أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمد عادل زكى - الطبيعة القانونية للودائع النقدية














المزيد.....

الطبيعة القانونية للودائع النقدية


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 7969 - 2024 / 5 / 6 - 09:28
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


لا يعود الخلاف بين فقهاء القانون في تكييف ودائع المصارف، المأذون باستعمالها، إلى استخدام لغة مصطلحية مضللة فحسب، بل كذلك إلى عدم التحليل السليم لطبيعة العملية نفسها على صعيد العلاقة الحقوقية. والمشرع، من جانبه، لم يدخر وسعًا في سبيل ترسيخ ذلك. دعونا نتفق أولًا على أن مصطلح وديعة لم يظهر، في غرب أوروبا، إلا في أوائل القرن السادس عشر (ولا أعلم لماذا قال الفقيهان بودري وفال في القرن الرابع عشر) لستر علاقة القرض بفائدة المحرمة وفق التعاليم الكنسية. على كل حال نحن إذًا بصدد قرض مستتر، ووديعة ظاهرة. وعلى الرغم من أن المشرع في مصر حسم، وعن صواب، المسألة حينما قرر:"إذا كانت الوديعة مبلغًا من النقود... وكان المودع عنده مأذونًا له في استعماله اعتبر قرضًا". المادة 726 مدني، إلا أن المشكلة تكمن في استخدام المشرع مصطلح الملكية كما في المادة 301 من قانون التجارة حينما قرر أن البنك يتملك النقود! وفي المادة 538 مدني، حينما قرر صراحة أيضًا أن المقرض، في عقد القرض، ينقل ملكية مبلغ من النقود إلى المقترض! وهو نص يوحي بأن النقود انتقلت ملكيتها الكاملة من المقرض إلى المقترض وهذا غير صحيح، وبالتالي صار يسيرًا ترتيب النتائج على ذلك حينما تهلك النقود، فهي تهلك على البنك؛ لأنها المالك بموجب نص المادة. وهذا غير صحيح فقهًا؛ والدليل أن النقود تقيد في جانب الخصوم لا الأصول، كما أن ترخيص المشرع للمصرف بأن يدفع طلب الاستراد بالمقاصة يؤكد أن المصرف لم يكن مالكًا أبدًا للنقود المودعة. أضف إلى ذلك أن التزام المصرف بالرد سينعدم، بمجرد الاعتراف بملكية المصرف للنقود. وحينما نبحث عن (سبب التزام) المصرف، أي سبب دفع المصرف المبلغ السابق إيداعه، ونفترض ملكية المصرف له، فإذا قلنا أن سبب الالتزام هو العقد، فلن يكن أمامنا سوى القول بأن مصدر الالتزام هنا سيكون الهبة والإرادة المنفردة، وهو قول يتنافى مع الواقع والمنطق الفقهي السليم. والواقع أن التغلغل في عمق عملية الإيداع النقدي، مع الإذن بالاستعمال، إنما يجعلنا أمام عقد قرض يتحلل إلى بقاء ملك المقرض للنقود، وإيجار لها، بعد تحويلها إلى رأسمال معد للإقراض، هذا الإيجار يتضمن بطبيعته بيع حق الانتفاع والاستغلال. وبيع حق الانتفاع والاستغلال على هذا النحو هو بيع حصة، نصيب، في الشيء الذي يهلك بطبيعة الحال مع كل انتفاع به واستغلال، وبالتالي يعد إيداع النقود مع الإذن باستعمالها قرضًا بتلك الكيفية التي ترى بقاء ملك الرقبة للمقرض، وانتقال ملك المنفعة والاستغلال فحسب للمقترض. وليس وديعة ناقصة كما ذهب العلامة السنهوري. الوسيط، ج5، ص429. أما عن سبب هلاك الوديعة على المصرف، وليس المقرض مالك النقود، فيمكن أن يجد سنده في قاعدة تضمين الصانع. قال المعداني:"... وخصص العلماء من ذلك الصناع وضمنوهم نظرًا واجتهادًا لضرورة الناس... فلو علموا أنهم لا يضمنون ما تلف لسارعوا إلى أخذ أموال الناس. والضرورة داعية إليهم...". المعداني، كشف القناع عن تضمين الصناع، ص73-78. وقال الشاطبي في الموافقات:"إن الخلفاء الراشدين قضوا بتضمين الصناع. قال علي رضي الله عنه: لا يصلح الناس إلا ذاك، ووجه المصلحة فيه أن الناس لهم حاجة إلى الصناع، وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال، والأغلب عليهم التفريط وترك الحفظ، فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين: إما ترك الاستصناع بالكلية، وذلك شاق على الخلق، وإما أن يعملوا ولا يضمنوا ذلك بدعواهم الهلاك والضياع، فتضيع الأموال، ويقل الاحتراز، وتتطرق الخيانة، فكانت المصلحة التضمين". الشاطبي، الموافقات، ج4، ص291. وكذلك: الشاطبي، الاعتصام، ج2، ص617. مالك بن أنس، المدونة، ج3، ص399-400. أبو الوليد بن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج4، ص18. السرخسي، المبسوط، ج15، ص82. ابن قدامة، الكافي، ج2، ص184. وتضمين الصانع على هذا النحو هي قاعدة أصولية جرى خلقها للمصلحة. ويجب انطباقها من باب أولى مع المصارف، لا لأن الوديعة التي يستخدمها تجر عليه نفعًا فحسب، بل ولأنها كذلك الطرف الأقوى والأكثر وعيًا ودراية. بل ومن الشائع والمألوف خروج المشرع على القواعد العامة حينما يكون المصرف هو أحد الأطراف المتعاقدة، كما في قواعد الحجز، وحماية المستهلك، ومنع الاحتكار... إلخ.



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التَّخلُّف الاجْتماعيّ والاقْتِصَاديّ للبَاحث المغربيّ مُحمّ ...
- نقد الاقتصَاد السّياسي، مُقدمة الطبعة الألمانيَّة
- في ضلالات الذهن الاقتصادي العربي
- ما هو الرأسمال؟
- نهاية الاقتصاد السياسي
- نقد الاقتصاد السياسي، مقدمة الطبعة السودانية
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
- (قِيمَة/ زَمَن)
- المزيدٌ من الشَّرح لدور الزَّمن في تكوين القيمة
- نقد الريكاردية في تفسير التبادل الدولي
- طريقين إلى روما...النهاية الواحدة دائمًا، بقلم لوجينا صادق
- نقد نظرية التبادل غير المتكافىء
- تصحيح مقياس القيمة
- نظرية التوزيع في علم الاقتصاد السياسي
- نقد نظرية نمط الإنتاج
- نظرية ماركس في الريع
- تفكيك العقل الأوروبي
- (ما لا تقوله كتب الاقتصاد) تحرير: د.غادة موسى، أستاذ العلوم ...
- مباديء تيار مدرسة الاسكندرية
- رابط تحميل كتاب نقد الاقتصاد السياسي


المزيد.....




- مدير عام صحة غزة يدعو الأمم المتحدة لإصدار إعلان رسمي عن حال ...
- الأمم المتحدة تدعو جميع الأطراف في سوريا إلى ضبط النفس
- بعد معاناة النزوح، قتل طفلي وأصيب زوجي وأبنائي بجروح خطيرة
- نتنياهو: نريد إعادة الأسرى لكن هدف الحرب هو الانتصار على أعد ...
- الخارجية الروسية: استهداف سوق خيرسون سيجر قادة كييف إلى محاك ...
- ما علاقة إسرائيل بالأقليات في سوريا؟
- شبح المجاعة في غزة.. آخر الأرقام المتوفرة عن الوضع الإنساني ...
- عيسى قراقع راهب الأسرى وكليم الألم
- نتنياهو: اعتقال 18 شخصا بشبهة إشعال الحرائق أحدهم متلبسا
- نتنياهو يعلن اعتقال 18 شخصا للاشتباه بتورطهم في إشعال حرائق ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمد عادل زكى - الطبيعة القانونية للودائع النقدية