أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الشرارة - حول بعض المسائل الأساسية في بناء الحزب / الحلقة الثانية - المركزية الديموقراطية في الحزب والحركة العمالية















المزيد.....



حول بعض المسائل الأساسية في بناء الحزب / الحلقة الثانية - المركزية الديموقراطية في الحزب والحركة العمالية


الشرارة

الحوار المتمدن-العدد: 8350 - 2025 / 5 / 22 - 13:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حول بعض المسائل الأساسية في بناء الحزب
(الطريق الثوري، قضايا الماركسية – اللينينية، عدد 10، 1973)
الحلقة الثانية
ǀǀ - المركزية الديموقراطية في الحزب والحركة العمالية
مع البورجوازية الاحتكارية، فالطبقة العاملة تواجه وتصطدم بعدو عالي التنظيم، ولتحقيق النصر على هذا العدو، فالبروليتارية بحاجة إلى منظمة للصراع قادرة على قيادة صراع الطبقات حتى في الظروف الصعبة، ومنظمة الصراع هذه هي الحزب الشيوعي، وأهليته أن يقود النصر على الامبريالية تستند الطبقة العاملة وحلفاؤها على صحة أيديولوجيتها وسياستها وحزم منظمتها.
إن وحدة وتجانس منظمتها يطرح مقدما وحدة الآراء في المسائل الإيديولوجية – السياسية الأساسية. وحدة الآراء هذه هي قاعدة وحدة عمل الحزب. إن عملا مخططا، منضبطا و وحدويا للحزب يتطلب المبادرة ونشاط أعضاء الحزب المرتبطين بالتعليمات المركزية وبالانضباط الإلزامي لجميع أعضائه. إن المركزية الديموقراطية هي المبدأ التنظيمي للحزب الشيوعي ولأجهزته يصلح لهذا الهدف.
لقد عرض لينين بشكل منهجي وطور المركزية الديموقراطية بالأساس في الصراع ضد الاقتصادويين، ثم، لاحقا خلال وبعد المؤتمر الثاني للحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي في الصراع ضد انتهازية المناشفة في مسائل التنظيم، وأكمل ماو تسي تونغ النظرية بشكل حاسم الماركسية – اللينينية لبناء الحزب. في هذا السياق يربط بشكل وثيق مبدأ المركزية الديموقراطية بالديالكتيك وبنظرية المعرفة المادية، وارتقى بها لهذا السبب إلى مستوى جديد.
بعد انتصار الثورة البروليتارية اكتسبت المركزية الديموقراطية أهمية ما زالت أكبر، لأن الدولة، دكتاتورية البروليتاريا منظمة أيضا وفق هذا المبدأ. و ماو تسي تونغ أيضا أوصل إلى الكمال بشكل حاسم النظرية الماركسية في هذا المجال. بعد تحليل علمي، ديالكتيكي للتجارب التاريخية، بلور نظرية استمرار الثورة تحت دكتاتورية البروليتاريا، لمواصلة الثورة كان من الضروري نشر المركزية الديموقراطية لدكتاتورية البروليتاريا في العلاقة مع النقد والنقد الذاتي للجماهير الواسعة وإطلاق العنان للديموقراطية البروليتارية، ولنقد الجماهير من الأسفل في إطار الانضباط الاشتراكي. لقد كان الوسيلة الحاسمة لقلب البيروقراطية ومنع عودة الرأسمالية إلى الصين.
1)أهمية الديموقراطية وسط الحزب
تشكل المركزية الديموقراطية قاعدة البناء التنظيمي للحزب، فالمركزية الديموقراطية هي وحدة ديالكتيكية للديموقراطية والمركزية، للحرية والانضباط، فالديموقراطية والحرية لا يجب ألا ينظر إليها في المطلق، مفصولة عن المركزية والانضباط لأنها ليست هدفا في حد ذاتها، ولكن وسيلة لتصليب التنظيم، وإذن، فرض المصالح الطبقية البروليتارية، لهذا السبب قال ماو تسي تونغ:
"لكن هذه الحرية، هي الحرية التي تترافق بقيادة، وهذه الديموقراطية هي ديموقراطية قيادة ممركزة، فهي ليست الفوضى" (ماو تسي تونغ "في الاتجاهات الصحيحة للتناقضات في صفوف الشعب"، الأعمال المختارة، المجلد الخامس، بيكين 1977، ص. 421).
إن الديموقراطية والمركزية، الحرية والانضباط تشير إلى بعضها البعض، فهي تشكل كل مرة مظهرين للتناقض مشروطة بشكل متبادل، وعلى المدى البعيد لا يمكن أن توجد الواحدة بدون أخرى.
في ظروف الاشتراكية، المركزية الديموقراطية مطبقة في صفوف الشعب. ما يعرضه ماو تسي تونغ في مقاله "في الاتجاهات الصحيحة للتناقضات في صفوف الشعب" حول وحدة الديموقراطية والمركزية في صفوف الشعب تطبق بنفس الطريقة للمركزية الديموقراطية في الحزب:
"في صفوف الشعب، فإن الديموقراطية مترابطة مع المركزية والحرية مع الانضباط، إنهما مظهرين متناقضين لوحدة كلية، فهما في تناقض، ولكن متحدان في نفس الوقت، ويجب ألا نؤكد على جانب واحد على أحد هذه الجوانب وننكر الجانب الآخر. في صفوف الشعب لا يمكن أن نتجاوز الحرية، ولكن لا يمكن الاستغناء عن المركزية. إن وحدة المركزية والديموقراطية هذه والحرية والانضباط تشكل مركزيتنا الديموقراطية". (نفس المرجع السابق، ص. 422).
إن الديموقراطية هي القاعدة، الشرط الضروري للمركزية. لاحظ ماوتسي تونغ في خطاب له ألقاه خلال مؤتمر سنة 1962:
"بدون ديموقراطية لا يمكن أن تكون هناك مركزية صحيحة، لأنه إذا تباعدت الآراء ولا توجد وحدة في وجهات النظر لا يمكن إقامة مركزية" (ماو تسي تونغ، " خطاب في مؤتمر عمل ..." ل 30 يناير 1962، بكين 1978، ص. 8).
إن أولئك، مثل المكتب المركزي لمجموعة جنجير الذي نصب نفسه، لا يلاحظون هذا ويريدون إقامة مركزية مفروضة من الأعلى بدون ديموقراطية ولا تطوع تدمر تنظيم الحزب. إن الحزب الشيوعي في حاجة إلى وحدة الديموقراطية والمركزية، أو أن الديموقراطية ضرورية لتحقيق المركزية، والعكس أيضا، فالمركزية تقدم تفتحا وازدهارا للديموقراطية، التي تعمل بدورها لتحقيق الوحدة، الخ...
إن وحدة الديموقراطية والمركزية هي إذن سيرورة ديالكتيكية للتحويل المستمر للديموقراطية إلى مركزية والمركزية إلى ديموقراطية. في هذه السيرورة، فإن وحدة وصلابة تنظيم الحزب لا يمكن إلا أن يتصاعد.
لكن أي مظهر من الديموقراطية وسط الحزب تغطي ولماذا تشكل القاعدة للمركزية؟
إن الكتلة من أعضاء الحزب وقائدها في الحزب، والأعضاء يحددون الخط السياسي، يتحمل مسؤولية القدرة على الصراع و وحدة تنظيم الحزب، وصحة السياسة وتطبيق الخط السياسي.
ينتخب الأعضاء القيادات وتراقب باستمرار أنشطتهم ويساهمون بشكل أساسي تحسين عمل الحزب باقتراحات ملموسة والنقد الذاتي.
في نشاطهم المحلي يجمع أعضاء الحزب تجارب عملية ثمينة، التي يجب استثمارها. إن الديموقراطية وسط الحزب ضرورية لكي يتمكن الأعضاء من عرض تجاربهم بكل حرية، لكي تتم مناقشة بشكل صريح، نقدي وموضوعي كل المشاكل المرتبطة بالمسائل الإيديولوجية، البرنامجية والتكتيكية لتنفيذ الخط السياسي للحزب. لهذا السبب ينص النظام الأساسي لتكتل العمال الشيوعيين لألمانيا:
"العضو له الحق، أولا أن يعبر بحرية عن رأيه داخل التنظيم، وانتقاد نشاط كل أجهزته بشكل موضوعي، كما بالنسبة للأطر والأعضاء باستقلالية عن موقعهم".
إن المعارف التي اكتسبها الأعضاء وتم عرضها في النقاش داخل الحزب كانت معزولة في كثير من الأحيان وغير متماسكة. بسبب ذلك على الاتجاهات توليف التجارب العملية الغنية لأعضاء الحزب، تركيزه وإعطاؤها شكلا منهجيا. بهذا فقط يمكن أن تتخذ القرارات الصحيحة. لكن إذا أريد توليف تجارب يجب أولا أن يحيط علما به. لهذا السبب فإن النقاش المفتوح ضروري، الديموقراطية داخل الحزب، التي تصبح هكذا، الشرط القبلي للمركزية.
على نفس المنوال، فالمعالجة الصحيحة للتناقضات داخل الحزب تستوجب الديموقراطية. لمعالجة التناقضات يجب الإحاطة علما بذلك، فإذا لم نكن نعرف آراء الرفاق لا يمكن أن نشجع ما هو صحيح ولا تصحيح ما هو غير صحيح. داخل الحزب، فإن وحدة التنظيم، وحدة العمل، المركزية، يرتكز على وحدة وجهات نظره البرنامجية، التكتيكي والتنظيمي، على وحدة القناعات، التي تضمن وحدة الإرادة. إن وحدة الرؤى ليست مع ذلك مسألة منتهية، شيء أنشئ مرة واحدة وإلى الأبد، لكنه سيرورة ديالكتيكية.
إنه فقط بتفتح الديموقراطية بالعلاقة مع النقد والنقد الذاتي، فقط عن طريق الصراع الإيديولوجي النشط، بالقدرة على التعلم انطلاقا من الأخطاء وتصحيح الآراء غير الصحيحة، والتي يمكن تحقيقها من خلال الوحدة القائمة على المبادئ.
إذا كان يتم إخفاء التناقضات الإيديولوجية – السياسية من أجل الحصول على السلام، لتجنب مواجهة الصعوبات لتوفير أصدقاء الخ ...، فإن وحدة الرؤى لم تعد راسخة وتتدهور. إن تدهور العلاقات التنظيمية، والمركزية الديموقراطية والانضباط هي النتيجة الحتمية، تحدث انشقاقات ويتدهور.
إن اضمحلال الحزب الشيوعي لألمانيا الماركسي – اللينيني (روت فاهن، بوشوم)، كما هو الانشقاقات العديدة للحزب الشيوعي لألمانيا الماركسي اللينيني (روتر مرجن) هو نتيجة لعدم احترام الديموقراطية داخل الحزب، ولقمع النقد والنقد الذاتي المبدئي من قبل المكتب المركزي لجنجر أو اللجنة التنفيذية لأوست. إن اللجنة المركزية لأوست وأيضا المكتب التنفيذي لجنجر يبررون قمع الديموقراطية وإخفاء الصراع داخل الحزب أمام أعضاء الحزب بنظرية "الأولوية للمركزية". إن هذه النظرية ليست إلا وسيلة للمثقفين البورجوازيين الصغار، اللذين يوجدون في قيادة اللجنة التنفيذية لأوست والمكتب المركزي لجنجر وتأمين سلوكهم البورجوازي الصغير واستبعاد الديموقراطية داخل الحزب.
إن ازدهار الديموقراطية والصراع الإيديولوجي النشط كوسيلة لتصليب وحدة الحزب باستمرار وتفادي الانشقاق، يفرض الدعاية الكاملة في المسائل الإيديولوجية والسياسية، بمعنى أنه يجب عرض وبشكل مفتوح وكامل مختلف المفاهيم لأعضاء الحزب لكي يتمكنوا من أن يختاروا بأنفسهم ما هو صحيح وما هو ليس كذلك.
لقد أشار لينين مرارا وتكرارا إلى ضرورة وأهمية الدعاية الكاملة، ويرى فيها أداة أساسية لمنع الانشقاقات التي يمكن حفا تفاديها، ويقول:
"حان الوقت، بالفعل، لكسر تقاليد دائرة العصبوية بحزم، وفي حزب يرتكز على الجماهير وصياغة بحزم الشعار: مزيدا من الضوء، أن يعرف الحزب كل شيء، أن يكون في حوزته بشكل مطلق كل التوثيق الضروري للحكم على جميع الخلافات، العودة إلى التحريفية، استثناءات من الانضباط الخ ... كيفما كانت ..." (لينين، "رسالة إلى إدارة الإسكرا"، المختارات، المجلد السابع، باريس/ موسكو 1975، ص. 115).
ويتابع:
"حول السؤال: ما لا يجب فعله؟ (ما لا يجب فعله بصفة عامة، وما لا يجب فعله لتجنب الانقسامات) سأجيب قبل كل شيء: عدم إخفاء القضايا الجديدة والمتزايدة للانقسام عن الحزب، عدم إخفاء أي شيء من الظروف والأحداث التي تشكل هذه المواضيع".
لكن حتى إذا لم يكن هناك تهديد بانشقاق، يوجد دائما داخل حزب تصورات مختلفة، ويجب على أعضاء الحزب معرفتها لتصحيح الآراء الخاطئة، وإرساء وحدة الحزب في الوقت المناسب، وهذا غير ممكن دون إعطاء الأولوية للدعاية الكاملة.. بدون الدعاية الكاملة لا يمكن أن تكون هناك ديموقراطية داخل الحزب وإذن لا وحدة الرأي. في هذا الصدد لاحظ لينين في "ما العمل؟":
"إن مبدأ ديموقراطية واسعة يتضمن أنه من المحتمل أن يتفق الجميع على شرطين صريحين: أولا الدعاية التامة، وثانيا الانتخابات لجميع المهام، سيكون من المضحك الحديث عن الدمقراطية بدون دعاية لا تقتصر على أعضاء التنظيم" (لينين، "ما العمل؟" بكين 1978، ص.170) .
بنما الحزب الشيوعي لألمانيا الماركسي – اللينيني (روت فاهن، بوشوم) حديثا أن انقسام وكذلك انحلال التنظيم لا فرار منها بمجرد ازدهار الديموقراطية داخل الحزب والدعاية الكاملة من وجهة النظر الإيديولوجية – السياسية غير مضمونة، تكتل العمال الشيوعيين لألمانيا يبين كيف أن الديموقراطية تمثل قاعدة الكفاحية و وحدة تنظيم شيوعي.
استطاع مؤتمرنا المركزي الأول في الوسط للمندوبين أن يحدد خطا إيديولوجيا- سياسيا وحدويا بتبني مختلف الوثائق بما فيها إعلان المبادئ وبرنامج العمل. إن وحدة التنظيم على قاعدة هذا الخط الصحيح، يرجع لحقيقة أن ديموقراطية واسعة تم تطبيقها خلال تهيئ وتحقيق مؤتمر المناديب.
إن الديموقراطية هي أيضا أساسية لكي يطور الحزب بكامله مبادرات وأنشطة. في مقاله "دور الحزب الشيوعي في الحرب الوطنية" كتب ماو تسي تونغ:
"في الممارسة، فإن المبادرة تتجلى في طاقتها الإبداعية، الشعور بالمسؤولية، العمل الجاد، الشجاعة و القدرة على طرح الأسئلة، التعبير عن رأيها، و نقد العيوب، كما في المراقبة الممارسة باهتمام رفاقي على الأجهزة العليا و الأطر المسيرة، غير ذلك فكلمة مبادرة لن يكون لها أي معنى، بينما هذه المبادرة تتكشف وفقا لدرجة الديموقراطية في حياة الحزب، لا يمكن أن تكون بدون ديموقراطية كافية، بقدر أنه ليس ممكنا تكوين عدد كبير من الناس القادرين إلا إذا عمت الديموقراطية في الحزب: (الأعمال المختارة لماو تسي تونغ، المجلد الثاني، بيكين 1967، ص.220). لكي لا يتوقف تطور الرفاق، وحتى لا يعتمدون فقط على تجاربهم المباشرة، يجب عليهم تعلم ودراسة التجارب العملية للحزب بكامله وللحركة الشيوعية العالمية. إن الديموقراطية وموقف نقدي هي ضرورية لهذا الغرض، إن الأساليب الديموقراطية للقيادة هي أيضا جزء من الديموقراطية. إن تطوير الأعضاء إلى مسؤولين تنفيذيين لا يمكن تشجيعه بإجراءات إدارية والقيود، لكن بالأساليب الديموقراطية للمناقشة، بالنقد وبالإقناع الصبور.
2) لا حزب صلب بدون مركزية وبدون انضباط
لا يمكن في الحزب أن تكون هناك ديموقراطية فقط، ولكن المركزية أيضا. لا يمكن أن تكون هناك مركزية بدون ديموقراطية، لأن هذا يعني انتهازية يسارية. لكن بدون مركزية تفقد الديموقراطية معناها. إن الديموقراطية الأحادية الجانب المدفوعة إلى أقصاها تعني انتهازية يمينية ولا تؤدي إلى وحدة وجهات النظر الإيديولوجية والتنظيمية. سيتحول الحزب إلى حلقة نقاش، وستكون النتيجة تشتت التنظيم وانحلاله.
إنه فقط بارتباط الديموقراطية بالمركزية، يمكن أن تكون هناك وحدة إيديولوجية، سياسية وتنظيمية وعمل واحد. لهذا السبب في بعض الظروف تكون المركزية ما زالت أكثر أهمية من الديموقراطية، وحتى هي السائدة في اللاشرعية.
لهذا السبب أكد ماو تسي تونغ:
"أن الحزب الشيوعي ليس فقط في حاجة إلى الديموقراطية، ولكن أكثر من ذلك في حاجة إلى المركزية" (ماو تسي تونغ "تحسين أسلوب عمل الحزب"، ماو تسي تونغ "أعمال مختارة، المجلد الثالث، ص.45، مترجم من الألمانية من قبل هيئة التحرير) في خطاب سنة 1962 تم ذكره سابقا، يميز ماو تسي تونغ جوهر المركزية:
"ماذا يقصد بالمركزية؟ إنها قبل كل شيء تركيز لأفكار صحيحة. على هذه القاعدة نوحد الرؤى، التدابير السياسية، المخططات، القيادة والأفعال، هو ما نسميه الوحدة عن طريق المركزية". (مرجع سابق).
إنه إذن من الضروري في المقام الأول تحليل الآراء الصحيحة للناس خارج الحزب، وبصفة خاصة أعضاء الحزب وتركيزهم تحت شكل ما في متناول الجميع. إنها بصفة خاصة مهمة القياديين. بهذه الطريقة فقط يتم إعداد الخط السياسي الصحيح ويتم تبني القرارات الصحيحة وتنقل التوجيهات الصحيحة للتنظيم لتطبيقها. إنها الشرط الأولي للعمل الوحيد للحزب.
ترتكز المركزية الديموقراطية على نظرية المعرفة الماركسية – اللينينية. إنه ديموقراطي لأن التجارب العملية لأعضاء الحزب والتجارب الأممية تشكل قاعدة العمل للحزب بالكامل، إنه مركزي لأن التجارب العملية المعزولة في معظمها، غير المنهجية لأعضاء الحزب لا تتحول بشكل عفوي إلى خط صحيح وإلى عمل موحد، لكن بعد أن تكون قد تركزت بشكل مركزي يجب إعدادها وصياغتها في خط واحد في ارتباط مع التجارب العالمية.
إن المعارف التي يكتسبها الأعضاء في بداية نشاطهم السياسي ترتكز بالأساس على إدراكات حسية، لكنها ليست إلا معارف جزئية اكتسبت في الممارسة عن طريق مختلف الأعضاء، اللذين ليسوا مرتبطين بعد بالتجارب العامة للحركة العمالية في العالم كله، بمعنى بالنظرية الماركسية – اللينينية. إن مهمة القيادات تتمثل أولا في دراسة، ومعالجة، بشكل عميق ونقدي المعارف الجزئية للأعضاء، لتنظيم الآراء المختلفة، ولتجميع التجارب النموذجية. وثانيا بربط هذه المعارف الجزئية بالتجارب العامة بتنظيم تكوينات ودراسات جماعية وبالتعلم الذاتي.
بالقيام بذلك، تنتج قفزة نوعية، وتتحول المعارف الحسية للبداية إلى معرفة عقلانية، التي تعكس العلاقة الديالكتيكية بين التجارب المتراكمة في الممارسة والتجارب العامة. إنه على هذه القاعدة يجب أن تتخذ قرارات (أو بلورة توجيه، مخطط الخ ...).
لكن سيرورة المعرفة لا تنتهي هنا، بالفعل (في الواقع) في هذه المرحلة من المعرفة ليس ممكنا بعد بشكل كامل التمييز ما إذا كان القرار صحيحا، صحيح جزئيا أو غير صحيح، هل تعبر عن آراء صحيحة، التجارب النموذجية لأعضاء الحزب، إذا كانت المعارف قد تم وضعها في سياقها الصحيح، وإذا كان القرار يجيب عن متطلبات وضعية معينة.
إن الممارسة هي معيار الحقيقة، لهذا السبب فإن القرار يجب أن يكون مبررا ومشروحا أمام أعضاء الحزب حتى يفهموا طبيعته ويتمكنون من وضعها موضع التنفيذ (نفس الشيء ينطبق على التوجيهات، المخططات، الأساليب الخ ... خلال وضع التوجيهات موضع التنفيذ (تطبيق المخطط، الخ ...) تتحقق القفزة الثانية الأكثر أهمية من الأولى، قفزة المعرفة العقلانية إلى الممارسة الثورية، حينها فقط، خلال وضع القرار موضع التنفيذ يتم التحقق من صحتها في الممارسة، وبذلك تكتمل سيرورة المعرفة.
لكي يتم تركيب تجارب الأعضاء خلال تطبيق قرارات، يجب على التوجيهات أن تضم مراقبة منهجية لتطبيق قرارات. بهذا الشكل فقط يمكنها أن تلاحظ إذا كان القرار صحيحا أم لا. إذا كان خلال مراقبة التنفيذ تبين أن قرارا كان غير كاف أو أحادي الجانب، ولا تستجيب للظروف الشروط يجب إذن اتخاذ فرار آخر أو تحسين القديم، مع العلم أن التجارب الجديدة المكتسبة خلال التنفيذ تشكل القاعدة للتعديل. إن القرار الجديد أو المعدل ثم يوافق بشكل أفضل لمتطلبات الوضع. بعد تطبيق القرار المعدل (أو للتوجيه، للمخطط الخ ...) يجب من جديد تجميع الخبرات. ونتيجة لذلك يتم تعديل القرار مرة أخرى.
إن الوضعية السياسية ليست شيئا ثابتا، إنها جزء من التطور الدائم، فمعها تتطور أيضا التجارب العملية لأعضاء الحزب وهكذا تتضاعف معرفة التوجيهات، وهذه المعرفة لا تعرف نهاية أبدا. إن مركزة الآراء، التنفيذ العملي للقرارات، تجميع معارف مكتسبة جديدة خلال تنفيذ وتعديل قرارات، التنفيذ العملي لقرارات معدلة الخ ... كل هذا يشكل سيرورة دورية لمعرفة بلا نهاية، حلزوني وفي كل سيرورة لمعرفة معزولة يجب أن تكون القرارات، المخططات، التوجيهات والنظريات أكثر صحة، أكثر كمالا وأكثر واقعية.
للوصول إلى وحدة عمل أعضاء الحزب، فالاقتناع بخط صحيح وضرورة التطبيق لا تكفيان، فالاقتناع يجب أن يتم إكماله بالانضباط الوحدوي لكل أعضاء الحزب:
"يجب على كل التنظيم أن يخضع للانضباط الوحدوي:
خضوع الفرد إلى التنظيم
خضوع الأقلية للأغلبية
خضوع المستويات الدنيا إلى المستويات العليا
خضوع التنظيم بكامله إلى القيادة المركزية".
(النظام الأساسي لتكتل العمال الشيوعيين لألمانيا)
إن الانضباط له نفس الخاصية الإجبارية لجميع الأعضاء، بما في ذلك الأطر القيادية. حسب النظام الأساسي كل عضو عليه مراقبة الانضباط. جزء منه على سبيل المثال التطبيق التام لقرارات "مؤتمر وسط للمندوبين"، للقيادة الوسطى وفي نفس الاتجاه للقياديين المنتخبين الآخرين.
إن الانضباط في الحزب يتطلب من عضو أن ينفذ أيضا القرارات التي شخصيا ليست متفقة معها، لأنه لم يتعرف بعد على صحتها. يحق له أن يحتفظ برأيه المخالف، لكن عليه أن يسعى لاكتشاف صحة القرارات في الممارسة العملية.
يطالب الحزب بالتطبيق المنضبط للقرارات، أساسها هو الحصول على قناعة صحتها من قبل أغلبية الأعضاء أو القيادات. مع ذلك يجب أن تكون القرارات موافقة للخط السياسي للبرنامج. إنه فقط بعد أن تكون القرارات من المفترض أن تنتهك مبادئ الماركسية ـــ اللينينية والخط البرنامجي للحزب يجب أن تحارب حتى تتمكن من إجراء المراجعة في الوقت المناسب وتصحيح القرارات الخاطئة. والعكس صحيح، فالقرارات الصحيحة التي يهاجمها أعضاء مرتبكين أو حتى التعرض لتأثيرات معادية يجب الدفاع عنها بحزم.
إن الحزب هو مجتمع صراع يقوم على التطوع، حيث تستند الوحدة على الاقتناع الوحدوي للأعضاء. لهذا السبب لا يمكن للتدابير التأديبية أو التنظيمية وحدها تضمن وحدة التنظيم عندما توجد اختلافات جوهرية في الرأي.
تماما مثل الحرية أو الديموقراطية البروليتارية، فالانضباط البروليتاري ليس هدفا في حد ذاته، لكنه وسيلة محددة لفرض مصالح طبقة البروليتاريا. إن الانضباط البروليتاري يرتكز على الحرية، بمعنى الوعي بالحاجة. يتعلق الأمر بانضباط متفق عليه بحرية و وعي الذي يتميز جوهريا عن الانضباط الأعمى، مثل ذلك الذي يمارس في الجيوش البورجوازية. لقد وصف ستالين بشكل مناسب الانضباط الحديدي البروليتاري:
"إن الانضباط الحديدي في الحزب لا يمكن أن يكون بدون وحدة إرادة، بدون وحدة عمل كاملة ومطلقة لكل أعضاء الحزب، هذا لا يعني بطبيعة الحال لهذا السبب إمكانية صراع آراء تكون مستبعدة وسط الحزب، بالعكس، فالانضباط الحديدي لا يستبعد، بل يفترض النقد وصراع الآراء وسط الحزب. هذا لا يعني، كلما كان الأمر أكثر من ذلك، أن الانضباط يجب أن يكون أعمى، بالعكس فالانضباط الحديدي لا يستبعد، بل يفترض الخضوع الواعي وموافق عليها بحرية، لأنه وحده انضباط واع يمكن أن يكون انضباطا حديديا، لكن بمجرد انتهاء صراع الآراء، واستنفد النقد، وتم اتخاذ القرار، تكون وحدة الإرادة و وحدة العمل لكل أعضاء الحزب شرطا أساسيا، التي بدونها ليس بالإمكان تصور لا حزب موحد ولا انضباط حديدي في الحزب: (جوزيف ستالين "مبادئ اللينينية" بكين 1966، ص. 115).
ما هو الشيء الذي يحافظ ويصلب انضباط الحزب؟ قبل كل شيء بثقة الأعضاء بالمعارف النظرية والتجارب العملية، الصدق، الثقة والإخلاص لأعضاء القيادة والوعي بصحة السلوك السياسي لقادة الحزب هذه الثقة لا تولد بشكل عفوي، لكن على أساس قيادة كفأه على المدى الطويل وقيادة سياسية وتنظيمية صحيحة، بهذا الشكل فقط يمكن تحقيق انضباط قائم على الوعي والحرية.
إن هذا الانضباط ليس غريبا عن الطبقة العاملة، فبفضل وحدة العمل في الإنتاج، يتعلم العامل انضباط إنتاج على أساس وعي مفروض بالضرورة. إن الوعي بالضرورة ينتج مباشرة عن المطالب التقنية للإنتاج الكبير، إنه مفروض لأن العامل – حتى يمكنه أن يعيش- عليه بيع قوة عمله للرأسمالي. لقد عبر لينين عن ذلك بعبارات مناسبة:
"هذا المصنع، الذي بالنسبة للبعض يظهر أنه فزاعة، ليس شيئا آخر، وبالتدقيق، سوى الشكل الأعلى من التعاون الرأسمالي، الذي جمع، وأدب البروليتاري، علمه النظام، وضعه على رأس كل الأنواع الأخرى من السكان العاملين والمستغلين. إنها الماركسية، إيديولوجية البروليتاريا التي ربتها الرأسمالية، التي علمت وتعلم المثقفين المتذبذبين الفرق بين الجانب الاستغلالي في المصنع (الانضباط القائم على الخوف من الموت جوعا) وجانبه المنظم (الانضباط المرتكز على العمل الجماعي، الناتج عن تقنية عالية التطور). إن الانضباط والتنظيم، حيث المثقف البورجوازي يجد صعوبة في اكتسابه، يتم استيعابها بسهولة من طرف البروليتاري، بالضبط، بفضل "مدرسة المصنع" هذه" (لينين، "خطوة إلى الأمام، خطوتين إلى الوراء"، المختارات، المجلد السابع، باريس/موسكو، 1975، ص.115).
وينطبق الشيء نفسه بشكل آخر بالنسبة للبورجوازي الصغير والمثقف البورجوازي الصغير، فهذا الانضباط غريب عنه في ظروف إنتاجه اليومية، في وجودهم وفي عملهم، بسبب نمط إنتاجه أو العمل المجزأ، فهو له سلوك فرداني. البورجوازي الصغير في علاقته بكل ما يأتي "من الخارج" و "من الفوق" أو "من الوسط": "من الخارج و "من الفوق" يأتي تهديد منافسة المنتجين الكبار، الأبناك الخ ... التي تضعه في خطر في وجوده الاقتصادي. من هنا يأتي عداء البورجوازي الصغير للتنظيم، الذي يميز بطريقة مماثلة المثقف البورجوازي أو البورجوازي الصغير، ويكمن السبب بالأساس في ظروف العمل الفردانية للمثقفين، التي تشبه ظروف إنتاج والعمل المجزأ للبورجوازية الصغيرة.
في مقال بعنوان "من ممارسة الحركة المدرسية" عبرت إزرا جرهردت بش هكذا، بشكل مناسب في غشت 1968 (وكانت في وقتها فوضوية) هذا الكره للتنظيم من طرف المثقفين:
"هكذا، فنموذج التنظيم اللينيني الصارم، يمكن أن يؤثر على الحركة (حركة التلاميذ والطلبة البورجوازية الصغيرة) لأن النضال من أجل الحرية سيطرح مقدما تحويل الأشخاص إلى رهبان الثورة. في ظرف ثوري يكون الأمر مقبولا، في مرحلة ما قبل الثورية لا يمكن تحمله".
سيكون من الخطأ، مع ذلك، الاعتقاد أن أي نوع من المركزية هو غريب عن البورجوازي الصغير، فما هو غريب عنه وغير المفهوم، هو فقط المركزية الديموقراطية البروليتارية مع خضوعها الحر المتفق عليه. يعرف البورجوازي الصغير المركزية على شكل سيطرة مركزية للصناعة الكبيرة، وهذه السيطرة لا تعرف إلا شكلا واحدا من المركزية: الاستعباد الاقتصادي. في ظروف خاصة، يمكن للبورجوازيين الصغار فجأة، المناهضين للسلطوية أن يصبحوا سلطويين إلى أقصى حد (كما يبينه مثال إزرا جرهردت)، من الأفضل عندما يتعلق الأمر بفرض وضمان ادعاء بورجوازي صغير بالزعامة.
إذن، فالديموقراطية داخل الحزب محذوفة، والمركزية الديموقراطية البروليتارية تعتمد على الانضباط الذي يمليه الوعي ويتدهور إلى المركزية البورجوازية الصغيرة والبيروقراطية، هذا الأخير لم يعد يعرف العمل الصبور للإقناع، يعوضه بالعمل الإداري ويفرض الخضوع الأعمى، ومن قاعدة الطبقة البورجوازية الصغيرة هذه، يمكن أن يتطور مبدأ فاشي للسلوك، كما كان الحال أثناء تشكيل المكتب المركزي لجنجر. هذا المبدأ في السلوك يشمل القضاء على كل مراقبة على نشاط القيادات ويفرض الخضوع التام بإبعاد أي نقد للأعضاء لإرادة القياديين.
3) تحقيق المركزية الديموقراطية داخل الحزب
إن انتخاب القياديين هو تعبير عن الديموقراطية وسط الحزب بنفس طريقة الإعلان الكامل، إجبارية المساءلة، المراقبة والنقد الذاتي المفتوح للقيادات. ومع ذلك، فتطبيق انتخابات القيادات ليس له من معنى إلا في علاقته مع الإعلان الكامل على الصعيد الشخصي، وكذلك مع النقد والنقد الذاتي، ولا يوجد أي استثناء سوى خلال لا شرعية الحزب.
إن الإعلان الكامل على الصعيد الشخصي هو الشرط القبلي لكل انتخاب ديموقراطي، لأنه تجب معرفة أي ماض، وأي تطور سياسي ومهني عاشه رفيق. من يضع ترشحه لقيادة عليه أن يعرض بوضوح ما سيأتي به من شروط، أية تجارب له، أي أخطاء ارتكبها، ما هي الصفات التي يتوفر عليها، وعن أي آراء يدافع في إطار برنامج الحزب الملزم للجميع.
على أعضاء الحزب تربية، بشكل منهجي القوات المناسبة لمهام القيادة. لهذا السبب، فالإعلان الشخصي مرتبط بالأسئلة الحاسمة المطروحة على الرفاق المرشحين. إن الرفاق عليهم الالتزام بالجواب على كل الأسئلة بصراحة وبشكل موضوعي وبالكامل، عليهم اتخاذ موقف نقد ذاتي تجاه أنشطتهم الحالية والماضية، فبهذا الإعلان الشخصي، الذي يتحدث عنه لينين في "ما العمل؟"
" نعرف أن مناضل سياسي معين كانت عنده هذه البداية أو تلك، صنع كذا أو كذا تطور، أنه في كذا وقت صعب من حياته تصرف بكذا شكل، وأنه يتميز بهذه الصفات أو تلك، كذلك، كل أعضاء الحزب يمكنهم مع العلم الكامل بالحقائق انتخاب هذا المناضل أو عدم انتخابه في هذا الموقع في الحزب أو ذاك. إن المراقبة العامة (بالمعنى الدقيق للكلمة) لكل خطوة يخطوها عضو الحزب في مسيرته السياسية ينشئ آلية تعمل تلقائيا وضامنا ما نسميه في البيولوجيا "البقاء للأصلح". بفضل هذا "الانتقاء الطبيعي"، نتيجة لإعلان مطلق، للأهلية وللمراقبة العامة كل مناضل يجد نفسه في النهاية "مصنف في مجلسه"، يتولى المهمة المناسبة لنقاط قوته وقدراته، يتحمل هو نفسه كل عواقب أخطائه ويظهر أمام الجميع قدرته على إدراك أخطائه وتجنبها". (لينين، "ما العمل؟"، بكين 1978، ص171/ 172).
وفي مقطع آخر، يشرح:
"وهذا هو السبب أيضا الذي يجب على الحزب كله أن يشكل بشكل منهجي، تدريجيا، وبدون توقف أناس أكفاء لهذه الأجهزة، ويحتضن كل نشاط كل مترشح لهذا المنصب الأعلى في لمحة واحدة، أن يعرف حتى خصائصهم الفردية، صفاتهم كما عيوبهم، انتصاراتهم إلى جانب "هزائمهم". ... ولأن هذه الملاحظات دقيقة جدا يجب على الحزب كله تحقيق الربح منها، أن يرى دائما كل هزيمة ولو كانت جزئية لهذا أو ذاك من "قادته". لا يوجد رجل سياسة لم يعاني هزائم خلال مسيرته، وإذا تحدثنا بجدية عن التأثير على الجماهير، لكسب "حسن نية" الجماهير، يجب أن نفعل كل شيء لكي لا تختبئ هذه الهزائم داخل الأجواء الخانقة للدوائر وللتجمعات لكي يخضعوا لحكم الجميع. هذا يظهر مزعجا للوهلة الأولى، يمكن أن يظهر هذا "جارحا" لهذا القائد أو ذاك، نحن مطالبون بالتغلب على هذا الشعور المصطنع بالحرج، هنا يكمن واجبنا تجاه الحزب، تجاه الطبقة العاملة. هكذا، وهكذا فقط نقدم للجماهير كلها (وليس إلى الاختيار العرضي لدائرة أو مجموعة صغيرة)، مناضلي الحزب المؤثرين، إمكانية معرفة قادته و وضع كل واحد في المكان الذي يناسبه، الدعاية واسعة النطاق وحدها تصحح جميع الانحرافات الجامدة الأحادية الجانب والمتقلبة، هي وحدها تستخرج من "المعارضة" السخيفة وغير المبررة للمجموعات الصغيرة المادة الضرورية والمفيدة، الذي يسمح للشخص بتثقيف نفسه في الحزب" (لينين "رسالة إلى هيئة تحرير الإسكرا" مختارات، المجلد 7، باريس/موسكو 1975، ص. 116/117).
إن عرض لينين حول انتخاب القيادات والدعاية الكاملة، يمثل الجانب الديموقراطي بشكل مثالي علاقات ديموقراطية – مركزية بين القيادات وأعضاء الحزب.
إن مراقبة القادة تتم بشكل مستمر، وهذا من ناحية، من خلال هيئات الرقابة المستقلة، ومن ناحية أخرى، عن طريق المراقبة من الأسفل من خلال مراقبة أعضاء الحزب، أولا، على شكل نقد موضوعي للأخطاء. وهنا ينطبق المبدأ التالي الذي أكد عليه لينين في مشروع القرار الأول للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي لروسيا:
"أي نقد ... فيما يتعلق بالمحتوى، يجب أن يكون من خلال المشاركة المباشرة في نشاط السوفياتات والحزب للتحقق عمليا من كيفية تصحيح أخطاء الحزب أو بعض من أعضائه" (لينين "مشروع القرار الأولي للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي لروسيا حول وحدة الحزب"، مختارات، مجلد 32، باريس/موسكو 1976، ص.254).
بفضل أهلية التوجيهات وتقرير النشاط، يكون لدى أعضاء الحزب إمكانية فحص (التحقق) والحكم على نشاط القيادات ولمسؤوليها التنفيذيين، تقرير النشاط على وجه التحديد، والذي يلخص بشكل نقد ذاتي تجارة نشاط القيادة على مدى، يقدم أهمية كبرى فترة زمنية معينة، ويحدد مهام النضال المستقبلة، من أجل تطوير النقد من القاعدة، وفي هذا الصدد، من أجل الارتقاء بنشاط أعضاء الحزب. يطلب من كل قيادة (ليس فقط في سياق تقرير النشاط) أن تمارس النقد الذاتي المفتوح بانتظام (في الندوات مثلا والمؤتمرات التنفيذية) حتى يتمكن الحزب بأكمله من التعلم من الأخطاء في العمل السياسي.
إن المركزية الديموقراطية للحزب، هذا المبدأ التنظيمي المهم في الماركسية – اللينينية، هو في جوهره وحدة لا تتزعزع، لكن ليست وحدة جامدة وميكانيكية، بل سيرورة ديالكتيكية، تتغير أشكالها التنظيمية مع تطور صراع الطبقات وتطور تنظيم الحزب. هكذا، في الظروف اللاشرعية، فالانتخاب الديموقراطي للقيادات والدعاية الكاملة على الصعيد الشخصي (ولكن ليس في أي حال من الأحوال على المستويات الإيديولوجية والسياسية!) قد تكون محدودة بشكل أو بآخر مؤقتا (انظر الطريق الثوري 5) أو في ظروف البناء الإقليمي والوطني للحزب يمكن للمركزية أن تسود في منطقة أو أرض.
لكن حتى إذا كانت المركزية تمثل الجانب الأساسي في التناقض بين الديموقراطية والمركزية، فإن الديموقراطية داخل الحزب هي مع ذلك دائما حاضرة لأنها تشكل أساس الوحد الديالكتيكية.

ترجمة الرفيقة علياء نجمي.

يوجد هذا النص بصيغة بدف على موقع الشرارة / كراسة البروليتاري ــ العدد التاسع ــ الحلقة الثانية
http://acharara.hautetfort.com

يتبع بالحلقة الثالثة: "النقد والنقد الذاتي، قانون تطور الحزب والمجتمع الاشتراكي"



#الشرارة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة الشرارة بمناسبة اليوم الأممي للطبقة العاملة
- لينين، الأممية الثالثة والعمل النقابي / مسألة الفصائل الشيوع ...
- حول بعض المسائل الأساسية في بناء الحزب الحلقة الأولى: المظا ...
- حول بعض المفاهيم التنظيمية الماركسية - اللينينية * المركزية ...
- -ما هي الشيوعية؟- العدد الخامس كراسة البروليتاري
- كراسة البروليتاري ــ العدد الرابع
- كراسة البروليتاري ــ العدد الثالث ــ
- كراسة البروليتاري ــ العدد الثاني ــ الجزء الأول
- كراسة البروليتاري العدد الأول
- العدد الحادي عشر من كراسات الشرارة ـــ قراءة في كتاب -ما الع ...
- قراءة في كتاب -ما العمل؟- الجزء الثالث ـــ الفصل الخامس والأ ...
- قراءة في كتاب -ما العمل؟- الجزء الثالث الفصل الثالث والراب ...
- قراءة في كتاب -ما العمل؟- الجزء الثالث الفصل الأول والثاني
- الجزء الثاني - قراءة في كتاب -ما العمل؟- - ــ
- قراءة في كتاب -ما العمل؟- ــ الجزء الأول
- إعلان: -قراءة في كتاب -ما العمل؟-
- العدد العاشر من كراسات الشرارة: بناء الأحزاب الماركسية – الل ...
- العدد التاسع من كراسات الشرارة: - جواب أولي على أنفير خوجة ...
- جواب أولي على أنفير خوجة بصدد كتاب -الإمبريالية والثورة- ال ...
- جواب أولي على أنفير خوجة بصدد كتاب - الإمبريالية والثورة - ا ...


المزيد.....




- البيان الختامي للمؤتمر الجهوي الثاني لحزب النهج الديمقراطي ا ...
- بيان صادر عن الجمع العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي بالدا ...
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تحيي الذكرى 34 لانبعاثها
- صوفيا ملك// عواصف الوهم، وآلة التصنيع الافتراضي
- هل نعيش في عبودية رقمية؟ كيف يسيطر الذكاء الاصطناعي على عقول ...
- بالفيديو: حزب الشعب الجمهوري يقود احتجاجات في إسطنبول.. ما ا ...
- “المحامين” تقاطع “الجنايات” احتجاجًا على رفع رسوم التقاضي
- لليوم الثاني.. “المحامين” تقاطع “الجنايات” احتجاجًا على رفع ...
- دفاعًا عن حق السكن: لماذا يجب رفض قانون إلغاء “الإيجار القدي ...
- اللجنة التحضيرية للجمعية العمومية للمحامين تصدر بيانها الأول ...


المزيد.....

- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الشرارة - حول بعض المسائل الأساسية في بناء الحزب / الحلقة الثانية - المركزية الديموقراطية في الحزب والحركة العمالية