أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 5/7 (5) سلة غذاء العالم الكنز المفقود















المزيد.....

تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 5/7 (5) سلة غذاء العالم الكنز المفقود


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 7428 - 2022 / 11 / 10 - 19:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المبتدأ: -
(تاريخ البشرية هو تاريخ البحث عن الطعام.). كارل ماركس.
الخبر: -
(40)
شهد القطاع الزراعي خلال عقود حكم الجماعة الاسلامية تراجعا كبيرا؛ وكان لسياسات النظام البائد المعادية للإنتاج ولحروبه العبثية التي اشعلها على امتداد الوطن اثار مدمرة عليه؛ كما كان لشيوع التخريب المقصود للمشاريع الزراعية الكبرى مثل (مشروع الجزيرة والمناقل)، في ذاك العهد الغاشم وعدم العناية بالأرض، الاثر البالغ في تراجع الانتاج الزراعي في البلاد، حتى صارت حصته في الناتج المحلي الإجمالي شيئا لا يذكر مقارنة بحجم الأراضي الصالحة للزراعة في السودان، على الرغم من أن أكثر من ثلثي الشعب يعمل في هذا القطاع ويعتمد عليه.
(41)
انخفاض مستوى الانتاج الزراعي قد كان نتيجة لصعوبة حصول المزارعين لا سيما صغارهم، على القروض وقلة ما يحصلون عليه من البذور المحسنة والاسمدة والمبيدات والادوات الزراعية، فضلا عن ارتفاع أسعارها وارتفاع تكاليف الخدمات الزراعية بصورة عامة. أسفرت هذه السياسات المعادية للعملية الإنتاجية وعلى راسها الإنتاج الزراعي والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي رافقتها، عن تحولات حادة على صعيد البنية الطبقية في الريف؛ حيث تدهورت أوضاع المنتجين الزراعيين والفلاحين وتكبدوا خسائر كبيرة؛ أودت بهم للإعسار والسجون؛ نتيجة لفتح حدود البلاد دون ضوابط أمام تدفق المنتوجات الزراعية المستوردة ذات التكلفة الأقل.
(42)
وفي ظل تحكم الجماعة الإسلامية على ثروات ومقدرات البلاد؛ حدث حراك سياسي واجتماعي في العديد من مناطق الإنتاج الزراعي خاصة تلك التي شهدت استيلاء منسوبي النظام البائد؛ على بعض اراضي المواطنين دون وجه حق ومن دون ان تتحرك الجهات الرسمية المسؤولة لردعهم وحسم هذا الأمر. وقد شهدت هذه المرحلة الموحشة احتدام الصراع الطبقي في الريف متمثلا في الهجوم المنظم على مصالح المزارعين والسعي تحت ذرائع مختلفة، للاستحواذ على اراضيهم بالقوة، وقد نهب بعضها فعلا وتم تشريد أصحابها ونقلهم لبيئات غير صالحة للنشاط الزراعي؛ ان القطاع الزراعي اليوم شأنه شأن القطاعات الأخرى، يمر بمرحلة صعبة، تتطلب اعادة النظر في مجمل السياسات المتبعة والتوصل الى حلول شاملة للقضية الزراعية، باعتبارها تمثل جزءاً عضويا من القضايا والمشكلات المجتمعية الكبرى.
(43)
الفئات الاجتماعية المهمشة عادة ما تكون تربة خصبة لنمو الاتجاهات المتطرفة؛ فمشكلة (البطالة) في السودان واحدة من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع؛ إن تزايد اعداد العاطلين عن العمل يشكل امعانا في هدر المورد البشري مع ما ينجم عن ذلك من تداعيات وآثار اقتصادية واجتماعية وخيمة؛ والبطالة ليست فقط سببا رئيسا في انخفاض مستوى معيشة فئات شعبية واسعة وافقارها؛ بل توفر بيئة مناسبة لنمو الجريمة والتطرف وأعمال العنف، وتشكل مستودعا لتفريخ الإرهابيين. وظاهرة تفشي البطالة التي نلمسها اليوم ليست وليدة المرحلة الراهنة، بل تمتد أسبابها وعوامل انتاجها واتساعها إلى الفترة التي هيمن فيها نظام الحركة الاسلامية الدكتاتوري، الذي اتبع سياسات تعليمية أطلق عليها (ثورة التعليم العالي) كرست لاختلال العلاقة بين مدخلات ومخرجات التعليم؛ هذا إضافة الى تكريسه الجزء الاعظم من موارد البلاد لبناء المؤسسات الامنية والانفاق على الحروب العبثية.
(44)
من أهم الاهداف السياسية والاقتصادية التي يجب أن تلتفت اليها سلطة الثورة هو محاربة البطالة؛ وذلك بتشجيع القطاع الخاص على زيادة حجم المساهمة في النشاط الاستثماري، وتخفيف المخاطر الناجمة عن تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي، والتوسع في تنفيذ المشاريع العاجلة الكفيلة باستيعاب أكبر عدد ممكن من الأيدي العاملة، لتخفيف نسبة البطالة المرتفعة في اوساط شريحة القوى العاملة، وزيادة الاعتمادات المالية لمشروعات الأشغال العامة؛ والالتزام بتقديم قروض ميسرة للأسر الفقيرة من شريحة العاطلين عن العمل؛ لمساعدتها في القيام بأنشطة انتاجية ومشاريع صغيرة؛ من خلال شبكة فعالة للضمان الاجتماعي.
(45)
يبرز أيضا أمام المرحلة الانتقالية الراهنة تحدي آخر هو ظاهرة (التضخم) أي الارتفاع المستمر في الأسعار؛ التي استفحلت في ظل النظام البائد حتى بلغت معدلات غير مسبوقة، وتحولت إلى ما يسمى بالتضخم المفرط. وأنعكس ذلك في التدهور المتسارع في قيمة العملة الوطنية على مدى أكثر من عقدين. وللتضخم آثار مباشرة على دخل الفرد، حيث يتسبب في خفض قدرته الشرائية، أي خفض ما يمكن شراؤه من سلع وخدمات لقاء الأجر أو الراتب الذي يحصل عليه؛ وأكبر المتضررين من التضخم هم أصحاب الدخل الثابت، من موظفين وعسكريين ومتقاعدين وغيرهم؛ وهو ما يفسر الانهيار الكبير في مستوى معيشة هذه الشرائح الواسعة، التي تعد من أهم مكونات الطبقة الوسطى. أما الشرائح الاجتماعية الكادحة، فيزيد التضخم من شقائها ومن معاناتها في الحصول على أسباب العيش الكريم. ولا تزال ظاهرة التضخم في ظل أوضاع ما بعد ثورة 19 ديسمبر مستمرة وتتسع آثارها السالبة، وإن اختلفت أسبابها.
(46)
والتضخم ناجم في الاساس عن ضعف الانتاج وتدهور انتاجية القطاعات الاقتصادية لا سيما قطاع الزراعة والصناعة التحويلية وتعطل الخدمات العامة، وتداعيات الوضع الأمني على رفع تكاليف الانتاج والاستيراد، ومن أهم عوامل ارتفاع معدلات التضخم في الفترة الأخيرة، الزيادة الكبيرة في أسعار المشتقات النفطية ورفع الدعم عن أسعار تلك المشتقات، نزولاً عند شروط صندوق النقد الدولي. إذا المشكلة تكمن في غياب السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية المتكاملة المستندة إلى استراتيجية اقتصادية وتنموية واضحة؛ فالتضخم ظاهرة اقتصادية مركبة، لا يسهم في تشكيلها عامل اقتصادي واحد كارتفاع أسعار المشتقات النفطية أو الزيادة في السيولة النقدية، بل هي ناجمة عن ضعف في الانتاج وتدهور في انتاجية القطاعات الاقتصادية المختلفة؛ وضعف الخدمات العامة، بالإضافة الى تداعيات عدم الاستقرار السياسي والوضع الأمني على رفع تكاليف الانتاج، وتوفر المعروض في الأسواق.
(47)
التضخم الحالي يمكن أن يتفاقم أكثر إذا ما أصرت سلطة الفترة الانتقالية على تطبيق روشتة صندوق النقد الدولي بحذافيرها؛ المتمثلة في مواصلة سياسة خصخصة القطاع العام دون دراسات جدوى وافية؛ مما سيقود الى تفاقم مشكلة البطالة وعواقبها؛ ان مواجهة اخطار التضخم الجامح لا تتحقق إلا من خلال اعتماد سياسات اقتصادية متوازنة، تعمل باتجاه تحقيق الرفاهية الاقتصادية للفرد والمجتمع، وذلك عبر ببلورة وتبني استراتيجية جديدة للتنمية ترمي إلى تفعيل مختلف قطاعات الاقتصاد السوداني والنهوض بقدراته وتأهيله للانفتاح على الاقتصاد العالمي.
نواصل.



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 4/7 (4) تحديات ا ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 3/7 (3) ثورة 19د ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 2/7 (2) التغيير ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 1/7 (1) فلاش باك ...
- التحالفات المرحلية التحديات وديالكتيك الضرورة
- هل أسدل الستار وتمت مصادرة ثورة 19 ديسمبر ؟؟
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (2/2) تحالف عريض ام تنسيق ...
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (1/2) عبقرية الجماهير وضِ ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (7من 7) هزي ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (6من 7) انت ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (5من 7) الن ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (4من 7) أزم ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (3من 7) خطأ ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (2من 7) هل ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (1من 7) مفا ...
- الفترة الانتقالية بين الثورية والرَّكُوسيّة النخبوية
- إستبهام الثورة السودانية وارتكاس التحالفات المرحلية
- الْمُرُوقُ قولا ومقالا
- ثورة 19 ديسمبر اكْتِناز الوعي الجماهيري وضُمُور الزيف النخبو ...
- في الاستراتيجية والتكتيك وما بينهما!!


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 5/7 (5) سلة غذاء العالم الكنز المفقود