ كل المِيلشيات الإسلامية مُمَوّلة، وَمُسلّحة، مِن طرف المَلَكِيّات والإمارات العَربية، وذلك بِرِضَى أمريكا، وإسرائيل، وتُركيا.
هَدف هذه الحَرب السِرِّيَة هو : تَخريب جُمهوريات العراق، وليبيا، وسوريا، واليَمن، والصومال، والسّودان، الخ. [ أنظر كتابي : «حرب سرية بين المَلكيات والجُمهوريات العَربية» ].
◊ يُوجد تَوَتُّر حادّ، ومُزمن، بين مَلكية المغرب، وجُمهورية الجَزائر. وَسَبب هذا التَوتّر، ليس هو قضية الصّحراء الغربية، وإنّما السّبب يَرجع إلى ظَاهرة التَناقُض بين المَلَكِيَات والجُمهوريات. وقد يُـفسِّر البعض حتّى "تَطبيع" مَلكية المغرب مع إسرائيل، بِالتَوتّر بين مَلَكِية المَغرب وجُمهورية الجزائر.
◊ ظاهرة غَرِيبَة، لا تُوجد هذه الحَرب السِرِّيَة (بين المَلَكِيات والجُمهوريات) سِوَى في العالم العربي. ولا يُوجد مثيل لهذه الحُروب (بين المَلكيّات والجُمهوريات) في أوروبّا، ولا في أمريكا الـلاتينية، ولا في إفريـقـيا، ولا في آسيا.
◊ أَدَّت هذه الحَرب السِرِّيَة إلى إِسْقَاط أنظمة سياسية عربية، وَإِسْقَاط رُؤَسَاء الجُمهوريات، وَتَـغْيِير أنظمة سيّاسية عَربية، بشكل مُفاجئ (مثلًا في جمهوريات العراق، وليبيا، وسوريا، واليَمن، والصّومال، والسّودان، الخ). وَتُنْجَز هذه التَـغييرات بِوَاسطة حُروب مُمَوَّهَة، وَمُبَرَّرَة بِوَسَائل الإعلام الإمبريالية الغَربية. وَتَخوضُ الـقِوَى الإمبريالية هذه الحُروب ضدّ الجُمهوريات العَربية. وَيَتبـعها تَخريب مَنْهَجِي، وَمُتواصل، وَبِنْيَوِي، وَشُمولي. وتَشنّ الإمبرياليات الغَربية هذا النّوعَ من الحُروب في العالم العربي وحده. وهذا مَظهر مِن بين مَظاهر تَخَلُّف وَعْيِنَا السياسي.
◊ تُنْـفِـق المَلكيّات والإمارات الخليجية المِلْيَارَات مِن الدُّولارات الأمريكية لِتَشْغيل المِئَات مِن الـقَنوات التَّلْـفَزِيَة. (وَلَوْ أنّ عَدد الأشخاص المُهتمِّين بهذا الصِّنْف مِن التّلـفزات الخَلِيجية ضَئِيل). وَمُعظم هذه الـقَنوات التَّلْفَزِيَة تَبـقـى سَطْحِيّة، أو رَدِيئَة. وَتَستـعمل المَلَكِيّات والإمارات هذه التَّلْفَزَات كَـ «قُوَّة نَاعِمَة» تَهْدف إلى التَّأْثِير في عُقُول مُواطني البُلدان العربية. وَتَتَحَوّل طَوَاقِم هذه التَلْفَزَات إلى جُيُوش فِكْرية، أو ثَـقافية، أو فَنِّيَة. وَتـدخل هذه الجُيوش اللّطيفة إلى بُيُوت العَائلات، وَتُحاول أنْ تَنْقُش دِعَايَتَها السيّاسية المُحافظة في عُقـول المُواطنين. وَتُستـعمل الكثير مِن هذه التَّلْفَزَات لِنَشر نَوع مِن الدَّعْوَة الدِّينية الإسلامية، أو لِتَضْخِيم التَلَاهِي بِعِشْق كُرة القَدم. وانْتَـقَل التَّأْثِير الثَـقافي مِن جُمهوريّات مِصْر، ولُبْنَان، والعِرَاق، وَسُوريَا، إلى مَلَكِيّات وإمارات الخَليج النَـفْطِيَة، مثل السَّعُودية، وَقَطَر، والإمارات المُتَّحدة، والبحرين، والكوِّيت، الخ.
٭ نُلاحظ باستـغراب : بَعد «الحَرب العالمية الثّانية»، أنّ ألمانيا واليابان، المَهزومَتَيْن، اِستطاعتا إعادة بـناء اقتصادهما، وَمُجتمعيهما. بينما الجُمهوريات العَربية (مثل العراق، وليبيا، وسوريا، والصومال، والسُّودان، الخ، ضَحايا هذه الحَرب السِرِّيَة التي خاضتها الإمبرياليات الغَربية، والمَلَكِيّات العَربية، فإنها لم تَسْتَطِع إعادة بِناء مُجتمعاتها بعد الحَرب ! والسَّبَب هو : شِدَّة التَخْرِيب المَنْهَجِي !
◊ ليست دُوّل العالم العَربي فَاعِلًا في الأوضاع العالمية الجديدة، وإنما هي مَفعول بها، وخَاضعة، وَمَسُودة، وَضَحية، الخ.
• تُوجد أَوْهَام قـويّة، ومُزمنة. ومنها : الاعتـقاد بإمكانية خُروج البلدان العربية مِن التَخَلُّف المُجتمعي (sous-développement)، بواسطة الرأسمالية. وَبَعد أكثر مِن 60 أو 70 سنة مِن تَجريب الرأسمالية، لَا يُوجد ولو بلد واحد مِن "العالم الثّالث" خَرج مِن التَخلّف بواسطة الرأسمالية.
مَن هي شُعوب "العالم الثالث"، الوحيدة في العالم التي خرجت من التَخلّف، هي روسيا والصِّين، لكن بِوَاسطة الاشتـراكية، وليس بواسطة الرأسمالية. التَنمية بواسطة الرأسمالية التَبَـعية للإمبريالية، هي وَهْم. [ يَضيـق المَجال هُنا لنـقاش حالات اِستـثنائية، مثل حَالات التَنَانِين السَّبْـعَة، أو كُوريا الجنوبية، أو طَايْوَان، أو هُونْـكُونْـغ، الخ ]. أنظر كتابي بِعُنوان : Impossible de sortir du sous-développement par le capitalisme].
أطروحاتي البَدِيلة ثَلَاثَة :
(1) يَستحيل على الشعوب العربية أن تَخرج مِن التَخَلُّف بواسطة الرّأسمالية التَبَـعية.
(2) يَستحيل على الشّعوب العربية أن تخرج من التَخلّف إذا لم تَتَوَحَّد في دَولة فِيديرالية كبيرة مُوحّدة (مثل 50 دولة المُوحّدة في "الولايات المُتّحدة الأمريكية"؛ ومثل رُوسيا، أو الصّين، أو الهند، وفيها كلّها عدّة أَعْرَاق وَقَوْمِيَّات مُختلفة الخ).
(3) كل الشُعوب الكبيرة التي تَوَحَّدت، تَوحّدت إمّا بالحِيلة، وإما بِقَدر مِن الـقُوّة، وليس بشكل تِلْقَائِي، أو بِالْإِجْمَاع في الآراء. وَعَبر التاريخ، كان دائمًا تَوحيد شُعوب مُتَـفَـرِّقَة يُنْجز بواسطة قَدر مِن القُوّة. والاستـفتاء الشّعبي كَفِيل بِتَلَافِي اللّجوء إلى الـقُوّة، أو على الأقل بِتَـقْلِيصِهَا.
◊ كثيرون مِن بَين المُواطنين العرب لَا يَـفْهَمُون مَا هو سِرُّ قُـوة أمريكا ؟ وهذا السِرّ هو توحيد 50 دولة (أو وِلَايَة) في دولة واحدة، بِواسطة القُوَّة !
◊ وما هي أَسِْرَار قُوّة رُوسيا ؟ هما إِثْنَان : أ) اِسْتِعمال الاشتـراكية لِلخُروج مِن التَخلُّف المُجتمعي؛ ب) تَوحيد قُطر شاسع، في دولة واحدة، وَلَوْ بالقُوّة.
◊ وما هي أسرار قُوّة الصِّين ؟ هما اِثْنَان : أ) اِستـعمال الاشتـراكية للخروج مِن التَخلّف المُجتمعي؛ ب) تَوحيد قُطْر شَاسِع، في دولة واحدة، وَلَو بالقُوّة.
◊ كل الدّول العُظمى، أو الـقـوية، المَوجودة في عالم اليَوم، سبق لها أنْ تَوَحّدت (جزئيًّا، أو كُلِّيًا) بِالقُوّة. وكيف نُـقَوِّي الشعوب الناطقة بالعربية ؟ نُـقَوِّيها بِتَوحيدها في دولة واحدة، ولو عَبر اِستعمال القُوَّة ! وَيُمكن تَلَافِي اِستـعمال الـقُوّة، عبر الْلُّجُوء إلى تَنظيم اِسْتِـفْتَاءَات شعبية. لأن مُجمل الشُّعوب العربية (وعلى عَكس الحُكّام) تُريد الوَحدة، وَتَرفَض التَّـفْرِقَة.
• مظهر الأزمة السياسية العَربية : الشَـكُّ في نَجَاعَة مُجمل الأنظمة السياسية العربية :
◊ بعد 60 أو 70 سنة مِن التَجريب، التاريخ يُثبت أنّ مُجمل الأنظمة السياسية العربية، بِمَلكيّاتها، وإماراتها، وَجُمهورياتها، غير قابلة للإصلاح السياسي؛
◊ وَمُجمل الأنظمة السيّاسية العَربية غير قادرة على إِنْجاز طُمُوحات الشُّعوب العَربية. وَلَم تُنْجز لَا تَنمية اقتصادية كافية، ولا ديموقراطية، ولا تَحرر وطني، ولا مُكافحة إسرائيل، وَلَا مُقاومة الإمبرياليات الغَربية، الخ.
◊ اِسْتِنْتَاج : تَـغيير المُجتمع يأتي عبر ثورة مُجتمعية. والثورات المُجتمعية (في العالم العربي) هي حَتمية تاريخية. المسألة مسألة إنضاج الشُّروط المُجتمعية الضّرورية، وتَطوّر مُجتمعي، هو مسألة وقت، وصراع طَبَـقِـي.
• مُعظم أحزاب اليسار العَربية، في أوضاعها الحالية، مَشكوك في قُدرتها على خَوض ثَورات مُجتمعية ناجحة، وتحقـيـق طُموحات الشعوب العربية.
◊ تَحتاج أحزاب اليَسار العَربية هي نَـفسها، إلى مَن يُصلحها، وَيُثَوِّرُها. وَيَحتاج المُرَبِّي هو نَـفسه إلى إعادة التَّرْبِيَة.

8 ■ بَعض الشُكُوك أو المَظاهر السَلبية في العالم
• شَكّ في وُجُود «الدِّيموقراطية الرأسمالية» :
◊ على عَكس بعض الخِطابات الشّائعة، إذا أعطينا إلى مَفهوم «الدِّيموقراطية» مَعنى «حُكم الشَّعب، مِن طَرف الشَّعب، ومن أجل الشَّعب»، أو مَعنى «المُساواة في حُقـوق المُواطنة»، وليس فـقط مَعنى حَقّ المُشاركة في اِنـتخابات عامّة، وَشَكلية، وَمُتَحَـكَّم فيها، يُمكن أن نَشُـكّ، أو أنْ نَنْـفِـيَ، وُجود «الدِّيموقراطية» في الدّول الغَربية الإمبريالية (مثل أمريكا، وفرنسا، وألمانيا، الخ). والسِرُّ الخَـفِـي هو أنّ الرَّأْسَمَالية تَتَناقض مع «الدِّيمُوقراطية».
◊ وما هو قائم في هذه الدّول الغَربية الرَّأْسَمالية، هو «دِكْـتَـاتُورِيَة الرَّأسماليِّين الكبار». وَيُمارس فيها الحُكم مِن طرف الرأسماليِّين الكبار، وَمِن أجلهم. إنها الدِّكْتَاتُوريات المُمَوَّهَة لِلرّأسماليِّين الكبار.
• شَـكّ في قُدرة اِلْتِزَام الحَركات الإسلامية بِـ «الدِّيموقراطية»:
◊ يَتَنَاقَض الإسلاميّون مع الدِّيمُوقراطية. ولماذا ؟ لأن الحَركات الإسلامية تُريد فَرض أَسْلَمَة الدَّولة، وأسلمة المُجتمع. ولأن الحَركات الإسلامية تَرْفُض احتـرام «حُرِّية الإيمان»، وَ«حُرّية عَدم الإيمان»، و«حُرِّية العِبادة»، وَ«حُرّية عَدم العِبَادة»، و«فَصل الدِّين عن الدّولة»، و«فَصل الدِّين عن السيّاسة».
◊ كل مَن لَا يُوافـق على تَمَتُّع الشَّعب بهذه الحُرِّيات، فَهُو مُستبدّ، وَعَدُو لِلشَّعب.
◊ على خِلاف بعض المَظاهر، أو الآراء، الشّائعة في العالم، نُلاحظ في مُجمل المُجتمعات المُسلمة الرَّأْسَمَالِيَة، أنّ الْإِلَـه الحَقِيقِي الذي يَـعبده مُعظم المُواطنين والمُؤَسّـسات، هو المَال، وهو المِلْكِيَة الخَاصَّة. وفي المَساجد، يَعبد النّاس اللـه. وخارج المساجد، يَعبدون المَال وَحده.
◊ حتّى الحَركات الإسلاميّة لَا تُعارض الرّأسمالية، بَل تَـقبل تَفضيل «المِلْكِيّة الخاصّة» على «المِلْكِيَة الجَماعية». وَتَرْضَى بِمِحْوَرِيَة الرَّأسمال في المُجتمع. وَتُوَافِـق على اِسْتِمرارية الخُضوع لِهَيْمَنَة الإمبرياليات الغَربية.
• شَـكّ في عَقْلَانِيَة الحَركات الهَوِيَّاتِيَة (مثل الحَركات الكُرْدِيَة، والأَمَازِيغِيَة، الخ) : كل الحَركات السياسية المَبْنِيَة على أساس هَوِيَة ضَيِّـقَـة، مثل العِرْق، أو الطَّائـفة، مَآلها هو الْاِسْتِـقْوَاء بالإمبرياليات الغَربية، والتَبَـعية لها، والعَمَالَة لها. فَتُصبح عَدُوَّة لِلشُّعوب. (وقد دَعَا مِرارًا زعيم الحَركات الكُردية، المُخْتَطَف عبد الله أُوجَلَان، إلى حَلِّ حزب العُمّال الكُردستاني PKK، والمشاركة في الحياة السياسية المدنية).
• شَـكّ في قُوّة أو دَوَام الأنظمة السياسية العربية الْإِسْتِبْدَادِيَة : مِن خِلال قَمْعِهَا، واسْتِبْدَادِها، تَظهر الأنظمة السياسية العربية أنها قُوِيَّة، وَدَائِمَة. بَينما هي في العُمق ضَعيـفة، وَقَابِلَة للسُّقـوط، إذا وَفَّـرَت الـقِوَى الثَّورية بعض الشُروط المُجتمعية.
• يَـقِين حَول حَتْمِيَة اِنهيّار إسرائيل : كَثِير مِن المُعطيات والتَحاليل، تـدلّ على أنّ إسرائيل، باعتبارها كيّانًا اِستـعماريًا، واستيطانيًّا، وَعُنصريًّا، وَتَوَسُّعيًّا، وإمبرياليا، سَيَكُون مَصيرها الحَتْمِي هو الانهيّار، والزَّوَال. [أُنظر مقالي: "لماذا سَتـنهار إسرائيل حَتميًّا"، نشر 2023، الصفحات 26، الصيغة 6].
• بعض الاِسْتِشْرافات حَول مُسْتَـقْبل العَالم :
◊ الاحتمال الأكبر هو تَزايُد عُنـف الإمبرياليات في العالم. ولماذا؟
◊ لأننا كُنّا، وما زلنا، في مَرحلة الانـتـقال مِن الرأسمالية إلى الاشتراكية.
◊ مَا زِلنا في مَرحلة الانـتـقال مِن قُطْبِيَة أُحادية، (أيْ هَيمنة أمريكا على العالم)، إلى مَرحلة تَعَدّد الأقطاب الـقَوِيَّة في العالم. وخلال هذه المرحلة، بِـقَدر مَا تُحِسُّ الإمبرياليّات الغَربية بِكَونها ضَعيـفة، أو في حالة اِنْحِدَار. بِقَدر مَا تَمِيل إلى التَصَرّف بِـعُنـف، وَبِشَرَاسَة، وَتَتَجاهل الـقانون الدُّولي (في أُوكرانيا، وفلسطين، والشرق الأوسط، وإيران، والاقتصاد)، وَتُمارس التَخريب، والـقَتل، وَنَهب الشُعوب المُستضعفة في "العالم الثّالث".
وتـقـول إسرائيل للـفلسطينيِّين : «إما أنْ تَسْتَسْلِمُوا، وَتُهاجروا، وإما أن تَموتوا». وتـقـول أمريكا لإيران : «إِمَّا أنْ تُطبقوا أوامرنا، وإما أن نَشُنَّ ضِدَّكم حَربًا مُدمِّرة». وتـقـول أمريكا لِلصِّين : «إما أن تَتوقّفوا عن مُنافستنا في الاقتصاد، وإما أنْ نَخُوض حربًا مُدَمِّرَة ضدّكم» ! لكن أمريكا عاجزة على هَزم الصِّين.
• يَـقِين : تُوجد ظاهرة عالمية : اختـفاء، أو اِنْدِثَار، بعض الشّعوب الصغيرة، واضمحلال بعض الْلُّـغَات النادرة، أو المَحدودة الاستعمال، واختـفاء بعض الثـقافات المَعزولة، أو الضعيـفة، أو غير المَكتوبة.
◊ مثال: يظهر أنّ اِنـقراض بعض اللّغات مثل الأمازيغيّة، والكُردية، والعِبْرِية، الخ، مسألة وَقت. يُمكن تأخير هذا الانـقراض خلال بعض الوقت، لكنه حَتمي على المَدى الطّويل.
• يَـقِين : يُوجد شيء مَجهول، وَغَرِيب، وَمُُشتـرك، وَقَوِيّ، وَيَتَسَبَّب في مَشاكل عَوِيصَة، لِلْأَشْخاص، وَلِلمُجتمعات. وهذا الشّيء هو «الْأَنَا» الكَامِن في كل شَخص. [أُنظُر مقالي: نَظريّة الأنا والأنانية، نشر يُونْيُو 2024، الصفحات 25، الصيغة 10]. وَنَوْعِيَة «الأنا» هي التي تُحَدِّد نَوْعية سُلُوكِيّات المُواطن المَعني، واختيَّاراته، وأساليبه، وَأهدافه. وَتَضَخُّم «الْأَنَا» يُحدث «الْأَنَانِيَة»، و«الغُرُور»، و«التَكَبُّر»، و«الانـتهازية»، و«الغِشّ»، و«الـفَسَاد»، و«العُنف»، و«الجَريمة»، الخ. وَمِن مَصلحة الشّعب أنْ نَـقـوم بِدِراسات عِلمية حَول «الْأَنَا»، بِهَدف إِعادة تَربية مُجمل المُواطنين.

9 ■ اختلالات في تَوَازُنَات البِيئَة العالمية
• منذ عُقـود، أَثْبَتَت العُلوم الدَّقـيـقة وُجُود مَظاهر اِخْتِلَالات في تَوازُنات البِيئَة العالمية، تُهدّد وُجود البَشرية. ومنها مثلًا المظاهر التّالية :
◊ الاحْتباس الحَراري (effets de serre, global warming)،
◊ تَسَارُع اِنْـقراض بعض الأَنواع (extinction of some species)،
◊ ذَوَبَان الجَليد الـقُطبي (melting polar ice)،
◊ ذَوبان الأنهار الجليدية (glaciers)،
◊ اختلالات في الطَّقس المُعتاد،
◊ تَلَوُّث الهَواء، والأنهار، والميّاه، والمُحيطات (pollution)،
◊ ارتـفاع مُستوى البِحار،
◊ المواد الكيماوية المُعطِّلة لِلْغُدَد الصَمَّاء (perturbateurs endocriniens, glyphosates)، الخ.
٭ ورغم ذلك، بعض الدّول الرّأسمالية، أو بعض الحُكّام الرّأسماليِّين (مثل D. Trump)، يَنْكرون وُجود هذه الظّواهر، أو لا يُبالون بها، أو يُعْطُون الأسبقـية إلى المَصالح الرّأسمالية، أو يَرفضون المُشاركة في المجهودات الرّامية إلى مُحاولة مُعالجة هذه الظّواهر السّلبية، أو تَـقليص آثارها.
٭ خُلاصة حَذِرة : الهُموم الانـتخابية، تَدفع الحُكّام الرّأسماليِّين إلى إِهمال ظَواهر اختلال التَوازنات في البِيئَة العالمية. والرأسمالية، والإمبرياليات الغَربية، عاجزة على مُعالجة هذه الاختلالات. فَالرَّأْسَمَالِيَة هي التي تُـعَرِّض الإنسانية لأخطار وُجودية.
• يُوجد تَسارع في التَزَايُد الدِّيموغرافي في مُجمل العالم. وأصبحت الزيّادة في عدد السُكَّان سياسة اِستراتيجية. وَسَتُـفاقم هذه الظّاهرة المشاكل الاقتصادية والسياسية في العالم. بينما مَوارد كَوكب الأرض مَحدودة. وتظهر الحاجة إلى تَقليص، أو عَـقْلَنَة تَدبير عدد السُكّان، في كل بلد، وذلك حسب قُدُراته.
◊ الدّول الرّأسمالية عاجزة على تَحديد سُقُوف قُصوى لأعداد سُكّان كل بَلد.

10 ■ وَسائل التواصل الرّقمية
◊ جاءت الرّأسمالية بِـ تَـعميم وسائل التواصل الرقمية. وأصبحت رخيصة نِسبيًّا. وَتَسمح هذه الوسائل بِتَبادل مَواد فكرية، أو ثَـقافية، بين المُواطنين. وهذا شيء إيجابي، ومهم.
• يَـقِين : في المُستـقبل، سَيَزْدَاد، وَسَيَتَـقَوَّى، تَأثير «وَسائل التَواصل الاجتماعي»، و«الذَّكَاء الاصطناعي»، في كلّ شيء، بما فيه التَّأْثِير على وَعْي الشُّعُوب العَربية، والتَّأثير في الأخبار والوثائق المُتداولة، والتَّأثير على الأنظمة السياسية العَربية. وهذه الظّاهرة فيها إيجابيّات وَسَلبيّات.
◊ يَـقِـين : يَحْدُث تَسَارُع في إمكانيّات التواصل بين المُواطنين، بواسطة وسائل «التواصل الاجتماعي»، وتأثير استعمال "الذكاء الاصطناعي" (AI).
◊ نَـعتـرف أنّ مُعظم التَطبيـقات (المُستـعملة على الهَواتـف، والحَوَاسِيب، واللّوحات) شِبْه مَجَّانِيَة، وَمُـفِيدة. وَنَجد في نَـفس الوَقت، أنّ وَسائل «التَواصل الاجتماعي» مُختـرقة، وَمَلغُومة. وَيَحدث عبرها تَبادل كثير من المَواد الدِّعائية، أو الرّديئة، أو المُحتالة، أو المُتَصَيِّدَة. وتخضع وسائل التواصل الرّقمي لِـ دِكْتَاتُورية أَنْظِمَة تَشْـغِيل الأجهزة الرَّقْمِيَة (مثل "أنْدْرُوِيد" (android)، وَمِيكْرُوسُوفْت وِنْدُوْز Windows. كما تُطِيع دِكتاتورية تَطبيقات غَربية. وَتَمْتَثِل لِدِكتاتورية الرأسمالية. وَتَـفرض على المُستـعمل أن يُشاهد، أو أنْ يَـفـعل، ما لَا يُريد. وَتُوجد أسواق مُسْتَتِرَة، تُباع فيها المَعلومات الشّخصية (المَجموعة مِن هَواتـف، أو لَوحات، أو حَوَاسِيب المُستعملين). كما تُباع فيها إِمْكَانِيَّات التَّأْثِير على عُقُول مُستـعملي هذه الوسائل الرقمية.

11 ■ هَل مِن آمَـال ؟
◊ آمَال الشُّعوب لَا تَموت. لأنّ وُجود الشُّعوب، ونضالها، هما اللذان يُوجِدان الآمال.
◊ السَّبِيل لِتَحريك دِينَامِيَّات المُجتمع، هو «النِضَال الجَماهيري المُشتـرك»، فيما بين مُواطنين وَقِوَى شعبية مُختلفة، وهو الذي يَخلـق آمال الشُّعوب، وَيُحقِّـق طُموحاتها. وحتّى إِنْ فَشلت مُؤقّتًا، فإنها سَتَتَـعَلَّم مِن فَشلها.

رحمان النوضة، اِنـتهى تحرير هذا المقال في يوم الأحد 11 ماي 2025.

(هذا النص هو المُحاضرة التي عَرضها رحمان النوضة، في جامعة مَدينة وَجْدَة بالمغرب، في يوم الأربعاء 14 ماي 2025، تَلبيّةً لِطلب فصيل طلبة "النهج الديموقراطي الـقاعدي"، في إطار "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"، وذلك بِمُناسبة تخليد ذكرى الشهيد حفيظ بوعبيد).

(تَنْبِيه لِلنَّاشِرين : في إطار تَعميم الـفَائدة، يَمنح الكاتب رحمان النوضة تَرخيصًا للنّاشرين الراغبين في إعادة نَشر مَقالاته وكتبه).



#عبد_الرحمان_النوضة (هاشتاغ)       Rahman_Nouda#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حَرب سِرية بين المَلكيات والجُمهوريات 4/4
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات ‏وَالجُمهوريّات 2/4
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
- إِسْرَائِيل نَازِيَة مِن صِنْف جَدِيد
- أَسْقَطَت الإمبريالية سُورْيَا في ثُـقْب أَسْوَد
- هل يجوز توحيد العرب ولو بالقـوة؟
- نَـقْد تَحْوِيل التَضامن مَع فَلسطين إلى مُناصرة لِلْإِسْلَا ...
- نَقْد الزَّعِيم والزَّعَامِيَة
- نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 2/2
- نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
- لماذا اُعْتُقِلَ مُدير تَطْبِيق تِلِغْرَام
- الْإِسْلَام وَالرَّأْسَمَالِيَة
- صِرَاع الطَّبَقِات، أَمْ صِرَاع الْإِثْنِيَّات
- في مَنَاهِج النِضَال الجَمَاهِيرِي المُشْتَـرَك
- أحزاب اليسار تـرفض التـنسيـق
- الرَّأْسَمَالِيَة هِي اِنْتِحَار جَماعِي بَطِيء
- نَظَرِيَة «الْأَنَا»، و«الْأَنَانِيَة»
- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 3/3
- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3


المزيد.....




- -ما هذا الصوت؟-.. تعابير وجه زوجة قائد الغواصة تيتان لحظة سم ...
- -أرامكو- السعودية تدرس بيع أصول لتعزيز السيولة وسط تراجع أسع ...
- كيف يؤثر نظام المناوبات على الصحة النفسية؟
- رفع العقوبات الأمريكية رسميا عن سوريا... الشروط والدلالات؟
- استطلاع: 82% من الإسرائيليين يريدون تهجير الفلسطينيين من غزة ...
- إدارة ترامب تفرض قيودا جديدة على الصحفيين داخل البنتاغون
- عاجل.. وزارة الصحة بغزة: 11 شهيدا في قصف إسرائيلي على القطاع ...
- غزة.. مقتل 11 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على القطاع اليوم
- قنبلة على طاولة التفاوض.. ماذا لو امتلكت إيران سلاحا نوويا؟ ...
- وزير السياحة السعودي يتحدث عن جهود المملكة لاستقطاب ملايين ا ...


المزيد.....

- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمان النوضة - في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك