أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - النَخَبُ السُودانِيَّةُ المَصْلُوبَةُ عَلَى جِدارِ الثَرْثَرَةِ 1/2














المزيد.....

النَخَبُ السُودانِيَّةُ المَصْلُوبَةُ عَلَى جِدارِ الثَرْثَرَةِ 1/2


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 16:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المُبْتَدَأُ: -
لِلهارِبِينَ إِلَى لُجَّةِ الرِدْحِيِّ وَالثَرْثَرَةِ نَقُولُ لَيْسَ هذا هُوَ الحَلُّ بِكُلِّ أَسَفٍ
وَالخَبَرُ: -
(1)
في السودان، حيث تتقاطع الثقافات وتتنازعها الهويات، تبرز نخبٌ فكرية وسياسية تحمل مشاريعَ تغييرٍ وتنوير، لكنها كثيراً ما تجد نفسَها مُعلَّقةً على جدار الثرثرة، عاجزةً عن تجاوز حاجز الكلام إلى فعل التغيير. فلماذا تتحول النخب السودانية من قوة دافعة إلى ضحايا خطاب فضفاض لا يسمن ولا يغني من جوع؟!، ومن رواد تنوير إلى أسرى جدل عقيم وثرثرة غير منتجة؟!!
(2)
تاريخياً، شكلت النخب السودانية حضورا في كل المحطات المصيرية، من مقاومة الاستعمار إلى الانتفاضات الثورية، من الأدب الرافض للظلم؛ إلى الفكر الحداثوي التنويري. لكن في العقود الأخيرة، تحولت كثير من هذه النخب إلى دوائر مغلقة، تناقش نفسها بنفسها، وتستهلك طاقتها في صراعات هامشية وخلافات صبيانية لا ترقى إلى مستوى التحديات التي تواجه دولة هشة التكوين مثل السودان.
(3)
فبدلاً من أن تكون هذه النخب جسراً بين المجتمع والسلطة، أو رافعةً فعالة للتغيير، أصبحت في غالبها أسيرةً للسفسطة والثرثرة السياسية والتنظير المجرد، بعيداً عن هموم الناس اليومية. فكم من مثقف سوداني ظلّ يردد شعارات التغيير دون أن يقدم رؤية عملية تترجم هذه الشعارات لواقع على الأرض؟ وكم من سياسي تحوّل خطابه إلى وعظٍ فارغٍ بعد أن كان صوتاً معبرا عن آمال وطموحات ومطالب الجماهير التي تعاني وتكابد أقسى الظروف الحياتية ؟!.
(4)
سر (الترترة) المواقفية التي تأجل حسم القضايا المصيرية وتتحاشى الإجابة عن الأسئلة الملحة؛ والثرثرة غير المنتجة؛ التي وسمت النخب السودانية في العقود الأخيرة؛ قد يكمن في جذر الثقافة السودانية ذات نفسها التي تعَافَ التوثيق والكتابة وتعتمد المشافهة أدَاةٌ ووسيلة، وهي وسيلة لا غَرْوَ تمنح الكلمة مكانةً عالية، على حساب الفعل. فالمجاملة اللغوية، والبلاغة الخطابية، تصبح في أحياناً كثيرة أدَاةٌ فعالة لإخفاء العجز عن الفعل والإنجاز.
(5)
ففي الأوساط السياسية مثلا، نرى خطاباتٍ حماسيةً تذوب مع أول اختبار للواقع. وفي الأوساط الثقافية، نجد نقاشاتٍ فكريةً تدور في فراغ، بعيدةً عن قضايا المجتمع الملحة. حتى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعية؛ ما عادت سوى ساحات لصراعات دون كيشوتية عوضا عن الحوار العقلاني الرزين.
(6)
لا يمكن فصل أزمة سقوط النخب السودانية في وحل الثرثرة؛ عن الانقسامات التي مزقت المجتمع السوداني في العقود الثلاثة الأخيرة؛ بعد استيلاء الحركة الإسلامية على السلطة وتمزيق لحمة المجتمع: شمال وجنوب، مركز وأطراف، علمانيون وإسلاميون، مدنيون وعسكر. وكل نخبة تُصلب الأخرى على جدار اتهامات الخيانة أو العمالة عوضا عن البحث عن أرضية مشتركة.
(7)
طالت هذه الأزمة العميقة أيضا طيف عريضاً من النخبة الثورية التي قادت انتفاضة التغيير الأخيرة، في ديسمبر 2018م؛ والتي سرعان ما تحولت من قوى تغيير حقيقية إلى كيانات غارقة في الصراعات اللفظية والانقسامات البينية العقيمة، وفقدت بذلك مصداقيتها وخيبة آمال الجماهير التي وضعت ثقتها بها.
(8)
فبعد ما لعبت تلك النخبة دوراً في تحريك الجماهير وإشعال روح المقاومة. ابتدأ من "هبة سبتمبر" 2013م إلى لحظة انتصار ثورة ديسمبر 2018م، وكانت ضمن الصفوف الأمامية، تحفز الجماهير وتعدهم بالتغيير الجذري. ما لبست بعد إسقاط النظام القديم، إلا قليلا وبدأ الترهل يدب في أدائها، وتحولت من قوة دافعة للتغيير إلى مجموعات متناحرة، منشغلة بصراعات جانبية؛ وشاغلة حيز الفعل بالخطب الرنانة عوضا عن البناء المؤسسي.
(9)
وفي اعتقادي إن من أهم أسباب سقوط النخبة الثورية السودانية في وحل الثرثرة هي التحالفات المرحلية (الاضطرارية) التي تجمعها بالقوى الإصلاحية؛ كثيرة الحديث قليلة الفعل؛ والتي لا تؤمن أصلا بالتغيير الجذري؛ مما يقود إلى حدوث انقسامات أيديولوجية حادة بعد سقوط النظام القديم مباشرة؛ لا يستطيع برنامج الحد الأدنى المتفق عليه مسبقاً تلافيها أو الصمود في وجه غلوائها.
(10)
فسرعان ما تتحول النخب التي قادت عملية إسقاط النظام -دون بنيته-إلى تيارات متصارعة، كل منها يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة. فبدلاً من توحيد الصفوف لبناء دولة ديمقراطية، تُشغل تلكم التيارات بالتناقضات الثانوية؛ ويضيع من يدها عقال التناقض الرئيس. مثيرة غبار الجدل حول قضايا يصعب حسمها في تلك المرحلة المبكرة من عمر الثورة كقضية هوية الدولة (إسلامية، علمانية) مثلا؛ في مرحلة يعاني المواطن من صعوبات معيشية حقيقية؛ ويحتاج إلى حلول عملية لتلكم الصعوبات الخانقة.
يَتْبَعُ



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِي ...
- الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِي ...
- الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِي ...
- الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِي ...
- الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِي ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 7/7 (7) تناقضات ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 6/7 (6) خازوق ال ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 5/7 (5) سلة غذاء ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 4/7 (4) تحديات ا ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 3/7 (3) ثورة 19د ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 2/7 (2) التغيير ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 1/7 (1) فلاش باك ...
- التحالفات المرحلية التحديات وديالكتيك الضرورة
- هل أسدل الستار وتمت مصادرة ثورة 19 ديسمبر ؟؟
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (2/2) تحالف عريض ام تنسيق ...
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (1/2) عبقرية الجماهير وضِ ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (7من 7) هزي ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (6من 7) انت ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (5من 7) الن ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (4من 7) أزم ...


المزيد.....




- مصادر لـCNN: ترامب يوجه أعضاء إدارته لمحاولة لقاء مسؤولين إي ...
- عاجل.. إيران تشن هجوما جديدا الآن.. إسرائيل تتعرض لهجمات صار ...
- هآرتس: إسرائيليون وأجانب يدفعون آلاف الدولارات للخروج بحرا إ ...
- رئيسة الصليب الأحمر: المدنيون يدفعون ثمن تراجع الالتزام العا ...
- ترامب يهاجم تاكر كارلسون ويصفه بـ-المجنون- بسبب تصريحاته حول ...
- السفارة الصينية في تل أبيب تنشر تحذيرا يدعو مواطني الصين لمغ ...
- انفجارات تهز تل أبيب ومحيطها
- ستارمر: قادة مجموعة السبع يتفقون على معارضة البرنامج النووي ...
- محاولات في الكونغرس الأمريكي لتقييد ترامب في استخدام القوة ا ...
- قبل أيام من الضربة الإسرائيلية.. ترامب تلقى إحاطة حاسمة وأعط ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - النَخَبُ السُودانِيَّةُ المَصْلُوبَةُ عَلَى جِدارِ الثَرْثَرَةِ 1/2