|
لويزا ماريا غونزاليس رودريغيز التناص والكولاج في قصص بارثيلمي القصيرة
محمد نجيب السعد
الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 18:33
المحور:
الادب والفن
ينتمي دونالد بارثيلمي إلى فئة الكُتّاب الأمريكيين المُبدعين والمُثيرين للجدل، الذين لم يتخلوا عن أساليب السرد "المُحاكية" فحسب، بل خاضوا أيضًا تجارب شكلانية أعادت إحياء القصة القصيرة. في كتابها "حالة القصة القصيرة"، تُصنّف سوزان ميرنيت بارثيلمي كأحد الكُتّاب الذين ساهموا في تعريف القصة القصيرة الحديثة، وتُشير إلى أنه ساهم في إحياء هذا الجنس الأدبي على نطاق واسع. وفي السياق نفسه، صنّف تشارلز ماي بارثيلمي من بين أكثر كُتّاب القصة القصيرة ما بعد الحداثة تأثيرًا، والذين يُركزون على عملية صناعة القصص. كما أشاد أخرون بقصصه القصيرة لترويجها مناهج جديدة ومبتكرة ولمعالجتها مشاكل عصر ما بعد الحداثة. وكما أشارت ميريام كلارك فإن قصصه القصيرة، التي تتميز بـالضحالة والتشرذم وإنها إبنة ساعتها ، تندرج ضمن قصص ما بعد الحداثة لأنها تُشكك بالأفكار التي تقول أن الأنسان قادر على فهم نفسه أو إكتساب البصيرة . علاوة على ذلك، تُظهر قصص بارثيلمي جميع السمات التي أرجعها لاورو زافالا إلى القصة القصيرة ما بعد الحداثوية: فهي ليست غير خيطية وفيها إشارات كثيرة لنصوص أخرى ومضادة للتقليد فحسب، بل تبدو أيضًا في طور الإنشاء، بحيث يمكن تجميع مكوناتها المختلفة وإعادة تجميعها إلى ما لا نهاية. علاوة على ذلك، يبدو أن تجارب بارثيلمي الرائدة في بنية السرد تُؤكد رأي نويل هارولد كيلور القائل بأن "الإبتكارات التي حققت من خلالها ما بعد الحداثة نجاحًا أخيرًا في الولايات المتحدة كانت في الشكل والبنية لا في المضمون، وقد برز كُتّاب ما بعد الحداثة بتقديمهم بدائل إبداعية عن الصور الواقعية التقليدية للعالم. على الرغم من أن بارثيلمي كتب أيضًا بعض الروايات إلا أنه حظي بإشادة خاصة لقصصه القصيرة، التي يمكن وصفها بأنها أعمال كولاج أبداعية تستكشف نسيج تجربة ما بعد الحداثة. دفعه شعوره بالتشرذم الثقافي إلى اللجوء إلى القصة القصيرة كأفضل وسيلة لنقل تناقضات الواقع المتغير. ولهذا السبب، تُمثل قصصه القصيرة أزمة الإدراك وضعف الشعور بالهوية الفردية والشعور المسطح وغير الحقيقي بالحياة اليومية في فترة ما بعد الحداثة. علاوة على ذلك، تتميز قصص بارثيلمي القصيرة بإهتمام إبداعي لإستكشاف إمكانيات القصة خارج حدودها . ودفعه خيبة الأمل من أشكال السرد التقليدية إلى إستكشاف تقنيات جديدة لتفكيك أشكال التمثيل التقليدية. وفي تحديه للممارسات التقليدية لخلق المعنى تعكس قصص بارثيلمي جوهر أسلوب ما بعد الحداثة. يُجرّب بارثيلمي الشكل السردي بطريقة تُؤكّد على سيادة الشكل على المضمون، وتجعله الموضوع الرئيسي لأعماله القصصية . يلجأ بارثيلمي إلى الكولاج والتناص كتقنيتين قويتين تُمكّنانه من تسليط الضوء على أن القصة عمل إبداعي وكذلك إلى تفضيل العملية الفنية على حساب العمل النهائي. يُلفت كارل مالمغرين الإنتباه إلى العلاقة التي يُرسيها الكولاج بين العمل الفني والواقع، مُشيرًا إلى أن الكولاج لا يتحدى جماليات المُحاكاة فحسب، بل يخلق أيضًا نظامًا مرنًا فضفاضًا حيث لم تعد هناك حدود واضحة. يرتبط هذا الوصف للكولاج بأفكار غراهام ألين حول التناص. يدّعي هذا الناقد أن قصة ما بعد الحداثة تلجأ إلى التناص لإبراز التوتر بين الخيال والواقع والتحكم فيه. يبدو واضحًا أن بارثيلمي يستخدم كلتا التقنيتين في محاولة للتأكيد على فكرة أن النصوص الأدبية هي قطع مُصنّعة تُلفت الأنتباه الى ديناميكيات الإبداع الفني. وهكذا، يتصور بارثيلمي قصصه القصيرة كمساحات تناصّية معقدة، حيث يعمل الكولاج والتناص على تجسيد المفارقة الميتافيزيقية بين بناء واقع قصصي وكشف هذا الوهم. نشر بارثيلمي حوالي ثمان مجموعات قصصية. تركز هذه المقالة على بعض القصص من مجموعة "ستون قصة" ،التي تضم قصصاً نُشرت بين عامي 1964 و1974. بإستخدام قصص من هذه المجموعة، التي تُقدم منظورًا واسعًا لتطور بارثيلمي ككاتب قصة، سأسلط الضوء على إستخدام الكاتب للكولاج والتناص. فهو يُعيد إستخدام النصوص والتناصية، الأمر الذي يحول المساحة على الصفحة إلى جزء من القصة ويلفت الانتباه إلى المظهر والجوهر المادي للنص. سأُولي إهتمامًا خاصًا بإستخدام الكولاج والتناص كتقنيات واعية تتحدى الأنماط والبنى الإجتماعية والسياسية والجمالية. ومع ذلك، سأُركز أيضًا على الطريقة التي يُمكن بها لكلتا التقنيتين طمس الفوارق بين القصة والواقع وخلق نص مفتوح للغاية . يُساعد هذا الإنفتاح على جذب القارئ بعمق أكبر إلى عالم القصة ويعكس طبيعة الحياة العصرية المُشتتة . تُمثل "شعرية التشرذم " عند بارثيلمي تحديًا جذريًا لبنى السلطة ووجهات النظر الشمولية . في قصصه القصيرة، " تُفسد الأشياء المؤقتة والمتنوعة أي محاولاتٍ جادة وواضحة لخلق التماسك – على مستوى الشكل أم الموضوعة. إحدى القصص التي تُظهر إفتقار بارثيلمي إلى الحبكة المتماسكة والمتكاملة، أو بوجهة نظرٍ واقعيةٍ مُسيطرة، هي قصة "يوجيني غرانديه". هذا الكولاج اللفظي، المُكوّن من خمسة وعشرين قسمًا مُنفصلًا، هو مُراجعةٌ لرواية بلزاك التي تحمل العنوان نفسه. يُركز النص المُستعار على يوجيني غرانديه، إبنة رجلٍ ثريٍّ بخيل يتنافس عليها خاطبان لكنها تقع في حب إبن عمها تشارلز، الذي تبقى وفيةً له. تبدأ قصة بارثيلمي بملخص لنص بلزاك المقتبس من "قاموس ملخصات الكتب". هذا الملخص البسيط، الذي يركز على بعض أحداث حياة أوجيني المتسلسلة، يسخر من الأهمية التي أولتها الأدبيات التقليدية للحبكات المتقنة البناء، ويشير إلى أن الحبكات قد تكون غير ذات صلة أو مضللة. على الرغم من أن بارثيلمي يستحضر أعمال بلزاك بشكل تناصي، إلا أن قصته ستكون مختلفة عمدًا، لأنه لن يركز على الحبكة. بل سيلعب بالشكل والبنية لقلب الأنماط التقليدية لوصف التجربة. بينما يحاول بلزاك، من خلال عنايته الدقيقة بالتفاصيل، تصوير المجتمع الفرنسي وتفسيره، يتجنب نص بارثيلمي أي تعمق في حياة شخصياته. وبناءً على ذلك، تُقوّض قصة بارثيلمي فكرة أن الكاتب يسيطر على القصة و من فيها وتُشدد على كيفية تشكل القصة من خلال علاقتها بنصوص أخرى. يمتنع بارثيلمي عن تقديم صورة كاملة للواقع: فبدلاً من التنقل بمنطقية بين الأحداث، يقدم الأجزاء المختلفة من القصة كقطع متشظية وغير مترابطة، ويستمتع بعملية تجميع القصة معًا ساخرًا من القواعد التقليدية التي تحكم بناء المعنى في القصة. وهكذا، فإن إعادة كتابته الكاملة لرواية بلزاك لا تنتج كلاً متماسكًا، بل كولاجاً فوضوياً من الرسومات والصور والرسائل والحوارات وقوائم الكلمات والشعارات والعبارات المبتذلة، سعيًا إلى تفكيك وإعادة تنظيم النص الأصلي. في هذه القصة القصيرة، يلجأ بارثيلمي إلى التشظية لزعزعة جميع مفاهيم التماسك والإكتمال. ويوضح هذا الكولاج الجمالي من القطع الصغيرة مدى "تكلف" العملية الإبداعية. يبني بارثيلمي قصته حول مواقف وتفاصيل عشوائية لا يبدو أنها تصب في مسار سردي مُحدد أو في تطور الشخصيات. ومن أمثلة هذه الرؤية المُجزأة للواقع أربعة أقسام قصيرة جدًا تُقدم ثلاثًا من شخصيات القصة. يُقدم القسم الأول تشارلز، إبن عم يوجيني، والرجل الذي تُحبه: "يبدو أنني سأُحقق نجاحًا باهرًا هنا في سومور"، فكّر تشارلز وهو يفك أزرار معطفه. القسم التالي ليس له أي صلة منطقية بالقسم السابق، ويُركز على إحتمالات زواج يوجيني: "يهتم الكثيرون بالسؤال: من سيُفوز بيوجيني غرانديه؟" في القسم الثالث، نرى رسمًا ليد يوجيني. أما القسم الأخير، فيتناول أحد خاطبي يوجيني الأثرياء: "يصل القاضي بونفونس حاملًا الزهور". تُسهم الفجوات بين هذه المقاطع عمدًا في زعزعة الخيطية والسببية والزمانية في القصة. تفتح هذه الفجوات الفضاء النصي وتدفع القارئ إلى خلق البنية والبحث عن روابط بين المواد التي يقدمها الكاتب. في الواقع، يُدرك بارثيلمي أن الكولاج هو مجرد عملية " أخذ مواد من مصادر متنوعها وترتيبها وليس منتج نهائي جديد : فهذه المقاطع التي يقدمها يُمكن تجميعها وإعادة تجميعها، وهو نشاط يُحوّل القارئ إلى مُبدع مُشارك في نصه. ومن الأمثلة على هذا التصوير المُبهم للواقع، والذي يتحقق بمجرد تزويد القارئ بالمواد الخام، القسم الذي يصف مغامرات تشارلز في جزر الهند: "تشارلز في جزر الهند". باع: صينين زنوج أعشاش سنونو أطفال فنانين يتضمن هذا القسم أيضًا صورة فوتوغرافية لتشارلز في جزر الهند، في محاولة ساخرة لتقديم أكبر قدر ممكن من المعلومات حول تقلبات إبن عم أوجيني في جزر الهند الغربية. في رواية بلزاك، يذهب تشارلز، الذي أفلس والده، إلى جزر الهند الغربية، حيث يصبح ثريًا. ومع ذلك، وبدلًا من تقديم وصف متماسك وكامل للوقائع، يتلذذ بارثيلمي بتقديم تفاصيل غير ذات صلة مع حذف معلومات مهمة عن الحبكة. في قصة بارثيلمي، تبدو حبكة الرواية الأصلية وكأنها منكسرة من خلال منظور وعي ما بعد الحداثة، وبالتالي تصبح فسيفساء غير متجانسة من الشظايا. هنا، تُبرز الفجوات بين الشظايا، إذ لا توجد إنتقالات منطقية تقليدية بين الأحداث. في الواقع، النتيجة هي أن القطع، التي كانت مترابطة بشكل غير محسوس في النص الأصلي، أصبحت الآن منفصلة ومُنحت إستقلالية ليعيد القارئ ترتيبها. من خلال تجاربه الشكلية، يُقر بارثيلمي بأنه لا يمكن استخدام الأشكال والبنى القديمة لتصوير تجربة ما بعد حداثوية . يسعى إلى تحدي أنظمة القيم وأنماط التفكير القديمة. ونتيجة لذلك، تُعتبر قصصه القصيرة قصصًا بلا شكل وتتسم بالتمزق والتنافر والسطحية. وهو يُشدد على إصطناعية عملية التجميع ليس فقط لتحدي أشكال الكتابة التقليدية، ولكن أيضًا لجذب إنتباه القارئ إلى العملية التي ينشأ منها المعنى. وبالتالي، يُمكن إعتبار الكولاج والتناص أقوى التقنيات التي يستخدمها لمهاجمة البنى السردية. " يرى بارثيلمي أن البنى السردية نفسها هي التي تتسم بالغموض الأكبر. فهل يعتبر كاتب ما بعد الحداثة البنية السردية مجرد قطعة خردة ، إذ غالبًا ما ترتكز هذه البنى على إفتراضات حول الهوية الذاتية والزمن الخيطي والنظام الإجتماعي، وهي إفتراضات عفا عليها الزمن إلى حد كبير؟ في قصة "أوجيني غرانديه"، يُمكّن إستخدام الكولاج والتناص الكاتب من تجميع أكوام من المحتوى التافه، متجنبًا بذلك أي التزام غائي، ومُلفتًا الإنتباه إلى النصية فقط. ونتيجةً لذلك، تُرتّب الرسومات والصور والرسائل والمعلومات الوفيرة عن العملات القديمة وقوائم الكلمات المكررة عشوائيًا لجعل القارئ يُركّز على سطح النص. بعبارة أخرى، يُعدّ إستخدام الكولاج في هذه القصة القصيرة أداةً فعّالة لإبراز مادية النص المطبوع، أي النص كتجميع مُصطنع.إضافةً إلى ذلك، فإن غياب بنية مُحدّدة ومتماسكة يُحرّر بارثيلمي من أي إلتزام بالحبكة أو تطوير السرد، ويُتيح له إعادة وضع نص بلزاك في سياق مُتعدّد الأصوات. تُجمّع أجزاء هذه القصة عشوائيًا، مُساهمةً فيما يُسمّى "تنصيص المكان أو الفضاء" ، الذي يفتح النص على عدد من الإحتمالات والمعاني. وهذا التوزيع المكاني للشكل يُمثل "بديلاً عن البناء المتسلسل للرواية القديمة في الحبكة والسرد"، إذ يرى رونالد سوكينيك أنه "من خلال بعض التقنيات كالتجاور والتلاعب... يُمكن للروائي خلق بنية تتواصل من خلال الأنماط بدلاً من التسلسل، بطريقة تُقارب أسلوب الفنون التشكيلية". في هذه القصة القصيرة، يُمكّن الكولاج والتناص بارثيلمي من تسليط الضوء على إشكاليات الكتابة . ويبدو أن "أوجيني غرانديه" تُؤكد على فكرة ما بعد حداثوية مفادها غياب ذات مركزية أو وعي يُسيطر على الخطاب السردي. إن غياب منظور شامل يُبنى حوله السرد يُؤدي إلى حرية في الكتابة ، تُمكّن بارثيلمي، من خلال مُعارضتها لمعايير المنطق والواقع، من التحرر من البنى المُقيدة وإستكشاف حدود العوالم القصصية التي يبنيها. بهذا المعنى، تُعتبر القصة مُضادةً جدًا لأسلوب بلزاك، فهي كولاج من الإعارات التناصية ، تتكاثر فيها الإنقطاعات لمنع القارئ من الوصول إلى معانٍ مُتماسكة أو حقائق كونية. يُشدد النص على تعددية الأصوات و الطبيعة الديناميكية للمعنى .علاوةً على ذلك، فإن غياب وجهة نظر مركزية يُخالف المبدأ التقليدي للراوي الكلي العلم ، ويُشكك في فكرة كون الكاتب مصدرًا للمعنى. وهكذا، فإن قصة "أوجيني غرانديه" لبارثيلمي تجعل من المُستحيل علينا أن نُنسب العبارات المتقطعة والمتناثرة إلى صوت أو عقل واحد واضح . ومن الأمثلة على ذلك الرسالة غير المُكتملة المُقتبسة في أحد الأقسام: ... والآن، لقد دُمر .... سيُهجره الأصدقاء، و إذلال ّ. يا ليتني .... مباشرةً إلى الجنة،... لكن هذا جنون... أنا... لتشارلز. لقد أرسلته إليك كي خبر وفاتي له و ما سيطاله لاحقاً . كن أبًا لـ
يبدو أن هذه الرسالة غير الكاملة ، حيث تكون التوقفات أو الأجزاء المفقودة في الزمان والمكان مهمة تقريبًا مثلها مثل ما يقال فعلاً ، تحقق الغرض الجريء من الكولاج - لأن قطع المعنى مقسمة لتحدي طبيعية اللغة اليومية وتطور السرد. ومرة أخرى، رفض بارثيلمي تقديم بنية تجعل الأجزاء متماسكة في كل واحد ذي معنى. بهذه الطريقة، يمكن القول إن كل من الرسالة المبتورة والقصة القصيرة الكاملة التي جاءت منها تظهران نوعًا من المساحة المرنة التي تستجيب لمبدأ التعدد الصوتي للكولاج . في القصص القصيرة التي كتبها بارثيلمي، يتصرف الراوي مثل من يتحدث دون أن يحرك شفتيه ليتسنّى سماع خطابات وأصوات أخرى . في أغلب الأحيان، يتألف نثره المحايد من كولاج من الشظايا والإقتباسات غير المترابطة ، حيث أُستُبدل الوعي المُنظّم بشبكة متداخلة من النصوص المستعارة . ويتجلى ذلك بوضوح في قصة "إزدهار الرأسمالية"، وهي كولاج نثري من تسع فقرات مكونة من مواد غير مترابطة وكليشيهات مُعاد إستخدامها من الثقافة المعاصرة، تُقرّ بالهوية التعددية للراوي ما بعد الحداثوي. أما روبرت، الصوت الذي يروي هذه القصة، فهو أبعد ما يكون عن كونه كيانًا ثابتًا موحدًا، بل هو وعي مُجزّأ يبني الواقع بطريقة متقطعة ومُبهمة وفوضوية. إن التناص من رواية بلزاك "الكوميديا الإنسانية"، التي وصف فيها إزدهار الرأسمالية الفرنسية، يجعلنا نعتقد أن الراوي يحاول محاكاة بلزاك، وبالتالي، سيقدم وصفًا متماسكًا لتنامي الرأسمالية الأمريكية. ومع ذلك، فإن صورة روبرت المتغيرة الألوان هي مزيج من المواد المعاد إستخدامها والحطام الثقافي الذي يواجهنا بالفسيفساء غير المتجانسة للمجتمع المعاصر. في هذه القصة القصيرة، تتحدث المكونات بأصوات متباينة ومتقطعة، مما يحول النص إلى فضاء متعدد الأصوات يفتقر إلى منظور مسيطر. ومن المفارقات أن الراوي نفسه يقر بأنه لا يمتلك وجهة نظر موضوعية، لأنه مندمج في المجتمع البرجوازي. في الواقع، تساهم الأفكار والفقرات غير المترابطة في الإنطباع بأن الصوت السردي يتفكك ويُختزل إلى شظايا : " مع الأخذ بعين الإعتبار دائمًا أن الناقد يجب أن "يدرس، من وجهة نظر شكلية وسيمائية، العلاقة بين لغة النص ونظام رموزه" - ولكن هناك إبهام كبير يلطخ الرسالة – إبهام الرأسمالية." أن قصة "إزدهار الرأسمالية" هي فسيفساءٌ مُبهمة من الكليشيهات الثقافية والمفاهيم الجاهزة، تُوضح كيف إستولت عناصر بلا معنى من الثقافة الشعبية على الحياة في مرحلة ما بعد الحداثة . تحاول هذه القصة أن تقدم نقدًا لما جاءت به الرأسمالية من نجاحات وخيبات أمل . بينما ترى مارثا، زوجة الراوي، أن النظام الرأسمالي "منحنا كل ما نملك - الشوارع والحدائق والطرقات الكبرى والمتنزهات ومراكز التسوق - وغيرها"، فإن روبرت، الراوي، يرى أن الرأسمالية مرتبطة باللامبالاة والعبث، مما يدفع جاره إلى " محاولة الإنتحار مرة كل أسبوعين". أما أزاليا، عشيقة الراوي، فيبدو لها أن الرأسمالية هي السبب في "فقدان روجر وظيفته (وإستبداله بعين كهربائية)" أو في "خضوع أطفال جيجي للعلاج في المستشفى، كل هذه الأسباب الثلاثة". تتداخل هذه اللمحات عن جوانب مختلفة من الرأسمالية وتتخللها رسائل سياسية ودينية. فوصف روبرت للرأسمالية هو تراكمٌ من الكليشيهات والأمثال والبقايا اللفظية المستمدة من السياسة والدين والفلسفة والإعلام وغيرها من الخطابات التي تُمثل الثقافة الرسمية. من أمثلة هذا الحطام الثقافي المُجمّع عشوائيًا بعض الملاحظات السياسية - على سبيل المثال، "الرأسمالية تضع كل إنسان في منافسة مع أقرانه على حصة من الثروة المتاحة" - جنبًا إلى جنب مع آراء بيئية تتحدث عن خصلات شعر عائمة على سطح نهر الغانج، ورسائل دينية أخرى، مثل "من يرغب في الراحة والسعادة الحقيقيتين عليه أن يرفع أمله من الأشياء الفانية والزائلة ويضعها في كلمة الرب ". وبعيدًا عن تفضيل أي من هذه المواد المُعاد إستخدامها ، يسمح الراوي ببساطة لهذه الرسائل بأن تصبح لمحات ساخرة عن الثقافة المعاصرة. وهكذا، فإن الكولاج والتناص هما التقنيتان المستخدمتان لتقديم الجوانب المتعددة للمواقف التي يرسمها النص . في قصة "إزدهار الرأسمالية"، يبدو أن كل فقرة تُقدم منظورًا جديدًا يُضاف إلى سابقتها، بدلًا من أن تكون خطوة الى الأمام أو تطويرًا للأقسام السابقة. في الواقع، تتألف القصة من مجموعة متباعدة من القطع المستقلة التي تُحيّد بعضها بعضًا، مما يحول دون تفسير النص بشكل متماسك. يُعدّ هذا التأثير المتمثل في تقديم النص كسطح مُركّب من خلال توفير وجهات نظر متغيرة أو متناوبة إحدى السمات المميزة لقصص بارثيلمي القصيرة، وهو يدفع القارئ إلى التنقل عبر سطح النص. لا يُسمح للقارئ أبدًا بالتعمق في النص، لأن القصة القصيرة ما بعد الحداثوية تسعى إلى تقويض الفكرة في أن القصة تعين قرائها على فهم ذواتهم و الغور فيها . يرى كوبلاند أن "الكولاج يتخلى عن وهم العمق الذي نربطه بمنظور النقطة الواحدة... ففي الكولاج، تميل عين المشاهد إلى التذبذب بحرية بين نقاط متباينة على نفس المستوى السطحي". في قصة "إزدهار الرأسمالية"، يستعير بارثيلمي أطراً مرجعية عامة لمحاكاة ساخرة لوسائل التمثيل التي إستُخدمت لبناء المعنى. تُصوَّر هذه القصة القصيرة كفسيفساء من شظايا مستمدة من سرديات معروفة تُبرز الأساطير الثقافية للرأسمالية. إن تكرار وإعادة إستخدام نصوص "مقترضة" من خطابات مختلفة داخل الثقافة الراقية ووسائل الإعلام الجماهيرية هو محاولة للإشارة، بسخرية، إلى أن اللغة أصبحت بلا معنى في الثقافة المعاصرة. لا يستطيع الراوي سوى إعادة إنتاج رسائل مُعبأة تبدو وكأنها لاكتها وبصقتها وسائل الإعلام الجماهيرية. يبدو أن تكرار روبرت لما سمعه يُبرز فكرة أن السرديات التقليدية قد تراجعت لتصبح مجرد كليشيهات. وهذا هو التأثير الذي نحصل عليه عندما نقرأ المقتبس التالي : " أن الرأسمالية زاهية حقًا!» صرخ صانع العدد العاطل عن العمل من لاريدو، بينما كنت أسير في شوارع لاريدو. «لا نريد شيئاً من بؤس أوروبا الوسطى !" عندما يُدلي الراوي بتصريحات مماثلة، مثل "لاريدو في وضع جيد للغاية الآن، بفضل تطبيق المبادئ الرائعة لـ"لرأسمالية الجديدة"، ينتاب القارئ شعور بأنه سمع هذه الأشياء من قبل . بالنسبة لبارثيلمي، يُعدّ إستعارة النصوص وإعادة ترتيبها إستراتيجيات تقويضية تهدف الى تسليط الضوء على عبثية هذا الخطاب المُستهلَك. إن وضعه وعلى نحو عشوائي الكليشيهات الثقافية والمفاهيم الجاهزة جنباً الى جنب يُحوّلها إلى هدر لغوي، وبالتالي يُقوّض ويُحطّ من شأن بعض السرديات المهمة التي تُدعم الحضارة الغربية. تُوضع الخطابات الثقافية السائدة جنبًا إلى جنب مع تأملات مبتذلة: بعض الأفكار الماركسية، مثل "التخلف الثقافي للعامل، كأسلوب للهيمنة، موجود في كل مكان في ظل الرأسمالية الحالية "، يُعاد إستخدامها وتجميعها مع بعض الآراء غير ذات الصلة حول خصلات شعر عائمة في نهر الغانج نتيجة رفض مصانع الشعر المستعار تركيب مناخل. وبالتالي، على حد تعبير بول مالتبي، "حتى خطاب نقدي صارم وحاد كالماركسية قد تم تحييده، ودمجه في النظام الإجتماعي البرجوازي". كما تُحطّم الرسائل الدينية وتُفكك من خلال أسلوب بارثيلمي في تجريد العناصر المتضاربة من سياقاتها الأصلية ووضعها في علاقات غريبة. على سبيل المثال، أُستُخدم إقتباس من رسالة كورنثوس الأولى الإصحاح السادس، "الزواج أصلح من التحرق " ، لإنهاء قسم يخلط بين التعليقات السياسية حول الرأسمالية والمعلومات السخيفة عن ملك الأردن ووصف حوار الراوي مع عشيقته. والراوي نفسه، مُقرًا بأن الأيديولوجية هي ما يدعم إدراكنا للواقع، يرى بأن "القديس بولس قد فقد مصداقيته إلى حد كبير الآن، لأن صرامة آرائه لا تتوافق مع تجربة المجتمعات الصناعية المتقدمة". ويبدو واضحًا بالنسبة لبارثيلمي أنه "لا يمكن لأي نمط تفسير، سواء كان مُقدمًا من خلال الرواية أو العلم أو التاريخ أو علم النفس، أن يأمل في "عكس الواقع" أو "قول الحقيقة" لأن "الواقع" و"الحقيقة" هما في حد ذاتهما تجريدات خيالية أصبحت صحتها موضع شك متزايد". لذا، في هذه القصة، تسلط وجهات النظر المختلفة الضوء على نظامي القوة والطريقة التي يتم بها بناء المعنى من خلال الحوار المستمر بين الأصوات المختلفة. يكشف هذا الكولاج التناصي الذي يتناول القضايا الإجتماعية والسياسية عن الطريقة التي أثرت بها الخطابات السائدة أو السرديات المعروفة على فهمنا للواقع. وكما تشير ماري أور، فإن "التناصية ما بعد الحداثوية تحاول الإبتعاد عن الثوابت أو اليقينيات القديمة، وخاصة فكرة أن المعنى يُستقى من قناعات إسطورية أو ميتافيزيقية أو إلحادية أو إغنوسطية (لا أدرية) أو حتى غير ميتافيزيقية." أن هذا الترتيب العرضي للحطام الثقافي لا يُبرز حقيقة أن أي تمثيل للواقع يكون دائمًا أيديولوجيًا بوضوح فحسب، بل يُبرز أيضًا أزمة ما بعد الحداثة في الإدراك. وهكذا، عندما تخبره زوجته بأنه " يعتبر أسوء مثل للرجال الذين تبرجزوا " يضطر الراوي الى الإعتراف بأنه لا يستطيع تفسير كيفية تطور الرأسمالية، لأنه في الواقع جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع البرجوازي. من المفارقات أن قصة بدت وكأنها محاولة جريئة لوصف المجتمع الحديث تحولت بدلاً من ذلك إلى مجموعة مختلطة من الأصوات المتضاربة، مما يجعل من المستحيل على الراوي القيام بعمله. في الواقع، يُمكننا القول إن بارثيلمي يخلق مساحاتٍ مُجزأةٍ تُمكّنه من إستكشاف وجهات نظرٍ مُتعددة "دون محاولة لتحقيق الكمال أو التكامل أو الإغلاق". وبناءً على ذلك، بُني القسم الأخير كمساحةٍ حواريةٍ مفتوحةٍ حيث يُدعى القارئ لإستكشاف الموضوع وتطوير وجهة نظره الخاصة حول الرأسمالية: " دخان، مطر، غياب الإرادة . ما الذي يُمكن للمواطن المعني فعله لمحاربة تنامي الرأسمالية؟ أن دراسة تيارات الصراع والسلطة في نظامٍ يشهد تفاوتًا هيكليًا بالغة الأهمية. أن معرفة للتاريخ الفكري الأوروبي منذ عام 1789 توفر خلفيةً مفيدةً. تُتيح نظرية المعلومات إمكانياتٍ جديدةً ومثيرةً للإهتمام. الشغف مُفيدٌ، لا سيما تلك الأنواع من الشغف غير المشروع. الشك شرطٌ أساسيٌّ لأي عملٍ ذي معنى. أما الخوف فهو المحرك الأكبر في النهاية." أن قصة "الحفلة" هي كولاجٌ لفظيٌّ آخر يُقدّم لمحاتٍ غير مترابطة من التجارب، ويلخص أفكاراً حول تفكك مجتمع ما بعد الحداثة من خلال وعيٍ مُجزّأ. تعكس المشاهد القصيرة التي تُكوّن القصة إضطراب الراوي وفهمه لسطحية ولا واقعية العلاقات الإجتماعية. ومرة أخرى، تتجنب هذه القصة أي تطورٍ مباشرٍ للحبكة أو الشخصية، مُفضّلةً ترتيب العناصر غير المتجانسة التي تُسهم في خلق تأثير الكولاج. يمكن إعتبار تحويل الحبكة إلى نمطٍ إحدى السمات المميزة للقصة ما بعد الحداثة القصيرة ؛ تُشير روربيرغر وبيرنز إلى أنه "مع حلول النمط محل الحبكة، تزداد أهمية الموتيفات المرجعية (التي تُشكل أنماطًا ثابتة) في توصيل المعنى في القصص القصيرة". يتسم نمط قصة "الحفلة" بتشظي فسيفساءه حيث يُرتب الراوي الصور والضوضاء والشخصيات والأحداث التي تُشاهد في الحفلة عشوائيًا، ليعكس إبتذال الحياة العصرية وتشوشها وعبثيتها. هنا، لا يُسهم تجميع العناصر والشخصيات المتباينة والمتكررة في لفت الإنتباه إلى سطح النص فحسب، بل يُبرز أيضًا واقعًا خياليًا. يُمكّن بناء الكولاج بارثيلمي من تجميع أجزاء متباينة من التجارب كوسيلة لطمس المسافة بين الواقع والقصة . تُصوّر القصة عالمًا فنتازياً حيث أن كل شيء ممكن هناك: أستاذ جامعي يرتدي زي كينغ كونغ يدخل من النافذة، راهبتان تشاهدان التلفاز وتستحمّان، رجل يتذمر من الموسيقى، امرأة تمشط فراء كينغ كونغ الداكن الكثيف، وطفل يبتلع عشرين قرص أسبرين. ومع ذلك، فإن ما يُولّد المزيد من الإلتباس بين المظهر والواقع ليس تجاور الأحداث العبثية، بل غياب الزمكان أو الإنتقال بين السبب والنتيجة بين اللمحات المتفرقة من اللاعقلانية المرحة. تتناول قصة "الحفلة" أيضًا عملية المحاكاة، التي تتميز بمزج الواقع ومع ما يمثل ذلك الواقع . تعكس هذه القصة كيف تُهيمن وتستعمر وسائل الإعلام والثقافة الشعبية المجتمع ، لذا من الطبيعي أن يستخدم بارثيلمي الإعلان كخطاب لفهم الوجود المعاصر. يشير الراوي إلى أن وسائل الإعلام، وخاصة الإعلانات التلفزيونية، أصبحت جزء لا يتجزأ من التجربة اليومية لدرجة أننا لا نستطيع التمييز بين ما عركته التجربة وما خلقته وسائل الإعلام وبين الحقيقي والمُتخيَّل. بالنسبة له، يُعد المجتمع الحديث، الذي يُمثله هذا الحفل الغريب، عالمًا من الواقعية المفرطة والمحاكاة، حيث تتلاشى الحدود بين الحقيقي والمُتخيَّل. تُجسِّد قصة "الحفلة" رؤية ما بعد الحداثة القائلة بأنه لا يمكن تفسير العالم إلا من خلال واقع مُتخيَّل. يتضح هذا من خلال إقرار الراوي بأن رغباتنا تُحددها الإعلانات التجارية والصور الإعلامية: " عدد من الشباب يقفون في حقل من الحقول ، يمسكون بأيدي بعضهم، ويغنون. هل يُمكن تصوير حياة العصر في إعلان؟ هل هذا هو الواقع في جميع حقول العالم؟" يُصوّر صوت الراوي لـقصة "الحفلة" عالمًا تُسيطر عليه الصور واللافتات والمحاكاة التي تفرضها وسائل الإعلام على الأفراد. ويبدو أنه يتفق مع جان بودريار في أن المحاكاة هي علامات الثقافة والإعلام التي تُنشئ الواقع المُدرك، وأن المجتمع أصبح معتمدًا عليها لدرجة أنه فقد الإتصال بالعالم الحقيقي. في حفلة بارثيلمي، نرى أن تجربة الضيوف هي محاكاة للواقع لا الواقع نفسه. يبدو أن جميع رواد الحفلة يحاولون الهروب من واقعهم المبتذل بتقليد الطقوس الإجتماعية. يحاول الراوي الإمتثال للتوقعات الإجتماعية ولذلك يُشيد بلوحةٍ مُقلّدة لبيير بونارد فيشعر بالحرج. وبالمثل، يسعى الضيوف الآخرون إلى الإنزلاق في عالمٍ وهميٍّ يُساعدهم على الهروب من اللامبالاة: تتسلل فرانشيسكا، شريكة الراوي، "إلى غرفةٍ أخرى، تختبر تأثير ما ترتديه من بلوزة مُكشكشة وتنورة أرجوانية على الحضور ". يدخل ضيفٌ آخر، أستاذٌ للفنون في جامعة روتجرز، من النافذة مُتنكرًا في هيئة كينغ كونغ، "مُحاولًا ببساطة أن يُضفي على نفسه طابعًا مُثيرًا للإهتمام". يدّعي الراوي نفسه أن المجتمع الحديث قائمٌ على المظاهر : "عندما يُكثر المرء من الكلام، يكون قد إستنفد كل ما لديه من أفكار. يجب عليك تغيير الأشخاص الذين تتحدث إليهم حتى تبدو، لنفسك، على قيد الحياة." مع ذلك، يلاحظ أن اللغة غالبًا ما تمنعنا من الوصول إلى الواقع، وأن إعادة الإستخدام والتكرار قد ساهما ليس فقط في فقدان المعنى، بل أيضًا في فقدان التواصل. مُقرًا، مثل بودريار، " يكون المرء إجتماعياً تُقاس بمدى التعرض للرسائل التي تبثها وسائل الإعلام"، يُدرك الراوي أنه "معزول " أو "غير إجتماعي"، ولذلك يشكو من التوقعات الإجتماعية: "لماذا يُطلب مني أن أجعلهم أكثر سعادة، في حين أن ذلك يتجاوز بوضوح قدراتي ؟" في الواقع، الراوي شخص متفرج يُراقب الحياة الإجتماعية وهي تتداعى وينتقد تصور الضيوف للعالم على أنه مظهر ومحاكاة. وهكذا، يُدرك أخيرًا أن الطقوس الإجتماعية والمحاكاة لا يُمكنهما إخفاء إنهيار المجتمع : "ما الذي جعلنا نعتقد أننا نستطيع النجاة من أمور كالإفلاس وإدمان الكحول وخيبة الأمل وإنجاب الأطفال؟" معظم قصص بارثيلمي القصيرة عبارة عن فسيفساء مفتوحة النهاية تعكس حالة عدم اليقين والفوضى في تجربة ما بعد الحداثة. كما أنها تجميعات تُعيد تدوير نفايات المجتمع الرأسمالي المُفرط في روحه الإستهلاكية وتُصوّر الإغتراب والعزلة التي يغرق فيها الأفراد. على سبيل المثال، ينتقد كتاب "نقد الحياة اليومية" المُثل المعاصرة للحياة الأسرية والتجربة اليومية. يتصرف بارثيلمي مثل صانع التحف الفنية - شخص يقوم بشكل إبداعي بتجميع نفايات الحياة الأسرية الحديثة وحطامها - ويخلطها بطريقة مرحة وعشوائية لإستكشاف أساطير المجتمع المعاصر وتفكيكها . هذه القصة القصيرة مبنية كمرآة مجزأة للحياة المنزلية: فتناقض أجزائها يعكس رتابة وتفكك الحياة الزوجية لبطل القصة . هنا، يبني الراوي كولاجًا حيويًا من الكليشيهات والتعبيرات الجاهزة والروتين، وغيرها من الشظايا السردية غير المتجانسة التي تصف فوضى حياته ومللها. يقرأ الراوي نفسه في مجلة عن الحرمان الحسي في محاولة للإنغماس في ثقافة تهيمن عليها الصور النمطية. وإدراكًا منه للفجوة الواسعة بين حياته الحقيقية ومُثُل الحياة الأسرية التي تفرضها وسائل الإعلام، يلجأ الراوي إلى الكحول لتخفيف الإحباط. بالنسبة له، "يبدو العالم في المساء كئيباً وبلا معنى خاصة إذا كنت متزوجاً .ليس أمامك سوى العودة الى البيت وتناول عدداً من الكؤوس وتناسي ذلك الشعور." يجمع الراوي جوانب تافهة من الحياة اليومية، مثل اليوم الذي تبول فيه طفله في السرير أو طلب حصانًا تمامًا كما فعل صديقه أوتو، ويقارن بينها لإبراز إستيائه من حياته المملة والعادية. في الواقع، القصة مزيج من المشاجرات المنزلية والمواقف العبثية والتفاهات المختلفة التي تصور إنهيار عائلة من الطبقة المتوسطة. عنوان القصة، "نقد الحياة اليومية"، هو إشارة نصية إلى هنري لوفيفر، الكاتب الفرنسي الذي كتب كتابًا يحمل العنوان نفسه عن الإغتراب في العالم الحديث. يؤكد التلميح إلى عمل لوفيفر على طبيعة كتابات بارثيلمي المليئة بإقتباسات من نصوص أخرى ، مما يوحي بأن، كما أشار جينيت، الأدب يأتي "في الدرجة الثانية"، أي أن النصوص "مشتقة من نصوص سابقة". يرى بارثيلمي أن الكتابة تُفسح المجال لعملية إعادة كتابة تتسم بالتأمل الذاتي التناصي. تُعيد هذه القصة القصيرة تدوير أفكار لوفيفر عن الحياة العادية وسلبية الذات البرجوازية. مع ذلك، تُركز مراجعة بارثيلمي على تجزئة الذاتية ما بعد الحداثوية، وكيف ساهمت وسائل الإعلام والثقافة الشعبية في خلق أفراد متشابهين . تبدو الحوارات والعواطف وكأنها عبارات مُستعارة وعبارات مُكررة أُعيد تدويرها من نفايات ثقافية. وهكذا، عندما تشتكي واندا، زوجته السابقة، من أن زواجهما "لم يكن أسعد الزيجات"، يرد الراوي قائلاً: "لقد زادت الأسر المكونة من فرد واحد بنسبة ستين بالمائة في السنوات العشر الماضية، وفقًا لمكتب الإحصاء"، ويخلص إلى القول: "ربما نكون جزءًا من منحى عام". هنا، يبدو الرأي الشخصي مُجردًا من كل المشاعر، إذ يتخلله إحصاءات وآراء موضوعية، ويبدو أن الفردية قد إنصهرت في الوعي الجمعي. وكما يقول مالتبي "ما يظهر هو صورة لذاتية مُخففة، لوعي وصل المرحلة الأخيرة من الإغتراب فأصابه الجمود ، وعندما ينتقل هذا الوعي أحياناً إلى حالة ما بعد الاغتراب يغرق بنشوة اللحظة الراهنة." علاوة على ذلك، هناك إشارات مستمرة إلى المجلات والصحف وغيرها من وسائل الإعلام التي تحث الشخصيات على إدراك الواقع وفقًا لنماذج الواقع التي أصبحت جزءًا من حياتهم. وبالتالي، تُعيد عملية التأليف تدوير النفايات التي ينتجها المجتمع والثقافة، وتُظهر القوة الهائلة التي تتمتع بها وسائل الإعلام والثقافة الشعبية في ترسيخ الصور النمطية. أن شخصية واندا، على سبيل المثال، عبارة عن مُجمّع ثنائي الأبعاد من الكليشيهات المُقتبسة من مجلة " إيل " . يصفها الراوي ساخرًا بأنها قارئة مُدمنة لمجلة " إيل "، ويقول: "تأثرت واندا بما قالته المجلة. أعلنت إيل ذات مرة: "على النساء الحوامل أن لا يأكلن اللحم !"، وإمتثلت واندا. لم تمرّ عبر شفتيها ولو لمرة واحدة قطعة لحم طوال فترة الحمل." يرتبط مفهوم الهوية ما بعد الحداثوية كمجموعة من التناصات المتداخلة بتعريف بارت للذات على أنها "تعددية نصوص أخرى، من رموز لا نهائية"، وبمفهومه عن الذاتية على أنها "في نهاية المطاف عمومية الصور النمطية". ويتجلى بوضوح هذا التلاشي للذاتية، كما لو أن رسائل الإعلام قد ألغت هذه الصفة، في وصف الراوي لزوجته: "لقد تبنت ، كما أرشدتها مجلة إيل، مظهرًا ساذجًا، أو مظهر تلميذة المدرسة"، أو "خلال هذه الفترة، نشرت إيل ما يقرب من أربعة آلاف مقالة منفصلة عن آنا كارينا، نجمة السينما، وأصبحت واندا تشبهها إلى حد ما". يلفت الوصف الموجز لواندا، كمزيج من الصور والمحاكاة التافهة ، الإنتباه إلى أن الناس أصبحوا يشبهوا بعضهم البعض بسبب تأثير وسائل الإعلام. في النهاية، وبعد طلاقهما، بدأت زوجته السابقة دراسة علم الاجتماع الماركسي مع لوفيفر، ويشير الراوي ساخرًا إلى أن هذا الخطاب الجديد أصبح موضوعًا ثقافيًا إستهلاكيًا آخر: "أعتقد أن واندا أسعد الآن. لقد سافرت إلى نانتير، حيث تدرس علم الإجتماع الماركسي مع لوفيفر." حتى الخطابات النقدية تفقد جديتها عندما تستهلك كجزء من نمط الحياة البرجوازية. وهذا يؤكد فكرة أن الفرد مُشبعٌ بالمعلومات ورسائل الإعلام، والتي أصبحت مثل السلع ، لدرجة أن تجربة ما بعد الحداثة أصبحت مجرد محاكاة. إن عملية إعادة التدوير المستمرة التي يقوم بها بارثيلمي تدفعه إلى اللجوء إلى أجناس أدبية مثل الحكايات الخرافية لتفكيك عناصرها وموتيفاتها . ومن أمثلة هذا الإستعمال لمواد من أجناس أدبية أخرى قصة "الجبل الزجاجي"، وهي قصة خيالية ما بعد حداثوية تصور واقعًا ينعكس ظاهريًا من خلال زجاج محطم. تروي هذه القصة القصيرة ما يواجهه فارس من أيامنا في رحلته إلى قمة جبل زجاجي لإنقاذ أميرة جميلة. تستحضر قصة "الجبل الزجاجي" تناصيًا حكاية خرافية إسكندنافية، وتقتبس حرفيًا الوسائل التقليدية للوصول إلى القلعة من نسخة أولية للحكاية موجودة في "كتب لانغ للحكايات الخرافية ". ومع ذلك، فإن إعادة كتابة بارثيلمي التجريبية للقصة تتخلى عن البنية التقليدية للحكايات الخرافية، وتسخر من العناصر المميزة لتلك الحكايات من خلال كولاج من شظايا أدبية وغير أدبية من مصادر مختلفة . ترتبط أهمية التناص في هذه القصة إرتباطًا وثيقًا بفكرة بورخيس القائلة بأن كل شيء قد قيل، والتي مهدت الطريق لفكرة ما بعد الحداثة التي تقول "أن أي نص لا يكتسب معناه ودلالته إلا من خلال إرتباطه بخطابات سابقة ". تتكون هذه الحكاية الخرافية ما بعد الحداثوية من مئة جملة غير متماسكة وغير مترابطة، معظمها إقتباسات من مصادر مختلفة. توحي الجمل المرقمة بعشوائية الترتيب، إذ تبدو هذه الأرقام طرقًا إعتباطية لتنظيم التجربة أو إعطائها شكلاً . بناءً على ذلك، بعد إقتباس جزء من الحكاية الخرافية المذكورة في الجملة الثمانين، يشرع في تعطيل البنية الواضحة والمنطقية التي يسهل متابعتها من قبل القراء ويستبدلها بشيء يفتقد الى العقلانية . تتمثل التقنية التي يستخدمها بارثيلمي في فصل كتل الدلالة إلى سلسلة من الجمل غير المترابطة التي تُحطم تدفق السرد. لذلك، فإن الجمل اللاحقة، من الجملة الثامنة و الثمانين الى الجملة السادسة و التسعين ، هي تكرار للإقتباس السابق، مع إختلاف طفيف. إن عملية تقطيع الحكاية القديمة إلى أجزاء تُقوّض كلاً من محتوى وبنية أساليب السرد التقليدية. فالجمل المتقطعة لا تُصوّر عالماً متماسكاً غائياً، بل واقعاً مُجزّأً بلا إنتقالات بين الأحداث المروية. ومن الأمثلة على تلك الطريقة التي تُقطع بها الشخصية الرئيسية وصفها لرحلتها الى القلعة لتتحدث عن خوفها: 81. كنتُ خائفاً. 82. نسيتُ الضمادات. 83. عندما غرس النسر مخالبه الحادة في لحمي الرقيق - 84. هل أعود لأخذ الضمادات؟ 85. لكن إذا عدتُ لأخذ الضمادات، فسأضطر لتحمل إذلال الأخرين من معارفي . 86. قررتُ الإستمرار بدون الضمادات. هذه الجمل لا تُعطّل سرد القصة فحسب، بل تُشكّل أيضاً تحدياً لمحتوى الحكاية الخيالية وأعرافها التقليدية . إن خوف البطل من أن يُصاب بأذى من النسر يُفكك بوضوح دوره التقليدي كمنقذ شجاع للأميرة. علاوة على ذلك، يبدو أن سرد البطل لتقلباته يُلمّح إلى أن واقع ما بعد الحداثة لم يعد يؤمن بشخصية البطل وبالنهاية السعيدة للحكاية الخيالية النموذجية. يُفكك بارثيلمي عملية صنع الأساطير وبناء المعنى حيث يرفض بطله الزواج من الأميرة، فيخبرنا البطل: "لقد ألقيتُ الأميرة الجميلة رأسًا على عقب من الجبل إلى معارفي". يبدو أن الحكاية القديمة قد خضعت لتصفية من خلال حساسية ما بعد الحداثة، إذ يحتاج المرء إلى معايير جديدة لفهم التجربة المعاصرة. علاوة على ذلك، يسمح الكولاج والتناص لبارثيلمي بالتعبير المباشر عن ثنائية القصة /الواقع من خلال تسليط الضوء على "تصنعية" الأدب . وهو يلجأ إلى كلتا الإستراتيجيتين في محاولة لتحدي فكرة أن الأدب يجب أن يحاكي وعلى نحو واقعي العالم الحقيقي .أن قصص ما بعد الحداثوية القصيرة ، كما تُشير كريستينا باتشيليغا، " تعكس المرآة السحرية للحكاية الخيالية التي تتلاعب بالصور في تلك المرآة ، رغبةً في مُضاعفة إنعكاستها وكشف خدعها". يجمع بارثيلمي ويستعير مواد مُتناثرة، ويُعيد ترتيبها في نمط يُوضح أن هذه العناصر تأتي من سياقات أخرى. تُصبح قصة "الجبل الزجاجي" تجميعًا لمواد ثقافية، وتوحي بشبه لأعمال مع أعمال مارسيل دوشامب الجاهزة. يُساهم هذا التلاعب بالشظايا المُجمعة والرسائل المُستعارة في إحداث تأثير مُنفّر أو مُغرّب. أي أنه من خلال إدراج العناصر المُستعارة في سياقات جديدة، يُحوّلها الفنان إلى أشياء نادرة ومُصطنعة. يُسهم تجاور العناصر المُستعارة في أطر تفسيرية مُختلفة في إشكالية العوالم المُصطنعة. على سبيل المثال، تُبرز قصة "الجبل الزجاجي" الفجوات الموجودة بين الشظايا التي تُشكّله، وذلك لتسليط الضوء على عملية التكوين. يشير الكولاج إلى طبقاته الخاصة، والتي تكشف أن نمطه هو نتيجة لصق سلسلة من المواد غير المتجانسة معًا. وكما لاحظ تشارلز ماي : "أن قصة مابعد الحداثة القصيرة بدلاً من تقديم نفسها "كما لو كانت" حقيقية – أو إنعكاس يحاكي الواقع الخارجي - غالبًا ما تجعل من أعرافها الفنية الخاصة وأدواتها مواضيع للقصة وموضوعة لها ". يبدو هذا جليًا في هذه القصة القصيرة، المُقدمة كترتيب مؤقت لأعراف أدبية مُستعارة، تكشف بوعي عن طبيعتها القصصية . أن تأملات واعية، مثل "هل لا تزال الأنا الأقوى المعاصرة بحاجة إلى رموز؟"، تمنع القارئ من الإعتقاد بأنه يتأمل صورة صادقة للواقع. يُركز هذا السؤال أيضًا على دور الكاتب ما بعد الحداثوي، الذي، وهو يدرك أن مجتمع ما بعد الحداثة قد إستبدل الواقع والمعنى بالرموز والإشارات، يتولى المهمة الصعبة المتمثلة في نزع سحر الرموز. لذا، يتساءل الراوي: "هل يتسلق المرء جبلًا زجاجيًا، وفي ذلك عناء له كبير ، لمجرد نزع سحر رمز من الرموز؟" يتحدى بارثيلمي فكرة أن الإشارات والرموز يمكن أن تُمثل الواقع وتكشف عن حقائق متعالية. وهكذا، يُنشئ نصًا نرجسيًا، حيث يُستخدم الكولاج والتناص كإستراتيجية لتحويل القصة إلى مجموعة من الإشارات الفارغة المُرتبة لا وفقًا لمعانيها، بل وفقًا لدلالاتها. "لقد اقتربتُ من الرمز، بطبقات معانيه، ولكن عندما لمسته، تحول إلى أميرة جميلة فقط"، يقول الراوي، في محاولة لتسليط الضوء على محدودية اللغة كوسيلة لتمثيل الواقع. علاوة على ذلك، "يُوسّع غياب المدلول المتسامي نطاق الدلالة وتفاعلها إلى ما لا نهاية". أي أن بارثيلمي في قصة "الجبل الزجاجي" يُدرك محدودية قدرة الدال على الإرتباط بمدلول محدد في ثقافة ما بعد الحداثة. وهكذا، يُنشئ مساحة متعددة الأصوات عُرضة لتكاثر المعنى. بتأكيده على عدم موثوقية النص المكتوب كوصف مُحاكي للواقع، لا يُحبط الكاتب توقعات القارئ في إيجاد معنى نهائي متماسك فحسب، بل يُعزز أيضًا فكرة أن ما يهم حقًا هو عملية بناء المعنى نفسها. في مقاومتها لقراءتها كصورة متماسكة للعالم، تُصبح هذه القصة القصيرة كولاجًا ما بعد حداثوياً تجريبيًا يُلفت الإنتباه إلى البنى التي تُحدد المعنى. علاوة على ذلك، تُضفي تقنيات إعادة إستخدام وترتيب الأجزاء المُستعارة على القصة القصيرة حريةً تُمكّن بارثيلمي من دمج عناصر من أجناس وخطاباتٍ أخرى، مما يُسهم في تهجين القصة القصيرة. تُدرج الإقتباسات في السرد ليس فقط لكسر تدفق الحبكة وإستمراريتها، بل أيضًا لتنشيط القصة القصيرة بإقتباسات من أجناس أدبية أخرى. على سبيل المثال، أن الجملة السادسة و الخمسين " لقد إنتهى مؤخرًا ضعف الإهتمام الشهواني بالواقع"، هي إقتباس من كتاب "النظام الخفي للفن" لأنطون إيرينزويج. يُقاطع الإقتباس قصة البطل عن صعوده إلى قمة الجبل، ويُحوّل الحكاية الخيالية إلى نصٍّ نقديٍّ تأمليٍّ حول عملية الإبداع الفني. أن الجمل التي تلي تناصّ إيرينزويج هي تأملاتٌ واعيةٌ بذاتها حول دور الفنان في المجتمع المعاصر. وهكذا، تحوّل السعي الأسطوري للفارس إلى بحث الفنان الحديث عن رموزٍ تجذب القارئ المعاصر. تُجنّب التناصات المجزأة إمكانية الوصول إلى شكلٍ عام أو تكوينٍ متماسكٍ للقصة. وبدلاً من ذلك، تخلق هذه الأجزاء بنية متغيرة بإستمرار ومتعددة الأنماط، حيث يمكننا تحديد العديد من الأنماط المختلفة كما هو الحال مع القطع. إنها كولاجٌ قوي وتناصيٌّ، حيث يُهاجم التشرذم السطحي مبدأ الكل المتكامل مُفضّلاً مساحةً جديدةً متحركة . وكما يُشير تشارلز ماي: "إن إحدى تداعيات عملية الكولاج هذه هي تحوّلٌ جذريٌّ من العملية التقليدية القائمة على الزمن وعلى السبب والنتيجة في القصة إلى العملية القائمة على المكان والإستعارة كما في الشعر". أن قصص بارثيلمي القصيرة عبارة عن كولاجات تناصّية تُظهر أنماطًا ديناميكية مُصممة لتحدي الأشكال القصصية القديمة والمفاهيم البالية للذاتية والتوقعات الواقعية حول التأليف والسببية والإغلاق . في جميع قصصه، يستخدم بارثيلمي الكولاج والتناص لتقديم أعماله على أنها نسخ أو تقليد لا يعكس العالم الحقيقي، بل تشكيل الكاتب الإبداعي للواقع. تتعدد إسهامات بارثيلمي في قصة ما بعد الحداثة القصيرة: فهو لم يكتفِ بإستخدام وإعادة إستخدام البنى السردية التقليدية، ونادى بطرق جديدة للقراءة، بل منحها أيضًا حرية في الشكل والمضمون، مما أدى إلى نهضة في هذا الجنس الأدبي. تُمثل قصصه القصيرة الإنجازات الإيجابية لما بعد الحداثة من خلال وضع القارئ في موقع مركزي. وهو يحاول التغلب على فقدان المعنى وإرهاق السرد من خلال إعادة تنقية الكليشيهات والمواد البالية بواسطة منظور ما بعد حداثوي ، مما يوفر إمكانيات جديدة. علاوة على ذلك، فهو يتلاعب بأنماط السرد التقليدية، ويخلق قصصًا متعددة الألوان ويفتح مساحة خيالية أمام تعاون القاريء وإبداعه .
#محمد_نجيب_السعد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
-
التقليلية في الشعر : مقدمة تعريفية
-
القصة المايكرو
-
قصص همنغواي القصيرة /3:
-
حروف سوداء فوق صفحات بيض: أدب سكان استراليا الأصليون
-
التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-5
-
قصص همنغواي القصيرة/2
-
قصص همنغواي القصيرة /1
-
التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-4
-
التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-3
-
وداعاً للسلاح وعناقيد الغضب : تقليلية همنغواي وتكثيرية شتاين
...
-
التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-1
-
هل الأكثر يعني أكثر أم الأقل يعني الأكثر : بين التقليلية و ا
...
-
رسائل إليوت الى إميلي هيل تكشف عن لوعة حب كبيرة
-
لماذا ما زلنا نقرأ إرنست همنغواي؟
-
صور الحرب عند همنغواي
-
همنغواي : أسلوب اللاأسلوب
-
الشمس تشرق أيضا : قراءة في مسودات رواية همنغواي
-
شعر الغاوتشو:رعاة البقر الأرجنتينيين
-
شعر الأحراش : شعر رعاة البقر الأستراليون
المزيد.....
-
تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة
...
-
الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد
...
-
من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع
...
-
أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
-
السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
-
هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش
...
-
التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
-
الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
-
تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير
...
-
سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي
...
المزيد.....
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
المزيد.....
|