أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اياد نجم - الرغبة في القتل ما الذي يدفع الانسان الى القتل ؟















المزيد.....

الرغبة في القتل ما الذي يدفع الانسان الى القتل ؟


اياد نجم
كاتب و باحث

(Ayad Najm)


الحوار المتمدن-العدد: 8316 - 2025 / 4 / 18 - 15:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


و ما الذي يجعل القتل مستساغاً الى الدرجة التي نراها في عمليات الابادة الجماعية التي ارتكبها النازيون في اوربا والشيوعيون في روسيا وتلك التي رأيناها في سبرنيتشا و في قمع انتفاضة العام 1991 في العراق و في حلبجة و خلال احداث انتفاضة سوريا و اخيرا في الساحل السوري .

شخص ما تراه يتلذذ بالقتل و البطش يمسك سلاحه ويصوبه تجاه ضحاياه مأخوذاً بنشوة عارمة يقتل ضحيته الاولى ثم لا يزداد الا تعطشاً و رغبة جامحة في القتل فيستمر بالقتل حتى يصبح القتل مهنته متباهياً في كثير من الاحيان بعدد الذين سقطوا ضحايا على يديه ، و في الغالب يبحث هؤلاء عن ادنى سبب لكي يبرروا القتل و حيث لا يوجد مبرر فأن شهوة القتل المستفحلة تؤدي دورها و تدفع للقتل حتى دون سبب بل لأجل شيء واحد هو اشباع تلك الرغبة .

يمكنك ان ترى السادية في إلتماعة اعين اولئك القتلة ، ترى ضحكاتهم الهازئة بالضحايا و نشوتهم المسكرة و احتفالهم على جثث ضحاياهم و محاولات التفنن في القتل .

خلال احداث الساحل السوري كنت ارقب كل تلك المشاهد الفضيعة لعمليات القتل و التنكيل التي قام بها تكفيريون سلفيون يرتدون زي الدولة ، مدفوعين بعقلية انتقامية و ثأرية و خلفية دينية تبيح القتل والتخريب والتنكيل بكل قوة و تغذي كل اشكال العنف ضد الاخر لمجرد انه اخر مختلف .

وبغض النظر عن الاسباب السياسية و الاجتماعية وحتى النفسية و غيرها من الاسباب التي ادت الى تلك الجريمة اود ان اسلط الضوء على عامل مهم جداً ادى دوراً كبيراً في حدوث تلك الجريمة المروعة و البشعة.

لا بد قبل ذلك من قراءة تاريخية لواقع مهم حدث قبل ما يُعرف بالربيع العربي ، حيث حدث تطور مهم على الصعيد الاجتماعي في سوريا وفي غيرها ، لقد كانت الصحوة الاسلامية تسري في تلك المجتمعات مدعومة بالمال المتدفق من الخليج حيث تنتشر اشكال الدعاية و كان ان تلقفت السلفية تلك الصحوة و لونتها بلونها و لم تكن سوريا بدعاً عن ذلك ، حيث تُظهر بعض التقارير عن محاولة السلطة في سوريا غض النظر عن الحركة السلفية و ممالأتها خاصة بعد سقوط نظام البعث في العراق عام 2003 .
حيث استغلت السلطة تلك الحركة وفسحت امامها مجالاً للتدفق تجاه العراق و لتكون ممراً ومعبراً للارهاب و الذي يتابع ما حصل مع ابو القعقاع السوري السلفي سيعرف عماذا اتحدث ، و كذلك للمئات من السوريين الذين دخلوا العراق بصفة مجاهدين قبضوا الثمن في سوريا من نظام صدام قبل دخول الامريكان و دخلوا بصفة مجاهدين ، و ربما كانوا النواة للفعل الارهابي في العراق فيما بعد 2003 و لغاية سقوط الموصل على يد داعش .

لقد كانت آلة السلفية تغذي الطبقات الفقيرة في سوريا و تتوغل داخلها اجتماعياً و ترسم الخطوط لما سيكون و هكذا حدثت الانتفاضة في سوريا التي استمرت لحين سقوط نظام الاسد الذي مارس بطشاً غير عادي ضد شعبه و اورثهم احقاداً و ضغائن و انقسامات ، و سُقي من ذات الكأس التي ارادها للعراق و شعبه فنال الخزي و الذل و العار .

تعتمد السلفية مقولات مثل الطائفة المنصورة (وهي مقولة محفزة و تمنح معتنقيها الامل ) و الطائفة الحقة و الجهاد ضد اعداء الله الذين هم بطبيعة الحال كل افراد الانسانية و مقولة الولاء و البراء و كل تلك المقولات تنبع من فكرة ومقولة مركزية الا و هي التكفير ، الذي يعني استباحة الاخر دمه و عرضه و ماله .
لقد صنعت السلفية الجهادية من المنتمين لها وحوشاً بشرية سادية تستطعم القتل و تتلذذ به فشيوخ السلفية يمكنهم ان يبرروا حتى افعال الشيطان .

ولا يمكن لنا ان نتجاوز هذه الظاهرة دون الالماع الى تأثير التحولات العالمية والعولمة التي ساهمت في عولمة التيارات السلفية الجهادية التي تستسيغ التكفير و القتل حيث استغلت تلك التيارات وسائل التواصل الاجتماعي في نشر فكرها و سمومها كما استغلت حركة الهجرة لتوطين اتباعها في اوربا و غيرها .

وكما وظفت ادوات العولمة في حركتها وظفت كذلك النقمة المتزايدة لدى الشباب في مجتمعات العالم الثالث سواء على الانظمة الحاكمة او عموم النظام العولمي الرأسمالي الذي خلق فوارق اجتماعية و طبقية هائلة بين المجتمعات و الافراد .

واذا كان السبب الاخير مقنعاً لنا لتبرير التحاق الشباب في دول العالم الثالث فإنه غير مقنع بالنسبة للشباب الذين يتركون اوربا و عيش الرخاء و الرفاهية للالتحاق بداعش و القاعدة ، لكن الاسباب هنا تختلف نوعاً ما فالانزواء و تكوين المجتمعات المنغلقة الذي تعمل عليه القاعدة وداعش وغيرها هو استراتيجية فعالة تشكل ما يشبه المغامرة بالنسبة لهؤلاء الشباب الذين لا يجدون معنى لحياتهم في اوربا ، هذه المغامرة تشكل معنى لحياتهم و تجعلهم يعيشون تفاصيل كل لحظة مع تلك التنظيمات و لكأنها لحظة ممتلئة و تشكل فارقاً و ليس كتلك اللحظات التي تمضي مملة و دونما تحقيق شيء ، فالمغامرة في جزء منها هي اكتناف للمجهول و انطوائها على الصعوبات هو ما يكسوها بالجاذبية وهي تشكل جزء من الثقافة الغربية (اي روح المغامرة) التي تجلت أبان عصر الاستكشاف و الاستعمار .

و اذا حق لنا ان نكشف عن الجانب المظلم في امر تلك الحركات الجهادية فإن الانصاف يجعلنا نؤشر الرغبة في الابتعاد عن المادية و نبذ بهرجها و العودة الى حياة الروح و سكينتها الذي دفع كثير من المنتمين لتلك الحركات ، و لعل العيب ليس في قدرة تلك التنظيمات على جذب الشباب بل في كساد بضاعة تيارات الاعتدال التي لم تستطع ان تقدم نموذجاً بديلاً قادراً على استيعابهم بدلا عن الزج بهم في محارق الطائفية و التكفير .

و اذا كان بعض مفكري الغرب بل ان احد اهم رهانات الحداثة الغربية هو التبشير بأفول الدين واضمحلاله فإن تهافت بعض المنتمين لتلك الحركات على تنفيذ العمليات الانتحارية هو مؤشر على ان رهان الحداثة رهان خائب و الامر ليس قضية يمكن اعتبارها ظاهرة قليلة التأثير بل انها ظاهرة جديرة بالقراءة و الدرس و الاستخلاص كونها ظاهرة بما تعنيه كلمة ظاهرة .

و لا يمكن بحال الاشارة الى السلفية الجهادية دون تطبيق ما قلناه على الغرب ، اذ ان صعود تيارات اليمين المتطرفة تعكس ايضاً رغبة خفية في اقصاء الاخر و قتله ومحوه من التاريخ والوجود ، اذ لولا قوة إنفاذ القانون في الغرب لكانت تلك التيارات تأكل مجتمعاتها كما فعلت بنا تيارات القتل والتكفير والهجرة .

لقد عشنا في العراق اسوأ تجاربنا مع الاحتلال الامريكي حيث كان العراق مستباحاً تماماً من قبل آلة القتل الامريكية و يعرف العراقيون عما اتحدث حيث ان مجرد الاقتراب من القوات الامريكية بالخطأ كان يعني الموت ليس لمن اقترب ولكن لكل من حوله فآلة البطش الامريكية كانت تطلق الرصاص بمحيط دائري لمجرد استشعارها الخطر و تردي ضحاياها دون ان يرف لها جفن بل ان ذلك مدعاة للتباهي كما حصل مع شركة بلاك ووتر في احدى ساحات بغداد حيث اردت اكثر من عشرة مواطنين قتلى .

وما حصل في سجن ابو غريب شاهد على فضاعة السادية التي تتملك هؤلاء المجندين لحظة السيطرة على احدهم حتى يخرجون اسوأ ما فيهم و يمارسون التشفي مع اسوأ انواع التعذيب بعيون ملتمعة رضا و غبطة .

وهكذا اذن يمكننا رؤية كيف تتراكب الدوافع و المؤثرات لترسم واقعا جديداً يتشكل حيث تصبح الرغبة في القتل (مشروعاً ) او مقدمة لمشروع حضاري يقوم على جماجم المقتولين ظلماً !!



#اياد_نجم (هاشتاغ)       Ayad_Najm#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلادة موقفنا من غزة
- خيارات انبادوقليس
- منبع الالزامية الاخلاقية
- تحليل قوانين الفكر الاساسية و اساسها المنطقي
- قراءة في نص من كتاب الصابئة المندائيين
- اعادة التفكير في قيمنا
- نحن بحاجة الى ...
- اوهام الوطن و الحدود
- ازمة الهويات
- في الوعي والمعنى
- حركة المسيح الاصلاحية
- الديانة الصابئية المندائية
- انا عبوة الديناميت
- نظرية في نشوء الدين


المزيد.....




- استقبلها بتقنية HD .. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على ج ...
- تقرير حول -الإخوان المسلمين-..فرنسا تواجه الإسلام السياسي لا ...
- ضحك ودلع طول اليوم.. نزل تردد قناة طيور الجنة أطفال 2025 على ...
- المملكة المتحدة تدين هجمات المستعمرين على بروقين غرب سلفيت
- اقتحامات بالخليل ودمار جراء اعتداءات المستوطنين غرب سلفيت
- لو عايز طفلك يتعلم ويستمتع في نفس الوقت.. تعرف على أحدث تردد ...
- عراقجي يلتقي رئيس وزراء الفاتيكان
- مسؤولون أمريكيون: الهوة بين نتنياهو وترامب تتسع والتوتر يزدا ...
- وسائل إعلام أمريكية: إدارة ترامب تتهم جامعة كولومبيا بانتهاك ...
- تقرير جديد عن الإخوان المسلمين يضيف الوقود إلى نار معاداة ال ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اياد نجم - الرغبة في القتل ما الذي يدفع الانسان الى القتل ؟