أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - محمد العامري - أزمة اليسار العربي















المزيد.....

أزمة اليسار العربي


محمد العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1805 - 2007 / 1 / 24 - 12:21
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


ما الذي أدى باليسار العربي الى هذا المنحدر الخطير ، والشلل والعجز شبه الكاملين ؟ أهي عوامل ذاتية أم ظروف موضوعية ؟ وما الذي جعل غالبية الأحزاب الشيوعية والماركسية في البلدان العربية تتراجع الى الدرك الأخير ، بعد إن كانت في يوم ما هي الطليعة ، وكانت سوح النضال والمنجزات الوطنية والجماهيرية حكراً لها دون منافس ؟
عندما نحاول تفكيك اليسار العربي ونضعه على طاولة التشريح ، يتضح لنا دون أدنى شك إنه يعاني اليوم من حالة سلبية ومرضية تفاقمت خلال العقود الثلاثة الأخيرة التي آلت به الى الحالة المأزومة التي عليه اليوم . وبدلاً من أن يتجدد ويتطور، نراه يتمسك بشعارات ومفردات وحتى تحليلات كانت قبل خمسين أوستين سنة صحيحة ، غير إنها لم تعد كذلك اليوم . ومازالت الوثنية الفكرية والضحالة المعتقدية تكبل غالبية أحزابه وتضعف مؤسساته ، الأمر الذي جعل حالة العجز تمتد لسنوات طويلة .
ربما يستشف المتابع من هذه المقدمة بأن هناك حالة ميؤوس منها ، أو ان اليساريين قد عجزوا عن أيجاد الحلول ، أو ان اليأس والإحباط قد التف على رقبة اليسار .
طبعاً لا ، فباسطاعة اليسار تجاوز محنته وأزمته ، ولكن كيف نأتي بالحلول ونحن مازلنا نتهرب من الإعتراف بأمراضنا ونخجل من تشخيصها . وكيف لنا تجاوز هكذا محن وأزمات مزمنة إذا لم نقر بأن هناك قصور في الوعي ، وهناك أوهام ناجمة عن الجمود العقائدي والوثني ، وهناك خلل كبير وخطير وانحرافات تميزت " بمظاهر وظواهر أضفت طابعها السلبي على مجمل مسيرة اليسار في البلدان العربية ".
وبما أن الفكر الماركسي"لا يمكنه أن يقف مشلولاً حيال مثل هذه الأزمات دون أن يتابع رصدها " فالأحزاب الماركسية ، بل وكل اليسار في البلدان العربية ، بحاجة الى تجديد ، والتجديد بحاجة الى رصد المظاهر السلبية " التي سمح لها ان تتراكم حتى باتت تضرب في العمق الى أن توقفت حركة التطور لسنوات عدة مما أدى الى عجز هذا اليسار عن القيام بإنجاز مهام المرحلة التاريخية " وانعكاس هذه الحالة التراجعية سلباً على مجمل حركات التحرر الوطني وشلها بالكامل . والأزمة الكبيرة التي تمر بها غالبية أحزاب اليسار العربي تستدعي التدقيق في النشوء وتتبع التطور التاريخي لها ، لكي تتعرف على أفضل السبل والحلول لهذه الأزمة ، وان تتلمس واقعها وموقعها من هذا العالم الذي هي جزء منه ، وتدقق في مراحل ماضيها ، وتستفيد من تجاربها وتجارب الآخرين .
لكن الراصد سرعان ما يكتشف ان معظم اليسار العربي لم يفق بعد من سباته الطويل ، وما زالت تعشعش في عقول الكثير منهم أحلام النصف الأول من القرن الماضي، وهناك هواجس توسوس وتدغدغ عواطفهم وأحاسيسهم بأن لينين المنتظر سيخرج من جديد حاملاً لواء الثورة ، ليخلصهم من الرأسمالية ، ويحرر لهم أوطانهم ، ويسلمهم مفاتيح الفردوس ، ويزيح عنهم كاهل النضال .
لقد تكيفت هذه الأحزاب على الحالات السلبية والإتكالية ، ولم تكترث لما يدور حولها من تطورات ومتغيرات سريعة وأحداث جسام ،حتى بات دورها مقتصراً على "ردود الأفعال"، ولم تستطع كسرحواجز هذا الإطار وتجدد وعيها ليتلاءم مع التطورات السياسية والفكرية لكي " ترتقي الى درجة الفعل الثوري القادر على التعامل مع الواقع " .

إذاً ما العمل ؟؟

لن " تقوم لنا قائمة " كما يقول العراقيون ، إذا لم نتخلص من الإتكالية ، ونسارع بالعمل الجاد والتفكير الواعي لإنقاذ أنفسنا من هذا المنحدر ، أو إن لم نبدأ بعملية تجديد أفكارنا ومفرداتنا وخطابنا كي نستطيع أن نمتلك زمام الأمور ، أو إن لم نبدأ بتفكيك مفاهيمنا ومفرداتنا من أجل تجديدها لنمتلك زمام عملية الوعي .
ولكن كيف لنا أن نمتلك زمام عملية الوعي والمعرفة التي هي أساس التطور والتجديد ونحن مازلنا نبحث في قشور الماضي ونلوك ونجتر مفردات ومقولات لم تعد نافعة اليوم ، دون ان نجهد أنفسنا ولو بقليل من البحث العلمي لنكتشف بأن ماجاء به ماركس وأنجلز وهيجل وكانت وأبن خلدون والفارابي وأبن رشد وغيرهم من المفكرين والفلاسفة ليس من وحي منزل من الآلهة ، بل هي خلاصة ماقاموا به من دراسات وتحليلات لمن سبقوهم . وما أروع ما قاله إنشتاين " نحن نقف على أكتاف العمالقة " .
والمتابع للتراث الإنساني يرى أن كل جيل من المفكرين يحاول أن يجدد ويطور فلسفات وأفكار الأجيال التي سبقته . وما توصل اليه ماركس بمساعدة أنجلز هو إستقراء وإستنتاجاً وتطويراً لأفكار وفلسفات جاء بها الأولون . ولا أعتقد أن ماركس قد رضي ان تتحول مجمل أفكاره وبحوثه العلمية الى نصوص مقدسة يحرّم التقرب منها أو المساس بها ، وأعني هنا تجديدها وتطويرها تماشياً من التطور الهائل الذي يمر به المجتمع البشري . ولا أعتقد أن يقبل لينين ان يكون هو المرشد الأعلى للشيوعيين في العالم ، وتتحول مقولاته الى فتاوى مقدسة تطبق وجوباً .
اليس الماركسية تقول ان التطور يأتي عن طريق تجديد الجديد ، وحتماً سيكون هذا الجديد قديماً لأن هناك جديداً جديد سيأتي - هذا هو" الديالتيك " على حد معرفتي . لكن المشكلة التي يعاني منها اليسار العربي هي " الإيمان الأعمى الذي يعتبر الجديد جديداً دائماً ولا تسري عليه قوانين الطبيعة" مما يؤدي الى التراجعات والتخلف والأصولية السلفية، كما هي حال الكثير من الأحزاب الشيوعية العربية التي لن يمر عليها أي تجديد. ويمكن إيعاز ذلك الى تأثير الحزب الشيوعي السوفيتي آنذاك على الغالبية من الشيوعيين العرب بما فيهم الشيوعيين العراقيين , حيث أصاب الجميع الشلل نتيجة للجمود العقائدي والفكري . لأن فقهاء الحزب الشيوعي السوفيتي " السلفيين " نصبوا أنفسهم مرجعيات تقليدية أصولية على معظم الأحزاب الشيوعية والماركسية في العالم الثالث وخاصة العالم العربي .
المشكلة ، أن الكثير من الأحزاب الشيوعية والماركسية في البلدان العربية ما زالت تدافع عن التجربة السوفيتية و " المنظومة الإشتراكية " بالرغم من إنها تجربة مسيئة ومشوهة للماركسية والإشتراكية. وولادتها لم تك ولادة طبيعية حسب تسلسل مراحل التطور التي جاءت بها النظرية الماركسية .
فالإجتهاد الذي جاء به لينين أثناء قيادته ثورة أكتوبر عام 1917 في روسيا [ من الممكن القيام بثورة ، وبناء الإشتراكية في بلد واحد ] هي فكرة ليست من صلب الماركسية وليس تطويراً لها ، وإنما أراد من خلالها أن يخلص روسيا من براثن التخلف والجهل والفقر ، وتطبيق نموذج الإشتراكية الموعودة التي كانت في مخيلة ماركس ، ولم يدر في خلده أنه سيصطدم بالواقع الروسي ، والتطور الرأسمالي السريع والمذهل في أوروبا . ولم يتوقع إنه حين إختصر مراحل التطور نحو الإشتراكية والقفز عليها سيؤدي الى فشلها .
في الحقيقة كان ماركس يتوقع ان تبدأ التغييرات في البلدان الأكثر تطوراً مثل بريطانيا والمانيا ، وليس في بلدان متخلفة .. ولكن ماذا سيقول ماركس عندما يسمع أن الإشتراكية تم تطبيقها في اليمن وأفغانستان والصومال ومثيلاتها !!
هناك الكثير من الأحزاب الشيوعية والماركسية في بلدان أوروبا الغربية ، ساهم مفكروها بإغناء الماركسية وتطويرها ، ويعتبرون الرأسمالية تطور طبيعي لمسيرة المجتمع البشري ، والنضال ضدها والقضاء عليها ليس بثورة العنف وتغيير كراسي الحكومات من رأسمالية طبيعية الى إشتراكية مشوهة مثلما اقدم عليه ستالين ومعظم قادة " المنظومة الإشتراكية " ، وإنما عن طريق النضال السلمي والتدرج الطبيعي للعملية الثورية التي تنجم عن تفاعل المجتمع البشري . فخطوتان الى الأمام وخطوة الى الوراء ، وتليها ثلاث خطوات الى الأمام وخطوة الى الوراء ، وهكذا يتجدد الجديد ويستمر التطور وتستمر الحياة .
فماذا لو أخذت الأحزاب الشيوعية والماركسية في البلدان العربية هذا المنحى الجديد وتهيئ نفسها لإعادة النظر في تراثها " الماركسي " وتحاول تجديد مفاهيمها وتحليلاتها وتخرج لشعوبها بوعي جديد يتواءم مع التطور العام ، وتقود مجتمعاتها نحو الحرية والديمقراطية .
ربما سيستشيط علي غضباً بعض الكلاسيكيين الذين يعتبرون ما أطرحه اليوم هو الإنحراف بعينه عما هو متعارف عليه من التراث الماركسي التقليدي . لقد تلمست أثناء متابعاتي للكثير من الكتاب والمحللين والنقاد في هذا المجال أن هناك شعور بالحرج أو ربما بالخجل أثناء التطرق والمساس بما هو مألوف وتقليدي ، الأمر الذي جعلنا نتردد ألف مرة إذا ما حاولنا أن نخطو خطوة الى الأمام . يعنى ذلك نحن مازلنا نخشى التغيير والتجديد . ولهذا لم يظهر لنا أو يبرز فلاسفة ومفكرون ومنظرون مرموقين على المستوى العربي والعالمي لتسترشد بإنجازاتهم البشرية. وهذا ليس دليلاً على ان مجتمعاتنا قد أفرغت من العقول ، فشعوبنا لا تختلف عن الآخرين ، وتراثنا يدلنا على ذلك . ولكن هناك عوائق كثيرة غير التي ذكرتها أدت الى أنزواء أو اختفاء أو تجميد العقول ، أهمها القمع السلطوي أو القمع الديني أو القمع الذاتي .



#محمد_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة العراقيين مع اليسار العربي
- الشريعة الإسلامية حقيقة أم وهم 3
- الشريعة الإسلامية حقيقة أم وهم 2
- الشريعة الإسلامية حقيقة أم وهم
- 2(خرافة (حكومة وحدة وطنية
- -خرافة -حكومة وحدة وطنية
- لا ترجموا هذا الشيطان
- محجبات بني عبس
- ورطة النظام السوري في قضية شاكر الدجيلي
- لايمكن تطبيق -الشريعة الإسلامية- في العراق 1-2


المزيد.....




- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...
- إسرائيل تؤكد استمرار بناء الميناء العائم بغزة وتنشر صورا له ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - محمد العامري - أزمة اليسار العربي