أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 3/7 (3) ثورة 19ديسمبر في فخ إرث نظام الشيوخ















المزيد.....

تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 3/7 (3) ثورة 19ديسمبر في فخ إرث نظام الشيوخ


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 7424 - 2022 / 11 / 6 - 09:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المبتدأ: -
(واقع كل ثورة بعد سقوط الدكتاتور، يذهب الثائر ليخلد للراحة، ويستيقظ المتخاذل من نومه بكل نشاطه ليستلم السلطة). على شريعتي.
الخبر: -
(20)
قد ظل تاريخيا للدولة السودانية دوراً مميزاً في بناء المجتمع وفي جدلية حركته وعلى مدى ما يقارب من الثلاثة عقود سادت دولة الحركة الاسلامية الاستبدادية، التي سعت بشكل تسلطي الى الغاء الصراع الاجتماعي والطبقي، من أجل تأمين ظروف أكثر ملائمة للفئات الاجتماعية من منسوبيها التي صعدت الى السلطة على اكتاف انقلابها المشؤوم عام 1989م، وتحولت الى فئات متحكمة وسائدة اعتمدت القمع والاقصاء إزاء القوى السياسية والاجتماعية الاخرى، كي تستأثر بامتيازات الوظيفة العامة وتهيمن على القرار السياسي والاقتصادي في البلاد.
(21)
أدى هذا الواقع غير المتزن الى ترجيح وزن الدولة في التشكيلة الاجتماعية، وتفتيت مجموعات كاملة من القوى الاجتماعية. لهذا فإن فشل نمط الدولة (الثيوقراطية) لم يكمن في اعتقادي في فشل السياسات الاقتصادية المتبعة فقط؛ ولا في النوايا الواعية التي ترجمها من يمسكون بمقاليد السلطة السياسية لمشروع لا عقلاني (المشروع الحضاري) فحسب، بل وفي شكل الدولة نفسها وفي محتواها الاجتماعي وعلاقته بالمسار التاريخي لتشكل الطبقات الحاكمة. ومن هنا برزت أهمية النضال وحتميته من أجل فك التشابك بين المجتمع المدني ومؤسسات السلطة، بما يتيح خلق الشروط لتطور المجتمع السوداني وتحرره من سطوة الدولة الثيوقراطية وقمعها في آن، وبما يحول دون صعود بدائل استبدادية أخرى تحت يافطات مختلفة، فيما تحتاج البلاد الى دولة جديدة تمثل نفيا جذريا لكافة اشكال الدولة الاستبدادية القديمة.
(22)
عندما يتكرس الطابع القبلي والجهوي والعنصري لبناء الدولة، ينشأ تناقض حاد بين الدور السياسي التقليدي للدولة، المتمثل في تأمين ديمومة النظام المسيطر دون عوائق وبين دورها الاقتصادي المتمثل في تأمين (الرَيْع) للتجمعات القبلية والجهوية الطامحة الى السلطة والثروة، والتي احتلت بنهج الترضيات والاحتواء الذي مارسته بغباء مطلق الحركة الإسلامية في السودان مواقع السيطرة على المفاصل الاقتصادية والسياسية والامنية الأساسية في الدولة.
(23)
ان المعلم الابرز للفترة التي تلت سقوط رأس النظام وانتصار ثورة 19 ديسمبر 2018م؛ كان هو اختطاف سلطة الثورة الانتقالية من يد الثوار؛ ووضعها في يد قوى غير ثورية صعدت قياداتها في غفلة لسدة السلطة الانتقالية؛ أوقعت هذه القيادات الإصلاحية الصاعدة ضراراً بالغاً بصيرورة الحراك الثوري؛ ومارست نكوصاً مخزياً عن شعارات واهداف الثورة؛ وعجزت تماماً حتى عن تنفيذ برنامج اسعافي لرفع المعاناة عن كاهل الجماهير؛ وواصلت تخبطها حيث فشلت في تفكيك بنية النظام البائد واسترداد الأموال والثروات المهولة التي اكتنزها منسوبيه من دم الشعب؛ والتي غدت تسخر بكل صلف ووقاحة لخدمة ودعم الثورة المضادة.
(24)
لم تكترث سلطة الانتقال الإصلاحية كثيرا لمناشدات القوى الثورية؛ ولا لمطالبها بضرورة التمسك بشعارات واهداف الثورة؛ ومضت قدما في التخلي عن البرامج المتفق عليها والمعدة سلفا لمعالجة تشوهات واختلالات الوضع الاقتصادي؛ فوضعت سياسات اقتصادية تتناقض كليا مع البرنامج الثوري المتفق عليه واسقطت من حساباتها استخدام مبدأ (الشرعية الثورية) السلاح الفعال لنجاح أي ثورة؛ لتستمر معاناة المواطن، ويتفاقم التفاوت الاجتماعي، ويتعمق الفرز الطبقي منذرا بحتمية اندلاع توترات اجتماعية كبرى، قد يصعب احتوائها حال حدوثها.
(25)
وتشير الحصيلة الملموسة الراهنة لما تراكم من آثار السياسات التي نفذتها سلطة الفترة الانتقالية حتى اليوم، إلى أن ذات النمط القديم لتوزيع الدخل يفرض نفسه الآن لمصلحة رأس المال وضد مصالح الشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا. ولم يكن عمق تأثير هذه السياسات أفقيا فحسب، أي على مختلف الطبقات الاجتماعية، وإنما راح يؤثر عليها بشكل عمودي، أي داخل فئات الطبقة الواحدة. فنجد دوما ان الفئات الأكثر ضعفا وفقرا داخل كل طبقة قد تضررت ضررا أكبر.
(26)
السياسات التي تبنتها سلطة الانتقال في السودان حتى اليوم؛ تدفع البلاد سريعا نحو اقتصاد السوق المنفلت، عبر إزالة الضوابط وحجب الصلاحيات عن مؤسسات الدولة، وفتح الاقتصاد السوداني على مصراعيه، وتهيئة الأجواء لمواصلة سياسة الخصخصة دون قيد أو شرط التي انتهجها النظام البائد؛ وأدت لتشكل خارطة مشوهة لعلاقات القوى الطبقية والاجتماعية؛ فثمة محاولات تجري للسماح لرأس المال الأجنبي بالتحكم في المقدرات الاقتصادية -قضية ميناء بورتسودان- للبلاد تحت أغطية مختلفة فالموقع الجغرافي المميز لبلادنا؛ وتوفر احتياطيات هامة من المواد الأولية والخامات (الطبيعية والمعدنية) والأراضي الخصبة مع وفرة في المياه؛ كلها عوامل جذب وإغراء للقوى الإقليمية وقوى الرأسمالية العالمية.
(27)
ظرف اقتصاد السودان الحالي لا يسمح بسياسة اقتصادية تعتمد على آليات السوق و(التحرير الاقتصادي) وجعل التنمية رهينة بدور القطاع الخاص فقط؛ وذلك بسبب ضعف القطاع الخاص السوداني لأسباب تاريخية معروفة؛ والذي من المرجح أن يظل لأمد غير قصير بعد اكتمال الحراك الثوري وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية مرهون في نموه وتطوره بحماية الدولة؛ إذا دعوات القوى الإصلاحية الليبرالية الرافضة للدور الراعي للدولة والمعارض لأي تدخل تنظيمي أو رقابي لها؛ لا مكان لها من الاعراب في هذه المرحلة الهشة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
(28)
لا جدال في حاجة الاقتصاد السوداني الماسة لإصلاح جذري، لكن المعضلة تكمن في مضمون هذا الإصلاح. فما يجري الترويج له من إصلاح انما يهدف إلى اعتماد السوق محورا للنشاط الاقتصادي وآلية لممارسته وتوجيهه، بجانب الترويج لضرورة ممارسة الخصخصة دون أن تسبق ذلك دراسات جدوى حقيقية. وينافح اليوم صقور الخصخصة والإصلاحات الاقتصادية مؤكدين أن هذه العملية يجب أن تنطلق من تضييق دور الدولة الاقتصادي، وإعطاء القطاع الخاص الأولوية في السياسات الاقتصادية، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية متعددة الجنسيات.
(29)
في ظل الخيارات الاستراتيجية التي تواجه الاقتصاد السوداني؛ لا يجب ان نسمح ان تتعرض الإرادة الوطنية إلى الضغط والابتزاز؛ من قبل صندوق النقد الدولي أو أيا من المؤسسات المالية الدولية كالدول الدائنة في نادي باريس؛ ولا يجب ان نلبي لها كافة اشتراطاتها المجحفة؛ والمتمثلة في مواصلة خصخصة المنشآت المملوكة للدولة، والعمل على إلغاء الدعم الحكومي بجميع أشكاله، وإزالة القيود الضريبية والجمركية على تبادل السلع والخدمات مع الأسواق العالمية؛ بحجة أن الديمقراطية صنواً لاقتصاد السوق وحصيلة للتحرير الاقتصادي الليبرالي، هذه الحجة الواهية التي طالما دمرت العديد من اقتصاديات الدول النامية واورثت شعوبها الفقر والفاقة والبطالة واسهمت في تفكك عرى المجتمعات ونسف منظومة قيمه الأخلاقية.
نواصل.



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 2/7 (2) التغيير ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 1/7 (1) فلاش باك ...
- التحالفات المرحلية التحديات وديالكتيك الضرورة
- هل أسدل الستار وتمت مصادرة ثورة 19 ديسمبر ؟؟
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (2/2) تحالف عريض ام تنسيق ...
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (1/2) عبقرية الجماهير وضِ ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (7من 7) هزي ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (6من 7) انت ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (5من 7) الن ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (4من 7) أزم ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (3من 7) خطأ ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (2من 7) هل ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (1من 7) مفا ...
- الفترة الانتقالية بين الثورية والرَّكُوسيّة النخبوية
- إستبهام الثورة السودانية وارتكاس التحالفات المرحلية
- الْمُرُوقُ قولا ومقالا
- ثورة 19 ديسمبر اكْتِناز الوعي الجماهيري وضُمُور الزيف النخبو ...
- في الاستراتيجية والتكتيك وما بينهما!!
- أم الفضائح .. الحركة الاسلامية تستكمل فصول سقوطها
- الحركة الاسلامية السودانية أكل النفس ونحر الذات


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 3/7 (3) ثورة 19ديسمبر في فخ إرث نظام الشيوخ