سعيدة الرغيوي
الحوار المتمدن-العدد: 8335 - 2025 / 5 / 7 - 07:47
المحور:
الادب والفن
نحن الذين نسكنُ قرب ينابيع العشق لا نأبهُ بغير النور موطنا ..نحفنُ من الغيم رسائل المحبة ونرتق جفون الغياب ..ونقترفُ البوح بكل صدقٍ ..(( سعيدة الــرغيوي)).
تَعَوَّدنا أن تكون الإشارة إلى الزَّمن الفيزيقي، بالسَّاعة والدَّقائقِ والثَّوانِي، وها هُو الشَّاعر "علَّال الحجَّام " يضبطُ ساعتهُ الْعِشقية -/ الْعاشِقة على عُنوانٍ مُثيرٍ، يستحثُّ فيه الْقارئ / الْمُتلقِّي على التَّوقُّف لاكتشافِ الذَّات الشَّاعرة، وهي تَضْبِطُ سَاعتها العاشِقة بوقتِ المسَاءِ.
إنَّهُ قدَرُ العِشْقِ، أنْ يُضْبَطَ بِميقاتِ المساءِ / الْعِشقِ الْمَسائيُّ ..فما هي أحوال العاشِق ؟.
هذا ما سنكتشفُهُ؛ ونحنُ نقرعُ باب الشَّاعر لِنُعانِقَ أحْوالَ وطُقُوسَ عِشْقِهِ.
يقول الشَّاعر " علَّال الحجَّام" في ص 11:
عندما نلتقي والمدَى يرتدي
مِئزرَ الغَسَقِ الحارِّ
في ردهةِ السَّاعةِ العاشِقهْ
يترقرَقُ حول أباريقِنا فَرَحٌ
تَتَفَتَّحُ في العَرصاتِ براعمُهُ خافِقهْ
...فجأةً، تشمخُ الكلماتُ
وتحْمرُّ أحرفُها في الدَّنانِ
يعثُر البيْلسانُ
على جذْرٍهِ في كتابِ الأغانــي
ويفتحُ في سكْرَةِ الّصَّلواتِ
طريقاً إلى أصلهِ في كهوفِ الأساطيرِ
...
يعمدُ الشَّاعرُ إلى وصْفِ حالةِ الحُبوُرِ، والفرحِ التي تُسَاوِرُهُ، إذْ يسكر بنشوةِ صلوات، تؤثثها أحرف وكلمات، فتسحبه ُ ليجدَ جذرهُ في كتاب الأغانِي، تسحبهُ كهوف الأساطير، لِصُعودٍ مُسْتنِيرٍ بحفيفِ الغمامِ، ص 12 من الدِّيوان.
إنَّ الشَّاعرَ" علال الحجام"؛ يُصوِّرُ الْحَساسين، وهي تجتمعُ فجرا. هو الشَّاعرُ المتغطرِسُ في الْعِشْقِ ؛ تلُفُّهُ جُسُورُ المحَبَّةِ. كما يُقِرُّ أنَّهُ يَرْتوِي من حِياضِ الْبِلادِ التي لمْ تَمْنَحْهُ الفرح و الْحُلم ..
الشَّاعر المبدع "علال الحجَّام"، يعرِفُ كيفَ يشيدُ انزياحاتهِ ، واستعاراتهِ، وكيفَ يَتَوارى حول غيمةٍ تستظلُّ بريحَانةٍ، لِيَعْبُرَ إلى ظلالِ المتلَقِّي، لِيُشْرِكَهُ في تجرِبَتِهِ الذَّاتيةِ الْحُبْلى بالتَّفاصيلِ.
ولعلَّ العنوان يُلَخِّصُ لحظة زمنية مُنْفلِتةً من عقارب السَّاعة، لِتُؤشِّرَ على عقارب ونبض الشَّاعِر الْمُلْتَاعِ عَاطِفة؛ هو الْعاشِقُ الَّذي ضبطَ ساعةَ الْقلب، ليكُونَ الْبوح والاغتراف من الْعِشقِ، ومتَاهاتِهِ، وَ لُذَاذَاتِهِ مَضْبُوطاً بإيقاعِ الْمَساءِ.
نجِدُهُ في قصيدة " القلعة الثَّامنة"، يتوَكَّأُ على عَصَا التَّناص، والرَّمز لِيُومِئَ إلى الْمشاعر الَّتِي تَتَوَزَّعُهُ :
( الصُّموُد والانهِيار)؛ هَذينِ النَّقيضَيْنِ؛ اللَّذَيْن يكشِفَانِ عن الصِّراع والقلقِ الْوُجُودي الَّذي يَعِيشُهُ الْمُبدع.
كلُّ نَصٍّ حَفْرٌ في الصَّمْتِ، وفِي الْبَوْحِ، تعريةٌ لمشاعر تُرَاوِدُ ذات الشَّاعر، ص 47 ؛ ففي " تجَلِّي الْخِذْلان" يكْشِفُ الشَّاعِرُ عن خِيانَةِ الصَّديق وخِذْلانِهِ، فهو الصَّديقُ العنيدُ كحلم، بَيْدَ أنَّهُ سُرْعانَ مَا يُعِلُّهُ.
يقول:
( عنيدا كحُلمكَ
يُزبِدُ بحْرُهُ
ثمَّ يَعُلُّكَ،
طوبى لودٍّ يُعربدُ . . . لمْ يصْفُ لَكْ
تَحَامَى عليكَ ذئابَهُ كيْ يَقْتُلَكْ
عرَفْتَهُ . . .
نِعْمَ الصَّديقُ
ومن وَرَعٍ كان يجتَثُّ جذرَهُ
يزرعُ آخرَ
في الفَلواتِ البَعِيدهْ
ويَخذِلُهُ . . .
مثْلما خَذلَكْ ! )
في هذا النَّص يُعَبِّرُ الشَّاعر عَن مشاعِر الخِذْلان، فهُوَ الْمُعْتَلُّ / المَعلُولُ بِفِعْلِ خِيانةِ الصَّديقِ؛ الشَّيء الَّذي حَذا بهِ إلى تَجْلِيَّةِ هذا الخِذْلانِ وفَضْحِهِ.
فالصَّديقُ الْعنِيدُ، كمَا حلم الشَّاعر سُرعانَ ما يَخْذِلُهُ، فَيُصَابُ الشَّاعرُ بالْخَيْبَةِ ، فبِتَوَسُّلِهِ أسلوبَ الْمدْحِ " نِعمَ الصَّديقُ".يجلي لنا حالة الصديق غير المأمون الجانب/ المتقلبِ، المحكومِ بهوى المصالحِ.
يقول :
ومن وَرِعٍ كان يجْثَثُّ جذرهُ
يزرعُ آخر
في الفلواتِ البعيدهْ
ويخذلُهُ
مثلما خَذَلَكْ !)
يُعلِنُ عن انْكِشافِ الصَّديق المُخادِعِ، الذي أظهرَ في الْبَدْءِ طلاوَتَهُ وحلاوتهُ ، وكَرَمَهُ بِدَلِيلِ حُضُورِ مفردةِ " الْبَحْرِ"، ص 47.
لا يكُفُّ الشَّاعرُ عن تصْويرِ مشاعرِ الحَنين، التي اغتالتْها الْمحطات والسِّنين، ففِي نص " أكاسيا الْحنين"، ص 51 يكْشِفُ عن أبواب تازة قائلاً:
لتازةَ بَابَانِ:
بابٌ لفَجْرِ المدينةِ تَرْنو
وتصْفعُها الرِّيحُ
حتَّى تئنَّ المساميرَ فيها
يُواسي صَداها الرَّتاجينِ
يَصْطَكُّ من فَرْطِ إبْحارِهِ المرِّ دنُّ،
...
تعبرُهُ مشاعر الحنين، وتتوقَّدُ في قلبه فَيُصرِّحُ بها؛ فَإذا بالحنينِ يبْكِي وينُوحُ، ص 51
فتازة وبابُها الأول؛ حنينٌ وَصبابةٌ، وبابُها الثَّاني، مَنْفَذٌ لِقَلْبِ الْحبيبةِ التي تتُوقُ وترْنُو لطير أليفٍ، ص 52.
يقول :
وبابٌ
لِقلْبِ الحبيبةِ أغنيةٌ لجنائنِ
تَهْفُو لطيرٍ أليفْ
وتبحثُ عن نغمٍ في شوارعَ تغفُو
وينسلُّ من شهْقةِ الرُّوحِ مُزْنُ
فيعلو نخيلُ هواها
يُثَبِّتُ في رَحِمِ الأرضِ نورَ الرٍّتاجِ،
فهي الحبيبة السَّامقةُ الهوى ..
هو المسْكُونُ بِعِشْقِ الْحبيبة، حتَّى جعلَ لها في القلبِ موْطناً بِحَجْمِ عُلُوِّ النَّخِيلِ وسُمُوقِهِ، الموطن الَّذي يجِدُ لهُ جُذُوراً فِي رَحِمِ الْأرْضِ؛ ص 52.
إنَّ الشَّاعر مُلتاعٌ، وبهِ صبابَةٌ، لِذَلِكَ يتساءلُ عن حجْمِ الْخسارةِ والْمُكابَدَةِ جرَّاءَ جفاءِ الْحبيبةِ لِيعيشَ الْمَتاهةَ والْمُكابَدَةَ، ص 52.
يقول:
هلْ كابَدَتْ غَيْمةٌ من تساقُطِ أوْراقِها
في الْخرِيفِ المخيفْ
- مثلَما في المتاهةِ كابَدْتُ -
لما الجَفافُ اعْتراها،
فهُو يُقارِنُ بين حالِهِ وحال الْغيمةِ / والغيمةُ ها هُنا؛ إشارةٌ إلى الشَّجرةِ الوارِفة الْمِعْطاء، الَّتي تفقِدُ أوراقها فِي الْخريفِ الْمُخِيفِ، حِينَ يَذبُلُ العمر ويشِيخُ، فحجمُ خساراتهِ أكبرُ وأفدح، ص52.
هُوَ الْولدُ الطَّريدُ من قبل خُيُولِ الظَّلام؛ لكِنَّهُ ينْتَصِرُ على الْجُرْحِ، ويُلْقِي يِهِ في الْعَرَاءِ، لِكَوْنِهِ لا يكترثُ بالْعَاصِفَةِ، بلْ يَقْتَفِي فِي الْمتاهَةِ أثار أيْلِ الضِّياءْ. إنَّ الشَّاعِرَ هُنَا يبْحَثُ عنْ كُوةِ النُّورِ، يتَحَدَّى العاصفة ( يركبُ العاصفة) ص 53 :
وغَرَّبَ في الْمُدنِ الزَّائفهْ
ولَداً
طاردتْهُ خيُولُ الظَّلامِ مُجنَّحةً
يشحذُ السَّيْفَ بالجرْحِ
ينهشُهُ في الْعراءْ
....
إلى قوله:
يقْتفي في المتاهةِ آثارَ أيْلِ الضِّياءْ
يرْكبُ الْعاصِفهْ ؟ !
فالشَّاعرُ يَعيشُ في المدينةِ سامقا، لا تنال منه الجِراح.
إنَّ الحبيبة هُنا، هي المدينة التي شكَّلتْ هَيْكَلاً لِجُنُونِهِ، ففيها زرَع " أكاسْيا الحنين"‘، فهو الْموعودُ ببابِ لِفَجْرِ الْمدينةِ التي تحْملُ وعْدَ الْغمامةِ للسُّنْبُلة؛ المدينة التي تنتظرُ علامات الخير والْخُصوبة، والحياةِ.
ما بينَ باب الحلمِ / الْفَجْرِ / الغمامةِ الذي يصْفَعُ كل العواصف ويرتمِي بيْنَ أحضان الحياة ..
إنَّ ما اعترى الْمدينة والحبيبة يصْرُخُ في مُهجةِ، وقلبِ الشَّاعر لِيَكْتُبَ صَوْتَهُ ،حنِينَهُ واغتِرابَهُ، متاهتَهُ وقد عبَّر عن ذلك بوضُوحٍ في الصفحات51 -52-53-54-55 .
لينِبعِث نبض الشَّاعر؛ وهو الْمُثقلُ بالْهَوى الْمُتغطرِسِ، فكلما رشَقتْهُ سِهامُ تلك البلاد القريبة البعيدة حيثُ الطُّفولة الْمُتَمَرِّدة، يُعاودهُ الحَنين ويطرقُ بابهُ، لتسلل كل المشاعر التي كانت نائمة في تجاويب الذَّاكرةِ.
يقول :
ثِقي بالهَوى الْمُتَغَطرسِ في مُهْجتي
أنَّني أرتوي من حيَاضِ البلادِ التي دمَّرت
جنَّتِي أمدا، ثم تغمرني غيمةٌ تستظلُّ
بريحانة
إلى قولــه :
وتحضنني نشوةٌ عذْبةُ الرعشات
تُفاجئني نَبضاتي بألاَّ
انبعاث لقلبي إلاَّ على أرضكِ الخالدهْ..
ولأنَّ الشَّاعر مسكُونٌ بتجلياتٍ كثيرةٍ، فقدْ كشفَ عنها في نص بعنوان : " تجلياتُ الْوجه المقنَّع"، والتي استغرقت الصَّفحات من 39 إلى 47؛ وهي على التَّوالي: ( تجلِّي الشِّغاف - تَجَلِّي النَّديم- تَجَلِّي الْعَطش- تَجَلِّي الذِّئابِ- تَجَلِّي الْخِذْلانِ)؛ ففي تَجَلِّي الشِّغافِ ص 39؛ يستبدلُ الشَّاعرُ معجم العراء الْمُتَآكِلِ نيْفلوراً فوَّاحاً، هاتفاً بِأغاني الشِّغافِ ..إذْ يُمَجِّدُ الْكلمة المُسْتهامةَ، ويَصْهلُ فِي وَجِهِ الظَّلامِ ؛ فهو لا يَحِنُّ إلَى اللَّحظاتِ الذَّابِلةِ، فيكُونُ تَجَلِّيهِ أغاني وصهيل متُجَددٍ، فرَوحه مُضمَّخة بالصَّهِيلِ؛ يُخاطِبُ الْكلمةَ بِثِقةٍ، يُبَجِّلُها ويُمَجِّدُها.
يقول :
لكِ الْمَجدُ أيَّتُها الكلمة المُسْتهَامَةُ،
هذا دَمي
يرتقِي في الظَّلامِ جبالاً مُضمَّخةً بالصَّهيلِ، لِيُعْلِنَ عن سُمُوقِ رُوحه ودَمِهِ وعدمِ اعترافهِ باللَّحظات العاتية، إذْ لَهُ الْقُدرةَ والطَّوْل علَى هَزِيمَةِ الصِّعَابِ.
وفِي تَجَلِّي النَّدِيمِ ، يُعَاقِرُ كأساً، فيرْكبُ الْجُنُون ويُسافرُ عبرَ الذَّاكرة لمرافئ الطُّفولةِ.
فَفِي هذا النص، يستدعي الشَّاعر شخصية النَّديم، الَّذي يتَجَلَّى في لَحْظَةٍ مسائيةٍ حالمةٍ، يُجَلِّلُها الْبُعْدُ الصًّوفي، فالنَّديمُ يُصْبِحُ مِرْآةً عاكِسَةً لِذاتِ الشَّاعر، الَّتي تَعِيشُ لحظةَ عِشِقٍ وَصَفَاءٍ: ( إنَّهُ نص يكْشِفُ عن التَّجربةِ الرُّوحيةِ الْوِجدانيةِ للشَّاعرِ )، وكيفَ يَعيشُها بكُلِّ عِشْقٍ وكلفٍ.
أمَّا في نصِّ " أكَاسْيَا الْحنين" ؛ ص 51 يُعَبِّرُ الشَّاعرُ عن حَنِينِهِ لِلْمكانِ؛ من خلالِ التَّوسُّلِ بِرَمْزِ شجرة " الأكاسْيا "، إذْ يُمْطِرُهُ الْحنِين ذِكْرياتٍ، تتراوحُ بينَ الْعِشْقِ والإعْلانِ عنْ مُجابَهَتِهِ للْعاصِفَةِ ،إذْ يَرْكَبُها بقلبٍ صَامدٍ، لا يخشى خُيول الظَّلامِ المُجَنَّحة، ص 53.
في هذا النَّص حضور" شجرة الأكاسيا" ، لم يُوظَّفْ بِشَكْلٍ عَبثِيٍّ، إنَّما لِمَا تتميَّزُ بِهِ هاتهِ الشَّجرة من صُمُودٍ ومُقَاومَةٍ.
حَيْثُ نَجِدهُ يسْتَحْضِرُ فضاء " تازة "، التي شكَّلت تَجَاربهُ العاطفية؛ فهو الْوَلدُ الَّذي كابَدَ من الْاغترابِ في الْمُدُنِ الزَّائفةِ.
يعمدُ الشَّاعرُ إلى تجلية مشاعر الحنين، والعشق قائلا:
وبابٌ
لقلب الحبيبةِ أغنيةٌ للجنائنِ
تهْفُو لطيرِ أليفْ
...إلخ.
مشاعر الشَّاعر شطحاتٌ صُوفيةٌ، في حَضْرةِ يومْ الأَخْذِ، يستبدُّ بهِ الْهَوى الخَارقِ، والقوافي اللَّذِيذة؛ ص 56 / نص " ظهيرةُ يوم الْأَخْذِ ".
هو الْمَأْخُوذُ بالضِّياءِ، والظِّلالِ الْمُمْتَدَّةِ، ص 56، لذلك نَجِدهُ يتَساءَلُ في نِهايَةِ هذا النَّص عن الشَّطْحِ وطُقوسِهِ والنَّسك ص 58.
هلْ يبْدَأُ الشَّطْحُ
- مُنفلتاً منْ مغارَتِهِ - في الرَّوابِي
لمَ النَّسْكُ أجْملُ في الدِّيرِ يَحْرُسُهُ
الشِّعْرُ والعُودُ والظَّبيَةُ الْعاشِقهْ؟
إنَّ الشَّاعرَ " علال الحجام"؛ عِنْدَما تَجْلِدُهُ سياطُ الْبَوْحِ، والْعِشْقِ لا يَتَرَدَّدُ في الاعتِرافِ، فَفِي نص " أرخبيل الملكة" ، يُنَاجِي الملكة / المعشُوقة / الحبيبة؛ فتتحوَّلُ لُغتهُ إلى اسْتعاراتٍ وانزياحاتٍ ‘ فجدارُ القلبِ والرُّوح يرِقُّ، فترقُّ المصابيح، وتتحوَّلُ المتاهات إلى نَهْرٍ فيَّاضٍ من الشِّعرِ، ويُجَيِّشُ كل جنُوده لِتنسكبَ عِشْقاً فِي حَضْرَةِ الْملكةِ / الآسِرةِ، ص 67.
حينَ يزهرُ هَمْسُك في مسْمعي
تُورقُ الرِّيَبُ
والجِدارُ يَرِقُّ، تَرِقُّ الْمصابيحُ
مجدا ... على غيرَ هَدْيٍ
فغوايةُ الملكة، تبعثُهُ أملاً، ويتحولُ إلى بُلْبُلٍ رَاقِصٍ، وحضورها يبعثُ في قلبهِ العاشق الحياةَ.
وقد وظَّف معجم الطَّبيعةِ الَّتي سيَّجت لحظات الْعِشْق، وجعلتهُ يربُو ويَزْدَهِي؛ فَها هي الْقبَّرة تبنِي عُشَّها بِبُخُورِ الْحنان فوقَ سُرَّةِ صَفصافةٍ لم تشخْ قطُّ ، ص 70.
فأرخبيلُ الملكة الْعِشقي، لم يَكُنْ يتيماً، بل شهد ت على قصائد الْوجْد ( سُرَّة صفصافة ومواويل الرِّياح ..)؛ إنَّهُ أرخبيلٌ ضاجٌّ بالْحياةِ والْعُنْفُوانِ؛ وهذَا ما تُؤشِّرُ عليهِ الْعبارات الآتية : (( بَذَرَتْ وَعْدَها- يُمْطِرُ البِيدَ عُشبا- يتدفَّقُ شلال نور ...الخ)).
وأختم هذه الوقفة مع هذه النُّصوص الشِّعرية، الحُبلى بالجمالِ والشِّعر بقولي:
لقد آنست منك شعراً
تغارُ منهُ الْحِسانُ
وتتزَنَّرُ به الأقاحي
والْجِنَـــانُ
وفراشات البستان
فتعزفه العاشقات
مقامات صَبابة
وتشدو به مزامير
الرُّعاة في حضرة
الغدير الفتَّـان،
فاصدع بشعرك
لتمطر أرض
العطشى
وديان محبَّة
وينثر الريحان
في كل مكان،
أيها النَّاسك المُتيم
في حضرتك تتزنر
الأرواح
في مدراتهك
عشق ..جنونٌ
وم،ـدام ..
وشعر مظلل
بالغمام
تحرسهُ مظلة السَّنا
والضِّياء
وتُجوِّدُهُ أحرف
من روحٍ شاعر
ولهان ..
#سعيدة_الرغيوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟