أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد عادل زكى - النخَّاس الجديد: كيف تعيد الإمبريالية صياغة هويتنا وتراثنا؟














المزيد.....

النخَّاس الجديد: كيف تعيد الإمبريالية صياغة هويتنا وتراثنا؟


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 08:36
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إننا، نحن المنتمين إلى هوامش النظام الرأسمالي العالمي، لا نزال نُرغَم على العيش في تخوم عصر الرأسمال التجاري، عصر ما قبل الصناعة، وكأن التاريخ قد توقف عندنا ليُعيد إنتاج بداياتهم، فيما هم – وقد صاروا مركزًا – ينعَمون بترف ما بعد الصناعة، حيث تسود المعرفة ويُستَبدَل العمل اليدويّ بالتقني والرقميّ، وحيث لا مكان إلا للقوة المهيمنة عبر المال والعقل والتكنولوجيا. نحن لا نُنتج، بل نَستهلك. ولا نُشارك، بل نُشاهد. إننا نلهث خلف سلعٍ لم نُسهم في خلقها، ونُفتن بأنماط حياة لم نكن طرفًا في صياغتها، نستهلك ما لا نصنع، ونتبنّى ما لا نُنتج، حتى تحوّلنا إلى سوقٍ مفتوح لتصريف الفائض الإمبريالي. وهنا، ومن هذا الموضع الهامشيّ المَخزِيّ، تنشأ طبقة جديدة قديمة، تُعيد تدوير وظيفة النخاس ولكن بثوب عصريّ: إنها طبقة الرأسماليين التجاريين، أولئك الذين لا شأن لهم بالإنتاج، ولا رغبة لديهم في التصنيع أو الابتكار، فغايتهم التوسُّط في عمليّة التبادل، حيث يُصبح الاستهلاك غاية في ذاته، ويغدو التدمير فعلاً سابقًا للخلق. وهؤلاء، وإن تأنّقوا في مظاهرهم، لا يختلفون جوهريًّا عن نخّاسي العصور الغابرة: فهم لا يبيعون البشر، بل يبيعون أرواحهم وهويّاتهم، يسوّقون سلعة التغريب باسم الحداثة، ويُقايضون تراثنا بالماركات، ويُسوّقون ثقافة الهيمنة تحت لافتة الانفتاح. وها هي الدولة – كما في كل زمن طبقيّ – تُعيد اصطفافها إلى جوار المال، فتتحوّل من أداة استعمار مباشر إلى أداة قانونيّة إمبريالية، تمنح سلطان السيطرة لبورجوازيّة التبادل، وتُطوِّع التشريع كي يخدم مصالح مالكي الرساميل لا مصالح الشعب. إنها تُعيد إنتاج الاستعمار، ولكن عبر القانون هذه المرة، لا عبر المدفع. إن الدولة، في تجلّيها القانونيّ، لا تفعل سوى أن تُعبّر عن إرادة الطبقة المالكة، تُقنِّن مصالحها، وتُشرعن آليّات إخضاع بقيّة الطبقات، فتُصبح العدالة اسمًا مستعارًا للهيمنة، ويغدو القانون سيفًا يُشهر في وجه الفقراء والمُستضعفين.وهكذا، يعود النخّاس، لا بخُطى الماضي، بل بخُيَلاء الحاضر: يبيع الثقافة، ويُصادِر التاريخ، ويُعيد تشكيل الوعي على نحوٍ يخدم التبعيّة ويُكرّس الاستلاب. إنه النخّاس المُهذّب، المُعول الناعم للإمبريالية المعاصرة، المُندسّ في السوق، المُقَنَّع بقناع المستثمر الوطني، والمُدمِّر لكل إمكانيات النهضة من الداخل. ولم تزل الشرايين مفتوحة!



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الكنيسة إلى الجامعة: استمرار أدوار الهيمنة بصيغ جديدة
- في الطبيعة الاقتصادية للأسهم
- نقد وظائف النقود
- في الربا والفائدة
- الطبيعة القانونية للودائع المصرفية
- الطبيعة القانونية للودائع النقدية
- التَّخلُّف الاجْتماعيّ والاقْتِصَاديّ للبَاحث المغربيّ مُحمّ ...
- نقد الاقتصَاد السّياسي، مُقدمة الطبعة الألمانيَّة
- في ضلالات الذهن الاقتصادي العربي
- ما هو الرأسمال؟
- نهاية الاقتصاد السياسي
- نقد الاقتصاد السياسي، مقدمة الطبعة السودانية
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
- (قِيمَة/ زَمَن)
- المزيدٌ من الشَّرح لدور الزَّمن في تكوين القيمة
- نقد الريكاردية في تفسير التبادل الدولي
- طريقين إلى روما...النهاية الواحدة دائمًا، بقلم لوجينا صادق
- نقد نظرية التبادل غير المتكافىء
- تصحيح مقياس القيمة
- نظرية التوزيع في علم الاقتصاد السياسي


المزيد.....




- تونس.. تأجيل النظر في قضية شكري بلعيد
- رسالة عبد الله أوجلان ومستقبل الاضطهاد القومي في كوردستان
- بين سطور رسالة اوجلان
- حزب التقدم والاشتراكية ينعى وفاة الرفيق الحاج محمد الزعيم
- أوجلان يطالب بتحول جذري في العلاقة التركية الكردية
- البرتغال: الحزب الحاكم يفوز بالانتخابات التشريعية واليمين ال ...
- حل حزب العمال الكردستاني ومصير التواجد التركي في العراق
- أوجلان: ثمة حاجة إلى -تحول كبير- لإصلاح علاقة تركيا بأكرادها ...
- أوجلان يدعو لميثاق جديد قائم على -حق الأخوة- بين الأكراد وال ...
- أوجلان يدعو إلى -تحول كبير- في العلاقة بين أنقرة والأكراد بع ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد عادل زكى - النخَّاس الجديد: كيف تعيد الإمبريالية صياغة هويتنا وتراثنا؟