أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - بيانٌ حول تأجيل المعنى في المسرح الحديث














المزيد.....

بيانٌ حول تأجيل المعنى في المسرح الحديث


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8346 - 2025 / 5 / 18 - 09:38
المحور: الادب والفن
    


في المسرح الحديث، لم يعد المعنى يُقال. بل يُؤجَّل، يُراوغ، يُعلّق. لم نعد نبحث عن ما يُقال، بل عن كيف لا يُقال، عن الصمت الذي يتسوّل نطقه دون أن يُنطَق. إنّنا أمام مشهد لغوي تتداخل فيه الجملة مع صداها، وتتحوّل فيه اللغة من أداة إلى متاهة، من وسيلة إلى عائق.

لم يعد العرض المسرحي يكتفي بأن يكون فعلاً بلاغيًا، بل أصبح شكًا تأويليًا دائمًا. النصّ لا يُمثَّل، بل يُمزَّق، يُقطَّع، يُحوَّل إلى سلسلة من التشكيكات الدلالية، حيث لا تبدأ الجملة إلا كي تفرّ من معناها، ولا تظهر الصورة إلا لتلغي ما تَعِدُ به من إحالة.

إنّ تأجيل المعنى ليس تقنية، بل موقف وجودي. الكاتب لا يقدّم رسالة، بل جثة لغوية يُطلب من الجمهور أن يُعيد تركيبها — لا ليعرف، بل ليضلّ.

هكذا نشهد اليوم مسرحًا يحيا في حدود اللغة، على هشاشتها، على ما بعد البلاغة، على ما بعد الاستعارة. الشخصية لم تعد مرآة لذات سيكولوجية، بل شظية من خطاب يتفتّت لحظة نطقه. كل جملة هي ارتباك دلالي، كل فعل هو انعكاس لغياب المرجع. لا أحد يتكلم من موضعه، بل من خيانة موضعه.

لم يعد المشهد يُفهم. بل يُفكّك، يُؤول، يُعاد ترتيبه كأننا أمام أثر أثري مكسور. وهذا التأويل لا يقود إلى يقين، بل إلى مزيد من التأويل. دائرة مغلقة من التأجيل.

أيّ نصّ هذا الذي يتظاهر بالقول، لكنه يقف ضد القول؟ أيّ كاتب هذا الذي يُلغى، لكنه يعود من خلال القارئ كمحرّك خفيّ للتيه؟ إنّ المسرح الجديد لا يعرض العالم، بل يعرض عجز العالم عن أن يُعرض.
لا يُفصح، بل يُصيبك بالدوار. لا يبني المعنى، بل ينفجر في وجه معناه.

هذا هو البيان:
لسنا في عصر ما بعد الحداثة، بل في عصر ما بعد الجملة.
ما بعد المعنى.
ما بعد الشخصية.
ما بعد المسرح بوصفه خشبة.

المسرح الجديد يقف ضد المكعّب، لكنّه لا يخرج منه. بل يدور فيه كجسدٍ مهووس، يسأل دون أن ينتظر جوابًا:
"هل ضدّ المكعّب يعني داخله؟"

هكذا، نؤجّل المعنى حتى يصبح هو ذاته مسرحًا — مسرحًا للحيرة، مسرحًا للتأجيل، مسرحًا للضياع المحترف.



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الكتابة كهرطقة تأويليّة: في تمارين العبور بين اللغة والخراب ...
- ضدّ العرض تفكيك المسرح كجهاز معرفي
- المسرح كحيّز للخراب الدلالي نحو عرض ينسى ذاته ليتذكّر جسده
- خطاب ثوري ضد المسرح
- هشاشة العرض ومكر الدلالة
- اللوحة كفضاء مسرحي
- الكتابة إلى ذ. محمد الكغاط


المزيد.....




- محمد رمضان في بيروت وهيفاء وهبي تشعل أجواء الحفل بالرقص والغ ...
- -بيت العبيد- بالسنغال ذاكرة حيّة لتجارة الرقيق عبر الأطلسي
- وزير الثقافة يفتتح معرضا للفن التشكيلي وجدارية أيقونة القدس ...
- -شومان- تعلن الفائزين بجائزة أدب الأطفال لعام 2025
- موغلا التركية.. انتشال -كنوز- أثرية من حطام سفينة عثمانية
- مريم أبو دقة.. مناضلة المخيمات التي جعلت من المسرح سلاحا للم ...
- هوليود تكتشف كنز أفلام ألعاب الفيديو.. لماذا يعشقها الجيل -ز ...
- الموسيقي نبيل قسيس يعلم السويديين والعرب آلة القانون
- صانعو الأدب ورافضو الأوسمة.. حين يصبح رفض الجائزة موقفا
- -الديفا تحلّق على المسرح-..أكثر من 80 ساعة عمل لإطلالة هيفاء ...


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - بيانٌ حول تأجيل المعنى في المسرح الحديث