أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلطان الرفاعي - بطن الاسلام الرخو--















المزيد.....



بطن الاسلام الرخو--


سلطان الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1805 - 2007 / 1 / 24 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



منذ زمن ليس ببعيد ، تناولتُ موضوعَي الله والمثليين خلال اسبوع للمكاشفة يفصح فيه الأفراد عن حقيقة توجههم الجنسي أُقيم في جامعة شمال اميركية (1 ). وكان منظوري في معالجة الموضوعين منظورا عالميا شاملا ينطلق من المسيحية وصولا الى اليهودية والاسلام. وكانت القاعة قد غصت بالحاضرين من معتنقي هذه الديانات ، دون ان يتميز أحد منهم على نحو خاص. مجموعة واحدة فقط حضرت منظَّمة. فان جمعية الطلاب المسلمين (ام اس أي) أرسلت كتيبة من الاعضاء انتشروا في ارجاء القاعة. وكانوا جميعهم وقوفا بحيث كلما رفعتُ عيني عن الملاحظات التي أمامي ، واينما أدرتُ وجهي تلتقي نظراتي بطلعة الاسلام الحقيقية ، ذات القسمات المتجهمة.



في الجلسة المخصصة للأسئلة والأجوبة ، طرحتُ سؤالا على جمهوري من الحاضرين. إذا كان الاسلام هو "السراط المستقيم" فلماذا توجد طرق ملتوية في الممارسة العملية؟ لماذا لا تستطيع صديقتي من الشرق الأوسط ان تُسمي الاسلام قوة تقدمية مغتنمةً مثل هذه الفرصة لتتولى بنفسها تصميم حجابها ، في حين تبعث لي صديقة اخرى ببطاقة بريدية من باكستان تظهر فيها نساء داخل شوالات سوداء بالكاد فيها شق للنظر أو التنفس؟ ( تقول البطاقة التي طُبعت في زمن حكومة طالبان ، بجذل: "تحيات من بيشاور!" ). كان مرامي من ذلك ، الاشارة الى ان الاسلام ليس صريحا في كل الأمور كما يُقال للمسلمين عادة.



تلك النقطة ضاعت في ما أعقب ذلك من هرج ومرج. هتف عضو في جمعية الطلاب المسلمين متسائلا من مؤخرة القاعة ، "لماذا الاختلاف في الممارسة؟ لأن الباكستانيين ليسوا مسلمين حقيقيين. فهم مهتدون ، والاسلام نزل على العرب". هنا ادار افراد عصبته من الجنوب اسيويين رؤوسهم بعيدا عني باتجاهه وقد بدا عليهم الارتياع والأذى مما سمعوه. لقد انهارت أمام انظاري الكتيبة المعادية للمثليين التي ارسلتها جمعية الطلاب المسلمين.



في اليوم التالي راسلتني باكستانية بالبريد الالكتروني. أرادتْ ان تعتذر لأنها كانت مع الطلاب الذين حاولوا تخويفي. قلتُ ، لاضير فردَّت ، بل كل الضير. فهي إذ جرَحَها تشكيك زميلها العربي في اسلامها أمضت الليل في التفكير. وقد أكدت قائلة ، "اني احتفظ بحقي في تحدي المثليين ولكن عليّ ان اقول أني لم اشعر بالارتياح الى القيام بذلك بمحاولة استفزازك. ففي قرارة نفسي أعرفُ ان الحجة تستحق مقابلتها بالحجة. وأنا ببساطة لم اعرف كيف اختلف مع "القيادة المركزية"". في مراسلات لاحقة بالبريد الالكتروني أوضحت انها تعني القيادة المركزية "العربية". كما تساءلتْ ما إذا كان سيجري التعامل مع العنصرية العربية في جمعيتها الطلابية.



أنا كان عندي التساؤل نفسه طيلة سنوات عملي في برنامج "تلفزيون شاذ". فان عددا يفوق الحد من المشاهدين المسلمين تهجموا على هويتي الروحية لأسباب عرقية محضة. والرسالة المفضلة عندي من "عربي غيور" عمَّدتني بصفة "سحاقية خنزيرة كذابة" لأن "فلاحة هندية" مثلي لن تفهم الاسلام. ارحموني يا ناس. لم يفهم هذا العربي ان حياتي في فترة المراهقة كانت مشبعة بالعروبة حتى أني عندما كان الأطفال يعيِّروني بأصلي الباكستاني مستخدمين كلمة "باكي" التحقيرية ، كنتُ أتصدى لهم بالقول أني في الحقيقة عربية. وعلى المشاهد الذي سمَّاني "خنزيرة" اكتفيتُ بالرد ان لحم الخنزير حرام علينا نحن المسلمين ، فهل يُعقَل ان نكون خنازير؟ الشيء الوحيد الذي كان بحاجة الى "تقويم" فيه هو شتائمه التي يطلقها في غير محلها.



في حينه لم أدرك المغزى الأعمق للقضية. اما الآن فاني ادركه. ذلك ان المسألة تتعلق بامتياز المؤسس. فحين يدَّعي العرب بامتياز تحديد اجندة الاسلام ، يسلطون الضوء على كيف حل التخويف محل الفكر. وإذ فَقَدَ العقل العربي القدرة على التفكير بوضوح فقدها معه العقل المسلم ايضا ـ كأن على المسلمين كافة ان يسيروا ( أو يعرجوا ) في خطى متساوقة مع أتباع العقيدة الأوائل. "نحن لسنا أذكياء بما فيه الكفاية" ( 2 ) ، هو التفسير الشائع في عموم العالم الاسلامي لسبب ان المسلمين الآخرين لم يتمكنوا من تخطيط اعتداءات 11 سبتمبر ( ايلول ). كما تحتل المؤامرات الصهيونية مكانة متميزة في اللغط حول مَنْ هو الفاعل. وينبغي ألا نستغرب من انتشار هذه النظريات انعكاسيا في الشرق الأوسط حيث اسرائيل هي العدو اللدود. ولكن الاقتناع بأن اليهود كانوا وراء 11 سبتمبر ( ايلول ) يسري بثقة أكبر في باكستان واسيا الوسطى والمجتمعات الاسلامية الكبيرة ، التعددية تقليديا في جنوب شرق آسيا حيث لا مكان للاحقاد العربية كي تترك بصمتها على الاسلام ، إلا إذا كان المسلمون ، كما سبق ان قُلت ، قبيلة عربية أكثر منهم أُسرة عالمية ( 3 ).



في القبيلة العربية ، على الأفراد من الفئات الدنيا ان يدينوا بالولاء المطلق لشيوخها. وعلى الامتثال يتوقف احساس الفرد بالهوية ، إن لم يكن بالأمن. لعل هذا هو السبب في ان النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي ، وهو حرب اقليمية بكل المعايير الوطنية ، أصبح محكا لوحدة المسلمين في العالم. فان تقويم الحقائق تقويما مدروسا ليس خارجا عن الصدد فحسب بل وغير مُستحَب ايضا. واتخاذ الجانب المأمون ، احتراما للروابط القبلية ، هو الأهم. الصحافي المخضرم فريد زكريا يؤكد ما اذهبُ اليه في كتابه الصادر عام 2003 ، The Future of Freedom ( "مستقبل الحرية" ). فهو يقول: "ان مسلمي اندونيسيا ، الذين قبل 20 عاما خلت لم يكونوا يعرفون أين تقع فلسطين ، متشددون الآن في دعمهم لقضيتها. ويمتد النفوذ العربي حتى الى مضمار العمارة. ذلك ان العالم الاسلامي جمع دائما في أبنيته بين المؤثرات العربية والسمات المحلية ـ من هندوسية وجاوية وروسية. ولكن يجري الآن تجاهل الثقافات المحلية في اماكن مثل اندونيسيا وماليزيا لأنها لا تُعتبر اسلامية بما فيه الكفاية ( أي ليست عربية )" ( 4 ).



لعلها العقلية الصحراوية هي التي أوجدت النزعة الذمية dhimmitude ، متبدية بالقمع المنهجي لليهود والمسيحيين في بلاد المسلمين. لماذا عامَلَ المسلمون بعض الأقوام ، حتى في ذروة تسامحنا ، بوصفهم أدنى منزلة؟ ما الذي أفضى الى وثائق تمييزية مثل "عهدة عمر"؟ لا بد ان يكون شيء أكثر من القرآن ، الذي يبيح محبة غير المسلمين. فما الذي رجح كفة التعصب؟ دعوني اقترح الآتي: لا مكان للمساواة في الصحراء إذا أُريد الحفاظ على تراتبية القبيلة سالمة.



لعل قبضة القَبَليّة الصحراوية هي السبب في ان الانتحاريين الفلسطينيين يعتمدون على العطايا التي يقدمها الحكام المستبدون العرب ( 5 ). فان ابوية الصحراء تعني توزيع المكارم التي يمنُّ بها شيخ القبيلة. وعلى هذا الصعيد "نحتاج الى كثير من النقد الذاتي" ، كما قال لي الدكتور اياد سراج من صالون منزله المزخرف في غزة في يوليو ( تموز ) عام 2003. والدكتور سراج مؤسس منظمة لعلاج الأمراض العقلية في غزة the Gaza Community Mental Health Programme وهو ايضا فلسطيني دفعت صراحته ياسر عرفات الى اعتقاله. يتحدث الدكتور سراج باستفاضة عن ما أنزله الاسرائيليون على انفسهم من احساس بالخوف والذنب يحيلهم الى ظالمين ، ثم يتبرع بشيء عن شعبه هو فيقول: "أعرفُ ان لدينا الكثير من الأمراض النفسية psychopathology . فهذا مجتمع ذكوري لا دور فيه للمرأة ، ولا وجود لحرية التعبير ، بل هناك جو خانق من التخويف....ان هذه بنية قَبَليَّة يُعدُّ الاختلاف فيها خيانة. لم نتوصل بعد الى حال من المواطنة في البلدان العربية يكون الأشخاص معها متساوين امام القانون. وهذا أمر خطير للغاية".



وأنا اصدِّق ذلك. فان رجاء شهادة لم يتمكن من الافصاح عن ما يدور في ذهنه في رام الله لأن الشبكة الاخطبوطية من العلاقات الاجتماعية تسحق الفرد ، كما يعترف هو نفسه. والاشخاص يجدون انفسهم مربوطين ، بهذا القدر أو ذاك ، في سلسلة لا حيز يُذكر فيها لحلقة ضعيفة ـ لصوت معارض. ويخاطر المرء بحياته عندما يغني خارج السرب لأن مصيره ليس بيده على الاطلاق. انه مُلك القبيلة. وشرف المرء ليس شرفه وحده ، والخروج عن الصف يجلب العار على أقاربه وفي احيان كثيرة على العشيرة كلها.



ولعل شخصية الاسلام الصحراوية هي السبب في ان بالامكان اغتصاب المرأة في باكستان لغسل ما لحق بالعشيرة من عار ، حتى وإن لم تكن هي المسؤولة عن تلطيخ شرف العشيرة بل أحد آخر. فلأن المرأة هي مُلك عائلتها يكون اغتصابها عارا على العائلة ، ما يجعل من المرأة بيدقا مناسبا في الخصومات الثأرية بين العائلات.



بعضكم سيحتج ، "ان هذا ليس اسلاما. فالقوانين المعمول بها في باكستان ، مثلها مثل القوانين السارية في العالم الاسلامي برمته ، تجمع بين التقاليد الدينية والتقاليد غير الدينية!" قد يكون في هذا شيء من الصواب ، وعندئذ يغدو السؤال: هل يمكن اقتلاع معايير الصحراء من الاسلام؟ إذا كان ثمة إمكان كهذا ، وفقط بإمكان كهذا ، سيكون لدينا بصيص أمل بالاصلاح.



أتحداكم وأنتم تفكرون في ذلك ، ان تجيبوا عن السؤال الآتي: لماذا يكون من الصعوبة بمكان انتشال الاسلام من العادات المحلية ـ العادات القَبَلية ـ إذا لم يكن ثمة شيء قَبَلي بعمق في الدين نفسه اساسا؟ فان لكل دين نماذجه الانعزالية ، له قبائله في الروح والعقل. ولكن ما يجب اماطة اللثام عنه في الاسلام هو بُعدُه الصحراوي القبلي الذي يرتقي بفعل رص الصفوف الى مستوى غير معقول.



جابر عصفور كاتب مصري يُبدي ارتياعه إذ يرى زحف "اسلام الصحراء" على ما في بلده من تقليد في التبادل الصاخب بالأخذ والرد. وهو يشير الى ان اسلام الصحراء يتعارض مع ما في "حياة "الحارة" من تعددية ومساومات ، إذ انه متعصب" ( 6 ). وعلى غرار بدو القرن السابع الذين كانوا يرون في كل منعطف ثأرا يتربص بهم فان الاسلاميين الذين يستوحون حياة الصحراء يرتابون فورا بـ"الآخر" وحتى يضمرون له الكراهية. و"الآخر" هو اليهود ، والغربيون ، والمرأة التي يقول عصفور ان ثقافة الصحراء تعدُّها "مصدرا للغواية والشر" ( 7 ). وهو يزعم ان اموال النفط التي تدفقت على العربية السعودية اسهمت في اشاعة عادات الصحراء القاسية. دون شك. ولكني اعتقد ان هذه العادات حددَّت شكل الاسلام زمنا أطول بكثير مما نريد الاعتراف به.



تسليمة نسرين ، وهي كاتبة نسوية وطبيبة أُبعدت من بلدها بنغلاديش ، اعطتني مثالا ملموسا على ما عاشته قبل ان يُصيب السعوديون ثراءهم بزمن بعيد. قالت نسرين: "قيل لي في طفولتي ان الله بكل شيء عليم. وكل شيء يعني كل شيء". إذاً ، ينبغي ان يكون الله عليما باللغة البنغالية ، أليس كذلك؟ فسألتْ نسرين والدتها ، "لماذا عليّ والحال هذه ان أُصلِّي بالعربية؟ عندما أُريد ان اتكلم الى الله لماذا يتعين عليّ ان استخدم لغة غيري؟" والدتها لم تقدم اسبابا بل كليشهات معهودة. "استظهرت من القرآن لأن الحديث يذهب الى انك عندما تموت يأتيك مَلَكان يسألانك اسئلة من الروح ، ويتعين ان تكون الاجابات بالعربية وإلا فان قبرك يطبق عليك بقسوة. لماذا لا يعرف هذان المَلَكان اللغة البنغالية؟ يبدو وكأن الله احتل عقول المسلمين ، كأنه غزاها" ( 8 ). وجزاء تحدياتها للاحتلال الديني في سن البلوغ أُجبرت نسرين على الهرب من وطنها في عام 1994. وهي الآن تعيش في مكان غير معروف في السويد.



احترام والدتها للغة العربية يُعيد الى الأذهان احترام السيد خاكي وعدد لا يُحصى من المسلمين لها. أنا لم أفهم قط ـ هذا الاحترام وليس فقط اللغة نفسها. هل يُشعر المسيحيون بعضهم بعضا بالدونية لجهلهم باليونانية ، اللغة الأصلية التي كُتب بها "العهد الجديد"؟. مر زمن لم يكن بالوسع فيه ممارسة شعائر الديانة المسيحية إلا باللغة اللاتينية ، الأمر الذي كان يحمي سلطة رجال الكهنوت في الفاتيكان. المسلمون ليس لديكم فاتيكان. ولكن ثم ماذا؟ فأنا ، شأني شأن تسليمة نسرين ، قيل لي ان اتواصل مع الله بلسان سيان عندي ان يكون حتى يونانيا. لماذا ينبغي ان تكون العربية لغة لا تُعوَّض؟ قطعا ان كلمة الله الاولى التي نزلت على النبي كانت "اقرأ!" ، والعربية هي ما قرأه. ولكن ، كما قلتُ سابقا ، كان محمد أُميا. وما هذا بخافٍ على المسلمين. وقدرته على القراءة بمشيئة الله كانت تشير الى تحقق معجزة لا الى سمو لغته الأم.



يبدو لي ان الامبرياليين الثقافيين العرب يتنافسون مع الله على لقب "العلي القدير". والقرآن يصر على انه "ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم" ( 9 ). فلماذا ، إذاً ، يتعين على المسلمين ان يركعوا باتجاه مكة خمس مرات في اليوم؟ أليس في هذا ما يُشير الى خنوع للصحراء؟



سمُّوني سطحية ، ولكن بالامكان تلمس القَبَلية الصحراوية حتى في ما يُقال للمسلمين ان يرتدوه من ملبس. فان ملايين النساء المسلمات خارج الجزيرة العربية ، بما في ذلك الغرب ، يتحجبن. وهن يقبلن بأن التحجب فعل يدلُّ الى الخضوع الروحي. انه اقرب الى الاستسلام الثقافي. هل تعرفون من أين حصلت النساء الايرانيات على تصميم الشادور الذي ساد بعد الثورة ـ العباءة التي لا تكشف حتى عن خصلة من الشعر؟ من ملا كان يقود الشيعة في لبنان ( 10 ). فكان الشادور سلعة تم استيرادها برسم جمركي باهظ. وفي حين ان القرآن يقضي بتحجب نساء النبي فانه لا يفرض ابدا مثل هذه الممارسة على النساء كافة. وإذا أردتم الحق ، لماذا ينبغي ان يفرضها؟ فالحجاب يحمي المرأة من رمل الصحراء وحرارتها ـ وما هي بمشكلة ملحة خارج الجزيرة العربية والصحراء الكبرى في شمال افريقيا والفلاة الاسترالية. وهذا يعني ان باستطاعتي ان ارتدي كنزة ذات ياقة ضيقة وقبعة من النوع الذي يعتمره لاعبو البايس بول لاستيفاء شروط الحشمة التي يأمر بها الدين. وأن أتحجب "لأن هذا ما يُفترَض بي أن افعله" انما هو بمثابة انتصار لموضة عرب الصحراء الذين اصبح لباسهم التقليدي أكثر الرموز موثوقية في كيفية الظهور بمظهر المسلمة التقية. قولوا لي هل المطلوب من الله ان يعمل كما تعمل مجلة "برادا" Prada المتخصصة بالازياء؟



ان محاكاة سكان الصحراء بملبسهم أو لغتهم أو صلاتهم لا تعني بالضرورة الالتزام بكلام خالق الكون. ولكن أنَّا لك ان تعرف ذلك وقد اقترن نشر الاسلام بالخرافات على مر القرون. وهذه الخرافات أحالت المسلمين من غير العرب الى عملاء لأسيادهم العرب ـ زبائن يجب ان يشتروا ما يُباع لهم باسم "التنوير" الاسلامي.



وعندي فان اشد ما يثير الحنق من هذه الخرافات هو "الجاهلية" ، الانحطاط الاخلاقي الذي يُقال انه كان سائدا قبل ظهور الاسلام. وقد تصفحتُ مؤخرا عند احد الأقارب في تورنتو كتابا يشير الى الفترة السابقة على الاسلام بوصفها "عصر الجاهلية" ـ وقد كُتبت العبارة بحروف كبيرة (11 ). صحيح ان الجزيرة العربية في القرن السابع كانت غارقة في بحر من التحلل والعنف استحث ضرورة انبثاق عقيدة توحيدية. ليس عندي خلاف مع ذلك. ولكن القرآن لا يتحدث عن التخلف الأخلاقي إلا في سياق التاريخ "العربي". واللغز المحيِّر هو ان العرب افترضوا ان الأقوام غير العربية التي قهروها كانت جاهلة اخلاقيا على اختلافها. وجرى تعليم المقهورين عمليا انه إذ احاط القرآن الفترة السابقة على ظهور الاسلام بظلام دامس فان أي معارف قبل مجئ محمد هي بمثابة كفر وزرُه على كاهل كل مسلم خارج الجزيرة العربية بقدر ما هو على كاهل أهلها. هذه الخرافة هي ما حوَّل والدة تسليمة نسرين الى روبوت ديني تستظهر العربية بوزر الآثم.



في. أس. نايبول ، مَثَله مثل فريد زكريا ، رأى العواقب على نطاق أوسع. فقبل سنوات تذكَّر نايبول رحلاته في ايران وباكستان وماليزيا واندونيسيا. وإذ اعترف بنضالاتها ضد المستعمرين الاوروبيين فانه سرعان ما اكتشف انه "ما من استعمار كان شاملا مثل الاستعمار الذي جاء مع دين العرب....فقد كان من مقومات دين العرب ان كل ما سبقه خطأ وضلال وهرطقة: لم يكن هناك متسع في قلب هؤلاء المؤمنين وعقلهم لماضيهم قبل محمد" ( 12 ). وأنا قد استمعتُ الى مسلمين ليسوا بالقلائل يشطبون على نايبول بوصفه عنصريا. وثمة في هذا مفارقة لأن النقطة التي يطرحها تساعد على توضيح السبب في أني عندما كنتُ اتعلم في المدرسة الدينية ، لم اسمع أي شيء بالمرة عن المصادر اليهودية والمسيحية للعديد من التقاليد الاسلامية. فالاعتراف بهذه المؤثرات يعني ان العالم لم يكن غارقا في ظلام الجاهلية قبل الاسلام ، وان المسلمين العرب استعاروا ممن سبقوهم ، وانهم هجائن بذمتهم دَيْن للآخرين وليسوا ثوريين انقياء. ولكن قول هذا كله يشكل تحديا للقبيلة. وهذا غير وارد بأي حال من الأحوال ، اليس كذلك؟



ربما كان واردا. فكروا في السؤال "التابو" ما إذا كان القرآن كلام الله من البداية الى النهاية. فخلال العقود الاولى من الاسلام ، احرز العرب الذين لم يكن لديهم الوقت الكافي لهضم الدين الجديد ، نجاحات عسكرية باهرة عالميا بإسم الله. ومن الجائز ان القرآن تطلَّب أن يُجمَع على عجل لمواجهة ضغوط بناء الامبراطورية. وفي مبحث ريادي بعنوان What is the Koran? "ما هو القرآن" روت مجلة اتلانتيك مونثلي الشهرية Atlantic Monthly قصة قائد عسكري عائد من اذربيجان. وحذر القائد العسكري خليفة محمد الثالث عثمان بن عفان بأن الذين دخلوا الاسلام حديثا بدأوا يختصمون حول ما يقوله القرآن. وناشد الخليفة ان يوقف هؤلاء عند حدهم قبل ان يشعلوا نار الفتنة مثلما اشعلها اليهود والمسيحيون من قبلهم. فأمر عثمان بتغيير جذري في التعامل مع القرآن على وجه السرعة. وصار المحفوظ من الآيات يُكتب والمتناثر من رقوق النص المقدس يُجمع لضمِّها كلها في صيغة واحدة من القرآن. وتقرر اتلاف النسخ "الناقصة" أو غير الرسمية من القرآن. سؤال: بعد أن أُقرت الصيغة النهائية بهذه العجالة على انها النص الكامل ، ماذا لو لم يكن هذا النص "كاملا"؟



من المنطقي ان تكون للقرآن نواقص. فان سرعة بناء الامبراطورية العربية كان من شأنها ان تبلور أولويات تضع الدين في خدمة الاستعمار وليس العكس. أليس من الجائز ان تكون بعض آيات القرآن تعرَّضت الى التلاعب لتحقيق مواعيد واهداف سياسية؟ أليس من الجائز ايضا ان المحاربين العرب ، الذين كانوا أكثر تآلفا مع عاداتهم الغليظة منه مع دينهم الجديد ، طعَّموا الاسلام الذي صدَّروه بالكثير من هذه العادات؟ ليس من الصعب ان نرى كيف ان المخزون الثقافي لعرب الصحراء ، كالحواجز القبلية ، سيظهر وكأنه الاسلام بوجهه الناصع. ولا هو بالصعب ان نتخيل كيف ان اسلاما يخدم الغرض سيصبح اسلاما طيعا ـ أقل طاعة لله منه للمحاربين في سبيله.



ولكن قبضة القَبَلية تراخت في القرون الاولى من الاسلام وازدهر الابداع. كيف نفسر العصر الذهبي الذي عاشته التجارة والمناضرة والتلاقح الثقافي؟ ما الذي انجب عالما وفيلسوفا منفتح القلب مثل الكندي الذي اعرب عن "كل الامتنان للأجيال السابقة من الأعاجم الذين لو لم يعيشوا ، لتعذر علينا نحن ، على ما فينا من حماسة ، أن نتمكن في زمن حياتنا من تجميع مبادئ الحق هذه....؟" (13) بإختصار ، أين كان موطن الصواب؟ أهو يا تُرى تصور مستقبل ما!



كان تراكم الانتصارات العسكرية يعني ان العرب شعروا بأن لديهم مستقبلا عظيما وآمنا ، الأمر الذي كان ، بدوره ، يعني ان لا داعي لأن يكون الاسلام جامدا أو متعنتا بلا مهادنة. الأفضل ، في الحقيقة ، ان يكون الاسلام مرنا ليمكن توطيد الامبراطورية المتسعة بوتائر متسارعة ، وادارتها. صحيح انه لم يكن من الممكن فصل الدين عن السياسة ، ولكن كان بالامكان فصل الإطلاق عن السُمعة. وادراك ان النزعة الإطلاقية لا تبني سُمعة قد يكون هو ما دفع امراء طموحين الى توظيف خيرة العقول وقتذاك ـ من اليهود والمسيحيين ، بالطبع ، ولكن من المسلمين غير العرب ايضا. والمسلمون غير العرب هم الذين أبدعوا المجموعة الكاملة من الاعمال الفكرية في الشرع الاسلامي حتى مجئ العصر الذهبي وفي اثنائه. فقد ازدهرت نحو 135 مدرسة فكرية في مرحلة سابقة. ولعل العبرة من ذلك ان المسلمين العرب أوجدوا توازنا بين ماضيهم القَبَلي ومستقبل تعددي.





في هذه الحالة ثمة عبرة اخرى نستخلصها. فعندما فَقَدَ المسلمون العرب امبراطوريتهم نفضوا ايديهم ايضا من الموازنة بين الماضي والمستقبل ، بين القَبَلية والتسامح. واندحروا في معارك خاضوها ضد غير العرب من البربر الى المغول ، ومن الصليبيين الى الاتراك العثمانيين. وكانت هذه الهزائم مهينة للمحاربين العرب المخضرمين. ولكن الأنكى من ذلك ان عقولهم تلقت ضربات ماحقة. ففي القرن الثالث عشر يُروى ان المغول رموا ملايين المخطوطات في نهر دجلة "الذي تحول ماؤه اسود طيلة ايام بسبب ما سال فيه من مداد ودم" ( 14 )، على حد تعبير مسلم استبدت به العاطفة. اما الصليبيون فقد لجأوا الى اشعال حرائق هائلة حيث قام الاساقفة ذات مرة بإضرام النار في نحو 80 الف مجلَّد مترَعَة بالافكار. وثمة هنا استعارة مجازية للطريقة التي أخذ العرب ينظرون بها الى مستقبلهم: مستقبل غارق ، محروق أو مُصادَر. وقد كانو بحاجة الى بلسم شافٍ.



المجد الوحيد الذي يمكن ان يدَّعيه العرب بلا مراء هو مجد اللحظة التي ظهر فيها الاسلام. وأن يكون القرآن انبثق من قلب الجزيرة العربية ، بلغة العرب ، فان هذا كان يشير الى ان آيات "الختام" التي أنزلها الله ستكون مُلك مَنْ يمثِّلون الجزيرة العربية الى الأبد. وما من أحد سواهم يستطيع أن يكون قريبا الى ذلك قرب العرب ، جغرافيا وروحيا. وهنا تكمن العزة ، بل وحتى الخلاص ، بعد هذا السقوط المدوي. ولكن هذا البلسم كان قنبلة. وقد تردى التوازن ذو الأهمية الحاسمة بين الماضي والمستقبل ترديا مطردا الى استغراق دفاعي في الماضي ـ وعلى الأخص الى تعلق بلحظة التأسيس. وأنا اسمي ذلك نزعة "تأسيسية" ( من التأسيس على غرار الاصولية من الأصل ـ foundamentalism مقابل

Fundamentalism).



لقد كانت هذه "النزعة التأسيسية" وراء العديد من المآسي, فان رجال الدين ، الذين كان الاسلام ولي نعمتهم الحديثة ، اصبحوا عمليا سدنته. ومع غلق باب الاجتهاد بحلول القرن الثاني عشر ، كان المفتون قد أخذوا يبسطون سطوتهم لمراقبة الحقيقة. ومع تضييق الخناق على الحقيقة تعاظمت سلطتهم ليصبحوا اقرب الى الجنود منهم الى العلماء. وأصبح التجديد بكل اصنافه موضع شبهة الى ان تم تحريمه نهائيا. وباعتبارهم اوصياء على لحظة التأسيس عاد علماء الدين الى النصوص الأصلية "الكاملة" ، الى القرآن والحديث ، دليلا على حظر السعي الى أي معرفة اضافية. ومن بين احاديث النبي التي راجت تحذيره من كل ما هو جديد بوصفه "كل محادثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" ( 15 ).

يا لها من طريقة عظيمة لبناء المستقبل ، أليس كذلك؟



كان ينبغي ان يقتصر تكبيل التجديد على الجزيرة العربية إن كانت ثمة ضرورة لذلك اصلا. وبدلا من ذلك طاول الحُكم بتحريم التجديد ، المسلمين ابعد من الصحراء بكثير. ففي عام 1579 مثلا تلقت اسطنبول مرصدا فلكيا. وفي عام 1580 قضى علماء الدين بهدمه. ويلاحظ العالم المسلم مراد هوفمان ان جامعة الأزهر رغم صيتها الذائع "كانت قاصرة في مجال العلم". يا له من تراجع بالمقارنة مع بضعة قرون لا أكثر حين كان الاسلام سيد العالم في علوم الفلك والرياضيات والطب والكثير غير ذلك. وان هذه الانتكاسة تزكِّي ما ذهب اليه مَنْ بدأ تشغيل اول مطبعة في اسطنبول ـ والعالم الاسلامي ـ عام 1728. إذ قال ابراهيم متفرقة في طلبه الموافقة على اقامة مشروع تجاري "ان من الهام أهمية حيوية للمسلمين ، الذين كانوا متقدمين على الغرب في العلوم ، أن لا يسمحوا لأنفسهم بالانكفاء". وبحلول عام 1745 اضطر الى غلق مشروعه. فقد أفتى الملالي بمنع المطبعة.



ليس معنى هذا ان ابداع المسلمين توقف تماما. ففي مطالع القرن العشرين على سبيل المثال ، ايقظت أميرة فارسية ، لفترة قصيرة ، وعيا نسويا ( أو وعيا قوميا ، على اية حال ) اسفر عن تغيير شامل في دستور دولتها ( 16 ). وفي اصفهان بايران ، واغرا بالهند ، وفاس بالمغرب ، وسراييفو بيوغسلافيا ـ وكلها مدن كوزموبوليتانية حتى النخاع ـ لم تلق الدعوات الى التدين المتزمت استجابة تُذكر. كما ان هذه الدعوات كانت بلا معنى عند طوائف محدَّدة في الاسلام. وكما تؤكد كارين ارمسترونغ فان "الاسماعيليين ـ فرقة شيعية ـ كانوا يُدْعَون الى البحث عن الحقيقة اينما وجدت ، والصوفيين كانوا متفانين في حب النبي عيسى ، والفلاسفة ، بوحي من دراسة افلاطون وارسطو ، كانوا يبحثون عن شكل من الايمان أكثر شمولا" (17). ولكن كل هؤلاء الأشخاص والأماكن كانوا في الأطراف. فالبعيديون عن الصحراء لم يسيروا في الاتجاه العام. الجزيرة العربية هي التي كانت تمضي في هذا الاتجاه.



هاكم مثالا واحدا. في منتصف القرن التاسع عشر قام ملالي الصحراء بابتزاز الامبراطورية العثمانية وحملوها على اسقاط ثلاث قضايا ريادية تتعلق بالاصلاح الديني هي انهاء دور المسلمين في تجارة الرقيق الافريقية وتحرير المرأة من نير الحجاب والسماح لغير المؤمنين بالعيش في ارض النبي. ولكن كبير علماء مكة اصدر فتوى على هواه ضد ما أُشيع عن هذه التغييرات القادمة من اسطنبول. وقضى بأن منع الرق يتعارض مع "الشريعة المقدسة" ، والأكثر من ذلك...ان السماح للنساء بالخروج من دون حجاب وتسليم الطلاق بيد النساء ، وغير ذلك من الأمور يتعارض مع الشرع المقدس بصورته النقية....وانه بمثل هذه المقترحات أصبح الأتراك كفارا ، يجوز شرعا استعباد أطفالهم (18). وقام الأتراك رغم توجههم الاصلاحي بتهدئة الوعاظ وإرضائهم. وأكد لهم كبير المفتين في اسطنبول ما معناه ان بعض السفهاء الطامعين في مباهج الدنيا لفقوا أكاذيب غريبة وابتدعوا اباطيل مقرفة عن ما تقترفه الدولة العثمانية السامية ، "حفظها الله العلي القدير لنا..." (19) وأنا أُشدد على جانب "الحفظ" لأن تحجير الاسلام هو اساسا ما يرمي اليه الاصوليون. وإذ تخلف المسلمون أكثر وراء الاوروبيين في الانجازات العسكرية والمادية ، تسارع زخم الاصولية.



كانت تلك هي المأساة التي توَّجت الهوس بلحظة التأسيس. وأصبح "تجديد" الدين تمرينا في النظر دوما الى الوراء. وأقصد "دوما" ـ ابتداء من القرن الرابع عشر عندما بدأت الامبراطورية الاسلامية تسقط بأيدٍ غير عربية. وكان أول المصلحين الشعبويين المفكر الدمشقي المعروف احمد بن تيمية الذي دان الغزاة المغول بوصفهم مرتدين ، لأن المغول رغم دخولهم الاسلام استعاضوا عن الشريعة بقوانينهم. وبرأي ابن تيمية لم يكن هناك خط فاصل بين الدين والدولة في زمن النبي محمد ، الأمر الذي يعني ان المغول هم من أهل البدع. وذلك أمر مرفوض. ومد ابن تيمية سوطه الى الفلسفة الاسلامية والصوفية الروحانية وحتى الاسلام الشيعي. فهي كلها بُدع ظهرت بعد وفاة النبي. ولعل المؤرخين منكم سيقولون ، "لكن ابن تيمية مات خارجا على القانون". وقد مات بوصفه نموذجا ترك ارثا يلهم ـ أو يحرض ـ من يأتي بعده من "المصلحين". وهذا ما حدث بالفعل.



سأُعطيكم عيِّنة مما حدث. في الخمسينات والستينات من القرن الماضي استمد منحرف مصري يُدعى سيد قطب الالهام مباشرة من ابن تيمية. وقام الرئيس عبد الناصر باعدام سيد قطب ولكن بعد ايداعه السجن سنوات عدة. وكانت كتابات سيد قطب في السجن الوقود الذي ألهب الحركة الاسلامية الحديثة ، وخاصة جماعة "الاخوان المسلمين" ـ العصبة التي كان شعارها القرآن والمسدس ، كما ذكرتُ سابقا. وفي زمن أحدث سيطرت جماعة الاخوان المسلمين على نقابة المهندسين التي كان محمد عطا عضوا فيها.



وإذا كان هذا لا يشهد على تأثير ابن تيمية في العصر الحديث فإقرأوا الآتي: ان محمدا شقيق سيد قطب الذي يعيش في المنفى كان معلِّم اسامة بن لادن في المدرسة. وماذا تعلَّم بن لادن؟ من بين ما تعلَّمه ان نجم ابن تيمية سطع في زمن الغزو الأجنبي وانتقل الى مثواه الأخير مشيعا بالجماهير المعادية للمغول. وبعد سبعة قرون على رحيل ابن تيمية لدينا بن لادن بحملته ضد الأجانب الذين غزوا أرض النبي.



غزاة اليوم اميركيون. ورغم اعلان البنتاغون في عام 2003 ان غالبية القوات الاميركية ستغادر الاراضي السعودية الى قطر فان تلاميذ ابن تيمية يدَّعون ان عبور الحدود من جانب الى جانب آخر لا يطهِّر الجنود الاميركيين من ادران استعمارهم ـ قطر ستبقى دائما جزء من جزيرة النبي العربية. ويجب محاسبة الرياض على السماح للصليبيين بالمجئ اصلا. وثمة شيء آخر ايضا: عمد بن لادن الى تأجيج العواطف باطلاق نعت الصليبيين على الاميركيين ولكنه يتناسى ان هؤلاء "الصليبيين" احترموا حظر العربية السعودية على أي ممارسة علنية لشعائر الديانة المسيحية. وفي عام 1990 عندما زار الرئيس جورج بوش الأب القوات الاميركية المتمركزة في الجزيرة العربية وافق على ان لا يتلو صلاة عيد الشكر داخل البلاد. وتولى الرئيس قيادة القداس على متن السفينة الحربية "يو اس اس ناساو" في المياه الدولية.



ان يكون السعوديون اقاموا تحالفا مع "الشيطان الأكبر" فان هذا لا يؤكد عند بن لادن سوى عمق الدَنَس الذي بلغه البيت الابيض وبيت آل سعود. وإذ يتوجب قهر اميركا فلا بد من قهر مضيفيها السعوديين ايضا. ان مهمة بن لادن لا تقبل اللبس. فهو بتحرير المسلمين من البيتين الأبيض والسعودي انما يقدم آيات التكريم للحظة تأسيس الاسلام.



أهو من قبيل المصادفة البحتة ان بن لادن يمضي هذا القدر الكبير من وقته في المغارات ، مثلما كان النبي محمد يفعل بانتظار نزول الوحي عليه؟ كان بمقدور النبي ان يستمتع بالترفيات التي تضعها ثروة زوجته في متناوله ولكنه اختار أن يعيش حياة بسيطة. ومثله بن لادن الذي يصور نفسه شخصا زهد بثروته ليعيش حياة متقشفة. محمد تمرد على واحدة من اقوى قبائل مكة سطوة ونفوذا لينشر رسالته ضد الوضع السائد. وبن لادن انشق عن عائلته ذات الجاه والعلاقات الواسعة. محمد تحدى الأساس الأخلاقي الذي يقوم عليه اقتصاد برمته بادءا رسالته في مكة الناطقة بلغات متعددة كونها مفترق طرق تجارية حيث يستطيع التجار ان يعبدوا ما يشاؤون من الآلهة. ومدينة نيويورك عند بن لادن هي مكة قبل ظهور الاسلام ، والعاملون في مركز التجارة العالمي مقاتلون عن وعي في مسيرة النزعة المادية العلمانية كايديولوجيا تعبد البهرجة والعلامات التجارية البراقة. وهذا يدينهم بتهمة الوثنية والاعتداء على احادية الله. وتسري هذه الادانة مضاعفة على اليهود المسيطرين على المال.



وتستمر اوجه المقارنة في التشعب. فان ثورة محمد الأخلاقية قامت متزامنة مع ثورة تكنولوجية أتاحت بما اخترعته من سروج حديثة للجمال ، امكان السفر بوقت اسرع وتعاطي التجارة على نطاق اوسع ، وجشعا أكبر وفوارق اجتماعية أعمق. وكان محمد يغزو قوافل اعدائه لإطعام جيشه. وخزائن بن لادن لتمويل حملته اغتنت من زبائن اميركيين مدمنين ادمانا لا فكاك منه على النفط والافيون.



محمد احرز انتصارات عسكرية حاسمة بتكتيكات بدائية مثل حفر خندق حول مستوطنته ، ومباغتة اعدائه وتعويق خيلهم الأصيلة التي يستخدمونها في القتال. وفرسان بن لادن استخدموا المشارط للهجوم على قوة عظمى. النبي محمد اعتبر امته امة ملتزمة سياسيا لا ترسم حدودها إلا مشارف العقيدة. وبن لادن بث شبكة متعددة الجنسيات من الناشطين الذين يتخطون حدود الخرائط التي رسمتها امبراطوريات اجنبية. محمد كسب ولاء المسحوقين في مكة قبل ان تدرك النخب نفوذه وتدخل في دينه. والحق ان طريق بن لادن ما زال طويلا. ففي اكتوبر ( تشرين الأول ) 2001 خرج نصف مليون باكستاني مطالبين بالاعتدال. ولكننا لا نستطيع الاستهانة بجاذبية بن لادن وقد أظهر استطلاع للرأي اجرته مؤسسة غالوب في الشهر نفسه ان 82 في المائة من سكان المدن الباكستانية يعتبرونه مناضلا من اجل الحرية (20).





طروحات بن لادن قد يكون لها صداها بين المسلمين الساخطين على قادتهم الارذال الفاسقين. ويمكن لإعادته تمثيل لحظة التأسيس حتى ان تستجيب لتوق بين جماهير المسلمين الى الخلاص. ولكن "اصلاح" بن لادن ليس اصلاحا ، إن كانت هناك حاجة اصلا لقول ذلك. فان اسلامه يُديم الحلقة المفرغة من القمع التي وجد المسلمون انفسهم فيها ، باستثناء قلة منهم ، منذ زمن الفتوحات العربية. ولاهوته لاهوت قَبَلي يساوي الوحدة بالامتثال ، مسلطا رهطا من المفسرين على التعليل الفردي المستقل. بن لادن لا يقدم أي شيء يقرب من الأجندة المناهضة للامبريالية. كل ما لديه هو مزيد من الدكتاتورية الآتية من الصحراء.



تأملوا أين ضربت رسالة بن لادن جذورها: العربية السعودية. فهو لم ينقلب إلا على قادتها وليس على البلد نفسه. ولهذا أهميته لأن وجود العربية السعودية ذاته يقوم على حلف بين المصالح الدينية والمصالح السياسية. ففي منتصف القرن الثامن عشر توجه زعيم قَبَلي اسمه محمد بن سعود الى "مصلح" ديني اسمه محمد بن عبد الوهاب للاتفاق على "زواج مصلحة" بينهما. واقترح ابن سعود على ابن عبد الوهاب أن يبارك مشروعه لبناء مملكة من شظايا في الجزيرة العربية مقابل اعلانه مرشدا روحيا للمملكة الجديدة. وإذ كان ابن عبد الوهاب طريدا قررت النخب ان لا مكان له في مدنها فقد قَبِل بالاتفاق. واسلامه "المصلَح" بتأثير ابن تيمية ، مارس تأثيره هو في بن لادن. واسلامه دين متقشف ـ مقطوع عن اصله الفكري ومشتبك بلا هوادة في حرب جهادية. وأباح التبرير الجهادي لشريك ابن عبد الوهاب السياسي ، قبيلة ابن سعود ، أن تغزوا اراضي الغير وتوسع المملكة على امتداد 200 عام. وفي عام 1932 نهضت الدولة السعودية الرسمية على انقاض الامبراطورية العثمانية. وبقي حلفها اللاديمقراطي تماما مع الملالي الوهابيين راسخا ، وكذلك التزامها بالجهاد. ومن خلال هذين الأمرين أتقنت العربية السعودية فن استعمار المسلمين.



أُريدكم ان تتخيلوا الصور التي تُنشر عن مناسك الحج كل عام. انها تجسيد للتعدد الثقافي بكل معنى الكلمة ، اليس كذلك؟ والآن اضيفوا الى هذه اللوحة حقيقة ان الملك السعودي يتبختر بوصفه خادم الحرمين الشريفين. وبلقبه المخلوع عليه كما لو بإرادة ألهية يدَّعي الملك تمثيل المسلمين من كل لون وجنس ومذهب. ولكن الصورة الحقيقية ليست بهذا اللطف. ويمكن تلخيص معاملة الرياض للشيعة ، الذين يشكلون ثاني أكبر طائفة في الاسلام ، بحقيقة واحدة: طبقا للتعاليم الرسمية السعودية فان الشيعة هم مؤامرة يهودية. إذ يبدو ان يهوديا يمنيا تآمر مع يهود آخرين لشق الاسلام وزرع افكار تلمودية في عقول مسلمين اختلطت عليهم الأمور ، حتى اصبح المغرر بهم شيعة.



ان الشيعة بوصفهم فرعا انبثق عن اليهودية يكونون من أهل الذمة ، اليس كذلك؟ ومنطقيا ، فان هذا هو وضعهم في العربية السعودية. وقد أدلى مسلم اسماعيلي شيعي مؤخرا بشهادته امام الكونغرس الاميركي عما حدث عندما ضم السعوديون مدينته نجران. وقال علي اليامي انه "لم يتم اخضاع النجرانيين دينيا فحسب بل فقدوا الكثير من مصادر رزقهم ايضا. فقد صادر الحكام والامراء والقضاة الوهابيون اراضيهم الزراعية الخصبة. يضاف الى ذلك ان الوهابيين اخذوا يستحوذون عنوة على نصف ما ينتجه الاسماعيليون من مزارعهم وحيواناتهم..."(21) لاحظوا الاصداء الغريبة بين هذا المشهد وما قاساه الفلاحون اليهود في زمن محمد. فكل هذا "مباح" إذا كنتَ تعتقد ان المسلمين الشيعة هم يهود في الحقيقة (22).



لا يمكن للشيعي ان يوكل محاميا في محكمة سعودية ، ولا يمكن لأحد أن يُعيَّن قاضيا إلا إذا كان وهابيا. والنتيجة الحتمية لهذه المعادلة البسيطة ان الشيعة في العربية السعودية يمثلون امام قضاة مقتنعين اصلا بأنهم هراطقة. أين هذا يا تُرى من الميثاق الاسلامي لحقوق الانسان الذي وقعته البلدان الاسلامية في القاهرة عام 1990. فهو ينص على ان لكل انسان الحق في اللجوء الى القضاء وفي محاكمة عادلة ، كل انسان ، على ما يبدو ، إلا غير المسلمين. وبما ان الشيعة يهود....ياه ، ان العقل يقف حائرا ازاء ذلك.



على الغرار نفسه لا يمكن للمرأة في المملكة ان تحضر في المحكمة حتى إذا كانت متمهة بجريمة قتل. ويوضح علي الأحمد ، المدير التنفيذي للمعهد السعودي الذي يوجد مقره في الولايات المتحدة ، ان للمرأة "الوضع القانوني نفسه الذي للسيارة" (23). ومع ذلك لا يُسمح للمرأة بقيادة السيارة. وكلا الحقيقتين تعكسان حقيقة ان النساء اللواتي يشكلن 57 في المائة من سكان العربية السعودية ، يُعَدن قاصرات دائما وابدا. ويشير الأحمد الى نقل المرأة من وصاية الأب الى وصاية الزوج أو الإبن. ويقوم المطوعة أو الشرطة الدينية بملاحقة هؤلاء القاصرات ـ البالغات باستمرار لفرض الالتزام الصارم بالشرع. ويشمل هذا عدم ارتداء اللون الأحمر في يوم الحب ـ فذلك جريمة تستدعي القبض على مرتكبها.



في مارس ( آذار ) 2002 تبدى معنى هذا الالتزام في عدم السماح للبنات بالهروب من الحريق الذي شب في مدرستهن قبل ان يرتدين عباءاتهن بكامل طولها. وبحسب التقارير الإخبارية السعودية نفسها فان 15 تلميذة لقين حتفهن وعشرات اصبن بجروح عندما أجبر افراد الشرطة الدينية الفتيات على العودة الى مبنى المدرسة المحترق لأخذ عباءاتهن ، التي تحولت الى اكياس لإحتواء جثثهن بالمعنى الحرفي للكلمة. وقال احد معارفي السعوديين معبرا عن الشك في صدق اقوال الشهود ، ان الصحف المحلية نشرت هذه القصة لمجرد إثارة المتاعب لوزير التعليم. كيف يمكن لصحافة تسيطر عليها الدولة ان "تثير متاعب"؟ الحقيقة هي ان هذا الحادث المروع أرغم الصحافيين السعوديين على تحدي الوضع القائم. وهم لديهم اسباب وجيهة للقيام بذلك: ما من بلد آخر في العالم يشترط على المرأة ان تغطي وجهها بحكم القانون. وما من بلد آخر في العالم تصل به الفظاظة الى حد معاملة مواطناته بوصفهن مخلوقات مستنسَخَة من زوجات النبي محمد ـ النساء الوحيدات اللواتي يلزمهن القرآن بالتحجب.



هل تريدون معرفة المزيد عن مظاهر القَبَلية العفنة التي تفوح من العقد الاجتماعي في العربية السعودية؟ تمسك مقاليد السلطة حفنة من كبار الامراء. وهؤلاء هم الذين يصنعون السياسة ويوزعون العطايا على مافيا من الملالي يجب ان يضمن الأمراء ولاءهم لتفادي اندلاع ثورة عارمة. فهل ثمة ما يدعو الى العجب من التشويش بانتظام على المواقع التي تستخدمها منافذ الاخبار الغربية على الانترنت ولكن المواقع التي تبشر بالكراهية والعنف والارهاب يمكن الدخول عليها بسهولة من موطن النبي؟ هل ثمة ما يدعو الى الاستغراب من ان الرياض كانت ترفض التحقق من طبيعة عمل المنظمات الخيرية العاملة من الاراضي السعودية حتى باتت الاضواء الاعلامية ساطعة بحيث لم يعد بالامكان تجاهلها؟ هل يضيرنا في شيء ان السعوديين يخربون المباني التاريخية مثل الجوامع التي كان يستخدمها المسلمون الأوائل لأن هذه المعالم الخلابة يمكن ان تصبح صروح آلهة باطلة ـ مثل برجي مركز التجارة العالمي؟ وهل أن العربية السعودية لم تقر قط الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة لأن حماية علماء الدين أولى من حماية المواطنين؟ في عام 1948 لم ترفض اقرار الاعلان إلا الكتلة الشرقية وحكم الأقلية في جنوب افريقيا. ومنذ ذلك الحين انهارت الشيوعية ودخل الاصلاح الى جنوب افريقيا ، وفي هذه الأثناء رفعت العربية السعودية راية العولمة بإشهارها اسلاما اطلاقيا ، عقيما.



وها هي النتائج تأتينا تباعا من السودان وباكستان حيث كثير من المدارس الدينية لا تدرِّس إلا النص القرآني. ولا ريب انكم تعلمون بذبح المسلمين غير العرب واستعبادهم في السودان ، الى جانب غير المسلمين. ولدى البحث عن نزعة قَبَلية من النمط البدوي في باكستان لا يمكن اغفال الآتي: ان البعض من غير المسلمين هناك يقعون تحت طائلة الإعدام لتجرؤهم على التلفظ بتحية المسلمين التقليدية ، "السلام عليكم" (24). انها بادرة سلام اخرى مصيرها الرفض.



وإذا مضينا أبعد باتجاه الشرق نرى ان الاسلام الصحراي شوه افغانستان على صورة العربية السعودية الثيوقراطية. وفي عهد طالبان اعتمدت امارة افغانستان الاسلامية ، كما بات اسمها الجديد ، النموذج السعودي للشرطة الدينية والموقف السعودي في اضطهاد المرأة والشيعة ، وحتى النمط السعودي في تفجير المواقع الدينية الأثرية للحؤول دون عبادة الاصنام. وفي بنغلاديش ايضا تُستهدف تماثيل المسيحيين والهندوس والبوذيين بالتدمير. وبنغلاديش بلد ديمقراطي ـ على الورق. لنتعلم من بوذا الذي نُسفت تماثيله في وادي باميان: الجلوس بصمت والصلاة من اجل السلام لن يكونا كافيين لمكافحة اسلام الصحراء.



لقد وصلت الموجة الوهابية العالمية الى شواطئ اميركا الشمالية. أو لا تذكرون المعركة التي خضتُها لدخول مكتبة جامعي الفقيرة في ريتشموند ببريتش كولومبيا؟ وإذا بالطالبات يواجهن القيود نفسها في مدرسة اسلامية كبرى تمارس نشاطها في الولايات المتحدة بتمويل من السعوديين. أما التوجيه بالامتناع عن عقد صداقات مع اليهود فمن الواضح اني لم أكن الوحيدة فيه. وثمة مقطع مُقتَبَس مباشرة من كتاب مدرسي باللغة العربية وزعه السعوديون على التلاميذ المسلمين في اميركا يقول ان الكفار والوثنيين وأمثالهم من الآخرين يجب ان يكونوا مكروهين ومحتقرين....ويجب ان نبتعد عنهم ونقيم الحواجز بيننا وبينهم (25).



الاسلام الصحراوي أخذ يجور على جنوب شرق آسيا ايضا. وكان الاسلام وصل الى تلك المنطقة عن طريق التجارة لا الفتوحات العسكرية. ولعل هذا هو السبب في ان مسلمي جنوب شرق آسيا تعايشوا تقليديا مع البوذيين والتاويين والمسيحيين والسيخ والهندوس والكونفوشيين ـ والنساء. ولكن الأموال القادمة من الشرق الاوسط أخذت تُحدث تغييرا متزايدا في هذا المشهد الذي كان سمة الوضع في ماليزيا واندونيسيا. وراحت القوانين والحريات ايضا تتحول. ففي عام 1996 على سبيل المثال ، اعتقلت الشرطة ثلاث مسلمات شاركن في مسابقة ملكة جمال ماليزيا. ولم تكن عائلات الفتيات الثلاث سمعت بالفتوى الصادرة ضد مشاركة المسلمات في مثل هذه المسابقات. وعندما عرف اولياء الفتيات بالفتوى لم يصدِّقوا آذانهم لأن مثل هذا التحريم يتنافى وتقاليد بلد حقق نهضته على اساس التسامح.



ومنذ منتصف التسعينات قررت غالبية الولايات الماليزية تطبيق الشريعة التي تُجَرِّم الاختلاف مع أي فتوى. فهم إذا لم يصطادوك بتهمة التجاوز ، سيوقعون بك في شراك التخاذل. وان "قلة ضئيلة من المسلمين لديهم الشجاعة على وضع الاسلام موضع تساؤل أو تحديه أو حتى مناقشته في العلن" ، كما تكتب زينة انور ، عضو الشبكة النسوية الماليزية ، "شقيقات في الاسلام". وتضيف ان هؤلاء بُرمجوا اجتماعيا "للقبول بأن المراجع الدينية هي خير العارفين" (26). زينة ، من الجهة الاخرى ، تريد ان تكون "امرأة ، مسلمة صالحة ، وتسمع موسيقى الفرقة بي ـ 52 عاليا. فأنا لا أرى أي تناقض في ذلك" (27).



الاسلام كما تفهمه زينة انور ليس هو الذي حمل مسابقة ملكة جمال العالم على الرحيل من نيجيريا في عام 2002. فتلك الفضيحة في الوقت الذي يكون من السهل الضحك عليها ، اسفرت عن موجة من احراق الكنائس واوقعت اكثر من 50 قتيلا. وقد تساءلتُ مع نفسي إن كان اسلام الصحراء بلغ هذا المدى من الانتشار. هل كان الانهجاس بلحظة التأسيس وراء إذكاء اعمال الشغب التي اندلعت ضد المسابقة؟ فان ملكة جمال نيجيريا فازت بمسابقة العام السابق مانحة بلدها حق تنظيم مسابقة العام التالي. وكان مسلمو نيجيريا يعرفون ذلك من البداية. ولم تبدأ اعمال الشغب إلا بعدما ألمح صحافي الى ان النبي محمد كان سيُستثار بالمسابقة ويتخذ الفائزة فيها زوجة له. تعليق وقح ولكن هل يستحق القتل والغوغائية؟ عندما يتمذهب الأشخاص على الاعتقاد بأن كل جانب من لحظة التأسيس مقدس يكون مصير العقيدة ان تغدو جامدة ، هشة ، لاانسانية. وفي هذه الحالة بلغت من اللاانسانية مبلغا حتى ان المتظاهرين المسلمين احرقوا مكاتب الجريدة المذنبة رغم اعتذارها ثلاث مرات. مسألة اخرى ذات اهمية: ان الصحافي الذي تطاول على النبي محمد كان قبل اسابيع من ذلك عنَّف المسيحيين واستحضر سيرة المسيح في سياق تعنيفه لهم. ولم يمت احد (28).



ان الاعتداد بلحظة التأسيس يقتلنا ـ ويقتل كثيرين غيرنا أيضا. يا ناس ، مَنْ يهتم بمدى اقترابنا من لحظة التأسيس؟ فالهوس بهذه اللحظة ـ بل مجرد الالتفات اليها ـ مرض فتاك. وقد حان الوقت لأخذ العبرة من كمال اتاتورك. ففي عام 1925 اعلن ، "اني ارفض رفضا قاطعا الاعتقاد أنه اليوم ، بحضور العلم والمعرفة والحضارة حضورا نيرا من كل النواحي ، هناك....رجال متخلفون حتى انهم يطلبون رخاءهم المادي والأخلاقي من توجيه هذا الشيخ أو ذاك" (29). وقد أثبت اتاتورك انه صاحب رؤية بإبتعاده ، على وجه التحديد ، عن أي علاقة بلحظة تأسيس الاسلام. وهو لم يمارس لعبة النقاء لأنها لا يمكن ان تسفر إلا عن فائز واحد هو الملتحي الذي يختزل كل شيء الى ما سبق أن قيل وشوهِد وجُرِّب. وكان اتاتورك يعلم أن أي مجتمع لكي ينمو عليه ان يتيح امكان ظهور فائزين عدة في ميادين عدة.



وقد تمخض رفضه لحظة التأسيس عن انبثاق الديمقراطية في تركيا. وهي رغم انكشافها لنزوات الجيش وتقصيرها في طائفة من المضامير الاخرى ، تبقى أكثر الديمقراطيات نضوجا في العالم الاسلامي. والمسلمون المؤمنون الذين يشاركون في حياتها السياسية يمكن ان يكونوا فائزين ايضا ـ ففي نوفمبر ( تشرين الثاني ) 2002 انتخب الاتراك حزبا اسلاميا ليحكمهم. والآن الى نقطة اخرى لها مغزاها: ان شعبية الاسلاميين الاتراك لم تعتمد على معاداة السياسة الخارجية الاميركية أو التنديد باسرائيل ، بل تحققت بوعد توفير فرص العمل والقضاء على الفساد. واعرب الناخبون البحرينيون عن التفافهم حول هذه الاولويات تحديدا عندما توجهوا الى صناديق الاقتراع قبل شهر من ذلك ـ اول انتخابات في الخليج العربي تمكنت المرأة من الادلاء بصوتها فيها. وكان هؤلاء الناخبون يرون الى المستقبل لا الى الماضي فحسب (30).



لو مُنحوا فرصة الكلام لقال كثير من المسلمين انهم لا يريدون الاستمرار في تكرار لحظة التأسيس. وهم يريدون قدْرا اقل من الطريق الذي قطعوه وقدرا اكبر من الطريق الذي ما زال يمتد امامهم. وعندما يهب الآباء الباكستانيون الغاضبون لمطادرة رجال الدين الذين يجندون ابناءهم للانخراط في نشاط اجرامي فان بالامكان تلمس لهفتهم على السير في الطريق الممتد امامهم (31). وعندما يصدر مسلمون اندونيسيون معتدلون كتابا بعنوان "الوجه الجديد للعلاقات بين الزوج والزوجة The New Face of Husband-Wife Relations محاولين التوفيق بين الاسلام وحقوق الانسان يكون واضحا ان مزيدا من المسافرين ، على قلتهم ، شرعوا في السير على الطريق الى امام (32). وعندما ينسحب المتشددون من برلمان ايران احتجاجا على نفوذ التجمعات الطلابية المطالبة بالاصلاح تعرف ان زخم المستقبل يزداد قوة. وعندا تنشر صحيفة "عرب نيوز" اليومية السعودية الناطقة بالانجليزية ، عمودا يسهب في وصف مدى تقدم الاسرائيليين اقتصاديا على العرب ، وعندما يصرخ هذا العمود ، "واجهوا الحقائق يا عرب" ، تعرف ان قبضة الكِعام الذي يكمم الأفواه تتراخى (33) ، والصمت القَبَلي على وشك الانتهاء شأنه شأن الأوهام. وكما كتب وزير الخارجية الاردني مؤخرا في صحيفة نيوويرك تايمز فان "على القادة العرب ان يتخذوا أخيرا موقفا علنيا ضد التفجيرات الانتحارية" وفي الوقت نفسه جعل "الأنظمة السياسية والاقتصادية اكثر ديمقراطية" (34).



وعندما يكتب صحافي لبناني ان الكرة في ملعب واشنطن لدعم "براعم الديمقراطية الغضة" التي تتفتح في الشرق الأوسط ، تعلم انه يدعو الى اصدار اعلان عالمي للاعتماد المتبادل (35). وعندما ينضم مثقفون عرب الى وزارة الخارجية الاميركية في ادانة مسلسل تلفزيوني مصري معاد للسامية بصراحة ، تعرف ان للاعتماد المتبادّل فرصة طيبة. وكلما اشتد الضغط الدبلوماسي الذي يسلطه الغرب تعاظمت جرأة الأصوات الداخلية المطالبة بالتغيير.



يبدو لي ان الطريق الى امام يجب ان يواجه ثلاثة تحديات في وقت واحد ، الأول احياء الاقتصادات بتوظيف مواهب الجميع في العالم الاسلامي ، والثاني مكافحة جَدَب الصحراء باطلاق تأويلات متعددة للاسلام ، والثالث العمل مع الغرب لا ضده. وفي كل حالة يكون ما نقوضه هو القَبَلية البالية.



وهنا أكف عن أن اكون رافضة وأطلب تجنيدي في عملية اسمها "الاجتهاد".



هوامش الفصل السادس
1 ـ أنظر كلمتي في هذه المناسبة.

2 ـ هذا ما يؤكده صديقي طارق فتاح الذي أمضى في الآونة الأخيرة بعض الوقت في باكستان وكان في احيان كثيرة يسمع مثل هذه الأقوال.



على الغرار نفسه يكتب طارق علي في كتابه

The Clashes of Fundamentalisms "صراع الاصوليات": "التقيتُ كثيرا من اهلنا في مناطق مختلفة من العالم منذ 11 سبتمبر ( ايلول ). وسؤال واحد يتكرر باستمرار: هل تعتقد نحن المسلمين اذكياء بما فيه الكفاية للقيام بذلك؟ وأنا دائما أُجيب ، "نعم". ثم اسأل مَنْ باعتقادهم المسؤول ، والجواب دائما هو اسرائيل". ( ص 305 ).

3 ـ لقراءة مزيد من المواد عن هذه الموضوعة انظر

Shaikh, Islam: The Arab National Liberation Movement (Cardiff: Principality Publishers, 1995 ) and W. R. Clement, Reforming the Prophet: The Quest for the Islamic Reformation (Toronto: Insomniac Press, 2002 )

4 ـ Fareed Zakaria, The Future of Freedom: Illiberal Democracy at Home and Abroad (New York: W. W. Norton, 2003), P. 145.

ملاحظ زكريا بأن المؤثرات العربية تحدِّد الاسلام الاندونيسي على نحو متزايد تؤكدها ترايسي دالبي

Tracy Dahlbi, “Indonesia: Living Dangerously,” National Geographic, March 2001

تكتب دالبي ، ان وردة حافظ وهي من كبار المدافعين عن فقراء المدن ، "قالت لي ان عددا متزايدا من الموظفات اخترن الحجاب". والحقيقة ان الحجاب هو غطاء عربي للرأس يُباع للجماهير الاندونيسية ( وبعض الصحافيين ، كما يبدو واضحا ) على انه من مقومات الايمان الاسلامي. انظر ايضا سايمون وينتشستر

Simon Winchester, Krakatoa: The Day the World Exploded – August 27, 1888 (New York: HarperCollins, 2003)

يشير وينتشسر الى ان اندونيسيا "ادخلها العرب في الاسلام ، وهي ما زالت تتطلع الى الجزيرة العربية والعرب طلبا للارشاد الروحي" ( ص 326 ). وللاطلاع على مثال أخَّاذ يبين كيف تستطيع الجزيرة العربية ان تؤجج الحماسة الاصولية حتى عند الصوفيين المعروفين بصفاء هدوئهم ، انظر الصفحات 330 ـ 332.

5 ـ في المقابلة التي اجريتُها في 2 يوليو ( تموز ) 2003 مع الدكتور اياد سراج ، وهو محلل نفسي فلسطيني ومؤسس برنامج للصحة العقلية في غزة ، اشار الى القبيلة على وجه التحديد بوصفها مشكلة كبيرة في الثقافة الفلسطينية. "ان هذه بنية قَبَليَّة يُعدُّ الاختلاف فيها خيانة. لم نتوصل بعد الى حال من المواطنة في البلدان العربية يكون الأشخاص معها متساوين امام القانون. وهذا أمر خطير للغاية". المصدر: مقابلة مع الدكتور اياد سراج ، 2 يوليو ( تموز ) ، 2003.



للاطلاع على فيديو كليب يظهر فيه الدكتور سراج وهو يثير هذه المسألة انقر هنا.

6 ـ جابر عصفور

Jaber Asfour, “Osama bin Laden: Financier of Intolerant Desert Islam,” New Perspectives Quarterly, Winter 2002, p. 1 of online version. Download at http://www.digitalnpq.org

7 ـ يشير بعض المعلقين الى ان الخليفة الرابع علي بن ابي طالب دعا الرجال المسلمين الى الحذر من شرور النساء وان يكونوا متيقظين حتى تجاه النساء اللواتي يُقال انهن صالحات ، وعدم طاعتهن حتى في ما هو خير لكي لا يستدرجن الرجال الى ما هو شر. ويُفترَض انه اطلق هذا التحذير بعد معركة الجمل التي تتمثل المفارقة في ان عائشة زوجة الرسول هي التي قادتها.

8 ـ مقابلة مع تسليمة نسرين ، تورنتو ، 28 اكتوبر ( تشرين الأول ) 2002. [ انظر النص الكامل ].

9 ـ القرآن ، 2: 115.

في مكان آخر يقول القرآن ان على المسلمين ان يتوجهوا صوب مكة عند الصلاة. أفي هذا تناقض؟ إذا لم يكن ثمة تناقض ـ إذا كانت الآية المكية هي الأصوب من الآية الاخرى ـ فما السبب في ذلك؟

10 ـ الملا المقصود هو موسى الصدر. انظر امير طاهري

Amir Taheri, “The Freedom to go Topless,” Wall Street Journal, December 6, 2006.

هذا هو ليس الشكل الوحيد من اشكال الاستعمار العربي الذي لاحظه الايرانيون. ففي كتابها الفكاهي الراقي

Persepolis: The Story of a Childhood (New York: Vintage, 2003)

توضح الفنانة مرجانة ساترابي رفض الكثير من الايرانيين لـ"الغزو العربي" (ص ص 7 ، 79 )

11 ـ Ja’far Subhani, The Message (City unknown: Islamic Seminary, 1984), p. 41.



يتباهى مؤلف الكتاب قائلا ان "من السمات المثيرة لهذا الكتاب انه متحرر كليا من الهرطقات والقصص الملفقة التي فبركتها مصالح خاصة" ( ص 18 ). وهذا سبب وجيه لأن نلاحظ ان عنوان احد فصول هذا الكتاب هو "مخططات اليهود الخطرة" الذي يفضح وجود "برنامج اسرائيلي" لترويج الخرافات والقصص التي من "تلفيق اليهود..." ( ص 179 ). هكذا نقهر "عصر الجاهلية".

12 ـ V. S. Naipaul, “Our Universal Civilzation,” The Writer and the World: Essays (New York and Toronto: Knopf, 2002), p. 508.

13 ـ الكلام المنسوب الى الكندي مترجم عن الانجليزية من كتاب

David C. Lindberg, Theories of Vision from Al-Kindi to Kepler (Chicago University Press, 1976), p. 18.

14 ـ محمد ايوب خان في مراجعته لكتاب "اين حدث الخطأ" What Went Wrong

www.islamonline.net, June 16, 2002.

15 ـ مراد ولفريد هوفمان

Murad Wilfried Hoffman, Islam: The Alternative (Reading, UK: Garnet, 1993), p. 32.

16 ـ الأميرة هي تاج السلطانة ويكتب برنارد لويس ان الاميرة التي درست الأدب الفرنس والأدب الفارسي في البلاط الملكي "اصبحت تدرك بحدة الفارق في وصع المرأة في الغرب ووضعها في بلاد فارس. وقد شجبت في كتاباتها التي غالبيتها من المذكرات وبعض القصائد ، ما أُخضت له مواطناتها من عبودية وبؤس". انظر

What Went Wrong? Western Impact and Middle East response (Oxford, New York: Oxford University Press, 2002), p. 95.

17 ـ Karen Armstrong, A question of faith (review of Richard Fletcher’s The Cross and the Crescent), The Guardian, March 1, 2003, p. 3 of online version.



18 ـ الشيخ جمال ، كبير علماء مكة ، كما ينقل عنه برنارد لويس في كتابه

What Went Wrong? P. 92.

19 ـ عارف افندي ، كبير مفتي اسطنبول ، كما ينقل عنه برنارد لويس ، المصدر السابق ، ص 93.

20 ـ Richard Behar, “Pakistan: A Kidnapped Nation,” Fortune, April 29, 2002, p. 3 of online version.

وفي يونيو ( حزيران ) 2003 اعلن مركز بيو للابحاث

The Pew Research Center for the People and the Press نتائج استطلاع الرأي الذي شمل 44 دولة. وتوصل الى "ان اغلبيات قوية في السلطة الفلسطينية واندونيسيا والاردن ـ وتقريبا النصف في المغرب ـ تقول ان لديها علىالأقل بعض الثقة بأن يفعل اسامة بن لادن "الشيء الصحيح في ما يتعلق بالشؤون الدولية". ويقول 71 في المائة تماما من الفلسطينيين ان لديهم ثقة باسامة بن لادن في هذا الشأن ـ متخطيا حتى شعبية ياسر عرفات! انظر الاستطلاع على الانترنت

Views of a Changing World 2003 في الموقع

hppt://people-press.org.



21 ـ الدكتور علي هـ. اليامي ، شهادة امام الكونغرس الاميركي ، 4 يونيو ( حزيران ) ، 2002 ، ص 2 من الملاحظات المنطوقة.

22 ـ يعتقد الشيخ محمد صالح المجاهد ان الشيعة يهود. ومؤخرا اصدر هذا الملا ـ نفسه الذي حذر من الافراط في الضحك ـ فتوى ضد الشيعة. انه على الأقل يرتقي الى مستوى رؤيته لإسلام لا مكان فيه للفرح.

23ـ علي اليامي ، شهادة امام الكونغرس الاميركي ، 4 يونيو ( حزيران ) 2002 ، ص 1 من الملاحظات المنطوقة.

24 ـ Nicholas Kristof, “Watch What You Say,” New York Times, June 21, 2001.



25 ـ Dr. Abdulla Al-Tarekee, A Muslim’s Relations with Non-Muslis, Enmity omr Friendship, p. 28

طبع هذا الكتاب معهد العلوم الاسلامية والعربية في اميركا الذي يوجد مقره في فايرفاكس بولاية فرجينيا. لمزيد من المعلومات انظر الوثيقة الموسومة "السعوديون ينشرون لغة الكرهية في الولايات المتحدة" Saudis Spread Hate Speech in U.A. الصادرة عن المعهد السعودي ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ، 9 سبتمبر ( ايلول ) 2002.

26 ـ زينة انور

Zainah Anwar, “Modern and Moderate, Islam,” Asiaweek, September 16, 1997, p. 34.

27 ـ زينة انور كما ينقل عنها انتوني سبايث

Anthony Spaeth, “Trouble in Purdah,” Time International, April 8, p. 2 of online version.

28 ـ يكتب الداعية الكندي لحقوق الانسان كين ويوا Ken Wiwa "ان السيدة دانيال انتقدت في مقالة في الصحيفة بتاريخ 7 سبتمبر ( ايلول ) الكنائس المسيحية بسبب "غضها الطرف" عن الانحطاط الاخلاقي والاجتماعي في البلد". وكتبت انه "إذا عاد المسيح ماذا سيقول لهؤلاء الذين يدَّعون اعتناق اسمه؟" انظر

“Jihad versus Miss World,” Globe and Mail , November 30, 2002, p. 2 of online version.

29 ـ كمال اتاتورك كما ينقل عنه ديفيد ريمنك

David Remnick, “The Experiment: Will Turkey be model for Islamic Democracy?” New Yorker, November 18, 2002, p. 51.



30 ـ انظر من بين مصادر اخرى

Patrick Graham, “Troubled Turkey goes to polls,” National Post, November 2, 2002 and Tom Friedman, There is Hope,” New York Times, October 27, 2002.

31 ـ خالد دوران

Khalid Duran,”Muslim world at a crossroads,” Washington Times, January 4, 2002.

32 ـ انظر مراجعة للكتاب بقلم كريم رسلان

Karim Raslan,”Indonesia’s moderate Islamists,” Foreign Policy, July-August 2002, Issue 131, pp. 77-79.

33 ـ محمد عمر العمودي

Mohammed Omar Al-Amoudi,”Face the facts, Arabs,” Arab News, May 29, 2002.

34 ـ مروان معشر

Marwan Muasher, “A Path to Arab Democracy,” New York Times, April 26, 2003.

35 ـ سعد مهيو

Saad Mehio, “A specter is haunting the Middle East democracy,” The (Beirut) Daily Star Online, October 1, 2002.

كاتبة مجهولةالأسم
الفصل السادس



#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ---وصحافة مأجورة
- ويل لأمة تترحم على طغاتها
- نظرة مواطن سوري الى معارضة اليوم
- آخ يا سوريا --فساد ودعم لفساد
- أكذوبة الهلال وحقيقة الحلفة
- حج مبرور وسعي مشكور ---والرزق على الله
- هواجس مواطن سوري من ضيف عراقي
- تنبؤات أبو عمشة لعام 007
- Pure Syrian hand
- وأخطأ سيدنا في مقاله
- بيان صادر عن التجمع العلماني الديمقراطي الليبرالي-عدل-
- البسطار الأمريكي والنعجة والذئب
- ليس المسيحيون فقط من يخافون حكم الإخوان يا سليمان! اوقف حوار ...
- وقد حلم مرة ان يكون اول رئيس شيعي لجمهورية لبنانية جديدة
- ردت سوريا باستراتيجية النفس الطويل . وبدأت تسهيل دخول طلائع ...
- لعنة أصبحت نبوءة--قراءة في لعنة وطن
- القبض على قاتل الحريري
- هيبة أمريكا ومصداقيتها--الى أين؟
- كذبة اسمها : مواطن
- خلية معارضة في الأردن


المزيد.....




- أمطار غزيرة وعواصف تجتاح مدينة أمريكية.. ومدير الطوارئ: -لم ...
- إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويخلف أضرارا جسيمة في قوانغتشو بجن ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو وحكومته كالسحرة الذين باعوا للإسرائي ...
- غزة تلقي بظلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- ماسك يصل إلى الصين
- الجزيرة ترصد انتشال جثامين الشهداء من تحت ركام المنازل بمخيم ...
- آبل تجدد محادثاتها مع -أوبن إيه آي- لتوفير ميزات الذكاء الاص ...
- اجتماع الرياض يطالب بفرض عقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير ...
- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلطان الرفاعي - بطن الاسلام الرخو--