أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 2/7 (2) التغيير حتمية وضرورة تاريخية















المزيد.....

تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 2/7 (2) التغيير حتمية وضرورة تاريخية


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 7422 - 2022 / 11 / 4 - 23:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 2/7
(2) التغيير حتمية وضرورة تاريخية
المبتدأ: -
(الثورة يصنعها الشرفاء، ويرثها ويستغلها الأوغاد). تشي جيفارا.
الخبر: -
(10)
وصلت القاعدة الشعبية العظمى وكتلتها الحرجة لقناعة تامة بان لا مخرج من الأزمة الشاملة التي تطحن الوطن، ولا نهاية للحروب الاهلية والفواجع، ولا انطلاق للبلاد نحو تنفيذ مشروع نهضة وطنية، من دون حدوث تغيير جذري يحرر الشعب السوداني من نير نظام الحركة الاسلامية الدكتاتوري. فقد استنفذ النظام بعد تفريطه المذل في ثلث التراب الوطني، واشعاله الحروب الاهلية على امتداد اقاليم الوطن كل مبررات وجوده، وانحسرت قاعدته الاجتماعية، وتحوّل إلى عائق حقيقي أمام أي مخرج مشرف للسودان من ازماته؛ وبات مشروعه المسمى زورا بـ(الحضاري) ينحصر فقط في كيفية المحافظة على السلطة وبأي ثمن كان.
(11)
كانت الجماهير والقوى السياسية تدرك الطبيعة القمعية الاستثنائية لنظام الشيوخ؛ الذي تضخمت أجهزت بطشه وسعت جاهدة لتجريد المجتمع السوداني من جميع أشكال التنظيم والتعبير الحر المستقل. على مدى ثلاثة عقود عمل النظام البائد على تخريب الأحزاب السياسية وضرب القوى المعارضة له في الرأي. ولم يكتفي بذلك وواصل مسيرة الحاق الاذى والخراب بعموم الشعب؛ بإيقاظه للفتن القبلية والعنصرية؛ واشعاله للحروب الاهلية العبثية؛ والحصار الدولي الشامل الذي تسبب في فرضه على شعبنا لزهاء العقدين، وما نجم عن ذلك من سقوط الاف الضحايا، خاصة وسط الشباب والأطفال؛ وتدمير شبه كامل للاقتصاد الوطني؛ ولم يستحي بعد هذا من تقديم خدمات مجانية للنظام الإمبريالي في مجال الاستخبار والتعاون الامني طمعا في دعم دوله له في صراعه مع الشعب من اجل البقاء في السلطة.
(12)
اقترنت الازمة الداخلية المتفاقمة لنظام الحركة الاسلامية، بعزلة خانقة للسودان عن محيطه الدولي والاقليمي، وظل النظام بسبب طبيعته العدوانية وتوجهاته الاقصائية، يفاقم ويزيد برعونة من هذا المأزق حتى تحول هو نفسه الى عقبة كأداء امام أي مسعى لخروج البلاد من النفق المظلم الذي حشرت فيه. ورغم كل هذه التعقيدات التي خلقها النظام البائد؛ والتدخلات الإقليمية والدولية في شؤون السودان الداخلية؛ استطاعت طلائع شعبنا الثورية تبني مشروعاً للتغيير ولف الشارع حوله؛ لقد واصل شعبنا نضاله ضد نظام الطغمة الاسلاموية رغم القمع الدموي، وتفنن اجهزته الارهابية في اساليب الترويع والتصفيات الجسدية، ومؤسساته الإعلامية في شن حملات الكذب والتضليل والتشويه، في محاولة بائسة لترميم قاعدته الشعبية.
(13)
تواصلت مقاومة جماهير شعبنا واخذت اشكالاً متعددة واعتمدت أساليب سلمية عديدة؛ منها الانتفاضات والهبات الجماهيرية، ومظاهر الرفض السلبي. وامتد السخط والتذمر والاحتجاج الى فئات وشرائح واسعة داخل مؤسسات الدولة. لكن اتساع الرفض الجماهيري لنهج النظام الدموي لم يقترن بنمو مناسب في النشاط النضالي المنظم ضده؛ بسبب عوامل مختلفة، كان في مقدمتها تعثر جهود توحيد عمل الاحزاب والقوى المناهضة للدكتاتورية؛ فتعددت الكتل المعارضة فنجد كتلة (نداء السودان) وكتلة (الإجماع الوطني)؛ بالإضافة لفصائل الكفاح المسلح وكل ظل يغرد منفردا ويبكي على ليلاه.
(14)
ارتبط التعثر أيضا في جانب اساسي منه بالاستقطاب الذي نِشأ اوساط القوى المعارضة، ما بين تياري التغيير الجذري وتيارات المساومات والتسوية الإصلاحية؛ وتجلى الاستقطاب في مراهنة اغلب أطراف المعارضة الاصلاحية على عقد تسوية مع النظام الدكتاتوري في محاولة لزحزحته بالتدريج عن السلطة وفق مشروع الهبوط الناعم الأمريكي؛ في حين رأت القوى الثورية ضرورة الاعتماد على الجماهير، وعلى وحدة قواها واحزابها الوطنية، من أجل اسقاط النظام بثورة شعبية رافضة بذلك التدخل الأجنبي المباشر في الشؤون الداخلية للبلاد.
(15)
جانب آخر من التعقيدات قد تمثل في بنية المجتمع السوداني؛ ومكوناته الطبقية التي تعرضت خلال حكم الحركة الإسلامية؛ إلى تبدلات متواصلة فرضتها حالة عدم الاستقرار ونهج النظام البائد الذي أطلق حراكاً اجتماعياً غير حميد أفضى إلى طمس المعالم والحدود الفاصلة بين الفئات والشرائح الطبقية وأعاق عملية تبلورها. ازيحت خلال تنفيذ الحركة الاسلامية لسياسة (التمكين) سيئة السمعة؛ قوى اجتماعية وطنية من مواقع النفوذ والتأثير السياسي والاقتصادي؛ وبالمقابل ظهرت شرائح اجتماعية جديدة تتداخل أنشطتها الاقتصادية والتجارية مع عمليات النهب التي رافقت سياسة التمكين وتحويل دولة الوطن لدولة الحزب.
(16)
لقد اتخذ هذا التحول الدراماتيكي طابعا طفيليا، ذلك ان جميع النشاط الاقتصادي للدولة قد تركز بصورة رئيسية في المجال الطفيلي؛ وليس في مجال الانتاج وخلق القيم المضافة؛ فراكمت الفئات الاجتماعية المنتسبة للحركة الاسلامية مداخيلاً وأرباحاً من أنشطة مشبوهة قائمة على الوساطة؛ فضلاً عن الأنشطة اللاشرعية كالتهريب وتجارة المخدرات وغسيل الأموال والاستحواذ بالباطل على مؤسسات الدولة الإنتاجية؛ وثروات الفئات الاجتماعية الوطنية التي حوربت في ارزاقها وازيحت دون رحمة من الأسواق والقطاعات الإنتاجية.
(17)
أدى نهج نظام الحركة الإسلامية وسياساته الاقتصادية إلى تعميق " التفاوت والاستقطاب الاجتماعيين وكرس هيمنة البرجوازية الطفيلية على مقدرات البلاد ومصالح المجتمع. وقد تمخضت مراحل حكم (الشيوخ) عن تحول في بنية الائتلاف الطبقي السابق (ائتلاف البرجوازية البيروقراطية) لصالح الفئات البرجوازية الطفيلية، بعد أن ظلت البرجوازية البيروقراطية تهيمن على البلاد لعدة عقود. الفئات البرجوازية الطفيلية التي نمت في كنف النظام البائد وشكلت أحد مكونات ائتلافه الحاكم؛ شرعت في لعب دور السمسار؛ ومثلت حلقة الوصل بين أقسام من رأس المال الدولي المشبوه في الخارج وبين عمليات تفكيك وتصفية ركائز العمليات الإنتاجية وانتشار الفساد الاقتصادي في الداخل.
(18)
لم تنحصر ظاهرة النشاط الطفيلي في عهد شيوخ الحركة الاسلامية على القطاع الخاص بل إنها امتدت لكافة قطاعات الدولة، مما يدل على أن الطفيلية مرتبطة في الاساس بالشرائح المختلفة للبرجوازية. وهذا التحديد ليس حكماً اخلاقياً بل نابع من تحليل وفهم عميق لطبيعة الشرائح الاجتماعية، التي احتلت خلال سنوات حكم النظام الدكتاتوري مواقع متقدمة في هرمية التشكيل الاجتماعي، والتي لم تكمن سمتها الأساسية تحقيق التراكم الرأسمالي المطلوب لتقدم المجتمع السوداني، بل العيش عالة على المجتمع السوداني وامتصاص ثرواته واستنزاف قواه الانتاجية.
(19)
رفع رايات (الاصلاح الاقتصادي)؛ و(الخصخصة) دون قيد؛ كان هو المدخل الأكثر خبثا الذي ولجت من خلاله مجموعات النشاط الطفيلي لعمق الاقتصاد الوطني واحتلت خاصرته؛ مفجرة حالة من الصراع والاستقطاب العشائري والجهوي الذي انعكس سلبا على وحدة الانتماء الطبقي؛ وعلى تبلور الوعي الخاص بكل طبقة، مؤديا الى تشظي طبقات المجتمع على اساس عشائري وجهوي؛ الامر الذي جعل الولاء والانحياز القبلي من المعالم المميزة لهذه المرحلة. أثر هذا التشظي سلبا على تبلور الوعي على أساس طبقي، كما أثر على بناء وحدة الطبقة على اساس مصالح طبقية مشتركة، وليس على اساس الانتماء للقبيلة او الطائفة؛ وقد ظلت هذه الظاهرة البدائية الملعونة تتطور حتى شكلت في نهاية المطاف ردة حضارية وعائقاً حقيقياً أمام عملية ترسيخ فكرة المواطنة وتبلور الوعي بالمصالح الوطنية العليا.
نواصل.



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 1/7 (1) فلاش باك ...
- التحالفات المرحلية التحديات وديالكتيك الضرورة
- هل أسدل الستار وتمت مصادرة ثورة 19 ديسمبر ؟؟
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (2/2) تحالف عريض ام تنسيق ...
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (1/2) عبقرية الجماهير وضِ ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (7من 7) هزي ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (6من 7) انت ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (5من 7) الن ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (4من 7) أزم ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (3من 7) خطأ ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (2من 7) هل ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (1من 7) مفا ...
- الفترة الانتقالية بين الثورية والرَّكُوسيّة النخبوية
- إستبهام الثورة السودانية وارتكاس التحالفات المرحلية
- الْمُرُوقُ قولا ومقالا
- ثورة 19 ديسمبر اكْتِناز الوعي الجماهيري وضُمُور الزيف النخبو ...
- في الاستراتيجية والتكتيك وما بينهما!!
- أم الفضائح .. الحركة الاسلامية تستكمل فصول سقوطها
- الحركة الاسلامية السودانية أكل النفس ونحر الذات
- في طريق كسر الحلقة الشريرة (2) ... تسقط بس!!


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 2/7 (2) التغيير حتمية وضرورة تاريخية