|
المجزرة القادمة, تنبؤ من 2012 عن مجازر الساحل السوري.
اسكندر أمبروز
الحوار المتمدن-العدد: 8317 - 2025 / 4 / 19 - 16:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في عام 2012 قام سيمون ادامز مدير المركز العالمي لمسؤولية الحماية او Global Centre for the Responsibility to Protect الخاص بمسؤولية حماية الأقلّيات من التعرّض للمجازر وجرائم الحرب, بكتابة مقال يقرأ فيه الأوضاع الجارية في سوريا آن ذاك, وبشكل يدعو للانبهار كان قد نبّه لما يحصل في سوريا اليوم قبل أكثر من عقد من الزمن, حيث يبيّن هذا المقال والتحذيرات التي يحتويها مدى عمق ووضوح الصورة الطائفيّة للشعب السوري أمام العالم أجمع حتى منذ الأيام الأولى للأزمة والحرب الأهليّة السوريّة, ولكن لن أطيل عليكم في هذه المقدّمة واليكم نص المقال الذي قمت بترجمته وطبعاً رابط المقال الأصلي موجود في النهاية.
// في اجتماعٍ استضافه متحف الولايات المتحدة التذكاري للهولوكوست في واشنطن مؤخرًا، أطلق بيتر دبليو غالبريث، السفير الأمريكي السابق الذي شهد التطهير العرقي في يوغوسلافيا السابقة، تنبؤًا مُرعبًا. قال: "من المرجح أن تكون الإبادة الجماعية القادمة في العالم ضد العلويين في سوريا".
قبل بضعة أشهر، بدا الحديث عن مجازر محتملة ضد العلويين، الذين يُهيمنون على حكومة بشار الأسد في سوريا، أشبه بدعايةٍ مؤيدةٍ للنظام. أما الآن، فقد أصبح احتمالاً حقيقياً.
لأكثر من عام، ترتكب حكومة الأسد جرائم ضد الإنسانية في سوريا. وبينما تُكافح من أجل البقاء في شوارع حلب ودمشق، يتزايد خطر الأعمال الانتقامية الجامحة ضد الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد والأقليات الدينية الأخرى في سوريا يوماً بعد يوم.
بعد صعود حافظ الأسد، والد الأسد، إلى السلطة عام ١٩٧٠، تحوّل العلويون من أقلية مضطهدة إلى قوة مسيطرة داخل الجيش والحكومة. وبفضل نظام امتيازات مشابه لتلك الموجودة في الأنظمة الديكتاتورية الأخرى، استقطب الأسد الأب أقليات دينية وعرقية أخرى إلى فلكه السياسي، بينما سُحقت تمردات الأغلبية السنية، مثل تمرد حماة عام ١٩٨٢، بلا رحمة.
عندما وصل الربيع العربي إلى سوريا العام الماضي، أعاد إلى الأذهان عداوات كامنة لعقود. كانت حركة الاحتجاج غير طائفية بشكل صريح، وجذبت سوريين من جميع الطوائف. لكن في نظر الحكومة، كانت المعارضة مجرد جبهة سنية تسعى إلى الإطاحة بعائلة الأسد وإنهاء الحكم العلوي.
لقد عمّقت أفعال الحكومة السورية الانقسام الطائفي. فمع تحول القمع العنيف للاحتجاجات إلى تدمير القرى التي تسيطر عليها المعارضة، انتقلت الحكومة من استهداف المعارضين الأفراد إلى فرض عقوبات جماعية على أحياء بأكملها. وتعرضت المناطق السنية للقصف بالمدفعية والدبابات، ونفذت ميليشيا الشبيحة الموالية للحكومة، المكونة في معظمها من العلويين، مجازر وحشية بحق الرجال والنساء والأطفال. وكانت غالبية الضحايا من المدنيين السنة.
مع اشتداد وطأة الحرب الأهلية، يلجأ الأسد بشكل متزايد إلى الاستعانة بمصادر خارجية للقيام بالأعمال القذرة. ففي دمشق، تُسلّح الحكومة مجموعات ميليشيات في المناطق الدرزية والمسيحية والشيعية. وبينما تُبرّر هذه الميليشيات بـ"الدفاع عن النفس في الأحياء" وحماية المواقع الدينية، فقد ظهرت الشبيحة بطريقة مماثلة قبل أن تصبح فرق قتل تابعة للأسد. وبجرّها المسيحيين والدروز والشيعة والعلويين إلى الحرب الأهلية على أساس طائفي صريح، ضمنت الحكومة السورية تقريبًا أعمالًا انتقامية ضد هذه الطوائف في حال سقوط الأسد.
في الواقع، مع تحول الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية إلى حرب أهلية، تغيّرت التركيبة الأيديولوجية للمعارضة. لا يزال شعار الجيش السوري الحرّ قائمًا: "كلنا شعب واحد في بلد واحد". لكن داخل سوريا، أصبح من يهتفون "المسيحيون إلى بيروت، والعلويون إلى التابوت!" أكثر من مجرد عنصر هامشي. فقد وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى حالات أعدم فيها المتمردون جنودًا سوريين وعلويين يُعتبرون متعاونين مع الحكومة.
تقاتل أعداد متزايدة من المقاتلين المتطرفين السنة الأجانب، ليس فقط لتطهير سوريا من الأسد، بل لتطهيرها دينيًا. ونتيجةً لذلك، يخشى العديد من المسيحيين السوريين الآن أن يكون مصيرهم مشابهًا لمصير المسيحيين العراقيين، الذين أُجبروا على النزوح من العراق بسبب الحرب والإرهاب الطائفي. كانت مدينة حمص موطنًا لـ 80 ألف مسيحي؛ أما الآن، فتشير التقارير إلى أن عددهم أقل من 400.
أعاقت ثلاث محاولات من جانب روسيا والصين، باستخدام حق النقض (الفيتو)، محاولات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمحاسبة الحكومة السورية على جرائمها. لكن أولئك الذين اختاروا حربًا بالوكالة في سوريا، والذين يُموّلون الآن المتمردين، لا يمكنهم التهرب من مسؤولية ما سيحدث لاحقًا.
يجب على الحكومات التي التزمت علنًا بالمساعدة في إنهاء معاناة سوريا، بما في ذلك الولايات المتحدة، أن تفعل فورًا أمرين للمساعدة في منع رد فعل عنيف ضد العلويين والأقليات الأخرى. أولاً، يجب عليهم إقناع المعارضة السورية المُتحدة حديثًا بأن الدعم يعتمد على الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي. يجب حرمان الجماعات المسلحة التي تدعو إلى تقسيم سوريا على أسس طائفية أو إقليمية من التمويل؛ ويجب ألا يكون هناك أي دعم على الإطلاق للجماعات المتمردة التي تستهدف العلويين والأقليات الأخرى بأعمال انتقامية أو ترتكب جرائم حرب.
ثانيًا، يجب على الحكومات الخارجية تكثيف جهودها لمحاسبة جميع مرتكبي الفظائع الجماعية أمام المحكمة الجنائية الدولية، بغض النظر عن انتماءاتهم. وهذا يعني أيضًا تخصيص أموال لمراقبي حقوق الإنسان الإضافيين التابعين للأمم المتحدة على الحدود السورية لجمع الأدلة والشهادات للمحاكمات المستقبلية.
لقد شهدت سوريا أهوالًا لا تُحصى على مر تاريخها. لكنها تُمثل ملتقى تاريخيًا للثقافات والأديان والحضارات. الخيار الحقيقي في سوريا اليوم ليس بين العلويين أو السنة، أو بين الأسد وتنظيم القاعدة، بل بين العمل الذي يُمكّن من ارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية والعمل المُكرس لإنهاء الإفلات من العقاب على هذه الجرائم نهائيًا.//
تعليقي على المقال:
يبدو ومن خلال ما تم طرحه أن الكاتب يعي تماماً أن المشكلة في سوريا ومنذ البداية كانت مشكلةً طائفيّة بين رفض السنّة للحاكم العلوي ومنذ ايام حافظ الاسد فقط لعلويّته, ولكن ما فشل في ادراكه او ادراجه في المقال (ان كان يعلم الحقيقة) أن الغلوّ في الاجرام من طرف النظام لم يكن منذ اليوم الأوّل ولم يأتِ عن عبث, بل جاء نتيجةً لتسلسل احداث الاخوان مع نهاية السبعينات وانتهى بإحكام القبضة الأمنيّة مع مجزرة حماه, وأن النظام السوري لم يكن بيوم من الأيّام قائماً فقط على العلويين والأقليّات الأُخرى كما ادعى الكاتب في المقال, وهذا ما يُظهر بعضاً من الجهل في تفاصيل الشأن السوري وهو أمر متوقّع لدى اي شخص من خارج هذه البيئة والمجتمع, على الرغم من فهمه الواضح للسياق العامّ والصورة الطائفيّة الساطعة للسوريين.
حيث أن النظام كان قائماً أيضاً على دعم شبه مطلق من المدنيين والعسريين السنّة, بدئاً من صنّاع وحرفيي حلب وصولاً الى الطبقة الغنيّة في كل من حمص وحماه ووصولاً الى المنتفع الأكبر الا وهو تجّار دمشق, حيث أن هذه الطبقة والشريحة الهائلة من المجتمع السوري لم تخرج في اي مظاهرات ضد النظام في 2011 بل أنّها حاربت معه ودافعت عنه بحكم ارتباط مصالحها ومنفعتها به وبمافيا الاسد شخصيّاً, على عكس الطائفة العلويّة التي لم ينتفع ابناؤها بنفس النسبة والكمّ, حيث استُعملوا جميعاً كأداة او كرأس حربة وكخط الدفاع الأوّل عن المافيا الأسديّة التي عززت الشعور الطائفي لدى ابناء العلويين بحجّة التطرّف السنّي القادم, للدفاع عن آل الأسد والذين ربطوا رحيلهم عن السلطة بفناء العلويين جميعاً! وتعرّضعهم للمذابح وهذا ما شهدناه وهذا ما تنبّأ به المقال المذكور. ولكن ما فشل في قرائته هو طبيعة الاستغلال الأسدي للعلويين بحكم فقرهم وانعدام منفعتهم كطائفة ومناطق وشعب بشيء من آل الأسد على عكس سنّة المدن.
وما فشل في ذكره ايضاً هو وقوف فئات كبيرة من السنّة الى جانب النظام خلال الحرب وارتكبهم المجازر دفاعاً عنه وحتّى اخر لحظاته, مثل ميليشيات الفلسطينيين كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أو ميليشيا جيش التحرير الفلسطيني وغيرها, اضافةً الى استلام الأفرع الأمنيّة من قبل اقليّات اثنيّة ولكنّها سنيّة كفرع الأمن السياسي وهو اقوى الأفرع الامنيّة واعلاها صلاحيّةً في سوريا والذي كان الآمر الناهي فيه من الشركس السنّة متمثّلين بحسام لوقا السنّي, ناهيكم عن المناصب العليا الفاعلة والقويّة بالدّولة من امثال علي مملوك ووزراء الدفاع السنّة وغيرهم من عناصر الصفّ الأوّل وصنّاع القرار الحقيقيين في دولة المافيا الاسديّة. مع ترك المناصب التنفيذيّة الأدنى للإجرام للعلويين, الذين وُضعوا في "بوز المدفع" كما نقول في سوريا أي في مقدّمة الركب وفي الواجهة, وتحوّلهم الى اداة للجريمة مع بقاء الجاني من جميع الطوائف بحكم الولاء للمافيا لا أكثر.
وهذا طبعاً ما خلق حالة الطائفيّة عند الجهلة من السوريين الذين تناسو اليوم وقوف سنّة حلب ودمشق والنُخب والأغنياء مع نظام الاسد, وتناسو تشبيح ومجازر الميليشيات السنيّة من الفلسطينيين والشوايا وغيرهم, وفظائع الأفرع الأمنيّة السنيّة على مدى ال14 عاماً الماضية, وفضّلوا القاء اللوم على من وضعه بشّار الاسد في بوز المدفع للاحتماء بهم من فقراء العلويين, وهو ما بيّنه المقال السابق وهو ما كان واضحاً للجميع ومنذ البداية, فخلط الحقد الديني والغباء السياسي والجهل إضافةً للتسليح عند المعارضة في ذلك الوقت كان لا بد له من انتاج ما نراه اليوم من وصول لتنظيم القاعدة الارهابي لحكم سوريا ونسف وجودها وكيانها بشكل شبه نهائي على ما يبدو.
رابط المقال الأصلي: https://www.nytimes.com/2012/11/16/opinion/the-worlds-next-genocide.html
#اسكندر_أمبروز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وهم الإرادة الحرة وعلاقتها بالمسؤولية الأخلاقية.
-
سرطان حميد وآخر خبيث في جسد الأمّة العربيّة!
-
وصول قافلة بغداد الى دمشق.
-
بدأ المزاد على مقدّرات سوريا, تسليم مرفأ اللاذقيّة لشركة فرن
...
-
لم يتغيّر شيء بسقوط نظام بشار الأسد.
-
ارهابي رئيساً لسوريا !
-
انتصار حماس الزائف.
-
سوريا من القاع الى ثقب أسود.
-
هجوم ماغديبورغ , اختلاف المسببات وتساوي النتائج.
-
وقاحة الدعوة الإسلاميّة.
-
مصائب الفقه الإسلامي.
-
سبب فشل الجيوش العربيّة.
-
إعادة تأهيل جبهة تحرير الشام.
-
الشعب السوري في صحراء الحريّة.
-
ضحايا الاسلام من المسلمين , غزّة كمثال.
-
ثقافة التدليس ومعاداة المعرفة.
-
مصيبة السعي وراء الدوبامين عند البشر , كأس العالم كمثال.
-
مشاكل الفلسفة اللا إنجابيّة , وتقديم لفلسفة أفضل.
-
نظريات المؤامرة حول فرنسا وأفريقيا الغربيّة.
-
هل كانت هناك ايجابيات لظاهرة الاستعباد ؟ طبعاً لا !
المزيد.....
-
حصريًا لـCNN: هل تستطيع إسرائيل الصمود أمام ترسانة إيران؟ وز
...
-
-كتائب القسام- تعلن تنفيذ عمليتين ضد إسرائيل
-
بيان المكتب السياسي حول التطورات الخطيرة بمنطقة الشرق الأوسط
...
-
إيران تنشر فيديو لمراكز أمنية وعسكرية حساسة تنوي استهدافها ف
...
-
الرئاسة التركية تعلق على أنباء عن وجود جزء من أسطول الطائرات
...
-
القوات الإيرانية للمستوطنين: غادروا الأراضي المحتلة فورا فلن
...
-
-معهد وايزمان-.. إيران تدمر -العقل النووي- لإسرائيل (صور + ف
...
-
نائب المستشار الألماني: لن نرفض دعم إسرائيل حال تعرض وجودها
...
-
قلق تركي من التصعيد ضد إيران
-
صنعاء تؤكد دعمها الكامل لطهران
المزيد.....
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|