أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسان الجودي - خمسة جراح في نرجسية الإنسان














المزيد.....

خمسة جراح في نرجسية الإنسان


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 8319 - 2025 / 4 / 21 - 12:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يظهر لنا أنه منذ ملحمة جلجامش، بدأ الإنسان يعتقد أنه محور الكون، وأنه لا شيء يتفوق عليه أو يحدّ من قدراته.
في تلك الملحمة القديمة، جاهد جلجامش، الملك الذي ثلثاه إله، من أجل الخلود، وواجه الطبيعة بكل عنفوانه، محاولًا أن يثبت أنه أكثر من مجرد كائن مادي.
كان جلجامش في ذلك الوقت رمزًا للمركزية البشرية، حيث اعتقد أن الإنسان هو القياس لكل شيء، وأن قوته وعقله قادران على تغيير مجرى الأحداث والطبيعة نفسها.
وعبر العصور المتلاحقة، انتقلت هذه الفكرة من المعابد إلى الفلسفة، ومن الأساطير إلى العلوم، متحولة لكنها باقية في جوهرها: الإنسان سيد المشهد.
في بداية القرن العشرين، أعلن سيغموند فرويد أن نرجسية الإنسان قد تلقت ثلاث ضربات موجعة.
الأولى، حين جاء كوبرنيكوس ليزعزع موقع الأرض من مركز الكون.
لم يعد الإنسان محور الوجود، بل عابر على هامش دوران لا مرئي.
الثانية، حين كشف داروين أن الإنسان ليس كائنًا متفرّدًا، بل حلقة في سلسلة تطورية تربطه بالحيوانات، لا بالملائكة. لا خَلق خاص، بل استمرارٌ لحيوات سابقة أكثر بدائية.
الثالثة، حين ظهر فرويد نفسه ليقترح أن الوعي ليس سيد النفس،
وأن الجزء الأعظم من قراراتنا ودوافعنا ينشأ في مكان مظلم، خلف جدران اللاوعي.
كانت هذه الضربات الثلاث كافية لزعزعة صورة الإنسان عن نفسه. لكن رحلة الإنسانية لم تتوقف عند تلك الجروح الثلاثة.
**
قد يضيف التأمل في العصر الحالي، جرحين نرجسيين آخرين:
الجرح الرابع هو الذكاء الاصطناعي الذي جاء من رحم الشيفرات والمعالجات الدقيقة. كائن لا ينام، لا يتذكّر بطريقة البشر، لكنه يتعلم، يحلل، يبدع. و ها هو الإنسان يُنتج شيئًا لا يُشبهه، لكنه يتفوق عليه في المهام التي طالما اعتبرها جوهر إنسانيته:
الفهم، الحساب، الكتابة، المحاكاة، وحتى الابتكار الذي كان آخر قلاعه. لم يُعد الإنسان الوحيد الذي يُفكر ويبدع. ولم تعد عقلانيته ميزته المطلقة.
الجرح الخامس، وهو أقل نظريةً، وأكثر دمًا، يتشكل من تناقضات الإنسان مع نفسه.
إنه جرح الحرب، والقدرة على التدمير الشامل. لم يأتِ من الخارج، بل من داخل الإنسان نفسه. ففي الوقت الذي كان يخترع فيه دواء السرطان، كان يصنع قنبلة قادرة على محو مدينة. في اللحظة التي صاغ فيها حقوق الإنسان، كان يُشرف على معسكرات الإبادة الجماعية.
هذا الجرح في الحقيقة لا يُزعزع ذكاء الإنسان ، بل ضميره، ويقول له: أنت الخطر، لا الطبيعة!
****
خمسة جراح، لم تُنهِ الإنسان، لكنها أخرجته من صورته المثالية.
وربما تنتظره جروح أخرى، مع كل اكتشاف جديد يكشف حدود قدراته ووهم مركزيته.
المسألة ليست في العودة إلى ما كنا، بل في فهم ما لم نعده، وإعادة تعريف إنسانيتنا من جديد.



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاضي الجلاد
- قصة خيال علمي عربي
- من بعيد، من قريب
- الجمال واللاعنف والشعر الرديء
- فان غوغ والاعجاز الفني /الاعجاز العلمي في الأديان
- شطرنج في مدينة حمص
- لماذا نحن هنا؟ #مسرح_اللقطة_العبثي
- روى جلجامش-#مسرح_اللقطة_العبثي
- البيضة وحمص والمتاهة السائلة
- نفي الذكورة!
- #مسرح_اللقطة_العبثي إنقاذ كوكب الأرانب
- #مسرح_اللقطة_العبثي حبة بطاطا
- مسرح اللقطة العبثي 4
- مسرح اللقطة العبثي 3
- مسرح اللقطة العبثي
- نصوص دون زمن
- درويش وديدو
- اللطف في مدينتين في هولندا
- مسرح اللقطة العبثي 1
- مسرح اللقطة العبثي 2


المزيد.....




- مستوطنون إسرائيليون يحاولون تهريب قرابين إلى المسجد الأقصى ( ...
- بعد مرور 130 عاما.. الجمعية الوطنية الفرنسية ترقي ضابطا يهود ...
- الشيخ ماهر المعيقلي إماما وخطيبا لصلاة عيد الأضحى بالمسجد ال ...
- ماما جابت بيبي.. أسعدي طفلك تردد قناة طيور الجنة بيبي نايل س ...
- متظاهرون يهود في باريس من أجل وقف -الإبادة في غزة-
- “أغاني طوال اليوم” ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 على الأقمار ...
- “موعد عيد الأضحى المبارك 2025 يقترب.. أيام معدودة تفصلنا عن ...
- أول تعليق من نتنياهو بعد الهجوم على الجالية اليهودية في كولو ...
- -محمد صبري سليمان-.. كشف هوية منفذ الهجوم على مسيرة لليهود ب ...
- السعودية تطلق مبادرة لتصحيح تلاوة زائرات المسجد النبوي


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسان الجودي - خمسة جراح في نرجسية الإنسان